أدّى الرئيس الأمريكي المُنتخب دونالد ترامب، في 20 يناير 2025، اليمين الدستورية، ليُصبح الرئيس الـ47 للولايات المتحدة. وجدير بالذكر أن يوم التنصيب هو احتفالية بمناسبة بدء ولاية جديدة مدتها أربع سنوات لرئيس الولايات المتحدة، يقام هذا الاحتفال لكل فترة رئاسية جديدة، حتى لو كان الرئيس مُستمراً في منصبه من أجل ولاية ثانية.

سمات مُميّزة:

شهد حفل تنصيب الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب عدداً من السمات المميزة، والتي يمكن تسليط الضوء عليها على النحو التالي:

1. المراسم داخل مبنى الكابيتول هيل: منذ تنصيب الرئيس رونالد ريغان عام 1981؛ أُقيم الحفل في الواجهة الغربية لمبنى الكابيتول الأمريكي المواجه للناشونال مول مع نصب واشنطن التذكاري الشهير ونصب لنكولن التذكاري، إلا أن مراسم حفل تنصيب ترامب لولاية ثانية جاءت داخل مقر الكونغرس وليس في الهواء الطلق بسبب البرد القارس، وهي المرة الأولى منذ 40 عاماً، التي تقام فيها مراسم تنصيب الرئيس الأمريكي في مكان مغلق.

وكان ترامب قد أعلن مؤخراً على حسابه في “تروث سوشيال” أن هناك عاصفة قطبية تجتاح البلاد، ولا يريد أن يرى الناس يتأذون أو يتعرّضون للإصابة بأي شكل، مُضيفاً أنه أمر بإلقاء خطاب التنصيب، بالإضافة إلى الصلوات والخطب الأخرى، في قاعة الكابيتول (مبنى الكونغرس).

2. الحفل مُتواضع نسبياً: وفقاً لشبكة CNBC؛ فإن حفل التنصيب جاء متواضعاً وصغيراً نسبياً مقارنة بمراسم سابقة مثل تنصيب الرئيسين السابقين باراك أوباما وبيل كلينتون، وذلك على الرغم من إعلان لجنة تنصيب ترامب أنها جمعت 170 مليون دولار.

3. الإشراف من سيناتور ديمقراطية: تولت التخطيط لمراسم تنصيب الرئيس المنتخب ونائبه لجنة الكونغرس المشتركة لمراسم التنصيب الرئاسي، التي تقودها هذا العام السيناتور الديمقراطية من ولاية مينيسوتا إيمي كلوبوشار، وتشرف اللجنة على عدد من الفعاليات في يوم التنصيب وهي: الموكب إلى مبنى الكابيتول؛ مراسم أداء اليمين الدستورية لنائب الرئيس؛ مراسم أداء الرئيس اليمين الدستورية؛ الخطاب الافتتاحي؛ المغادرة الشرفية للرئيس ونائب الرئيس المنتهية ولايتهما؛ مراسم التوقيع، حيث يوقّع خلالها الرئيس الجديد على تعيينات أو مذكرات أو إعلانات أو أوامر تنفيذية؛ مأدبة الغداء؛ العرض العسكري، والذي يتفقد خلاله الرئيس ونائب الرئيس القوات العسكرية؛ وأخيراً الموكب الرئاسي، وسيقام في ساحة “كابيتال وان” وسط مدينة واشنطن.

4. إجراءات أمنية مُشدّدة: بوجه عام؛ يتم في الغالب تصنيف حفل التنصيب باعتباره “حدثاً أمنياً خاصاً على المستوى الوطني” والذي يسمح بتمويل إضافي وتنسيق بين الوكالات، بما في ذلك جهاز الخدمة السرية والأمن الداخلي وشرطة الكونغرس الأمريكي، إلا أن الحدث استثنائي؛ حيث يعود ترامب إلى المكتب البيضاوي في ظروف غير عادية، بعد مواجهته تهديدات متعددة خلال حملته الانتخابية، شملت محاولتين واضحتين لاغتياله، إلى جانب هجوم في نيو أورلينز وانفجار في لاس فيغاس؛ ما رفع من حالة التأهب الأمني.

