كلام الناس
نورالدين مدني
* من النصائح العجيبة التي سمعتها من شاب تزوج حديثاً، لم يمضِ على زواجه أكثر من عامين أن صديقه نصحه قائلاً: إذا مرت عليك أكثر من ثلاثة أيام بلا قلاقل داخل الأسرة فألزم الحذر!!.
* دعا صاحب النصيحة العجيبة صديقه لكي يفتعل أية مشكلة في البيت لتحريك هذا السكون المريب ، لم أندهش من سيادة مثل هذه الروح الغريبة داخل الأسر السودانية التي ما زالت مكبلة بقيود متوارثة بدرجات مختلفة.
* هذه القيود المتوارثة تربوياً تضع حواجز إصطناعية بين الزوج وزوجته، تضعف الحميمية المهمة للترابط الأسري الأهم لسلامة البناء الاجتماعي والاستقرار المنشود.
* الحكمة الإلهية جعلت الزواج عبارة عن سكن اجتماعي وأسري وعاطفي كما جاء في القرآن الكريم "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة".
* السكن هنا لا يعني السكن المكاني وإنما السكينة والراحة، إضافة إلى المودة والرحمة والاحترام المتبادل، لكن في كثير من الأحيان تتراجع هذه المعاني تراجعاً ملموساً بأعذار مختلفة تؤدي في نهاية المطاف إلى درجة من الفتور الذي قد يصل إلى حالة أشبه بالإنفصال.
* الذي دفعني لإثارة هذا الموضوع الحيوي المهم لكل الأسر، ما قرأته في "الفيس بوك" عن قصة التوأم بريل وكيري، حيث كانت بريل تعاني من نقص في الوزن، صعوبة في التنفس، ونقص الأوكسجين في الدم، وعدم انتظام ضربات القلب.
* كانت بريل على وشك الوفاة، لكن إرادة الله سبحانه وتعالى جعلت السبب في مخالفة الممرضة المتابعة لحالة التوأم لنظام المستشفى، حيث وضعت كيري مع بريل في نفس الحاضنة، وكانت كيري – يا سبحان الله – تضع يدها على ظهر بريل وكأنها تحتضنها.
* هكذا شاءت العناية الإلهية أن تسترد بريل عافيتها من خلال هذا الحضن المنقذ الذي ساهم في دفع إرادة الحياة الضرورية في شرايينها ليسهم في إنجاح العلاج الطبي، ولتؤكد لنا هذه القصة الأشبه بالخيال هذا الدرس العملي.
* إن "الحضن المنقذ" رمز للحميمية اللازمة لإنقاذ الحياة الأسرية من الفتور والجفاف العاطفي.
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
ليتني لم أعد..مأساة أبو العبد الذي فقد عائلته شمال غزة في لحظة
لم يكن أبو العبد يتخيل أن عودته إلى منزله المدمر في حي الزيتون شمال غزة، بعد رحلة نزوح شاقة، ستكون بداية لفصل جديد من المأساة التي يعيشها سكان القطاع في ظل الاعتداءات المتواصلة من جانب الاحتلال الإسرائيلي.
فقد كان يظن أن اتفاق وقف إطلاق النار سيمنحه فرصة لالتقاط أنفاسه بين أحبته، لكن سرعان ما عاد القصف ليحطم كل ما تبقى من حياته، ويحول عائلته إلى مجرد ذكريات.
يعيش أبو العبد اليوم في خيمة، تماما كما كان خلال النزوح، لكن الفرق كبير، ففي المرة الأولى كان يحمل أملا بالعودة إلى بيته، أما الآن فقد استشهدت ابنته وأحفاده في لحظة قاسية لم تمهله حتى لوداعهم.
أبو العبد، يعاني من مرض الكلى، ولم يكن بحاجة إلى مأساة جديدة فوق معاناته اليومية. كما يجد نفسه وحيدا، بعدما خسر كل من كان يشاركه الألم والحديث، قائلا إن "كان لي أخ أجلس معه وأفضفض عن همومي، لكنه استشهد أيضا.. الجميع رحلوا.. أصبحوا مجرد ذكرى".
ويختم أبو العبد كلماته بحسرة "ليتني لم أعد.. كنت في النزوح أعيش في خيمة، والآن أعيش في خيمة أخرى، لكنني فقدت كل شيء".