قبل 3 أيام فقط من موعد تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب وبينما كانت روسيا وإيران تستعدان لمواجهة تداعيات عودته إلى البيت الأبيض وقّع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الإيراني مسعود بيزشكيان اتفاقية شراكة استراتيجية مدتها 20 عاما أثارت التساؤلات حول دوافع التوقيع عليها والمتغيرات التي يمكن أن تحدثها في المشهد الدولي.

الثورة/ أبو بكر عبدالله

 

في مفترق تحولات جيوستراتيجة ينتظرها العالم بعد تقلد الرئيس الأميركي دونالد ترامب كرسي الرئاسة في البيت الأبيض، استبقت موسكو وطهران فعالية التنصيب بتوقيع اتفاقية شراكة استراتيجية جاءت في 47 مادة، غطت مختلف مجالات التعاون السياسي والاقتصادي والعسكري والدبلوماسي وآليات التنسيق المشترك في المحافل الدولية والتعاون الثنائي والمتعدد الأطراف، ضمن مبادئ شاملة يتوقع أن تشكل أساسا جديدا للعلاقات المتقلبة بين البلدين خلال الفترة القادمة.

الاتفاقية الموقعة لم تكن وليدة اللحظة الراهنة، إذ كانت مدى السنوات الماضية محور مباحثات طويلة بين البلدين بدأت في عهد الرئيس السابق حسن روحاني (2013-2021) واستمرت في عهد خلفه إبراهيم رئيسي (2021-2024) قبل أن يكمل إجراءات توقيعها الرئيس مسعود بيزشكيان.

لكن الجديد فيها أنها رفعت مستوى العلاقات بين موسكو وطهران من المستوى المتذبذب وغير المستقر الذي وسم علاقتهما في السنوات الماضية إلى أفق الشراكة الاستراتيجية خصوصا وهي ركزت على قضايا تعاون ثنائي تعد مهمة للبلدين اللذين يعانيان من مشاكل كبيرة في ملف علاقاتهما الخارجية ويخضعان لعقوبات دولية صارمة.

أبرز ما تضمنته الاتفاقية التي حُدد مداها الزمني بـ 20 سنة، هو التأكيد على امتناع الجانبين عن الانضمام إلى أي عقوبات تفرضها دول الثالثة على أي من الدولتين، وضمانهما عدم تطبيق التدابير القسرية الأحادية الجانب، وقيام البلدين بشكل مشترك بمنع تدخل دول ثالثة في الشؤون الداخلية والخارجية لبعضهما البعض وعدم تقديم مساعدة عسكرية لأي دولة تتصرف كمعتدية على أي من الدولتين.

وأضافت الاتفاقية الموقعة إشكالاً جديدة للتعاون من أجل إنشاء بنية تحتية للدفع مستقلة الهيمنة الاقتصادية الأميركية، والاستعداد لتطوير التعاون في صناعات تعدين الذهب والألماس والمجوهرات، وتوسيع التعاون في قطاع النفط والغاز، فضلا والتنسيق المشترك بين البلدين من اجل تعزيز السلام والأمن في منطقة بحر قزوين وآسيا الوسطى ومنطقة القوقاز والشرق الأوسط.

والأكثر من ذلك فقد غطت الاتفاقية الموقعة أكثر من 30 مجالاً للتعاون، من السياسة والاقتصاد إلى التكنولوجيا والأمن إلى التعاون في مجالات الدفاع والتجارة والطاقة والنقل وكذلك الزراعة والثقافة والعلوم والتكنولوجيا والتعاون المخابراتي في مكافحة الإرهاب في أوسع تعاون يحصل في تاريخ العلاقات بين البلدين.