وتُفيد التقديرات بأنه تم نشر 25 ألف فرد من قوات الحرس الوطني في واشنطن العاصمة، إلى جانب استخدام طائرات من دون طيار وقناصة وأسلاك شائكة؛ تمتد لمسافة 48 كيلومتراً حول منطقة البيت الأبيض ومبنى الكابيتول نفسه، مع إغلاق بعض الطرق وزيادة نقاط التفتيش، ووضع الحواجز الخرسانية.

5. حضور زعماء أجانب: في سابقة من نوعها؛ دعا ترامب العديد من الزعماء الأجانب لحضور حفل التنصيب، وتاريخياً، لم يسبق لأي زعيم أجنبي أن حضر مراسم انتقال السلطة في الولايات المتحدة؛ حيث كان يتم الاكتفاء بإرسال الدبلوماسيين، إلا أن هذا الحفل شهد حضوراً دولياً رفيع المستوى، بداية من الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي، وهو من المؤيدين الأقوياء لترامب، إلى جانب رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، ونائب الرئيس الصيني هان تشنغ، الذي مثّل الرئيس شي جين بينغ.

6. حضور قوي لمجتمع التكنولوجيا: في تطور يعكس تنامي دور شركات التكنولوجيا في المشهد السياسي الأمريكي؛ شهد حفل تنصيب ترامب حضوراً لافتاً لأبرز الشخصيات في عالم التكنولوجيا، حيث حضر مارك زوكربيرغ (مؤسس ورئيس شركة ميتا) وجيف بيزوس (المؤسس التنفيذي لشركة أمازون) وإيلون ماسك (الرئيس التنفيذي لشركتي تسلا وسبيس إكس) وتيم كوك (الرئيس التنفيذي لشركة آبل) وسوندار بيتشاي (الرئيس التنفيذي لشركة جوجل) إلى جانب شو تشو (الرئيس التنفيذي لتطبيق تيك توك)، والذي عاد تطبيقه إلى الخدمة بعد يومين من إيقافه في الولايات المتحدة.

مفردات الخطاب:

حقّق ترامب رقماً قياسياً جديداً بأطول خطاب تنصيب في التاريخ الحديث، فبحسب موقع “أكسيوس” الأمريكي؛ كان خطاب تنصيب ترامب الأول في 2017 الأقصر في التاريخ الحديث، إلا أن خطاب 20 يناير 2025 كان على النقيض هو الأطول في التاريخ الحديث؛ إذ بلغ نحو ضعف طول خطابه عام 2017، ودخل هذا الخطاب التاريخ لكونه الرئيس الثاني في تاريخ الولايات المتحدة بعد غروفر كليفلاند، الذي يلقي خطاب تنصيب ثانٍ غير متتالٍ، وفيما يلي أبرز ما جاء في خطاب ترامب:

1. استعادة الحلم الأمريكي: تعهد الرئيس دونالد ترامب بـ”وضع أمريكا أولاً”، وقال في بداية خطاب تنصيبه: “يبدأ العصر الذهبي لأمريكا الآن”، وأضاف: “من هذا اليوم فصاعداً، ستزدهر بلادنا وتحظى بالاحترام مرة أخرى في جميع أنحاء العالم، وسنكون موضع حسد كل دولة، ولن نسمح لأنفسنا بأن نُستغل بعد الآن”.

وأكد ترامب أنه سيقوم بخدمة أمريكا أولاً، وأنها ستصبح أعظم وأقوى وأكثر استثنائية من أي وقت مضى. وشدّد على أنه لن يسمح بالإهمال والفساد في الجهاز الحكومي، معتبراً أن “الانحدار في الولايات المتحدة انتهى”.

