الحركة الفلسطينية الأسيرة تعبير يطلق على هياكل تنظيمية داخل السجون الإسرائيلية تعمل على إدارة حياة الاعتقال وضبط العلاقة مع مصلحة السجون على أساس جماعي، بدلا من الاستفراد بالأسير.

فرض الاحتلال الإسرائيلي قيودا مشددة على الحركة الأسيرة التي تجاوزت أيديولوجيات الفصائل إلى وحدة القضية ومركزيتها، وأسهم بإبعاده بعض القيادات من سجن لآخر في انتشار هيئات هذه الحركة في السجون المختلفة.

ظل للحركة الأسيرة حضور قوي في صناعة القرار الفلسطيني، وإلى جانب جهود المقاومة خارج السجون في تحرير الأسرى، جعلت الحركة من المعتقلات قلاعا ثورية لتخريج آلاف الكوادر الذين كان لهم دور ريادي في الميدان.

النشأة والجذور

يؤرخ باحثون لنشأة الحركة الفلسطينية الأسيرة بالعام 1967 حين زج بالآلاف داخل السجون عقب هزيمة يونيو/حزيران 1967 بعد احتلال ما تبقى من أرض فلسطين التاريخية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وظهور الحركات والتنظيمات الفلسطينية.

بينما يؤرخ لها آخرون بتاريخ 28 فبراير/شباط 1971 حين أفرج عن الأسير محمود بكر حجازي في أول عملية تبادل للأسرى في تاريخ الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين.

وهناك أيضا من يعود بجذور الحركة الفلسطينية الأسيرة إلى أوائل المعتقلين الفلسطينيين في عهد الانتداب البريطاني الذين تعرض بعضهم للإعدام، مرورا بالنكبة عام 1948، ثم النكسة في 1967 وتوسع عمليات الاحتجاز التي طالت كل بيت فلسطيني.

الفكر والأيديولوجيا

يمكن وصف الحركة الفلسطينية الأسيرة بأنها تجاوزت أيديولوجيات الفصائل إلى أيديولوجية القضية ذاتها، على الرغم من أن هذه الحركة ضمت كوادر من تنظيمات مختلفة.

إعلان

وداخل السجون، حيث يكتوي الأسرى بالمعاناة ذاتها من أجل القضية ذاتها، تقوم أيديولوجية الحركة الأسيرة على وحدة الصف لفرض إرادتها على السجان.

أما على المستوى الوطني فقد ظل موقفها حاضرا بقوة في صناعة القرار الفلسطيني عبر التأكيد على "نبذ كل مظاهر الفرقة والانقسام" في وثيقة الوفاق الوطني عام 2006، والدعوة إلى "طي صفحة الانقسام القاتمة" في رسالة إلى قادة وممثلي القوى والفصائل الفلسطينية في اجتماع بالعاصمة المصرية القاهرة في يوليو/تموز 2023.

البنية التنظيمية

في وقت مبكر من تاريخها تشكلت لدى الحركة الفلسطينية الأسيرة هياكل تنظيمية ولوائح داخلية وتمثيل للأسرى من كافة الفصائل، بهدف إدارة حياة الاعتقال وضبط العلاقة مع مصلحة السجون على أساس جماعي بدلا من الاستفراد بالأسير.

وكانت اللجان الثقافية قوام الحركة الأسيرة، إذ ركزت عبرها على توعية الأسرى ونشر أدبيات الثورة، بينما شددت إدارة السجون إجراءاتها لمنع القلم والورق والكتاب.

وأمام القيود الشديدة المفروضة على الأسرى اعتمدت الحركة أساليب سرية للتواصل، حتى فرضت نفسها على إدارة السجون، التي أصبحت مضطرة إلى التعامل مع ممثلي الأسرى.

كما أسهمت إجراءات الاحتلال لمنع قيام الحركة الأسيرة عبر إبعاد القيادات من سجن لآخر، في انتشار هذا التنظيم وتجذره في مختلف السجون الإسرائيلية.

وفي خطوة لإرباك إدارة السجون الإسرائيلية التي أصبحت ترى في الهيئات التنظيمية للأسرى منظومة قابلة للضبط، أعلن الأسرى مع بدء سريان إضراب جماعي عن الطعام مطلع سبتمبر/أيلول 2022 عن قرار بحل الحركة وتشكيل لجنة عليا للطوارئ للإشراف على التفاوض.