من زاوية سياسية يمكن القول إن توقيع الاتفاقية مثل إنجازا مهما لكل من موسكو وطهران خصوصا وهو جاء في وقت كان فيه العالم يراقب حصول تدهور دراماتيكي في العلاقات بين البلدين على خلفية التجاذبات بشأن الطرف المسؤول عن السقوط المفاجئ للنظام السوري، والتي كللتها مؤخرا تصريحات عسكريين إيرانيين اتهمت موسكو بالخيانة والخديعة بعد إغلاقها جميع أنظمة الرادار وسماحها للطائرات الإسرائيلية ضرب مركز المعلومات والسيطرة الذي كان يدير القوات الإيرانية في سوريا.

وفي حين كانت التوقعات ترجح حصول تدهور شامل في علاقات التنسيق والتعاون التي ربطة البلدين خلال السنوات الماضية في سوريا، جاء توقيع الاتفاقية ليحمل رسالة قوية، بانفراط الرهانات، وانتقال العلاقات بين البلدين إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية بما يؤهلهما للعمل معا لمواجهة العديد من الملفات الساخنة في حقبة زمنية تعج بالأزمات والحروب.

تقاطعات حرجة

رغم الأهمية الحيوية للاتفاقية الموقعة، إلا أن التوقعات التي أفرطت في التفاؤل بأن تتضمن بنودا تنص على الدفاع المشترك، وبناء أسس لتكتل عسكري جديد، أشاعت خيبة امل لدى كثيرين في موسكو وطهران، خصوصا وان الجميع كان ينتظر اتفاقية تنقل التعاون العسكري والدفاع إلى مستويات متقدمة تنخرط فيها موسكو وطهران في آليات دفاع مشترك لمواجهة التحديات الأمنية المحدقة.

وبدا أن خلو الاتفاقية من البعد الاستراتيجي الدفاعي والعسكري، كان مخططا من جانب موسكو وطهران، فالأخيرة سعت من خلال التوقيع على هذه الاتفاقية قبيل تقلد الرئيس الأميركي دونالد ترامب كرسي الرئاسة توجيه رسالة بإمكان تخلي التيار الإصلاحي الذي يقوده بيزشكيان ونائبه الإصلاحي جواد ظريف عن توجهاتهما المعلنة بالتقارب مع والولايات المتحدة والغرب، في حين أرادت روسيا، وفقا لتصريحات الرئيس بوتين، إضافة زخم جديد إلى نطاق التعاون الكامل مع طهران من خلال تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية الهادفة إلى تقليل آثر العقوبات الدولية.

ومعلوم أن موسكو ظلت لسنوات طويلة حذرة من مسألة بناء علاقات استراتيجية شاملة مع إيران، تحسبا من أن يقود ذلك إلى تدهور في علاقاتها مع دول إقليمية رئيسية مثل تركيا والسعودية ودولة الكيان ومعظم الدول الغربية، والترحيب بهذه الاتفاقية كان له ما يبرره، ولا سيما في ملف الشراكة الاقتصادية مع طهران، لدعم مشروعها في بناء مسار تجاري يمتد من إيران إلى الهند تراهن موسكو على أن يقود إلى تخفيف وطأة العقوبات الغربية المفروضة عليها.

وخلافا للعلاقات الحذرة التي وسمت العلاقات بين موسكو وطهران خلال العقود الماضية، فقد تطورت العلاقات بين البلدين منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية ولا سيما بعد تزويد طهران موسكو بمئات الطائرات الهجومية المسيرة والذخائر التي لعبت دورا مهما في تعويض التناقص الكبير في المخزون الروسي من الأسلحة والذخائر.

زاد من ذلك إصرار طهران على إدارة ظهرها للولايات المتحدة والغرب واتجاهها نحو روسيا لتعزيز قدراتها العسكرية والدفاعية بالحصول على أنظمة دفاع جوي روسية متطورة لحماية منشآتها العسكرية والنووية من الهجمات الغربية المحتملة، والحصول على مقاتلات روسية متطورة لتحديث قواتها الجوية التي تعاني من مشكلات عميقة بسبب العقوبات الدولية المفروضة عليها منذ عقود.