وأضاف ترامب أنه يعود كالرئيس رقم 47 للبلاد، وأنه واثق ومُتفائل بأن الأمريكيين أصبحوا في بداية حقبة جديدة مثيرة من النجاح الوطني، وأضاف: “أشعة الشمس تتدفق على العالم أجمع وأمريكا لديها الفرصة لاغتنام هذه الفرصة كما لم يحدث من قبل”.

2. الطاقة على رأس الأولويات: يرى ترامب أن أزمة التضخم كانت ناجمة عن الإفراط في الإنفاق وارتفاع أسعار الطاقة؛ ولهذا السبب أعلن في خطاب تنصيبه فرض حالة الطوارئ الوطنية للطاقة، والتي بموجبها سيعلن استئناف تصاريح الحفر، مُذكّراً الأمريكيين برفع شعار “الحفر يا صغيري الحفر”؛ حيث يعتقد أن الطاقة، بما في ذلك النفط والغاز الطبيعي يمكن أن تجعل الولايات المتحدة غنية مجدداً.

وتعهّد ترامب بإلغاء “تفويض المركبات الكهربائية” الذي يمنح إعفاءات ضريبية عند شراء هذه السيارات، مُعرباً عن نيته إنقاذ “صناعة السيارات التقليدية”. وفي هذا الصدد؛ قال: “ستتمكنون من شراء السيارة التي تختارونها. سنصنع السيارات في أمريكا مرة أخرى بمعدل لم يكن أحد ليحلم به قبل بضع سنوات فقط”.

3. انتقاد إدارة بايدن: انتقد ترامب إدارة جو بايدن، على الرغم من حضور الأخير حفل التنصيب، وجلوسه على بعد خطوات من ترامب. وفي هذا السياق، قال ترامب إن إدارة بايدن فشلت في إدارة الأزمات في الداخل، وتعثرت في نفس الوقت في إدارة الأحداث الكارثية في الخارج. وتطرق إلى معضلة الهجرة، قائلاً: “حكومة بايدن فشلت في حماية مواطنينا الرائعين الملتزمين بالقانون لكنها قدمت الملاذ والحماية للمجرمين الخطرين”، واستطرد: “لدينا حكومة قدمت تمويلاً غير محدود للدفاع عن الحدود الأجنبية لكنها ترفض الدفاع عن الحدود الأمريكية أو الأهم من ذلك، شعبها”.

4. أولوية التغيير في الصحة والتعليم: قال الرئيس دونالد ترامب إن البلاد في حالة انحدار حالياً، منتقداً نظام التعليم والرعاية الصحية، متعهداً بإحداث التغيير “بسرعة كبيرة” في هذين القطاعين. وفي هذا الصدد، قال ترامب: “لدينا نظام صحي عام لا يقدم أداءً جيداً في أوقات الكوارث؛ ومع ذلك يتم إنفاق المزيد من الأموال عليه أكثر من أي دولة في أي مكان في العالم. ولدينا نظام تعليمي يعلم أطفالنا أن يخجلوا من أنفسهم، وفي كثير من الحالات، أن يكرهوا بلدنا، على الرغم من الحب الذي نحاول بشدة أن نقدمه لهم. كل هذا سوف يتغير، بدءاً من اليوم، وسوف يتغير بسرعة كبيرة”.

5. إنهاء سياسات التنوع: قال ترامب إنه سيجعل من سياسة الولايات المتحدة أن يكون هناك جنسان فقط “ذكر وأنثى”، متعهداً بإنهاء محاولات هندسة العرق والجنس. يُذكر أن ترامب وعد عقب فوزه بالانتخابات الأمريكية بإصدار أوامر تنفيذية لتقليص برامج التنوع والمساواة والشمول، معلناً عدم استخدام الأموال الاتحادية لدعم ما يسمى “أيديولوجية النوع الاجتماعي”.

