موقع 24:
2025-02-04@17:11:11 GMT

لم ينتصر القتلى في غزة

تاريخ النشر: 25th, January 2025 GMT

لم ينتصر القتلى في غزة

"لقد نجونا من القتل”. تلك هي الجملة المضمرة التي تمر على ألسنة أهل غزة من غير أن يوليها الإعلام العربي اهتماما خشية أن يُتهم بمحاباة إسرائيل ومجرمها بنيامين نتانياهو. غير أنها فلتت من ذلك الإهمال المبتذل غير مرة.

يوم الأحد الماضي وما أن أُعلن عن وقف إطلاق النار خرج مسلحو حماس من الأنفاق إلى الشوارع ليحتفلوا بنصرهم.

لا أحد من أهل غزة سيكلف نفسه مشقة سؤالهم “أين كنتم؟ وعلى مَن انتصرتم؟” لا لأنه يعرف الجواب، بل وأيضا لأنه يعرف أن بقاءه حيا لا يعني لهم شيئا. كان من المناسب أن يحتفل أهل غزة بالنصر الذي هو في حقيقته نصر الآخرين عليهم. انتصر الطرفان المتحاربان عليهم.
من المؤكد أن حماس لم تنتصر على إسرائيل التي تشير كل الوقائع على الأرض إلى أن نبيها الجديد نفّذ لها كل ما ترغب فيه من صور الهلاك والفتك بأعدائها. في المقابل فإن حماس لم تُهزَم والدليل على ذلك أن الإعلام العربي سلط الضوء على عدد من الأسيرات المحررات وتناسى أن الثمن كان 50 ألف قتيل و100 ألف جريح ومعاق و10 آلاف مفقود تحت الأنقاض ومدن مهدمة تبلغ كلفة إعمارها أموالا طائلة لن يصل منها إلى غزة إلا الأقل الشحيح.

من داخل ثقافة الهزيمة العربية يمكن أن نلتقط شخصين كانا ماهرين في صناعة الهزيمة غير أن ردود أفعالهما كانت مختلفة. يقف جمال عبدالناصر على ضفة، فيما يقف صدام حسين على ضفة أخرى. حين انكسرت مصر عام 1967 خرج عبدالناصر على المصريين والعرب ليعترف بمسؤوليته عن الهزيمة، أما حين انكسر العراق في حرب تحرير الكويت عام 1991 فإن صدام حسين خرج على العراقيين والعرب وهو يردد: “يا محلا النصر بعون الله”. أطلق العراق رسمياً على تلك الحرب اسم “أم المعارك”. حتى تسمية “حرب الخليج الثانية” كان ممنوعا تداولها بين العراقيين. يُحسب لعبدالناصر أنه لم يعتبر بقاءه حياً واستمرار نظامه نصراً في حين اعتبر صدام أن بقاءه حياً بعد أن تسبب في مقتل أكثر من ربع مليون جندي عراقي على ما سُمّي بطريق الموت نصراً. لو كان حسن نصرالله حياً اليوم لما تمكن اللبنانيون من تجاوز عقبته منتصراً على الرغم من كل الخراب المادي والخسائر البشرية التي دفعها لبنان.
واقعياً دفع الشعب العراقي ولا يزال يدفع ثمن هزيمة رجل هُزم غير أنه انتصر عليه وبإرادة دولية. وبسبب تلك الفكاهة السوداء لا يزال العراق يعيش واقعا مهشما ومهمشا. لا هو دولة مواطنة وليس لدى أبنائه قناعة بأنه سيستمر موجودا. السؤال نفسه يمكن أن يحيط بأهل غزة الذين انقطعت صلتهم بفلسطين منذ حوالي عقدين وجاءت مغامرة حماس لتكرس هزيمتهم الروحية. فهم أحياء، ولكن لا قيمة لحياتهم إلا بما يكرّس انتصارا لحماس التي لا يملك أفرادها سوى السلاح الفردي لغة لعلاقتهم بالمجتمع الذي فرت أرواح عشرات الألوف منهم إلى السماء. لا يتوقع من حماس أن تنتبه إلى أن هناك مجتمعا منكوبا. كان انتظار وقف إطلاق النار موعدا مع النصر. ذلك ما كان نتانياهو يخشاه وهو يفكر بصبيانية لا تختلف عن النزق غير المسؤول الذي يحيط بسلوك الطرف المقابل.
كل حديث مجاني عن نصر في غزة، إنما هو محاولة للتغطية على جريمة إسرائيل. ذلك ما لا يمكن القبول به. لقد مارست إسرائيل عمليات إبادة منظمة في غزة لذلك لا يمكن القبول بالمشهد الذي يظهر أهلها منتصرين. لم ينتصر القتلى ولا المعاقون ولا الجرحى ولا المفقودون الذين تم دفنهم تحت أنقاض بيوتهم. قتلوا وهم على يقين من أن قاتلهم يعرف جيدا أن لا علاقة لهم بالحرب. ينبغي عدم تطريز جريمة إسرائيل بهلاهل النصر الوهمي. أما الأحياء من أهل غزة فلطالما تمنوا الموت بسبب ما عاشوه من ذل وهوان وجوع وهلع وتشريد.
أما صفقة تبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل فلا ينبغي النظر إليها باعتبارها مكافأة للطرف الذي تسبب بقيام الحرب كما لو أنه حقق هدفه منها. ليس من الإنصاف أن تتعرض غزة لعدوان إسرائيلي مدمر استمر لمدة سنة وثلاثة أشهر و14 يوماً، من أجل أن يُطلق سراح بضعة مئات من الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية. لو خُير الأسرى بين استمرارهم في السجن وتدمير غزة وسحق سبل الحياة فيها لاختاروا السجن. هناك اليوم محاولة بائسة لتسويق فكرة الانتصار من خلال توجيه الأنظار إلى الأسيرات الفلسطينيات المحررات وحكاياتهن لا لشيء إلا رغبة في الانتهاء من الحكاية الأصلية التي تنطوي على ضرورة مساءلة المسؤول عما جرى وتقديمه إلى المحاكمة إن كانت هناك محاكم فلسطينية.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: اتفاق غزة سقوط الأسد عودة ترامب إيران وإسرائيل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية اتفاق غزة أهل غزة غیر أن