محطات من الصمود

تعود الأسباب الأولى لقيام الحركة الفلسطينية الأسيرة إلى رفض سياسة التعذيب والإذلال والحرمان من الحقوق الأساسية، التي تعمدها الاحتلال الإسرائيلي تجاه الأسرى الفلسطينيين، استنادا إلى قرارات الطوارئ الموروثة عن الانتداب البريطاني.

إعلان

وتجسد ذلك في الاعتقال التعسفي والتعذيب النفسي والبدني والتعرية والتجويع والمحاكمات الإضافية والأحكام القاسية والعزل الانفرادي والعقاب الجماعي والحرمان من العلاج ومنع إقامة الصلاة الجماعية، وغير ذلك.

وكان من أوائل المواقف الجماعية للحركة الأسيرة رفض حلق اللحى، ثم رفض مخاطبة السجانين بـ"يا سيدي"، والمطالبة بتحسين الظروف العامة للسجناء وصولا إلى الإضرابات المفتوحة عن الطعام.

وعلى مدى نصف قرن وصل عدد الإضرابات الجماعية عن الطعام في السجون الإسرائيلية إلى نحو 30 إضرابا استمر بعضها عشرات الأيام، فضلا عن عشرات الإضرابات الفردية.

وكان إضراب 27 سبتمبر/أيلول 1992 -الذي استمر 15 يوما- محطة فارقة في تاريخ الحركة الفلسطينية الأسيرة، إذ شاركت كافة السجون ولأول مرة في الإضراب المفتوح عن الطعام.

وعلى الرغم من تعنت الاحتلال الإسرائيلي فقد انتزع نضال الحركة الأسيرة مكتسبات هامة للأسرى الفلسطينيين، وفرض واقعا فلسطينيا على الرأي العام الدولي.

وبالتوازي مع جهود المقاومة لتحرير الأسرى عبر أسر جنود الاحتلال وإجراء عمليات التبادل، جعلت الحركة الأسيرة من السجون قلاعا ثورية لتخريج آلاف الكوادر من مختلف التنظيمات الفلسطينية كان لهم دور ريادي في ميدان المقاومة والنضال ضد الاحتلال.

الأعلام والرموز

وصل مجموع الفلسطينيين الذين احتجزوا في السجون الإسرائيلية منذ العام 1967 وحتى 2024، أكثر من مليون شخص، بمن فيهم عشرات الآلاف من الأطفال، بحسب أرقام الأمم المتحدة والتقديرات الفلسطينية الرسمية.

ونعرض هنا نماذج من رموز الأسرى، بناء على الأقدمية ومدة وعدد مرات الاعتقال وحجم الملف الأمني والقضائي ومدة الأحكام الصادرة وطول أيام الإضراب عن الطعام:

شهداء ثورة البراق

يمثل شهداء ثورة البراق الثلاثة: محمد جمجوم وفؤاد حجازي وعطا الزير طليعة الحركة الفلسطينية الأسيرة منذ عهد الانتداب البريطاني، حين قدموا نموذجا للصمود في وجه الاحتلال وتعرضوا للإعدام عام 1930 في سجن القلعة بمدينة عكا.

إعلان

وفي أثناء عملية الإعدام زاحم جمجوم الزير ليكون أول من ينفذ فيه الحكم، بينما حطم عطا قيده وتقدم رافعا رأسه نحو حبل المشنقة، كما كتبوا وصية جماعية تحض على الاتحاد والجهاد لتخليص فلسطين من الأعداء.

محمود بكر حجازي

أول سجين فلسطيني يفرج عنه في عملية تبادل أسرى مع الاحتلال الإسرائيلي، ولد عام 1936 في مدينة القدس، واعتقل بعد أن نفّذ ورفاقه عملية فدائية، بالقرب من بلدة بيت جبرين المحتلة في 17 يناير/كانون الثاني عام 1965، وحكم عليه بالإعدام.

وفي 28 فبراير/شباط 1971 جرت عملية تبادل للإفراج عن الأسير حجازي مقابل جندي إسرائيلي يدعى "شموئيل فايزر" أسرته حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) أواخر عام 1969.

نائل البرغوثي

"أقدم أسير في العالم" حسب موسوعة غينيس، ويوصف بعميد الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وهو من مواليد 23 أكتوبر/تشرين الأول 1957 في قرية كوبر بمحافظة رام الله.

