القيادة الفلسطينية وسياسة الانتظار السلبي
تاريخ النشر: 25th, January 2025 GMT
وكأنه زلزال ضرب القضية الفلسطينية ومنطقة الشرق الأوسط بعد السابع من أكتوبر وحرب الإبادة على غزة. وبالرغم من مرور خمسة عشر شهراً من الحرب، هناك تحركات دولية وإقليمية وداخلية مكثفة حول صفقة إطلاق النار في قطاع غزة وبحث مستقبل القطاع لكن الأقل حضوراً وتأثيراً في هذا الحراك هي منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني والقيادة الفلسطينية.
صحيح أن المنظمة وسلطتها لم يُحررا الوطن ولم ينجزا حلم الدولة الفلسطينية ولا منع الاستيطان وتغول المستوطنين، ولكن لم يتسببا للشعب الفلسطيني ما سببته حركة حماس من موت ودمار. وصحيح أيضاً أن المنظمة عنوان للشعب والقضية والمشروع الوطني والجدار الأخير في مواجهة المشروع الصهيوني التوسعي محل استهداف من أطراف متعددة على رأسها العدو الصهيوني وواشنطن. ولكن في هذا المنعطف الخطير والمصيري للقضية الوطنية، الذي يقول الجميع حتى قيادات المنظمة بأن ما يجري نكبة لا تقل خطورة عن نكبة 1948، لا يكفي أن تتوقف المنظمة عند القول بالتمسك بالثوابت والتحذير من المخططات المُعادية ورفض كل ما يتم طرحه، سواء تعلق الأمر بدولة غزة أو لجنة الإسناد المجتمعي أو الصفقة بين حماس وإسرائيل، بل عليها طرح البديل الوطني الذي يتناسب مع صفتها التمثيلية الجامعة ومع مكانتها الدولية. وأن تترك بصمتها العملية على ما يجري في القطاع وخصوصا أن لها جمهورا كبيرا من مؤيدها والشعب في غزة يطالب بعودة سلطتها للقطاع.
حتى الآن ورغم كل الأحداث الخطيرة في فلسطين والإقليم لم نسمع عن تحركات داخل المنظمة لمواجهة هذه التحركات المعادية فلم تتم الدعوة من القيادة لاجتماع المجلس الوطني ولا المجلس المركزي للمنظمة ولا اجتماع لأمناء الفصائل ولا حتى اجتماع موسع لحركة فتح أو لمؤتمرها أو للمجلس الاستشاري للحركة، ولم نلمس أي تحرك للانفتاح على مؤسسات المجتمع المدني الوطنية ولا على المثقفين والمفكرين، كما ما زال أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير واللجنة المركزية لحركة فتح وهم من يُفترض قادة الشعب الفلسطيني غائبون أو مُغيبون عن المشهد، ولا نعرف إن كان تعالياً على الشعب والقضية أم جهلاً بما يجري وعجزاً عن المواجهة أو خوفاً على مناصبهم أو تملقاً ومسكاً للعصا من الوسط في انتظار أين سترسو الأمور! ولم نسمع عن تحرك لتشكيل تحالف تقوده المنظمة حتى مع بعض الدول العربية والصديقة مضاد للتحالف المعادي للمنظمة ودولة فلسطين وكأن المنظمة باتت منعزلة أو معزولة عن العالم مع أنها أصل القضية ومحل رهان الشعب.
كانت حركة فتح دائما المبادِرة وصاحبة القرار الوطني في كل القضايا المصيرية وكانت فصائل المنظمة تلتزم، وإن رفضت يبقى رفضها في الإطار الوطني ولا يؤثر على المسيرة والنهج العام.
اليوم لم تعد حركة فتح ولا منظمة التحرير مبادرين، لا على المستوى الوطني ولا الإقليمي والدولي بل أصبحتا مثل جبهة الرفض التي كانت فيما مضى ترفض، ورفض المنظمة الآن لا يعطل مسيرة التآمر، والقيادة الفلسطينية تعرف أن هناك كيانات وقيادات جاهزة أو يجري تشكيلها لاستلام قطاع غزة.
أيدنا وما زلنا نؤيد القيادة الفلسطينية في رفضها لدولة غزة ولسلطة حماس وحتى نرفض وجودها في حياتنا السياسية وأيدناها في رفضها لمحور المقاومة الشيعي ومخططات إيران لتوتير الأوضاع في الضفة الفلسطينية الخ.
