الوطن:
2025-03-29@09:03:42 GMT

الشيخ ياسر مدين يكتب: معجزة الإسراء

تاريخ النشر: 25th, January 2025 GMT

الشيخ ياسر مدين يكتب: معجزة الإسراء

الإسراء والمعراج معجزتان عظيمتان، أخبر الله تبارك وتعالى عن الأولى منهما بقوله عز وجل: {سُبْحَانَ الَّذِى أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِى بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الإسراء: 1]، وكلمة (سبحان) يُقصد به التعجيب كما قال السادة المفسرون، ومعنى التعجيب أن الخَلق إذا تفكّروا فى رحلة الإسراء وجدوها معجزة عجيبة حتى فى زمان الناس هذا الذى شهِد تقدُّماً كبيراً!

وحتى نعى شيئاً من تلك المعجزة الكبرى ننظر فى قوله سبحانه: {سُبْحَانَ الَّذِى أَسْرَى بِعَبْدِهِ}، حيث لم يكن كلام القرآن الكريم (أسرى عبدَه) وإنما جاء الفعل متعدياً بالباء {سُبْحَانَ الَّذِى أَسْرَى بِعَبْدِهِ}، وهذه الباء تضيف للكلام معنى زائداً، فهى تفيد المصاحبة، كما فى قول الله سبحانه: {فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ}؛ أى: سار مصاحباً لأهله، فالباء تفيد معنى المصاحبة والمعية، وإذا كان الله تعالى مع كل خَلقه كما قال سبحانه: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}، فلا بد إذن من أن تكون الباء من كلمة (بعبده) قد أفادت معيةً خاصة، وهى ما قد أشار إليه السادة المفسرون، حيث بينوا أنها أفادت التلويح إلى أن الله تعالى كان مع رسوله فى إسرائه بعنايته وتوفيقه، كما قال تعالى: {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا}.

ويعزز هذا المعنى الإضافة التى فى كلمة (عبده)، فالإخبار عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه (عبده) يبين ما تستلزمه هذه الإضافة من نصرة وتأييد وتوفيق وإعانة وعناية ورعاية. وكان من آثار هذه المصاحبة الربانية تلك المرائى التى رآها سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم {لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا}، وكان مما رآه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً مما فى عالم الملكوت من جزاءات للطائعين وللعصاة، والطائعون مهتدون بهديه صلى الله عليه وسلم مقتدون به، والعصاة زاغوا عن هذا الهدى وحادوا عنه.

ويُلحظ أن الآية الكريمة جعلت مبدأ الرحلة مسجداً ونهايتها مسجداً آخر، قال تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِى أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِى بَارَكْنَا حَوْلَهُ}، فالبدء كان من المسجد الحرام، والانتهاء إلى المسجد الأقصى، والمسجد اسم من (السجود)، والسجود ركن الصلاة، وهو ركن القرب، يقول الله تبارك وتعالى: {وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ}، ويقول سيدنا الحبيب صلى الله عليه وسلم: «أقربُ ما يكونُ العبدُ مِن ربِّه وهو ساجدٌ، فأكثُروا الدعاءَ» [رواه مسلم]، وقد كانت هذه المعجزة مظهراً من مظاهر القرب للحبيب صلى الله عليه وسلم من ربِّه، وفيها فُرضت الصلاة التى هى عبادة القرب والمناجاة.

وفى المسجد الأقصى جُمع النبيون عليهم السلام فصَلى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بهم إماماً، وفى هذا معنى لطيف، وهو أنه إذا أعرض بعض البشر ممّن لا شأنَ لهم فقد ائتم به صلى الله عليه وسلم صفوة الخَلق عليهم السلام.

وثَم معنى آخر وهو أن صلاة النبيين عليهم السلام خلفَه صلى الله عليه وسلم فى المسجد الأقصى، وهو موطن الديانة اليهودية والمسيحية، إيذان بانضواء الجميع تحت لوائه صلى الله عليه وسلم، وبأن شريعته صلى الله عليه وسلم ناسخة لكل ما سواها من الشرائع.

هذا شىء يسير من المعانى التى تضمّنها الإسراء وغيرها كثير، ومثل هذه المعانى إذا اجتمعت كان الإسراء معجزة كبرى لا يقل إعجازاً رغم تقدم البشر، وهل فى طوق البشر، ولو بعد آلاف السنين من التقدُّم، أن يقوم أحدُهم بمثل هذه الرحلة؟! وكيف إذا أضفنا إليها معجزة المعراج؟!

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: معجزة الإسراء أبوبكر الصديق سیدنا رسول الله صلى الله علیه وسلم ه صلى الله علیه وسلم ال م س ج د س ب ح ان

إقرأ أيضاً:

شيخ الأزهر: يجب أن نتأدب مع النبي فلا نناديه باسمه مجردا

قال فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، إن الدعاء ورد في القرآن الكريم بأكثر من معنى، والمعنى اللغوي له هو الطلب، موضحا أن هذا الطلب إن جاء من الأعلى للأدنى يكون أمرا، وإن جاء من الأدنى للأعلى يكون التماسا، أما إن جاء بين متناظرين، أو من عبد إلى عبد آ خر، فيكون التباسا.

