عن تجربة نواف سلام مع أمراء الطوائف
تاريخ النشر: 25th, January 2025 GMT
كتب علي العزيز في" النهار": بإمكان تجربة تشكيل الحكومة التي يخوضها الرئيس نواف سلام أن تكشف الكثير من الحقائق المتصلة بالتركيبة اللبنانية. وأن تثبت أن أهلها يحيطون بالكثير من المسائل العالقة والمعيقة في صيغة الحكم، ويعترفون بكونها مسؤولة عن فشل سياساتهم، لكنّهم لا يدارون حرصهم عليها، وتمسكهم بها. ومجاهرتهم بكونها تمثل، بالنسبة إليهم، خطوطاً دفاعية تمنعهم من السقوط.
يقدم أحدهم قراءة تحليلية لموقف الرئيس المكلف فيكشف أنه يواجه التركيبة السلطوية بمختلف تجلياتها، هو لا يجاري الثنائي الشيعي في إصراره على حقيبة المالية، ولا القوات اللبنانية في افتراضها أنها شريكة في النصر على "حزب الله"، ولا يتوافق مع "التيار الوطني الحرّ" في اعتبار تسميته له، في الاستشارات الملزمة. حتى انه لا يتفق مع أبناء طائفته السنية في مشروعيه حصولهم على حقيبة سيادية. كما أنه لا يبدي حرصاً على نيل بركة مفتي الجمهورية، بوصفه مرجعه الروحي، فيحجم عن زيارته كما اعتاد أمثاله أن يفعلوا، ولا يتردد في الحديث عن قانون جديد للأحوال المدنية، وعن فصل الدين عن الدولة.
بالرغم أن المواصفات السابقة هي ممّا يندر توافره في أيّ شخصية سياسية لبنانية، وأن من شأنها بالتالي أن تجعل من نواف سلام الخيار الأمثل بالنسبة لكل اللبنانيين الطامحين إلى لبنان الوطن في موازاة المزرعة القائمة، إلا أن التحليل يهدف إلى الإثبات بأن الرجل هو مجرد حالم تعوزه الواقعية، وأنه أحد العابرين في سياق التسويات الإقليمية والدولية، وأنه مكلف بملء الفراغ في الوقت المستقطع المفروض بإرادة خارجية. برأي المحلل، وهو مدافع طليعي عن خيارات أحد أفرقاء السلطة المهيمنة، لا يتعدى نواف سلام أن يكون مجرد عنصر غريب عصي على الاندماج مع النسيج السلطوي السائد. فهو، ومهما امتلك من مقومات الفرادة والتميز، يبقى أقرب إلى غصن مقطوع من أيّ شجرة طائفية تمدّه بأسباب الحياة في ظل المناخ المهيمن.
صلافة التحليل تحرض على استعادة المقولة التي تتقاطع عندها كل أحاديث جماعة السلطة، وتجمع عليها فلولهم الإعلامية: "في لبنان لا يمكن لأحد أن يلغي أحداً". لكنّها تسمح باستنباط دلالتها الصحيحة والعميقة أيضاً، هي تعني أنه ليس بوسع محمية طائفية أن تقصي مثيلتها عن حفل اقتسام الجبنة. وإن تكن اللحظة التاريخية تغوي أحياناً بتعزيز حصة واحدة منها على حساب أخرى. لكن العبارة المأثورة لا تشمل أولئك المنفيين من جنة التعايش الطائفي، ممن يرون في نواف سلام معبراً عنهم، وحاملاً لهواجسهم. مثل هؤلاء يجري إلغاؤهم دون الاعتراف بهم حتى كضحايا. بوسع المقولة الرائجة أن تكتسب، في سياق تجربة نواف سلام، مدلولاً إضافياً، مفاده أنّ إلغاء لبنان بكليته أسهل على أمراء الطوائف من التنازل عن حفنة، مهما كانت ضئيلة، من امتيازاتهم.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: نواف سلام
إقرأ أيضاً:
مقتل أكثر من 12 في اشتباكات طائفية في سوريا
دمشق - الوكالات
قال رجال إنقاذ ومصادر أمنية إن أكثر من 12 شخصا قتلوا في بلدة ذات أغلبية درزية قرب العاصمة السورية دمشق اليوم الثلاثاء في اشتباكات اندلعت بسبب تسجيل منسوب لرجل درزي يسب النبي محمد مما أثار غضب مسلحين سنة.
