في ظل التحديات القانونية والسياسية التي تشهدها الولايات المتحدة، تبرز "سياحة الولادة" كإحدى القضايا الشائكة التي أثارت جدلا واسعا. منذ أن أصدر الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمرا تنفيذيا يهدف إلى إنهاء حق المواطنة بالولادة، تتزايد المخاوف بين المهاجرين وذويهم بشأن مستقبل هذه الممارسة. في هذا السياق، نتناول الإجراءات المحتملة التي قد يتخذها ترامب في حال رفضت المحكمة القرار، والجدل الدستوري الذي يحيط بهذه القضية.

حلم قد يتبدد

دخلت إيمان، 29 سنة، إلى الولايات المتحدة في شهور حملها الأخيرة قبل أسابيع قليلة بتأشيرة سياحية، في محاولة للولادة على الأراضي الأميركية.

تعرف إيمان -التي لا ترغب في الكشف عن هويتها- بمزايا حصول طفلها على الجنسية الأميركية بالولادة. وتؤكد أنها قد لا تتمكن من العيش في أميركا خلال السنوات القادمة، لكنها أرادت أن توفر مستقبلاً جيداً لابنها، حسب وصفها.

ادخرت الأم الشابة مبلغا ضخماً لتأمين تكاليف الولادة، وقد نصحها الكثيرون بعدم الاعتماد على أي نوع من التأمين لتجنب إلغاء تأشيرتها. وتقول للجزيرة نت: "حذرني البعض من هذه الخطوة، خاصة أنني معرضة لحظر دخول الولايات المتحدة إذا تم الكشف عن نيتي الولادة على أراضيها بتأشيرة سياحية". وتضيف: "كنت أعلم جيداً أن الرئيس ترامب سيصدر إجراءات لمنع حق الجنسية بالولادة، لكن لم أتخيل أن يكون هذا أول قراراته. لذلك، أعيش في حالة خوف مستمر منذ صدور القرار، ولا أعرف مصير ابني الذي سيولد خلال أسابيع".

إعلان

بينما انتشرت تحذيرات عبر منصات التواصل الاجتماعي من التفكير في خطوة الولادة بأميركا، التي باتت مغامرة غير محسوبة العواقب، في ظل الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس ترامب فور وصوله إلى مكتبه البيضاوي في البيت الأبيض.

التعديل الرابع عشر للدستور الأميركي
التعديلات الرئيسية التي أُدخلت بعد الحرب الأهلية الأميركية (1861-1865) ويُعتبر أحد أعمدة القانون الدستوري في الولايات المتحدة. تم التصديق عليه في 9 يوليو/ تموز 1868

حرب دستورية خاسرة

في المقابل قال قاضٍ فدرالي، الخميس، إن الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس دونالد ترامب بإنهاء حق المواطنة بالولادة كان "غير دستوري بشكل صارخ"، وأصدر أمرا احترازياً مؤقتاً لوقفه.

قام القاضي جون كوفينور، الذي عينه الرئيس رونالد ريغان ويعمل في سياتل، بالموافقة على طلب المدعي العام لواشنطن نيك براون و3 ولايات أخرى يقودها الديمقراطيون للحصول على أمر طارئ لوقف تنفيذ السياسة لمدة 14 يوما بينما يتم إجراء مزيد من الجلسات حول التحدي القانوني.

وبحسب شبكة "سي إن إن"، فقد أوضح كوفينور: "لقد كنت على المنصة القضائية لأكثر من 4 عقود. لا أستطيع أن أتذكر قضية أخرى كانت فيها المسألة المعروضة واضحة بهذا الشكل". وأضاف القاضي مستفسرًا: "أين كان المحامون عندما تم اتخاذ القرار بتوقيع الأمر التنفيذي؟"، مشيرًا إلى أن الأمر "أذهله" أن أحد المحامين يمكنه أن يزعم أن الأمر دستوري.

من جهته، لا يتوقع البروفيسور ستيفن ييل-لوهر تطبيق الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس ترامب. وقال الأستاذ المتقاعد في قانون الهجرة في كلية الحقوق بجامعة كورنيل في تصريح للجزيرة نت: "المواطنة التلقائية بالولادة في الولايات المتحدة هي جزء من التعديل الـ14 لدستور البلاد، وهناك أيضًا قانون فدرالي يتيح الحصول على المواطنة بالميلاد. لا يمكن لأمر تنفيذي صادر عن الرئيس إلغاء تعديل دستوري أو قانون فدرالي". وأضاف: "لذلك، من المحتمل أن تقرر المحكمة أن الأمر التنفيذي غير قانوني ولا يمكن تنفيذه. وقد تم بالفعل رفع دعوتين قضائيتين تطعنان في هذا الأمر التنفيذي".