اعتقل عام 1977 وحكم عليه بالمؤبد وقضى 34 عاما متواصلة في السجن وأفرج عنه ضمن صفقة وفاء الأحرار في 18 أكتوبر/تشرين الأول 2011، ثم أعيد اعتقاله عام 2014.

أحمد سعدات

الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وهو من مواليد 23 فبراير/شباط 1953 في مدينة البيرة شمال القدس المحتلة، وأحد أكثر الفلسطينيين تعرضا للاعتقال، إذ اعتقل لأول مرة عام 1969، ثم تجدد اعتقاله مرات عدة في السبعينيات من القرن الـ20، ومرات في الثمانينيات وأخرى في التسعينيات.

ثم اعتقلته السلطة الفلسطينية في 2002 قبل أن يختطفه الاحتلال من سجن أريحا عام 2006 بتهمة اغتيال وزير السياحة الإسرائيلي رحبعام زئيفي وحكم عليه بالسجن 30 عاما.

مروان البرغوثي

من مواليد 6 يونيو/حزيران 1959 في بلدة كوبر بمحافظة رام الله، وأحد أبرز وجوه الانتفاضة الفلسطينية الثانية، التي اندلعت أواخر العام 2000.

وهو كذلك أحد الوجوه السياسية البارزة في قيادة حركة فتح ومن أكثر من تعرضوا للسجن، إذ اعتقل لأول مرة وعمره 17 عاما في 1976 مدة سنتين ومن العام 1978 حتى العام 1983.

إعلان

كما أعيد اعتقاله في 1984 و1985، وتعرض لمحاولات اغتيال فاشلة عدة، ثم اعتقل عام 2002 عقب الانتفاضة الثانية وحكم عليه بالسجن المؤبد 5 مرات.

عبد الله البرغوثي

الأسير الفلسطيني المحكوم بأطول فترة سجن، صدرت بحقه أحكام بالمؤبد 67 مرة، وهو من مواليد عام 1972 في دولة الكويت، واعتقل عام 2001 ثم 2003.

صدرت له روايات عدة وكتب ذائعة الصيت، وفي صفقة وفاء الأحرار عام 2011 رفض أن يكون من المشمولين بها وأعطى الأولوية للأسرى الذين سبقوه.

إبراهيم حامد

صاحب أكبر ملف أمني وقضائي لدى المحاكم الإسرائيلية (12 ألف ورقة)، اعتقل في 23 مايو/أيار 2006 بعد مطاردته 8 سنوات، وحكم عليه بـ54 مؤبدا.

كان قائد كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في الضفة الغربية، وسبق أن اعتقلته السلطة الفلسطينية عام 1999، وأفرج عنه مع بدء الانتفاضة الثانية، وهو من مواليد عام 1965 في بلدة سلواد التابعة لمحافظة رام الله.

خضر عدنان

استشهد في مايو/أيار 2023 بعد 87 يوما من الإضراب المتواصل عن الطعام، احتجاجا على اعتقاله الإداري (دون محاكمة ودون توجيه تهم) وتعرضه لإجراءات تعسفية داخل المعتقل.

اعتقل 12 مرة وقضى 9 سنوات في سجون الاحتلال خاض عبرها 6 إضرابات شهيرة عن الطعام، وهو من مواليد 1978 في بلدة عرابة بمحافظة جنين، وينتمي لحركة الجهاد الإسلامي.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الحرکة الفلسطینیة الأسیرة الاحتلال الإسرائیلی السجون الإسرائیلیة الحرکة الأسیرة وحکم علیه عن الطعام

إقرأ أيضاً:

"الخارجية الفلسطينية" تؤكد ضرورة حماية المرأة الفلسطينية من عدوان الاحتلال

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أكدت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، حق النساء والفتيات الفلسطينيات في العيش بأمان وسلام، والتمتع بالحماية القانونية اللازمة من جريمة الإبادة الجماعية، وعدوان الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني المستمر والممنهج وواسع النطاق، وإرهاب مستعمريه، وضرورة إنهاء ممارساته العنصرية والإجرامية بحقهنّ.

وذكرت الوزارة - في بيان، اليوم السبت، بمناسبة يوم المرأة العالمي الذي يصادف في 8 مارس من كل عام - أن النساء الفلسطينيات هن الأكثر تضررًا وتأثرًا بجرائم وسياسات الاحتلال الإسرائيلي، وأنه على مدى أكثر من 519 يوما، استشهدت أكثر من 12،298 امرأة، بينما تعرضت آلاف النساء للتشريد القسري وفقدان أبسط حقوقهن الإنسانية.