6. فرض تعريفات جمركية على الدول: قال ترامب إنه سيفرض تعريفات جمركية وضرائب على الدول، كما وعد بإصلاح نظام التجارة، معلناً أن إدارته ستنشئ ما أسماه “خدمة الإيرادات الخارجية”، وبيّن أن دور الجهاز الجديد يتمثل في “تحصيل جميع التعريفات الجمركية والرسوم والإيرادات”، مُضيفاً أن تلك الإيرادات ستكون مبالغ كبيرة وستتدفق للخزانة الأمريكية بما يحقق مصلحة البلاد.

7. إيقاف الهجرة والحفاظ على أمن الحدود: قال ترامب إنه سيعلن “حالة طوارئ وطنية على الحدود الجنوبية في الولايات المتحدة الأمريكية، وسيوقف الهجرة ويرحل “المهاجرين المجرمين”، بحسب وصفه. ويعتزم تصنيف عصابات المخدرات على أنها منظمات إرهابية يجب التصدي لها، وذلك بالتزامُن مع إصدار أوامر للجيش الأمريكي لبناء منطقة جديدة من الجدار العازل على الحدود مع المكسيك، ومنح سلطات الطوارئ الإذن لتعليق دخول المهاجرين غير الشرعيين عبر الحدود الجنوبية الغربية؛ ما يسمح بترحيل الأفراد الذين يتم القبض عليهم سريعاً إلى بلدانهم الأصلية.

8. إصدار أكثر من 200 أمر تنفيذي: من المُقرّر أن يوقّع ترامب في اليوم الأول من ولايته الثانية على أكثر من 200 أمر تنفيذي تتعلق بأمن الحدود، والطاقة، وخفض تكاليف المعيشة للأُسر الأمريكية، وتُفيد التقديرات بأنه سيُعلن الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ، ويقرر إعلان حالة الطوارئ على الحدود الوطنية؛ حيث سيقوم بتوجيه الجيش الأمريكي للعمل مع وزارة الأمن الداخلي لتأمين الحدود الجنوبية للبلاد بشكلٍ كامل.

9. غموض السياسة الخارجية لترامب: لم تحظ السياسة الخارجية بمكانة مرموقة في خطاب ترامب، فكل عبارات السياسية الخارجية جاءت موجزة وغامضة؛ فمن ناحية لم يقدم ترامب رؤية متكاملة عن محاور سياساته الخارجية، ومن ناحية أخرى، بدا مصمماً على تصريحاته السابقة التي أزعجت جيرانه في الأمريكتين، فقد كرّر تعهّده بتغيير اسم خليج المكسيك إلى “خليج أمريكا”، وقال: “ستستعيد أمريكا مكانتها الصحيحة كأعظم وأقوى وأكثر الدول احتراماً على وجه الأرض، وتطرق إلى أهمية قناة بنما بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، مُوضّحاً أن بلاده أنفقت أموالاً أكثر من أي وقت مضى على مشروع قناة بنما، وخسرت حياة 38 ألف أمريكي في حفر القناة؛ ومن ثم لا يمكن منحها للصين للسيطرة عليها، مضيفاً: “لقد أعطيناها لبنما، ونحن نستعيدها.. فالسفن الأمريكية تفرض عليها تكاليف باهظة، ولا يتم التعامل معها بشكل عادل”. وإلى جانب ذلك، تحدث ترامب بشكل موجز للغاية عن اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة “حماس”، وقال: “المحتجزون في غزة يعودون إلى ديارهم وعائلاتهم”.

10. السيطرة على المريخ: قال ترامب: “سنواصل سعينا إلى تحقيق مصيرنا في النجوم، وسنرسل رواد فضاء أمريكيين لغرس العلم الأمريكي على كوكب المريخ”، ويرى مراقبون أن هذا التصريح، وإن كان يؤكد الرغبة الأمريكية في التفوق في مجال الفضاء الخارجي، ولكنه بمثابة رسالة تحذير إلى كل من الصين وروسيا، باعتبارهما من أقوى المنافسين للولايات المتحدة الأمريكية في سباق التنافس نحو الفضاء. وهناك من يعتقد أنها رسالة لإطلاق العنان إلى صديقه إيلون ماسك، لتعزيز استثماراته في هذا المجال المتقدم؛ ولذا، يُلاحظ أن ماسك صفق بحرارة عندما تحدث ترامب عن هذا الأمر.