إعلان

في حين قال المدعي العام لولاية نيوجيرسي ماثيو بلاتكين خلال مؤتمر صحفي الثلاثاء الماضي: "إن التعديل الـ14 وما تبعه من سوابق قضائية صادرة عن المحكمة العليا واضح تماماً: كل الأشخاص المولودين في الولايات المتحدة والخاضعين لولايتها القضائية هم مواطنون أميركيون".

وأكد بلاتكين أنه إذا تم تنفيذ الأمر التنفيذي، فسيكون ذلك المرة الأولى في تاريخ الولايات المتحدة التي يواجه فيها فئة من الأطفال المولودين في أميركا تهديدات لصحتهم ورفاههم مباشرة من حكومتهم.

القاضي جون كوفينور: الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس ترامب بإنهاء حق المواطنة بالولادة كان "غير دستوري"(بيكسابي)

وأضاف: "هذا عمل متطرف وغير مسبوق، وهذا الأمر التنفيذي هو هجوم على سيادة القانون، حيث يعتدي على حق يعتبر جوهرياً في تاريخ أمتنا منذ بداياتها الأولى"، ووصف الإدارة الحالية بأنها "تضع نفسها في مأزق" بالنظر إلى هدفها المعلن المتمثل في ترحيل جميع المهاجرين الذين يعيشون في البلاد دون وضع قانوني.

وتابع بلاتكين: "كانت المواطنة بالولادة جزءًا من نسيج هذه الأمة لقرون. وتم إدراجها في الدستور منذ 157 عامًا بعد الحرب الأهلية، عندما قال شعب هذه الأمة إننا لن نسمح بعد الآن للأهواء السياسية بتحديد ما إذا كان الشخص المولود على أرض الولايات المتحدة هو مواطن أميركي أم لا. وقد تم تأكيد ذلك من قبل المحكمة العليا مرات عدة. هذا حتى ليلة الاثنين، لم يكن أمرًا تم الطعن فيه أبداً من قبل رئيس وقع أمراً استثنائياً وغير مسبوق وبدد حكم القانون".

التعديل الرابع عشر يتضمن:

"كل شخص مولود أو متجنس في الولايات المتحدة هو مواطن للبلاد وللولاية التي يعيش فيها"
هذا النص ألغى قرار المحكمة العليا في قضية دريد سكوت ضد سانفورد (1857)، التي قضت بأن الأميركيين من أصول إفريقية لا يمكن أن يكونوا مواطنين.

إجراءات قد تلجأ إليها إدارة ترامب

يُجمع معظم رجال القانون على عدم دستورية الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس ترامب، إلا أن هناك مخاوف من أن يستمر ترامب في تنفيذ خطته لتقليص حالات سياحة الولادة، حتى في حال رفضت المحكمة العليا القرار، عبر إجراءات تنفيذية تشمل تشديد الرقابة على الحدود والموانئ، ورفض دخول الحوامل أو منحهن تأشيرات سياحية.

إعلان

تقول مزنة زيتوني، محامية بولاية كاليفورنيا، إن الجدل الدائر حالياً هو إعادة تفسير التعديل الـ14 للدستور، الذي تجادل إدارة ترامب في كونه لا يحق للمهاجرين غير النظاميين الحصول على حقوق دستورية أميركية، وبالتالي لا تنطبق على أبنائهم المولودين على الأراضي الأميركية حق الجنسية بالولادة. لكنها تؤكد أنه من غير المرجح أن تتم الموافقة على تغيير هذا التعديل الدستوري أو إعادة تفسيره بالصورة التي تتبناها إدارة الرئيس ترامب.

يرى محمد سعيد، محامي هجرة بالولايات المتحدة، أن ما يجب التفكير فيه الآن هو ماذا لو لم ينتصر ترامب دستورياً في المعركة التي يخوضها في تقويض الهجرة غير النظامية ومنع الجنسية بالولادة؟ يتوقع سعيد أن الإدارة الأميركية قد تتخذ بعض الإجراءات الصارمة التي من شأنها الحد من سياحة الولادة، وذلك برفض منح التأشيرات لكل سيدة يشتبه في أنها تخطط للولادة في أميركا، وتشديد القوانين والإجراءات ضد المهاجرين غير النظاميين الذين قد يحاولون البقاء في الولايات المتحدة لأجل ولادة أطفالهم، وزيادة التركيز على تأمين الحدود، بما في ذلك تعزيز الجدار الحدودي بين الولايات المتحدة والمكسيك.