ولفت شيخ الأزهر، في الحلقة السادسة والعشرون من برنامج "الإمام الطيب"، إلى أن صيغة الدعاء في كل الأحوال هي الأمر، حتى وهي موجهة من الأدنى للأعلى، ومن ذلك قوله تعالى: " رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا" وقوله تعالى: " رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً"، فالأفعال "اغفر وآتنا" هنا أفعال أمر من حيث الصيغة والشكل، إلا أنها تقتصر على ذلك لفظا، ويتحول المعنى في فعل الأمر هنا إلى معنى الدعاء أو الالتماس، والعكس صحيح إن كانت من الأعلى إلى الأدنى تكون أمرا.

شيخ الأزهر: لولا أسماء الله الحسنى لكثرت التصورات عن رب العزةدور برد شديد.. شيخ الأزهر يلغي اجتماعات اليوم الثلاثاء بناء على نصيحة الأطباء

وأضاف شيخ الأزهر،  أنه إن كان ذلك بين النظيرين أو المتساويين، فإنه لا يكون أمرا، فالأمر الحقيقي لا يأتي إلى من الأعلى إلى الأدنى بمعنى أنه لا يكون إلا من الله تعالى إلى العبد، وبذلك يكون الأمر بين المتناظرين التباسا.

وبين الإمام الطيب، أن معنى الدعاء في قوله تعالى: "لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا ۚ"، هو النداء، حيث كان بعض الصحابة، ينادونه صلى الله عليه وسلم باسمه، فأوضح لهم الله تعالى أن النبي "صلى الله عليه وسلم" له حرمة، ويجب أن نتأدب معه، فهو صاحب الوحي مصداقا لقوله تعالى: "قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي"، والوحي هنا يرفعه صلى الله عليه وسلم إلى درجة الإنسان الكامل، لافتا إلى أننا حين نستقرئ حياته الشريفة، نوقن أنه لا يحتملها البشر العادي، ولا يجود بما جاد به هذا النبي الكريم، لأن الله تعالى هو الذي أدبه ورباه على هذه الفضائل، مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم: "أدبني ربي فأحسن تأديبي"، فشخصية بهذه المواصفات يجب أن يعرف من حوله قدره حين ينادونه، فلا ينادونه إلا بـ "يا رسول الله" أو "يا نبي الله".

وشدد فضيلة الإمام الطيب، على ضرورة مراعاة أخلاق الإسلام في مناداة الكبير بشكل عام، فلا ينادى مجردا باسمه، بل لا بد وأن يسبق اسمه بـ"حضرتك"، أو غيرها من كلمات التقدير والاحترام، لافتا أنه قد حدث هبوط مفاجئ على مستوى التربية في البيت ودور التعليم، وعلى مستوى ما يتلقاه الطفل من الإعلام بشكل عام، بجانب ما يتلقاه أبناؤنا اليوم من الأجهزة الإلكترونية الحديثة التي بدأت تعبث بفطرتهم وتشوهها وتفرض عليهم سلوكيات لا تناسب تقاليدنا ولا أخلاقنا الإسلامية، إلا أن الله تعالى، ورغم كل ذلك، يبعث لهذه الأمة من يحميها من هذه الغيوم السوداء الداكنة التي تتدفق علينا من الغرب.

وحول سبب نزول الآية الكريمة في قوله تعالى: "وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ"، قال الإمام الطيب إن هذه الآية قد نزلت لتجيب على تساؤل صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، حين سألوه "أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه"، وقريب هنا ليست قرب مكانة ولا قرب ذات، وإنما قرب علم وسمع ورحمة، مضيفا الله تعالى يحب منا أن نتوجه إليه دائما بالدعاء، فهو تعالى لا تنفعه الطاعة ولا تضره المعصية، ولكن صفات الذات الإلهية كالإكرام والعفو والغفران تتطلب من العبد الاتجاه إليه تعلى بالدعاء دائما طلبا للرحمة والعفو والغفران.

واختتم بالإشارة إلى أن الفارق بين الدعاء والتسبيح، أن الدعاء من ذكر الله أما التسبيح فهو ثناء وإجلال وتنزيه لله سبحانه وتعالى، لافتا أن الدعاء يكون صدقة جارية إذا كان من ولد صالح مصداقا لقوله صلى الله عليهوسلم: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له"، فيكون الدعاء من الولد الصالح هنا صدقة جارية يحصل ثوابها للمدعو له، سواء كان الأب أو الأم، موصيا من يتوجه إلى الله بالدعاء بالثقة في الله وأن يكون الحال عنده أن لا ليس له ملجأ إلا هذا الذي يدعوه وأن الباقي كلهم عباد مثله لا يضرونه ولا ينفعونه.

مقالات مشابهة

  • صلاة العيد.. أحكامها وسننها وآدابها في الإسلام
  • محمد أبوزيد كروم يكتب: كيف أفشل الجيش المخطط الخبيث!!
  • دعاء ختم القرآن الكريم وفضل التلاوة.. تعرف عليه
  • الشيخ كمال الخطيب يكتب .. كن ربانيًا ولا تكن رمضانيًا
  • فضل الصلاة على النبي ألف مرة في آخر جمعة من رمضان.. اغتنم 40 مكافأة ربانية لصاحبها
  • كيف نجَّى المكر الإلهي عيسى عليه السلام؟
  • «الجندي» للمسلمين في ليلة القدر: اهْرَعُوا إِلَى خَلَوَاتِكُمْ وَسَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ
  • محسن جابر يوجه رسالة لـ الملحن مدين
  • حاج ماجد سوار يكتب: تصريحات الفريق ياسر العطا
  • شيخ الأزهر: يجب أن نتأدب مع النبي فلا نناديه باسمه مجردا