#الأماكن_كلها_مشتاقة_لك

من أرشيف الكاتب #أحمد_حسن_الزعبي

نشر بتاريخ .. 5 / 5 / 2008

رفع رأسه من تحت غطاء البكم بعد أن تفقّد ماء الروديتر ، مسح مؤشر الزيت بخرقة لا تقل سواداً عن لون الزيت المحروق، أغلق الغطاء وأدخل إبريق الوضوء الى الداخل ، ثم طلب من ابنته (عيشة) أن تغسل الأرجيلة جيداً وتضع بعض معسّل التفاحتين بورقة قصدير.

.

أخرج يحيى حصيرة من بيت الدرج ،نفضها من غبرة الفصول ثم وضعها في صندوق البكم ، بينما كانت تسكب أم يحيى الشاي المغلي في السخّانة / ماركة الطاووس.. كان (عايش) يجلس قبالتها وهو يرتدي فردة واحدة من الجوارب ويهدد بمنتهى الجديّة : لدّي، إذا ما بخليني شلاش..البس البوط الأزرق ترى بلعن اللي هَهَ ..فتردّ الأم بمنتهى طولة الروح ، وهي تدوّر غطاء السخّان باتجاه عقارب الساعة : ( قلّه اذا اجت أمي هسع ، بتشلّخ نياعك)..

فور خروجهم من البيت يخفض #ابو_يحيى صوت الراديو قليلاً ويستفتي العائلة سائلاً سامعين في صوت طقّة؟) ، أم يحيى تنفي ، يحيى يشكك، عيشة تؤّكد ، عيّاش يستبعد ، شايش يرجّح، شلاش يأمل، بينما عايش لا يعلق كونه خارج قمرة القيادة فهو يجلس في الصندوق الخلفي..كل مئة متر تقريباً يخفض ابو يحيى صوت الراديو ويسألهم: (سامعين في صوت طقّة بالبكم ؟)..وتعود أم يحيى للنفي ، ويحيى للتشكيك، وعيشة للتأكيد ، وعياش للاستبعاد ، وشلاش للأمل، وعايش للصمت ..بينما رسمية وعبّود يلتهيان بأغنية متعب السقار (لدّ لدّ تشيفنّه)..

فوق كل مطب أو حفرة تعود أم يحيى لتضبط سخّان الشاي بين قدميها جيداً نتيجة الحركة المفاجئة، أما الأرجيلة فلم تزل بحضن عيشه بالكرسي الخلفي والماسورة مصوبة باتجاه الوالد..

عند أقرب مسطح حرجي وتحت أول شجرة شاغرة ، أوقف أبو يحيى بكمه ..نزل أولاً عايش من الصندوق بفردة جواربه ، حاملاً بين ذراعيه الحصيرة ، تبعه بالنزول رسمية وعبّود ، ثم شلاش وهو يرتدي البوط الأزرق وبيده جركن ماء ، ثم نزلت عيشه وهي مسكونة بحياء الصبايا وبيدها العهدة( الأرجيلة) ثم نزلت أخيراً أم يحيى وبيدها سخّان الشاي..

أثناء قيام ابو يحيى بتجميع الأرجيلة قال من باب إحماء الوجه: هيك الطشّة أحسن بدون شوي ..فردّت أم يحيى وهي تستخرج الأكواب من كيس بلاستيكي : الله يقطع اللحم والجاج ،زهقناه ..ثم انضمّت عيشة الى الأوركسترا وقالت: آه والله!! احنا طالعين انطش ولا نوكل؟؟ ..ثم علق يحيى بمنتهى النفاق: هيك بنكسب الوقت أحسن من قرف الهش والنش ..أما عايش فقد تمتم أول كلمتين بصوت منخفض ثم أكمل العبارة بسرّه : بدّي ألعن اللي..هه..هسع الشاي أحسن من الشوي ؟ .