وأضاف محامي الهجرة للجزيرة نت: "قد يتم في السنوات القادمة فرض قواعد إضافية على طلبات التأشيرات لتحديد أسباب السفر بدقة أو تغيير السياسات التي تحكم إصدار شهادات الميلاد، بحيث يتم ربطها بإثبات الوضع القانوني للوالدين، إلا أن هذه السياسات قد تؤدي إلى معارضة قانونية كبيرة، وسيتم الطعن بها في المحاكم الفدرالية أو أمام المحكمة العليا، خاصة إذا تعارضت مع نصوص الدستور"، وتابع سعيد: "كما قد تواجه رفضا مجتمعيا شديدا".

تقليص منح التأشيرات للحوامل

في يناير/كانون الثاني 2020، حصل موقع "فوكس" الإخباري على برقية من وزارة الخارجية موجهة للسفارات الأميركية في جميع أنحاء العالم، تقضي برفض تأشيرات الأشخاص الذين يُشتبه في قدومهم إلى الولايات المتحدة للولادة. وفقا للبرقيات الدبلوماسية، هذه توجيهات تمنح الموظفين القنصليين صلاحيات واسعة وقد تكون خطيرة بالنسبة للحوامل اللاتي يبحثن عن رعاية طبية.

إعلان

ورغم أنه لا يمكن لموظفي السفارة سؤال المتقدمات إذا كن حوامل أم لا، فإن البرقية تنص على أنه "إذا كان هناك سبب للاعتقاد بأن مقدمة الطلب ستضع مولودًا أثناء إقامتها في الولايات المتحدة، يجب افتراض أن الهدف الرئيسي من السفر هو الولادة بغرض الحصول على الجنسية الأميركية".

يمكن لمقدمة الطلب تجاوز هذا الشك، وفقًا للبرقية، إذا أظهرت "غرضا رئيسيا آخر ومسموحا به للسفر"، مثل الترتيب لعلاج طبي متخصص في الولايات المتحدة. ومع ذلك، حتى في هذه الحالة، قد لا يكون هذا كافياً.

ورغم أن تأشيرة السياحة بي1/بي2 تتضمن السفر بغرض العلاج، فإن البرقية توضح أن ترتيب خطة للولادة مع طبيب أو منشأة طبية في الولايات المتحدة أو ببساطة تفضيل الولادة في الولايات المتحدة بدلاً من أماكن أخرى لا تكفي لدحض الافتراض بأن الهدف من السفر هو الحصول على الجنسية الأميركية للطفل.

ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ستسعى إلى تقليص عدد تأشيرات الدخول الممنوحة لغير المهاجرين خلال فترة ولايته الحالية كإجراء للحد من الهجرة غير النظامية، أم ستكتفي بوضع ضوابط وشروط جديدة على هذه التأشيرات.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات فی الولایات المتحدة المواطنة بالولادة الجنسیة بالولادة المحکمة العلیا الحصول على لا یمکن

إقرأ أيضاً:

تداعيات معارك ترامب.. الولايات المتحدة تواجه خطر فقدان نفوذها في القارة مع توسّع نفوذ الصين

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق فيتنام وتايلاند وماليزيا تتجه إلى بكين للتعاون الاقتصادى والشراكات الأمنية.. وواشنطن تبدو أقل التزامًا بنظام إقليمى مستقرإصرار الرئيس الأمريكى على ربط الإنفاق الدفاعى بالاتفاقيات التجارية أفقد الثقة فى البيت الأبيض كشريك أمنى موثوق

فى عهد الرئيس دونالد ترامب، انحرفت السياسة الأمريكية تجاه آسيا إلى اتجاه غير متماسك وغير مُجدٍ، ما أدى إلى تفاقم التحديات التى تدفع المنطقة نحو الصين. هذا التحول، الذى اتسم بالرسوم الجمركية والعزلة الاقتصادية الذاتية والسياسة الخارجية غير المتوقعة، يهدد بتقويض الأمن والقيادة الاقتصادية للولايات المتحدة فى منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وهى منطقة كانت دائمًا حجر الزاوية فى النفوذ الأمريكي.