إقرأ أيضاً:

قادمين من مصر.. وصول أسرى أفرجت عنهم إسرائيل إلى هذه الدولة

قال مكتب إعلام الأسرى التابع لحركة حماس إن 15 من بين عشرات السجناء الفلسطينيين الذين أفرجت عنهم إسرائيل بموجب اتفاق وقف إطلاق النار في غزة وصلوا إلى تركيا الثلاثاء قادمين من مصر التي تم ترحليهم إليها.

وهذه أول دفعة من الفلسطينيين تستقبلهم دولة ثالثة غير مصر بموجب شروط وقف إطلاق النار بمنع السجناء الذين أدانتهم إسرائيل بارتكاب هجمات عنيفة من العودة إلى الأراضي الفلسطينية.

وقال مصدر أمني تركي إن من المقرر وصول 15 سجينا فلسطينيا عبر مصر، لكنه لم يذكر تفاصيل أخرى.

وأطلقت حماس سراح 18 رهينة وأفرجت إسرائيل في المقابل عن 583 سجينا فلسطينيا، تم إرسال 79 منهم على الأقل إلى مصر، في المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار.

وذكرت مصادر من حماس أن سجناء آخرين ربما يتوجهون أيضا إلى الجزائر أو قطر.

ومن المتوقع أن يلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في البيت الأبيض، الثلاثاء، لمناقشة ملفي غزة وإيران.

وشنت حماس هجوما على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023 قالت إحصاءات إسرائيلية إنه أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز أكثر من 250 رهينة.

وردت إسرائيل على هجوم حماس بشن حملة عسكرية على غزة أسفرت عن مقتل أكثر من 47 ألف فلسطيني وتدمير أجزاء كبيرة من القطاع.

مقالات مشابهة

  • صحف عبرية: إسرائيل قد تطلب مغادرة قادة "حماس" من قطاع غزة
  • «ترامب» يستقبل «نتنياهو».. ماهي «إسرائيل الصغيرة» التي تحدّث عنها؟
  • قادمين من مصر.. وصول أسرى أفرجت عنهم إسرائيل إلى هذه الدولة
  • مفاوضات وقف إطلاق النار.. "حماس" تتهم إسرائيل بـ"المماطلة"
  • فرانشيكا ألبانيز: الأوضاع في غزة كارثية بسبب الإبادة الجماعية التي ارتكبتها إسرائيل
  • عاجل | لوبينيون الفرنسية عن رئيس الجزائر: مستعدون لتطبيع العلاقة مع إسرائيل في نفس اليوم الذي ستكون فيه دولة فلسطينية
  • ‏حماس تطالب الوسطاء بإلزام إسرائيل بإدخال مواد الإغاثة التي نص عليها اتفاق غزة ووقف الانتهاكات
  • حازم عمر: صفقة الهدنة الحالية بغزة تطبيق حرفي لوثيقة مايو 2024 التي رفضتها إسرائيل
  • إسرائيل: المفاوضات مع حماس عبر مصر وقطر وليس واشنطن
  • “قبور للأحياء”: الحالة الصحية التي يخرج بها المعتقلون الفلسطينيون من سجون إسرائيل تعكس تعذيبًا وتجويعًا ممنهجًا