البعد العسكري

محدودية التعاون العسكري والدفاعي في اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الموقعة لم يكمن مفاجئا، فقد استبقت موسكو الإعلان عن ذلك بإعلان وزير خارجيتها سيرغي لافروف، أن الاتفاقية ستشمل التزامات بتعزيز التعاون الدفاعي بين البلدين، لكنها لن تتضمن تعهداً بالدفاع المتبادل في إشارة إلى الاتفاقية الأخيرة التي وقعتها روسيا مع كوريا الشمالية.

هذه التوجهات تُرجمت حرفيا في نص الاتفاقية الموقعة التي اكتفت ببنود على شكل تعهدات من جانب روسيا وإيران بعدم تقديم مساعدة عسكرية أو لوجستية لأي دولة تتصرف كمعتدية على الأخرى مع التأكيد على ضرورة أن تتصرف الأطراف المتنازعة وفقا لقواعد القانون الدولي وأن تعمل كل دولة على منع استمرار العدوان، وتساعد في ضمان حل الخلافات التي نشأت على أساس ميثاق الأمم المتحدة وقواعد القانون الدولي.

الحال كذلك مع تعهدات البلدين بضمان عدم تطبيق التدابير القسرية الأحادية الجانب التي تستهدف بشكل مباشر أو غير مباشر أيا من الدولتين، وعدم المشاركة في العقوبات التي قد تفرض على أي من الدولتين.

هذه الصيغة كانت طبيعية ومتوقعة، فروسيا ليست في وضع يمنحها مساحة لتوقيع اتفاقيات عسكرية دفاعية أو الإعلان عن التزامات عسكرية ودفاعية ثنائية في حالة الحرب، كما حدث مع الاتفاقيات الموقعة مع كوريا الشمالية وبيلاروسيا، كما أن وضعها الحرج حاليا ليس في وارد توقيع اتفاقيات تعاون في المجال النووي وخصوصا مع إيران الغارقة في إشكاليات دولية واسعة على صلة بملفها النووي.

وتجنب روسيا ذلك عكس إدراكها أن التوقيع على اتفاقيات من هذا النوع لن يقدم لها أي فوائد قدر ما سيزيد من حجم العزلة المفروضة على روسيا وأكثر من ذلك زيادة مستوى التوتر بينها والمجتمع الدولي ولا سيما في شرق أوروبا وآسيا الوسطى ومنطقة الشرق الأوسط،

حسابات أحادية

يسهل للمراقب أن يلمح أن الاتفاقية الموقعة بنيت على أساس أحداث تطوير مرحلي محدود للعلاقات بين البلدين يراعي الحسابات الروسية والإيرانية على صعيد ملف العلاقات الخارجية للبلدين.

ويمكن الإشارة إلى مجموعة عوامل ساهمت في دفع موسكو وطهران للمضي قدما باتفاقية الشراكة الاستراتيجية الموقعة، يتصدرها من جانب روسيا وإيران توجيه رد مشترك إلى واشنطن التي كانت انتهت للتو من التوقع على معاهدة شراكة استراتيجية مع أرمينيا أبدت موسكو وطهران خشيتهما من أن تقود إلى تعزيز الحضور الأميركي العسكري والمخابراتي للولايات المتحدة في جنوب القوقاز.

يضاف إلى ذلك أن البلدين ربما رغبا، في صناعة حدث كبير يشير إلى تحسن كبير في العلاقات بينهما بعد خسائر النفوذ التي منيت بها كل من موسكو وطهران من جراء الانهيار المفاجئ لنظام بشار الأسد في سوريا.

والمؤكد أن موسكو لم ترغب حتى اليوم ببناء شراكة عسكرية ودفاعية مع دولة تعيش أصداء حرب وشيكة مع المجتمع الدولي، في مقابل حرصها بالمحافظة على نسق مستقل في الخلافات بينها والولايات المتحدة يتجنب المزيد من التعقيد في العلاقات المتوترة بين البلدين.