لأكثر من سبعة عقود، اعتمدت منطقة آسيا والمحيط الهادئ على الولايات المتحدة كضامن أمنى وشريك اقتصادى رئيسي. ومع ذلك، فى السنوات الأخيرة، تعطلت هذه الديناميكية. فالصعود السريع للصين كقوة اقتصادية جعلها الشريك التجارى المهيمن للعديد من دول المنطقة، ما قلل من نفوذ الولايات المتحدة. لقد ساهم فرض ترامب تعريفات جمركية صارمة على الصين، وخطابه "أمريكا أولًا"، وانسحابه من اتفاقيات تجارية رئيسية مثل اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ (TPP)، فى تسريع هذا التراجع الأمريكى. وبحلول نهاية عام ٢٠٢٤، حلت الصين محل الولايات المتحدة كشريك تجارى رئيسى لمعظم الدول الآسيوية، حيث نمت التجارة البينية إلى ما يقرب من ٦٠٪ من إجمالى التجارة فى آسيا.

فى حين أن سياسات ترامب التجارية تهدف إلى كبح هيمنة الصين وإعادة التصنيع إلى الولايات المتحدة، إلا أن هذه الجهود كانت غير متسقة وغير فعالة إلى حد كبير. كان الهدف من التعريفات الجمركية هو الإضرار بالصين، لكنها عطّلت أيضًا الأعمال التجارية فى جميع أنحاء آسيا، وخاصة فى دول مثل فيتنام وتايلاند وماليزيا، التى أصبحت وجهات مهمة لإعادة التصنيع إلى الوطن فى إطار مبادرة "الصين +١". وبينما تكافح هذه الدول للتكيف مع المشهد التجارى المتغير، يتجه الكثير منها إلى الصين للتعاون الاقتصادى والشراكات الأمنية، حيث تبدو الولايات المتحدة أقل التزامًا بنظام إقليمى مستقر.

السياسة الأمنية

فيما يتعلق بالتعاون العسكري، لا تزال السياسة الأمنية الأمريكية جزءًا أساسيًا من علاقتها مع حلفائها الآسيويين. تواصل الولايات المتحدة دعم اليابان وكوريا الجنوبية والفلبين فى جهودها لمواجهة ما تسميه "التدخل الصيني"، لا سيما فى بحر الصين الجنوبى وعلى طول محيط تايوان. ومع ذلك، فإن دمج سياسات ترامب الاقتصادية مع التزاماته الأمنية خلق انطباعًا بعدم الاتساق.. على سبيل المثال، أرسلت مطالبات ترامب لليابان بزيادة نفقاتها الدفاعية، مع الضغط عليها فى الوقت نفسه بشأن التجارة، إشارات متضاربة. كما أدت التوترات مع كوريا الجنوبية بشأن تكلفة تمركز القوات الأمريكية وقضية الإنفاق الدفاعى إلى تصدعات فى العلاقات بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية.

علاوة على ذلك، فإن إصرار ترامب على ربط الإنفاق الدفاعى بالاتفاقيات التجارية، والذى تجلى مؤخرًا فى نهجه تجاه اليابان، قد قوّض الثقة فى الولايات المتحدة كشريك أمنى موثوق. مع تزايد الضغوط الصينية على القوى الإقليمية، يتضاءل ثقتها بالدعم الأمريكي، لا سيما فيما يتعلق بمخاوف وجودية مثل أمن تايوان. ويزيد عدم القدرة على التنبؤ بسياسة ترامب الخارجية من حالة عدم اليقين.

كما أدى نهج ترامب إلى تراجع كبير فى القوة الناعمة الأمريكية فى المنطقة. ويشير تفكيك وكالات مثل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) وإذاعة صوت أمريكا، اللتين دأبتا على الترويج للقيم والثقافة الأمريكية، إلى تراجع فى القيادة العالمية. وقد ترك هذا الانسحاب فراغًا تسعى الصين جاهدةً لملئه، مستخدمةً مبادرة الحزام والطريق وغيرها من الجهود الدبلوماسية لكسب النفوذ فى آسيا وخارجها.

كان التأثير النفسى على الحلفاء عميقًا. فعلى سبيل المثال، أعرب وزير الدفاع السنغافورى عن أسفه لتحول الولايات المتحدة من "محرر" إلى "مُخرب كبير"، بينما أعرب رئيس الوزراء الأسترالى السابق مالكولم تورنبول عن مخاوفه من أن قيم الولايات المتحدة لم تعد تتوافق مع قيم أستراليا. تتزايد شيوع هذه المشاعر فى منطقة كانت تعتبر الولايات المتحدة شريكًا لا غنى عنه.

