في اليوم الأول بعد وقف إطلاق النار في قطاع غزة، كان ملايين الإسرائيليين يحبسون أنفاسهم انتظاراً لإطلاق سراح المحتجزين لدى الفصائل الفلسطينية، مقابل تحرير المحتجزين الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، في حين كانت الحسابات السياسية في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، تزيد تعقيداً.

ومع الساعات الأولى من ذلك اليوم استقال وزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير احتجاجاً على الاتفاق، وهدد وزير المالية المتطرف بتسائيل سموتريتش بالاستقالة إذا مضى نتانياهو في تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق التي تحل بعد 42 يوماً من المرحلة الأولى، في حين أن التراجع عن الاتفاق قد يضعه في مواجهة مباشرة مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب،  ما يعني أن رئيس وزراء إسرائيل سيجد نفسه أمام خيارين كلاهما مر.

تحول مثير للسخرية

وفي تحليل نشره موقع المعهد الملكي للشؤون الدولية تشاتام هاوس البريطاني قالت كسينيا سفيتلوفا الباحثة الزميلة لبرنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المعهد، إن الوضع الراهن في إسرائيل هو نتيجة لتحول مثير للسخرية لم يكن بوسع الكثيرين توقعه. فقد برز الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مدافعاً قوياً عن السلام في غزة. ومن خلال مبعوثه ستيف ويتكوف، ضغط ترامب بقوة على نتنياهو لقبول الصفقة الحالية.

وأضافت أن هذا الموقف خلق وضعاً سياسياً سرياليا تقريباً حيث بدأت وسائل الإعلام المؤيدة لنتانياهو، خاصة القناة الـ14 الإسرائيلية تعبر عن الحنين إلى عهد الرئيس الأمريكي السابق  جو بايدن، حيث اعتبرت أن نهج ترامب الحازم يمثل تهديداً محتملاً لبقاء نتانياهو السياسي نفسه.

وترى كسينيا سفيتلوفا السياسية والأستاذ المساعد في الجامعة العبرية بالقدس المحتلة أن دوافع ترامب واضحة وعملية بشكل حاسم، حيث تركز رؤيته للشرق الأوسط على هدفين استراتيجيين رئيسيين، هما تأمين صفقة شاملة مع السعودية، على أساس ما يعرف باتفاقات السلام الإبراهيمي، التي وقعتها عدة دول عربية مع إسرائيل في ولايته الأولى،  وإنشاء خط أنابيب للنقل الغاز الطبيعي القطري إلى أوروبا عبر سوريا.

وستشمل الصفقة السعودية تطبيع العلاقات مع إسرائيل، بالإضافة إلى اتفاقية دفاع بين الرياض وواشنطن من شأنها ضخ أموال في الاقتصاد الأمريكي، في حين  تعهدت المملكة بالفعل أول أمس  باستثمار 600 مليار دولار في الولايات المتحدة على مدى أربع سنوات.

في الوقت نفسه يمكن لمشروع خط الغاز القطري، توفير مصدر بديل للغاز الطبيعي لأوروبا بعيداً عن الغاز الروسي، مع خلق فرص اقتصادية تساعد في ربط  دول الخليج ومنطقة الشام معاً.

ويعتبر الهدفان نوعاً من الإنجازات الاقتصادية الكبرى التي يأمل ترامب عرضها في إدارته الجديدة، ولكنهما يتطلبان الاستقرار الإقليمي، ولا يمكن أن يتحققا مع استمرار الحرب في قطاع غزة، ما يعني صداماً مباشراً بين رؤية ترامب ورؤية نتنياهو التي تستند إلى ضرورة المحافظة على ائتلافه اليميني الحاكم وتجنب الانتخابات المبكرة مهما كان الثمن.