غير بعيد عن ذلك الحسابات الروسية تجاه علاقاتها المستقبلية مع الدول العربية التي تتسم علاقاتها بطهران بعدم الودية أو العدائية، في ظل شبه إجماع بأن توقيع روسيا أي اتفاق شراكة استراتيجية في المجال الدفاعي مع طهران في الوقت الراهن، سيخلق حالة عداء واسعة لروسيا في معظم دول الشرق الأوسط التي تشعر أنها مستهدفة وخصوصا الدول التي تعادي إيران عقائديا.

والمنحى الروسي في الاتفاقية الموقعة مع طهران لم يغفل تحولات سياسية منتظرة من الإدارة الأميركية الجديدة تجاه الملف الأوكراني، فالتوقيع على الاتفاقية جاء قبل 3 أيام فقط من تنصيب الرئيس دونالد ترامب مقاليد الحكم في البيت الأبيض، وهو الذي تعهد مرارا وتكرارا باتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه إيران وإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا.

وبالنسبة للتيار الإصلاحي الفائز بالانتخابات في إيران فقد بدا أنه لا يفكر حاليا ببناء علاقات استراتيجية قوية مع روسيا التي تعيش حالة خصومة وعداء مع الولايات المتحدة والغرب، وهو امر أرغم طهران على جعل سقف العلاقات مع الدولة الروسية محدودا، على أمل أن تأتي تغييرات سياسية وجيوستراتيجية تذهب بطهران إلى فتح صفحة جديدة مع الولايات المتحدة الأميركية والغرب بصورة عامة.

والثابت أن مبدأ الشراكة الاستراتيجية في مجالات الدفاع المتبادل، امر يصعب التكهن بقبوله من جانب طهران بالنظر إلى التباين العقائدي بين البلدين، والذي قد يمنع إيران من المشاركة في حروب دفاعا عن شعب يختلف معها في العقيدة.

وفقا لذلك لم يكن مفاجئا أن تأتي اتفاقية الشراكة بين موسكو وطهران، على قاعدة « مالا يدرك كله لا يترك كله».

ولعل الترحيب الإيراني بالاتفاقية ركز بصورة أكبر على البنود المتعلقة بمواجهة التحالفات الخارجية وعدم المشاركة في أي عقوبات دولية أو عدون خارجي عليها وهو جل ما املته طهران من اتفاقيتها الموقعة مع موسكو في ظل الإجماع الحاصل لدى إدارة ترامب، على استعادة سياسة «الضغط الأقصى» على إيران وفرض سلسلة واسعة من العقوبات عليها في الخمسية الترابية القادمة.

المصدر: الثورة نت

كلمات دلالية: الشراکة الاستراتیجیة العلاقات بین البلدین الاتفاقیة الموقعة شراکة استراتیجیة روسیا وإیران موسکو وطهران دونالد ترامب من الدولتین طهران من مع طهران من جانب

إقرأ أيضاً:

بين عناد كييف واشتراط موسكو.. ما موقف روسيا من السلام والحرب؟

موسكو- بدأ موضوع مفاوضات السلام بين روسيا وأوكرانيا، الذي كان قد تراجع إلى الخلف بسبب "الحروب الجمركية"، يعود بسرعة إلى جدول الأعمال.

فمنذ أيام، بدأت الصحافة الغربية تنشر معلومات "من الداخل" حول كيفية سير المفاوضات لإنهاء الأعمال العدائية والشروط التي يطرحها طرفا النزاع.

وأثارت مقالة نشرتها صحيفة فايننشال تايمز، في 22 من أبريل/نيسان الجاري، ضجة كبيرة، حيث زعمت أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اقترح على الولايات المتحدة وقف الأعمال العسكرية على طول خطوط المواجهة الحالية.