طلب أبو يحيى من شلاش أن يأتيه بقبس من جمر من أحدى الأماكن القريبة ، ذهب الى العائلة الأولى وعاد محبطاً: زيّنا، قاعدين بشربوا شاي، فيش فحم ..ذهب الى الشجرة الأبعد قليلاً ، ثم عاد بالمنقل فارغاً وقال: هظول كمان بشربوا قهوة سادة ،بيش فحم ، نظر أبوه نظرة دائرية في المنطقة ثم بعثه الى عائلة تجلس قرب سيارة مرسيدس حديثه..غاب شلاش ثم عاد خائباً للمرة الثالثة : هظول بشربوا شنينة وبوكلوا معها خبز، مش مولعين شوي ..وقف أبو يحيى فوق تلة قريبة فشاهد مجموعة من الرجال على بعد كيلو يجلسون بوقار قرب باص كيا ارزق ويرتدون الدشاديش البيضاء..فسلّمه رسالة خطية وابتعثه الى أولئك المشايخ، بعد نصف ساعة عاد شلاش وهو يضرب المنقل بركبته قائلاً: هظول يابا قاعدين بسبّحوا.. بس معاهم مسابح ومية زمزم .. تأمل أبو يحيى جميع الأماكن المحيطة ..فلم يجد أي من المتنزهين يشعل نار الشواء ..ثم بدأ يغني للّحم الغائب وهو يفك أجزاء الأرجيلة : الأماكن كلها مشتاقة لك ..

مقالات ذات صلة مشهد مهيب لكتائب القسام في حي الزيتون قبل تسليم الأسيرات / فيديو 2025/01/25

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: ابو يحيى أبو یحیى أم یحیى

إقرأ أيضاً:

وفاة الكاتب البيروفي ماريو فارغاس.. صحاب نوبل للآداب

توفي، الأحد، الكاتب الإسباني-البيروفي ماريو فارغاس يوسا الحائز جائزة نوبل للآداب عن 89 عاما في ليما حيث كان يعيش منذ أشهر قليلة بعيدا عن الحياة العامة، على ما ذكرت عائلته في رسالة عبر منصة إكس.

وجاء في رسالة كتبها نجله البكر ألفارو ووقعها شقيقه غونزالو وشقيقته مورغانا: "بحزن عميق نعلن وفاة والدنا ماريو فارغاس يوسا في ليما بهدوء محاطا بعائلته".

وسرت في الأشهر الأخيرة شائعات كثيرة بشأن تدهور وضع الكاتب الصحي.

وقال نجله ألفارو في أكتوبر الماضي: "شارف على التسعين وهو عمر ينبغي فيه التحفيف من نشاطاته" من دون أن يوضح وضع والده الصحي.

ولد فارغاس يوسا في عائلة بيروفية من الطبقة المتوسطة وكان أحد أبرز الأسماء في "الفورة" الأدبية الأميركية اللاتينية في الستينات والسبعينات مع الكولومبي غابريال غارسيا ماركيز والأرجنتيني خوليو كورتازار.

مقالات مشابهة

  • الأماكن والمواعيد.. أتربة مثارة وأمطار خفيفة على أجزاء من الرياض
  • أحمد عزمي: تعلمت احترام العمل من يحيى الفخراني
  • الشاي الأسود والجيرك الجامايكي.. تتبيلات مذهلة لأطباق الدجاج
  • أ.د. محمد حسن الزعبي يكتب .. قانون الكهرباء من الألف إلى الياء
  • أكثر الأماكن جاذبية وأكثرها غرابة في العالم
  • وفاة الكاتب ماريو فارغاس يوسا الحائز جائزة نوبل للآداب
  • الموت يُغيب الكاتب البيروفي ماريو فارغاس يوسا
  • «ينافس إش إش».. الكاتب محمد صلاح عزب يسخر من إطلالة محمد رمضان
  • وفاة الكاتب البيروفي ماريو فارغاس.. صاحب نوبل للآداب
  • وفاة الكاتب البيروفي ماريو فارغاس.. صحاب نوبل للآداب