نتانياهو يرفض نسف صفقة الرهائن مع حماس - موقع 24قرر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، مساء الجمعة، بعد مشاورات مع رؤساء أجهزته الأمنية، المضي قدماً مع قائمة المجندات المقرر الإفراج عنهن، السبت، والمقدمة من جانب حماس. موقف صعب

في الوقت نفسه تشير استطلاعات الرأي إلى أن أغلبية ساحقة من الإسرائيليين تؤيد اتفاق وقف إطلاق النار، حيث يؤيده 72% منهم، في حين يؤيد 69% منهم إجراء انتخابات مكبرة في اليوم التالي لانتهاء الحرب، وهو ما يخشاه نتنياهو، في ظل تدهور شعبية حزبه الليكود، وتحالفه الحاكم. وإذا كان انسحاب بن غفير قد أضعف الحكومة الائتلافية، فإن انسحاب سموتريتش منها سيؤدي إلى انهيارها، والدعوة لانتخابات مبكرة.

ومعنى هذا أن رغبة ترامب في السلام والاستقرار لتحقيق أهدافه الإقليمية تضع نتانياهو في موقف متزايد الصعوبة. فهو يحتاج إلى استمرار التوتر حتى يبرر بقاء حكومته الائتلافية ويؤخر الانتخابات.

ولذلك على نتانياهو  إما أن يغامر  ببقاء ائتلافه الحاكم  بالمضي قدماً في المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار،  ليضع مصيره في يد الناخب الإسرائيلي، أو يرفض تطبيق المرحلة الثانية ويتحدى آمال ترامب فجازف بقطع بالدعم الأمريكي لإسرائيل في هذا التوقيت الحرج.

وربما يأمل نتانياهو إيجاد طريق ثالث يجنبه هذين الخيارين، بمحاولة عرقلة اتمام المرحلة الأولى من الاتفاق وخلق عقبات جديدة مرتبطة بالجوانب الأمنية.

لكن ورغم أن هذا التكتيك يمكن أن يمنحه بعض الوقت، فإنه سيضطر في النهاية إلى مواجهة القرار الصعب، إما المضي في المرحلة الثانية  من الاتفاق وإرضاء ترامب، أو إحباط العملية لصالح رضا حلفائه اليمينيين المتطرفين.

ومن المحتمل انهيار اتفاق وقف إطلاق النار لأسباب أخرى، والتي يمكن أن تفيد نتنياهو باستمرار حالة الطوارئ التي تعيشها إسرائيل.

على سبيل المثال لا يمكن استبعاد هجوم مسلح فلسطيني كبير داخل إسرائيل. وكذلك تصاعد العنف في الضفة الغربية المحتلة،  حيث يعيث فيها المستوطنون المتطرفون فساداً، ويحرقون القرى الفلسطينية، على حد قول الكاتبة والسياسية الإسرائيلية كسينيا سفيتلوفا، في الوقت الذي ينفذ فيه الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية كبيرة "السور الحديدي" في مخيم ومدينة جنين شمال الضفة الغربية.

كما يمكن أن تتصرف حركة حماس بطريقة تمنح نتانياهو الوقت، بالتحرك مثلا لإسقاط السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وإشعال انتفاضة جديدة هناك.

ومع تقدم المرحلة الأولى، ستكون الأسابيع المقبلة حاسمة. فبالنسبة لنتانياهو شخصياً، قد يبدو أن تمديد الحرب أفضل من مواجهة الناخبين. لكن هذه الاستراتيجية تواجه الآن عقبة كبيرة تتمثل في ترامب. فمنذ بدية الحرب، تجاهل نتانياهو بثقة نصائح وتوجيهات الرئيس جو بايدن، ما عزز مكانته بين قاعدته الانتخابية المتطرفة دون عواقب كبيرة من واشنطن.

لكن نهجه في التعامل مع ترامب سيكون أكثر حذراً. فشعبية ترامب في إسرائيل، وأسلوبه المباشر والقوي في العلاقات الدولية، تفرض ديناميكية صعبة في التعامل معه. لذلك فإن الدخول في تحد صريح للرئيس الأمريكي الجديد يمكن أن ينطوي على مخاطر أكبر  على نتانياهو.

كما لا يمكن تجاهل أن الشركاء الإقليميين لإسرائيل والولايات المتحدة يعملون بجد لضمان التطبيق الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار. فمصر، والأردن، والإمارات، والمغرب، لم تقطع علاقاتها مع إسرائيل أثناء حرب غزة بسبب المصالح العميقة لها. لكن استئناف الحرب والتراجع عن الاتفاق لن يكون مقبولاً لدى العواصم العربية التي قد تواجه اضطرابات داخلية إذا تجدد العدوان على غزة.