وأضافت - وفقا لما أوردته وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) - أن عرقلة وعدم السماح بدخول المساعدات الإنسانية العاجلة من الغذاء والدواء والاحتياجات الخاصة بالنساء والفتيات، يضاعف معاناتهن في ظل الإبادة، وهو ما تؤكد عليه جميع المؤسسات الدولية والأممية.

وأوضحت الخارجية أن هناك أكثر من 50 ألف امرأة حامل أو مرضعة في قطاع غزة، و4 آلاف متوقع أن يضعن مواليدهن خلال الشهر الجاري في ظل ظروف مأساوية ولا إنسانية، بما يخالف جميع المواثيق والاتفاقيات والقرارات الدولية ومنها قرار مجلس الأمن 1325 الخاص بـ"المرأة والأمن والسلام".

وتابعت أن 21 امرأة فلسطينية يواجهن ظروف اعتقال قاسية وغير إنسانية في معتقلات الاحتلال الإسرائيلي، ويتعرضن لشتى أشكال التعذيب والعزل الانفرادي، والإهمال الطبي.

وأشارت الوزارة إلى أن العالم يحتفي في هذا اليوم بإنجازات النساء، ويجدد التزامه بالمساواة والعدالة، بينما تقف المرأة الفلسطينية في قلب معركة البقاء، وتواجه العبء الأكبر من الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية ومحاولات التهجير القسري والتطهير العرقي.

وشددت على حق النساء والفتيات الفلسطينيات بالعيش بأمن وسلام كغيرهنّ من نساء العالم، وأن دولة فلسطين ستسعى لإزالة كافة أشكال التمييز والعنف ضدهن.

كما شددت على ضرورة ضمان استمرار وقف حرب الإبادة الجماعية، والتدخل لوقف العدوان الممنهج وواسع النطاق على شعبنا، ومخططات الاحتلال الاستعماري للضم والتوسع في المدن الفلسطينية، وتنفيذ التدابير الاحترازية والالتزام بتنفيذ قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة لإنهاء الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي غير الشرعي، المنبثق عن الفتوى القانونية الصادرة عن محكمة العدل الدولية، والتنفيذ الفوري لأوامر الاعتقال الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية.

وناشدت الخارجية، المجتمع الدولي في تحمل مسؤوليته تجاه توفير الحماية الدولية للنساء والفتيات الفلسطينيات، ورفع الحصار عن قطاع غزة، بما يتيح الدخول المستمر للطعام والماء والوقود والمساعدات الطبية والإنسانية لأبناء شعبنا، بما في ذلك الاحتياجات الخاصة بالنساء والفتيات.

وجددت مطالبتها بضرورة دعوة اللجان الدولية، لإجراء تحقيق شامل لمختلف أشكال العنف الممنهج ضد المرأة الفلسطينية، ومساءلة ومحاسبة الاحتلال الإسرائيلي الاستعماري عن جرائمه وانتهاكاته المستمرة، وإرهاب مستعمريه، وإحقاق حقوق شعبنا في تقرير المصير والاستقلال والعودة للاجئين إلى درياهم التي هربوا منها، فورا ودون قيد أو شرط، وتجسيد دولة فلسطين المستقلة بعاصمتها القدس.

 

مقالات مشابهة

  • الجيش اللبناني: الاحتلال الإسرائيلي يستهدف أحد عسكريينا وينقله إلى داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة
  • الخارجية الفلسطينية تدين قطع إسرائيل الكهرباء عن غزة
  • الأسرى الفلسطينية: الاحتلال اعتقل 762 مواطنا بينهم 90 طفلا الشهر الماضى
  • مؤسسات الأسرى الفلسطينية: الاحتلال اعتقل 762 مواطنا بينهم 90 طفلا الشهر الماضي
  • “أمن المقاومة الفلسطينية” يكشف ضبط متخابر مع العدو خلال مراسم تسليم الأسرى
  • حرية سجين
  • حديث إسرائيلي عن تقدم بمحادثات أميركا مع حماس ومباحثات بين الحركة ومخابرات مصر
  • الخارجية الفلسطينية تطالب بحماية المرأة الفلسطينية من جرائم الاحتلال الإسرائيلي
  • "الخارجية الفلسطينية" تؤكد ضرورة حماية المرأة الفلسطينية من عدوان الاحتلال
  • هكذا استغل الاحتلال اللهجة الفلسطينية واللبنانية!