ومثلت الاشتباكات أحدث حلقة من العنف الطائفي الذي يتسبب في سقوط قتلى بسوريا، حيث تزايدت المخاوف بين الأقليات منذ أن أطاح مقاتلو المعارضة المسلحة بقيادة إسلاميين بالرئيس السابق بشار الأسد من السلطة في ديسمبر كانون الأول وشكلوا الحكومة.
وتزايدت هذه المخاوف بعد مقتل المئات من العلويين في شهر مارس آذار الماضي، فيما يبدو أنه انتقام لهجوم شنه موالون للأسد.
وقالت مصادر أمنية إن الاشتباكات بدأت ليلا عندما تجمع مسلحون من بلدة المليحة القريبة ومناطق أخرى ذات أغلبية سنية في بلدة جرمانا ذات الأغلبية الدرزية الواقعة جنوب شرقي دمشق.
وبحسب عمال إنقاذ محليين، أسفرت الاشتباكات التي استخدمت فيها أسلحة صغيرة ومتوسطة عن مقتل 13 شخصا.
وقال المسؤول الإعلامي في وزارة الداخلية مصطفى العبدو إن من بين القتلى اثنان من عناصر جهاز الأمن العام السوري، وهي قوة أمنية جديدة تضم في معظمها مقاتلين سابقين في المعارضة.
ونفى العبدو أن يكون مسلحون قد هاجموا البلدة، وقال إن مجموعات من المدنيين الغاضبين من التسجيل الصوتي نظمت احتجاجا تعرض لإطلاق نار من قبل مجموعات درزية.
وقالت وزارة الداخلية في بيان إنها تعمل على "تحديد هوية مصدر الصوت" في التسجيل ودعت إلى الهدوء، وحثت المواطنين على "الالتزام بالنظام العام وعدم الانجرار إلى أي تصرفات فردية أو جماعية من شأنها الإخلال بالأمن العام أو التعدي على الأرواح والممتلكات".
وذكرت في بيان صدر لاحقا "شهدت منطقة جرمانا اشتباكات متقطعة بين مجموعات لمسلحين، بعضهم من خارج المنطقة وبعضهم الآخر من داخلها، وقد أسفرت هذه الاشتباكات عن وقوع قتلى وجرحى، من بينهم عناصر من قوى الأمن المنتشرة في المنطقة".
وقال مصدر أمني سوري إن شيوخا من الدروز اجتمعوا مع قوات الأمن في محاولة لمنع المزيد من التصعيد.
وقال الشيخ يوسف جربوع إن ما صدر عن قلة من الأفراد بحق النبي محمد لا يمثل إلا أنفسهم وهو مرفوض من قبل الدروز والمجتمع كله، داعيا الطائفتين إلى رفض محاولات تأجيج الانقسامات الطائفية.
وقسمت الحرب السورية التي استمرت قرابة 14 عاما البلاد إلى مناطق نفوذ مختلفة، حيث تسلح الدروز -وهم أقلية عربية يعتنقون مذهبا إسلاميا- للدفاع عن بلداتهم.
وتدعو الإدارة السورية الجديدة التي يقودها إسلاميون إلى وضع جميع الأسلحة تحت سلطتها، لكن المقاتلين الدروز يعارضون ذلك قائلين إن دمشق لم تضمن حمايتهم من المسلحين المعادين.
واتهم شيوخ الطائفة الحكومة بالفشل في منع هجوم اليوم الثلاثاء وحذروا من أنها ستتحمل مسؤولية أي تداعيات مستقبلية.
وقال ربيع منذر، وهو ناشط درزي محلي في جرمانا، لرويترز إن السلطات مسؤولة عن حفظ الأمن.
وقالت إسرائيل إنها مستعدة للتدخل في سوريا لحماية الدروز الذين يعيش الآلاف منهم في إسرائيل وفي هضبة الجولان التي تحتلها منذ أن استولت عليها من سوريا في حرب الأيام الستة عام 1967.