في أوائل السبعينات من القرن الماضي كان قطار الأبيض يبدأ رحلته من محطة كوستي والقادمون من الخرطوم بالبصات الي ربك يقضون ليلتهم بها ومن ثم التوجه في الصباح الباكر الي مدينةكوستي للسفر منها الي الأبيض .
وانا أتلفت يمنة ويسري غريب الوجه مثل المتنبي في بلاد شعب بوان في بلاد فارس ابحث عن ( لوكاندة ) اقضي بها ليلتي حتي يسفر الصبح وكنت مرهقا وقد استبد بي الجوع وشعرت بالوحشة ولكني تذرعت بحبال الصبر ورددت في أعماقي : ( إن مع العسر يسرا ) .


ومرت سيارة بجانبي مكتوب عليها ( مصنع اسمنت ربك ) وتوقفت قربي تماما حتي هممت أن أفسح لها الطريق ولكن انفتح أحد أبوابها وخرج منه المهندسان شمو شاع الدين وزميله المهندس صديق حمدالنيل عوض الكريم وهتفا بصوت واحد :
( يازول حايم بي جاي مالك لعلو مافي عوجة ) ؟!
وبعد السلام والاحترام والمجاملة والسؤال عن الحال والاحوال والصحة والأهل بالمسلمية وأم درمان أخبرتهم باني عائد للتو من ام درمان وقد ذهبت اليها حزينا إذ أن شقيقتنا آمنة قد انتقلت الي رحمة مولاها في الاسبوع الماضي وانا عائد الآن من هنالك للرجوع لمقر عملي في الأبيض .
وبعد أن ترحما علي الفقيدة العزيزة ومن غير مقدمات اخذوني معهم الي المصنع الي منزلهم العامر الجميل وكان معهم زملاء كلهم جاءوا للترحيب بي وبعد أن أخذت حماما دافئا واديت ما علي من صلاة واستعدت نشاطي وحيوبتي كان العشاء جاهزا وقد تميز بالجودة وحسن الأعداد خاصة صينية السمك التي لن انساها والتحلية والشاي وكل مستلزمات الضيافة من تبادل للحديث والذكريات والسؤال عن الأفراد والجماعات والبلد وظل السمر مستمرا الي أن غلبني النعاس واحسوا بذلك وتركوني اخلد لنوم عميق في سرير وثير وجو مفعم بالهدوء .
وفي الصباح ودعوني بمثل ما استقبلوني به من حفاوة وتكريم وأخذتني سيارة المصنع الي كوستي حيث القطار ومن ثم التوجه إلي الأبيض .
لسنا نحن أهله في المسلمية وفي الجزيرة وعموم السودان من يعرف قيمته العلمية وأخلاقه وتفانيه وحبه لوطنه وأهله وأصدقائه وكل من عرفه فالجميع في طول البلاد يعرفون هذا النابغة مؤسس معهد أبحاث الطاقة هذا العالم الذي ركل اغراءات الدول الكبري وعاد ليخدم بلاده العزيزة الي أن توفاه الله سبحانه وتعالي في حادث حركة اليم فعليه رحمة الله سبحانه وتعالى وان يجازيه المولي القدير بقدر ماقدم من أعمال جليلة لإنسان بلاده تظل كالذكري تدق في عالم النسيان !!..
ورغم خطه العلمي الواضح فقد كان البروف مشغولا بالمسلمية يؤرخ لها ويبحث عن كل صغيرة وكبيرة من أجل أن يستخرج من بطون المراجع والدراسات ماثرها وكنوزها المخبوءة وحسن سيرتها وقد استفدنا كثيرا من مساهماته تلك الثرة كلما خطر لنا أن نخط شيئا عن المسلمية الحبيبة الأثيرة علي النفس !!..
رحم الله العالمين الجليلين الأخوين الصديقين شمو شاع الدين وزميله صديق حمدالنيل عوض الكريم وامطر علي قبريهما شابيب الرحمة والغفران .
و ( إنا لله و إنا إليه راجعون ) وصلي اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين .

حمدالنيل فضل المولي عبد الرحمن قرشي
المسلمية .

ghamedalneil@gmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

العيد بين الماضي والحاضر.. تقاليد ثابتة وسط تحديات الحداثة - عاجل

بغداد اليوم - بغداد

أكد الباحث في الشأن الاجتماعي فالح القريشي ،اليوم السبت (29 اذار 2025)، أن عادات أهالي العاصمة بغداد خلال أيام العيد ثابتة رغم الحداثة والتطور.

وقال القريشي، لـ"بغداد اليوم"، إن "هناك عادات ثابتة لأهالي بغداد منذ سنوات طويلة في الأعياد، منها صناعة (الكليجة) وزيارة الأهل والأقارب وكذلك الجيران لتقديم التبريكات، وتقديم العيديات إلى الأطفال، فهذه التقاليد ثابتة رغم كل الحداثة والتطور الحاصل في المجتمع على مختلف الأصعدة".

وبين أنه "رغم وجود الكثير من العادات الدخيلة على المجتمع العراقي، لكن مازالت العادات والتقاليد الموروثة منذ سنين طويلة ثابتة داخل المجتمع، كما أن هناك ضرورة اجتماعية على استمرارها، فهذه العادات تقوي السلم المجتمعي وتعزز تكاتف الأهل، خاصة أن أيام الأعياد دائماً ما تشهد جلسات صلح للعوائل والأشخاص المتخاصمين، فهذه أيضاً ضمن التقاليد التي مازالت ثابتة لغاية هذا اليوم".

والعيد في بغداد، كما في باقي المدن العراقية، يعد مناسبة دينية واجتماعية مهمة تجمع العائلة والأصدقاء والجيران، حيث يتمسك السكان بتقاليد قديمة رغم التغيرات الاجتماعية والثقافية.

ورغم تأثير العولمة والتطورات الحديثة، إلا أن هذه العادات والتقاليد مازالت تمثل جزءاً أساسياً من الهوية الاجتماعية والثقافية لمدينة بغداد، وتستمر في نقل القيم التقليدية للأجيال الجديدة.


مقالات مشابهة

  • حماس تطالب بضمانات دولية وعائلات الأسرى الإسرائيليين تشكو النسيان
  • الكشف عن أطفال سرقوا 75 ألف دينار من شقة في منطقة السرتي ببنغازي
  • خطيب المسجد النبوي: الفرحة بالعيد من شعائر الدين فانشروا السعادة والبهجة
  • خطيب المسجد النبوي: الفرحة بالعيد شريعة من شعائر الدين
  • رئيس المؤتمر الشعبي يهنئ السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي بعيد الفطر المبارك
  • العيد بين الماضي والحاضر.. تقاليد ثابتة وسط تحديات الحداثة
  • العيد بين الماضي والحاضر.. تقاليد ثابتة وسط تحديات الحداثة - عاجل
  • نص المحاضرة الرمضانية الـ25 للسيد عبد الملك بدر الدين الحوثي 27 رمضان 1446هـ
  • اللواء سمير فرج لـ«كلم ربنا»: رفضوا يسفروني الهند للدراسة لكن ربنا عوضني بأكبر كلية عسكرية في العالم
  • اللواء سمير فرج لـ«كلم ربنا»: «أمي كلمة السر في حياتي.. وباعت ورثها عشان تعلمني»