وفي التقدير، يمكن القول إنه رغم النزعة الحماسية في خطاب ترامب؛ فإن ذلك لا ينفي أنه بدأ من حيث انتهى سلفه بايدن، وهو أمر مُتأصل في المنظومة السياسية الأمريكية.

إذ إنه من المُرجّح أن العديد من السياسات التي كانت قائمة في عهد بايدن، سوف تستمر في عهد ترامب، سواء فيما يتعلق بقضايا الشرق الأوسط، أم التعامل مع الصين وحلفاء واشنطن في منطقة جنوب وجنوب شرق وشرق آسيا، وإن بتكتيكات مختلفة، وبمستويات من العداء والصداقة المتباينة.

ربما يكون الجديد هو توقعات بشأن فرض سياسة الضغط على الحلفاء، كما يرجح إمكانية اللجوء لما يُسمّى بـ”فرض السلام بالقوة” من أجل إنهاء بعض الأزمات سواء في منطقة الشرق الأوسط أم حول العالم.

” يُنشر بترتيب خاص مع مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، أبوظبى ”


المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

التبدّل في الخطاب الأمريكي تجاه روسيا.. هل سيُترجم في الواقع؟

في العادة، تسعى الولايات المتحدة الأمريكية إلى استخدام معجم ثابت عند الحديث عن الدول "المارقة" أو الخصوم والأصدقاء. كان موقفها في أفغانستان واضحًا، وكذلك في العراق وفيتنام، وتجاه إسرائيل. لكن الأمر ذاته لا ينطبق عندما يتعلق بروسيا.

اعلان

أدى التبدل في السياسة الأمريكية تجاه روسيا بعد تولي دونالد ترامب الحكم إلى إرباك داخل غرف البيت الأبيض، حتى بات المسؤولون الأمريكيون غير قادرين على تصنيف موسكو بشكل واضح للشعب. هل هي العدو ذاته الذي استدعى فتح خزائن البنتاغون على مصراعيها، وتقديم 60 مليار دولار للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بين الحين والآخر (كما يزعم ترامب)؟ هل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هو ذاته الذي قالت عنه الولايات المتحدة إنه زعيم يسعى إلى تقويض أمن أوروبا والغرب؟ أم أنه شخص ذكي وودود، يُمكن أن يصبح شريكًا اقتصاديًا في المستقبل القريب؟

هي فكرة على قدر أهميتها، على قدر ما تبدو ساخرة. وقد عالجتها صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية بشكل طريف عندما قالت إن رؤساء الاستخبارات في البلاد، عندما يمثلون أمام الكونغرس يوم الثلاثاء لتقديم أول "تقييم علني للتهديد العالمي" في فترة ولاية الرئيس ترامب الثانية، سيواجهون خيارًا صعبًا عندما يأتون على ذكر الكرملين.

قبل تولي الزعيم الجمهوري الرئاسة، تبنت واشنطن وحلفاؤها وجهة نظر عدائية ثابتة بشأن بوتين، لأنه "استغفل الأوروبيين والبيت الأبيض، ولديه أطماع كبيرة يسعى من خلالها إلى تقويض الأمن العالمي". أما بعد عودة ترامب، فقد أصبح الجاسوس السوفياتي السابق شريكًا تجاريًا مستقبليًا جديرًا بالثقة، يسعى ببساطة إلى إنهاء حرب بغيضة والسيطرة على أجزاء من أوكرانيا التي "هي من حقه" واستئناف علاقة منتظمة مع الولايات المتحدة.

أمام هذا التغيير الجذري، تقول الصحيفة الأمريكية إنه سيتعين على المديرة الجديدة للاستخبارات الوطنية، تولسي غابارد، والمدير الجديد لوكالة الاستخبارات المركزية، جون راتكليف، أن يعرفا كيف يسيران على الخط الرفيع لوصف روسيا كخصم حالي وشريك مستقبلي.