ولكن ما هو البديل الذي تطرحه قيادة المنظمة وحركة فتح لكل ذلك؟ وماذا تنتظر وهي تعرف أن السياسة لا تعرف الفراغ وخصوصاً في منطقة الشرق الأوسط، وفي قلبها فلسطين وما تخططه الصهيونية العالمية لها؟ الآن وبعد افتضاح حقيقة حركة حماس ومحور المقاومة وما سببوه من موت وخراب ودمار ليس لقطاع غزة فقط، بل لكل القضية الوطنية، على منظمة التحرير أن تستنهض نفسها، فلديها من التجربة التاريخية والرصيد الشعبي والدولي ما يؤهلها لاستعادة دورها بعد طول غياب.
حتى بعد توقيع اتفاق الدوحة بين إسرائيل وحركة حماس وحديث مصري على لسان وزير الخارجية وكذلك على لسان مسؤولين أمريكيين وأوروبيين أنه لن يكون لحماس وجود في المشهد السياسي بعد وقف حرب غزة إلا أن ذلك لا يعني أن حماس ستختفي قريباً لأن استكمال صفقة الدوحة قد يحتاج لسنوات وليس للأيام المنصوص عليها في الاتفاق وسيكون هناك تواطؤ بين إسرائيل وحماس لاستمرار حالة اللاحرب وأللاسلم لأطول فترة ممكنة حتى لا تعود السلطة لغزة وهناك ثغرات في ثنايا الاتفاق تمنح الطرفين مبرراً لاستمرار الحالة التي أشرنا إليها، ومن جهة أخرى على القيادة الفلسطينية عدم الانتظار إلى حين توجيه دعوة رسمية لها من الدول الفاعلة والراعية لاتفاق الدوحة لأن تتفضل وتستلم قطاع غزة، فما بين حكم حماس وعودة السلطة هناك خيارات أخرى، والسياسة لا تعرف الفراغ وزمن الشرعيات التاريخية قد ولى.
ومع ذلك تبقى منظمة التحرير الفلسطينية العنوان الوطني لكل الشعب الفلسطيني في فلسطين وخارجها.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: اتفاق غزة سقوط الأسد عودة ترامب إيران وإسرائيل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية عودة ترامب القیادة الفلسطینیة منظمة التحریر حرکة فتح
إقرأ أيضاً:
منصة وسلاح تافور الإسرائيلي.. رسائل الفصائل الفلسطينية خلال تسليم المحتجزين
حملت عملية تسليم الأسيرات الإسرائيليات في شمال قطاع غزة اليوم السبت، عدة رسائل، حيث كانت تتضمن مشاهد ظهور عدد كبير من عناصر كتائب القسام، في منطقة التسليم وهم يحملون سلاح تافور الإسرائيلي، وهو أحد أسلحة النخبة بجيش الاحتلال.
رسائل حماس خلال تسليم الأسيرات على منصةونشرت حركة حماس بيانًا، وصفت مشهد تسليم الأسيرات الإسرائيليات عبر منصة مجهزة، بأنه «قصة بطولة وعزة»، مشيرة إلى أن هذه المشاهد تحمل رسائل استراتيجية لحكومة الاحتلال وجيشها.
كما أن الاحتشاد الشعبي خلال عملية التسليم يعكس التلاحم بين الشعب والمقاومة، ويؤكد على استمرار الالتفاف حولها خلال الحرب التي استمرت لأكثر من 15 شهرًا.
سلاح تافور الإسرائيليوجرى التسليم في منطقة وسط مدينة غزة تحمل آثار الدمار نتيجة قصف الاحتلال الإسرائيلي المكثف، في إشارة ضمنية من حماس، إلى أن التفاوض وليس القوة العسكرية، هو السبيل لإطلاق الأسرى.
كما ظهرت عناصر النخبة من كتائب القسام بكثافة، حاملين سلاح تافور الاسرائيلي، ما يعكس نجاح المقاومة في الاستيلاء على معدات إسرائيلية متطورة.
كما وضع علم فلسطين كبير على أحد المباني المدمرة، مع تزيين المنطقة بأعلام صغيرة.
سلمت حماس الأسيرات إلى ممثل الصليب الأحمر الذي وقع على استلامهن، في ظل حضور حاشد تخللته الهتافات الداعمة للمقاومة.
رد الفعل الإسرائيليووصف موقع واللا العبري مشهد عناصر المقاومة وهم يحملون سلاح تافور الإسرائيلي خلال تسليم الأسيرات بأنه «رسالة تحدٍ قوية».
وأشار المصدر الذي تحدثت إليه الصحيفة العبرية، إلى أن استخدام حماس سلاح تافور الإسرائيلي يعكس ضعف جيش الاحتلال في حماية معداته.