تنظيم الصفوف

ردًا على تحوّل دور الولايات المتحدة، تتجه العديد من الدول الآسيوية نحو الصين للتجارة والاستثمار، حتى أن بعضها يناقش اتفاقيات تجارية جديدة قد تستبعد الولايات المتحدة. ويُعدّ سعى الصين للانضمام إلى اتفاقية الشراكة الشاملة والتقدمية عبر المحيط الهادئ (CPTPP)، وجهودها للتنسيق مع كوريا الجنوبية واليابان بشأن اتفاقية تجارية ثلاثية، من المؤشرات الرئيسية على هذه الديناميكية الإقليمية الجديدة. إن النفوذ الاقتصادى للصين، إلى جانب توسع نفوذها العسكري، يضعها فى موقع اللاعب الأهم فى منطقة آسيا والمحيط الهادئ، مما يُبقى الولايات المتحدة مهمّشة بشكل متزايد.

بالإضافة إلى ذلك، فإن تزايد احتمالية التخلى عن الدولار الأمريكى فى التجارة الدولية يُقوّض الهيمنة المالية العالمية للولايات المتحدة بشكل أكبر. ومع سعى البلدان إلى إيجاد بدائل للدولار، وخاصة فى تعاملاتها مع الصين، فإن نفوذ الولايات المتحدة فى آسيا قد يتضاءل بشكل أكبر.

عواقب استراتيجية 

أحدثت سياسات ترامب مفارقة فى آسيا. ففى حين أن موقف إدارته المتشدد ضد الصين قد زاد من حدة التنافس بين الولايات المتحدة والصين، إلا أنه دفع أيضًا العديد من الدول الآسيوية إلى التقارب مع الصين اقتصاديًا ودبلوماسيًا. ومن خلال تقويض العلاقات التجارية والقوة الناعمة، ومطالبة حلفائها بالمزيد من الإنفاق الدفاعي، أضعف ترامب، دون قصد، مكانة الولايات المتحدة فى المنطقة. ومع استمرار الصين فى تعزيز نفوذها، تُخاطر الولايات المتحدة بالتهميش فى منطقة آسيا والمحيط الهادئ، حيث يتزايد عدم اليقين بشأن دورها كشريك اقتصادى وأمنى رائد.

لكى تستعيد الولايات المتحدة مكانتها فى آسيا، يجب عليها إعادة تقييم نهجها، والانتقال من التعريفات الجمركية والمواجهة إلى استراتيجية أكثر توازنًا تُعيد إشراك المنطقة من خلال التعاون الاقتصادي، والاتفاقيات التجارية متعددة الأطراف، والالتزامات الأمنية الثابتة. إذا لم يحدث هذا التحول، فقد تجد الولايات المتحدة نفسها فى دور متضائل، مع هيمنة الصين الراسخة على مستقبل آسيا.

*فورين بوليسى

مقالات مشابهة

  • ترامب: الولايات المتحدة تقترب من إبرام اتفاق تجاري مع اليابان
  • ترامب يتوقع إبرام اتفاقات تجارية مع شركاء الولايات المتحدة خلال شهر
  • لافروف: روسيا لا تستطيع الكشف عن تفاصيل محادثات أوكرانيا مع الولايات المتحدة حتى اكتمالها
  • الولايات المتحدة تشن سلسلة من الغارات على مناطق متفرقة في اليمن
  • الرئيس الصيني يعلن عن خطة للاقتصاد الصيني لمواجهة تأثير الحرب التجارية مع الولايات المتحدة
  • الولايات المتحدة تكشف تفاصيل جديدة بشأن الانفجار الذي وقع قرب موقع تراث عالمي في صنعاء
  • ترامب: حلف الناتو ضعيف من دون الولايات المتحدة
  • لتعزيز آفاق التعاون.. الرئيس التنفيذي لوكالة الفضاء المصرية يلتقي السفيرة الأمريكية
  • تداعيات معارك ترامب.. الولايات المتحدة تواجه خطر فقدان نفوذها في القارة مع توسّع نفوذ الصين
  • فورين بوليسي: البحرية الأمريكية و"لعبة الخلد" مع الحوثيين في اليمن (ترجمة خاصة)