لكن في المقابل، يبرز سؤال محوري: هل التحول في الخطاب الأمريكي سيترجم إلى تغييرات ملموسة في الأمن العالمي؟

الأداء الأمريكي خلال هدنة الـ30 يومًا

في هذا السياق، يرى عدد من المراقبين أن تحصيل الجواب رهن بعدة مؤشرات، منها كيف ستتعامل واشنطن مع قضية وقف إطلاق النار لمدة 30 يومًا في أوكرانيا، ومدى استعداد ترامب لقطع المساعدات نهائيًا عن أوكرانيا بعدما التزمت إدارة جو بايدن بتقديم عشرات المليارات من المساعدات.

Relatedزيلينسكي يتهم بوتين بعرقلة جهود السلام قبل انطلاق محادثات السعوديةزيلينسكي: العقوبات على موسكو وتعزيز حلف العالم الحر والضمانات الأمنية.. طريق أوكرانيا إلى السلامترامب: أنا الوحيد القادر على إيقاف بوتين.. وعلاقتي جيدة معه ومع زيلينسكيمصير معاهدة "ستارت" الجديدة

نقطة ثانية يُمكن أن تجيب عن هذا الأمر هي مصير معاهدة "ستارت" الجديدة، أو اتفاقية الحد من استخدام الأسلحة النووية بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، والتي من المقرر أن تنتهي صلاحيتها العام المقبل.

إذ يرى البعض أنه إذا اتفق الطرفان على العودة إلى المعاهدة وتمديدها، أو حتى دعوة الصين إلى محادثات نووية، فسيكون لذلك انعكاس كبير على الأمن العالمي، وقد يمهد الطريق أمام نظام عالمي جديد، غير خاضع لدوافع الحرب الباردة.

ترامب ماض في سياسة "أمريكا أولًا"

من جهته، عقد مجلس العلاقات الخارجية، وهو مركز أبحاث أمريكي متخصص في السياسة الخارجية الأمريكية والعلاقات الدولية، ندوة لمعالجة هذا الشأن استضافت عددًا من الخبراء، عالجوا فيها حدود التفاهمات الأمريكية-الروسية. وتطرقوا إلى عدة ملفات منها العقوبات المفروضة على موسكو، واستمرار الحرب في أوكرانيا، وقدرات روسيا العسكرية، والديناميكيات السياسية داخل الكرملين، والتفاعل الأوسع للولايات المتحدة مع موسكو.

يشير أحد الخبراء في الندوة إلى أن ترامب جاد في تطبيع العلاقات مع روسيا، ويأتي ذلك ضمن استراتيجية الزعيم الجمهوري "أمريكا أولًا". لذلك فإنه يرى أن واشنطن جادة في تقديم تنازلات للكرملين، ما جعل بوتين الرابح على الصعيدين العسكري والسياسي.

ويلفت المشاركون إلى وجود شعور بالخيبة لدى الدول الأوروبية، التي ترى، بحسبهم، أنها لم تستطع أن "تتوحد" بما فيه الكفاية، وأن تتصدى بشكل حازم في الملف الأوكراني أو في ملفات جيوسياسية أوسع.

فيما يخص الهدنة بين كييف وموسكو، يؤكد المشاركون على وجود شكوك حول مدى صمودها وفعاليتها. لكن يعتقد البعض أن ترامب ماضٍ في علاقاته مع روسيا، وسيتجاوز أوروبا في ذلك.

أمريكا بين العلاقات التجارية والعمل الاستخباري

يبدو أن واشنطن تميل نحو تعزيز العلاقات الاقتصادية مع موسكو، خاصة بعد أن أدرج ترامب مسألة رفع العقوبات ضمن المفاوضات. ولكن هناك مخاوف من أن يؤدي ذلك إلى حدوث إرباك أو انقسام بين وجهة النظر التجارية التي يتبناها الزعيم الجمهوري وبين جهاز الاستخبارات.