لذلك فإن نتانياهو وتحالفه بمفردهما في معسكر الحرب، في حين أن ترامب والسلطة الفلسطينية والدول العربية المعتدلة  وكثير من الإسرائيليين يقفون في المعسكر المقابل.

ولضمان التطبيق الناجح للاتفاق يحتاج الرئيس ترامب إلى مواصلة انخراطه المباشر في العملية. فنهجه الصارم مطلوب لدفع الاتفاق نحو الأمام.

#عاجل| انتشار مسلحين من حماس في ساحة بمدينة غزة قبل إطلاق سراح رهائن pic.twitter.com/DDjPODJm1A

— 24.ae | عاجل (@20fourLive) January 25, 2025

كما أنه يمكن للدول العربية استغلال علاقاتها مع الولايات المتحدة وإسرائيل لضمان نهج أكثر توزاناً يحقق مصالح الفلسطينيين والإسرائيليين. ويمكن أن يتضمن تحرك الدول العربية  إطلاق مبادرات لدعم التنمية الاقتصادية والتكامل الإقليمي على نطاق واسع، مع تبني حل عادل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

هذا المزيج من التحركات والضغوط يمكن أن يجعل من الصعب على نتانياهو تجنب تطبيق المرحلة الثانية من الاتفاق والعودة إلى حرب بلا نهاية.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: اتفاق غزة سقوط الأسد عودة ترامب إيران وإسرائيل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية نتانياهو غزة اتفاق غزة غزة وإسرائيل اتفاق وقف إطلاق النار المرحلة الثانیة من من الاتفاق یمکن أن فی حین

إقرأ أيضاً:

حماس تنشر أسماء 4 مجندات محتجزات ضمن الدفعة الثانية لصفقة التبادل

سرايا - أعلنت حركة حماس، الجمعة، أسماء 4 مجندات إسرائيليات محتجزات في غزة سيفرج عنهن السبت ضمن الدفعة الثانية من صفقة التبادل بموجب اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وقالت الحركة، إنها ستفرج عن المحتجزات المجندات "كارينا أرئيف، دانييل جلبوع، نعمة ليفي، ليري إلباج".

وكانت حركة حماس قد سلمت، الأحد الماضي 3 محتجزات إسرائيليات من قطاع غزة للجنة الدولية للصليب الأحمر في ساحة السرايا.

وكانت قطر قد أعلنت توصل الوساطة المشتركة إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة المقاومة الفلسطينية الإسلامية (حماس)، اعتبارا من الأحد المقبل.

وأكّد رئيس الوزراء وزير الخارجيّة القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني أنه حسب الاتفاق، ستطلق حماس سراح محتجزين مقابل إطلاق أسرى فلسطينيين، فيما ستعمل قطر ومصر والولايات المتحدة على ضمان تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، موضحا أن تفاصيل المرحلتين الثانية والثالثة ستعلن بعد الانتهاء من المرحلة الأولى من الاتفاق.

وأشار آل ثاني إلى أن المرحلة الأولى من الاتفاق ومدتها 42 يوما، ستشمل وقفا مؤقتا للعمليات العسكرية، مع انسحاب القوات الإسرائيلية شرقا بعيدا عن المناطق السكنية المكتظة، للتمركز على الحدود في مختلف مناطق قطاع غزة.





تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع منصة ترند سرايا


طباعة المشاهدات: 568  
1 - ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. 24-01-2025 06:12 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
رد على :
الرد على تعليق
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
اضافة
زلازل وبراكين .. هكذا ستنفصل قارة ويتشكّل مُحيط جديد سمكة يوم القيامة ترعب السكان في المكسيك .. فهل تنذر بكارثة طبيعية؟ في 30 دقيقة .. قفاز ذكي يعزز سرعة ومهارة عازفي البيانو بيع الهواء بزجاجة .. تذكار يحقق ملايين الدولارات باليابان المملكة تتأثر بحالة عدم استقرار جوي بدءًا من الأحد بالفيديو .. شاهد كيف سرق 3 أشخاص محطة وقود في الأردن مدير تربية البادية الشمالية ينهي تكليف معلمي... بالفيديو .. ظريف: "حماس" أفسدت محادثات... البرلمان العراقي يقرّ قانون يجيز زواج القاصرات كييف تعلن استعادة 757 جثة لجنود أوكرانيين من روسيا..."الجثامين المتحللة" .. كارثة صحية...الاحتلال يبني مطارًا للمروحيات قرب دمشقفرنسا تدعو لتشكيل قوة دولية في غزة ضمن المرحلة...تحذير أممي من تداعيات عدوان الاحتلال بالضفة على وقف...التبادل الثاني للأسرى غداً .. ماذا سيحدث في غزة...خلافاً للاتفاق .. جيش الاحتلال يعدل عن سحب قواته...الأمم المتحدة تعلق جميع تحركاتها بمناطق سيطرة..."الأونروا": 1.9 مليون شخص بقطاع غزة... بدرية طلبة: "عملت بوتوكس عشان الخطوط" أحمد جمال يحتفل بخطوبته من نجمة ذا فويس كيدز منة عرفة تعتذر ل إلهام شاهين و أشرف زكي بعد 3 سنوات... يسرا اللوزي: الحزن ساعدني على إتقان الدور في... بعدما أطل بـ "الدشاش" .. محمد سعد يكشف... يوليان ناغلسمان يجدد عقده مدربا لمنتخب ألمانيا حتى كأس أوروبا 2028 الفرنسي رودي غارسيا مدرباً جديداً لمنتخب بلجيكا رسميًا .. ليفربول يوقع عقدًا مع موهبة مصرية جديدة ماذا ينتظر أنشيلوتي في طريق الأشواك بدوري الأبطال؟ سبب اختيار رقم 7 ودور صلاح .. سيتي يكشف 10 أشياء قد لا تعرفها عن مرموش زلازل وبراكين .. هكذا ستنفصل قارة ويتشكّل مُحيط جديد سمكة يوم القيامة ترعب السكان في المكسيك .. فهل تنذر بكارثة طبيعية؟ في 30 دقيقة .. قفاز ذكي يعزز سرعة ومهارة عازفي البيانو بيع الهواء بزجاجة .. تذكار يحقق ملايين الدولارات باليابان السجن 52 عاما على مراهق قتل 3 فتيات في بريطانيا قطة ترسل خطاب استقالة وتتسبب في خسارة صاحبتها وظيفتها هكذا احتفل ترامب بذكرى زواجه العشرين من ميلانيا ما سبب زيادة ولادة التوائم عالمياً؟ جريمة مروّعة تهزّ العراق .. قتلوها ودفنوها بطريقة تخفي جثتها للأبد عمرها 500 سنة .. تعرف على أقدم من يصنع الأسلحة بالعالم

الصفحة الرئيسية الأردن اليوم أخبار سياسية أخبار رياضية أخبار فنية شكاوى وفيات الاردن مناسبات أريد حلا لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر(وكالة سرايا الإخبارية) saraynews.com
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2025
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...

مقالات مشابهة

  • قطر تعلن اتفاق بين إسرائيل وحماس يشمل تسليم الرهينة أربيل يهود
  • هكذا تبادلت إسرائيل وحماس الاتهامات بانتهاك اتفاق وقف إطلاق النار
  • دور مصر في التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة|تفاصيل
  • نتنياهو يلتقي ترامب في فبراير قبل انتهاء المرحلة الأولى من صفقة التبادل
  • أستاذ قانون دولي: الانتقال من المرحلة الأولى إلى الثانية التحدي الأكبر في وقف النار
  • نتانياهو يرفض نسف صفقة الرهائن مع حماس
  • إسرائيل: قائمة الرهائن المقرر أن تفرج عنهم حماس غدا تخالف اتفاق تبادل الأسرى
  • حماس تنشر أسماء 4 مجندات محتجزات ضمن الدفعة الثانية لصفقة التبادل
  • معاريف: إسرائيل أمام فرصة تاريخية لإبرام اتفاق سلام مع السعودية