إذ تنقل "نيويورك تايمز" عن السيناتور مارك وارنر من ولاية فرجينيا، وهو ديمقراطي في لجنة الاستخبارات بالمجلس، قوله إن تعليقات إدارة ترامب الإيجابية تجاه روسيا مربكة للغاية بالنسبة إلى الجواسيس الأمريكيين.

ولفت وارنر إلى أن تبني البيت الأبيض سياسة مغايرة سينعكس على العمل الاستخباراتي العالمي، حيث قد يصبح التعاون مع واشنطن في هذا الصدد أقل.

Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية السلطات الإسرائيلية تُفرج عن مخرج فيلم "لا أرض أخرى" عقب احتجازه وتعرضه للضرب من قبل مستوطنين بعد عضّ حراس الأمن وتوجيه إهانات عنصرية.. تجريد ملكة جمال اسكتلندا من لقبها كوبيليوس لـ "يورونيوز": الاتحاد الأوروبي يحتاج إلى 70 مليار يورو على الأقل لتعزيز التنقل العسكري فلاديمير بوتينروسياالولايات المتحدة الأمريكيةدونالد ترامبأوروباالحرب في أوكرانيا اعلاناخترنا لكيعرض الآنNext هدنة برعاية أمريكية.. اتفاق بين موسكو وكييف بشأن أمن الطاقة والملاحة البحرية يعرض الآنNextعاجل. الجيش السوداني يحاصر مطار الخرطوم والمناطق المحيطة به يعرض الآنNext المفوضية الأوروبية تدرس مشاريع للتعدين في السنوات المقبلة يعرض الآنNext زعيم المعارضة التركية يزور إمام أوغلو في سجنه يعرض الآنNext "خلل بسيط".. هكذا وصف ترامب فضيحة نشر خطة العمليات العسكرية على سيجنال اعلانالاكثر قراءة هل يؤيد البريطانيون إنشاء جيش أوروبي يضم المملكة المتحدة؟ ما هي الدوامة الغريبة المتوهجة في ليل أوروبا الحالِك؟ فضيحة أمنية في واشنطن والديموقراطيون يطالبون باستقالة وزير الدفاع إيران تكشف عن مدينة صاروخية تحت الأرض... آلاف الصواريخ الدقيقة عاجل. مقتل مراسلة القناة الروسية الأولى بانفجار لغم أرضي بالقرب من الحدود الأوكرانية اعلان

LoaderSearchابحث مفاتيح اليومدونالد ترامبدفاعقوات الدعم السريع - السودانالسياسة الأوروبيةسورياالمملكة المتحدةالخرطومروسياأوكرانيااليمنالمفوضية الأوروبيةالاتحاد الأوروبيالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2025

مقالات مشابهة

  • خطاب جديد مكرر لعبدالملك الحوثي: ''القطع البحرية الأمريكية تهرب منا إلى أقصى شمال البحر الأحمر''
  • القبض على زعيم عصابة خطيرة في ولاية فرجينيا الأمريكية
  • الهيمنة الأمريكية والمقاومة.. قراءة في خطاب صنعاء
  • مدير جامعة القرآن الكريم والعلوم الإسلامية: سنعمل على تعزيز مكانة الجامعة داخلياً وخارجياً
  • التبدّل في الخطاب الأمريكي تجاه روسيا.. هل سيُترجم في الواقع؟
  • وزيرة اقتصاد غرينلاند: خطاب ترامب بشأن الاستيلاء على بلدنا ومعادننا غير مقبول
  • خطاب الرئيس في ذكرى الصمود
  • الهيمنة الأمريكية والمقاومة.. قراءة في خطاب الرئيس المشاط
  • الرئيس المشاط يوجّه رسالة للرئيس الأمريكي المجرم ترامب
  • التصعيد الأمريكي ضد الحوثيين يكشف انقساماً داخلياً ويزيد الضغوط على أوروبا.. وتصاعد نفوذ فانس داخل الإدارة الأمريكية