لكن الكرملين رد بسرعة على هذه المعلومات على لسان المتحدث باسمه، ديمتري بيسكوف، بقوله "هناك الكثير من الأخبار المزيفة التي يجري نشرها الآن ومن مصادر محترمة، لذلك يجب الاستماع فقط إلى المصادر الأصلية".

"العرض الأخير"

يأتي ذلك بينما تجري مناقشات مكثفة لتفاصيل "العرض الأخير" للسلام الذي قدَّمته واشنطن إلى كييف في 17 أبريل/نيسان، وينتظر البيت الأبيض الرد عليه.

وقال نائب الرئيس الأميركي جيه دي فانس إن أميركا قدَّمت لروسيا وأوكرانيا "اقتراحا واضحا للغاية للتوصل لاتفاق سلام، ويجب على الطرفين الآن إما قبوله وإما مواصلة عملية التفاوض دون الولايات المتحدة"، ناصحا طرفي النزاع بـ"وضع أسلحتهما، وتجميد الصراع، والاتجاه نحو بناء بلديهما".

إعلان

وزعمت وسائل الإعلام الغربية أن العرض الروسي جاء خلال اللقاء بين الرئيس الروسي والمبعوث الخاص للرئيس الأميركي دونالد ترامب في 11 أبريل/ نيسان الجاري واستغرق أكثر من 4 ساعات.

وحسب الكرملين، كان الموضوع الرئيسي للمفاوضات هو تسوية الصراع الأوكراني، دون الكشف عن مزيد من التفاصيل.

الكرملين: الصراع في #أوكرانيا سينتهي فورا إذا سحبت كييف قواتها من المناطق الأربع المنصوص عليها في دستورنا pic.twitter.com/wS3OVDgsZ0

— قناة الجزيرة (@AJArabic) April 23, 2025

مصالح روسيا

ويرى الباحث في النزاعات الدولية فيودور كوزمين، أن الهدنة التي أعلنتها موسكو في عيد الفصح كانت خطوة في سياق البحث عن حل سلمي للصراع الأوكراني لكنها لم تلق الرد "المناسب" من كييف، وبالتالي من غير الممكن اليوم التنبؤ بما إذا كانت المفاوضات التي بدأتها الولايات المتحدة بين موسكو وكييف ستؤتي ثمارها.

ويقول كوزمين للجزيرة نت، إنه في حال واصلت كييف موقف "العناد" ولم تتوصل لإبرام اتفاق مع موسكو، فقد تتوقف واشنطن عن "خدماتها" كوسيط، وتتخذ -ردا على ذلك- مواقف متشددة تجاه أوكرانيا.

ويتابع أن روسيا من خلال إجراء العملية التفاوضية، تعلم مُسبقا أن أوكرانيا غير مستعدة للسلام بأي شكل من الأشكال.

وفي هذه الحالة، يواصل كوزمين، ستكون مهمة المفاوض الروسي هي إدارة المفاوضات لأطول فترة ممكنة، لأن هذه العملية تصب في مصلحتها، فضلا عن أنها مفيدة لكل من روسيا والولايات المتحدة في آن واحد.

وحسب قوله، فإن اقتراح بوتين "بإعادة صياغة" مبادرة دونالد ترامب "المتسرعة" لوقف إطلاق النار غير المشروط في أوكرانيا، مع الأخذ في الاعتبار المصالح الروسية، يسمح لموسكو بمحاولة "الاستيلاء" على المبادرة في عملية التفاوض بشأن أوكرانيا.

ويتابع، أنه لتحقيق هذه الغاية يتعين إقناع واشنطن بعدم الاستماع كثيرا بشأن "الخطوط الحمر" التي وضعتها كييف ومبادرات الدول الأوروبية.

إعلان

ويضيف الباحث كوزمين أن الكرملين خرج من "فخ الاختبار" الأميركي لمدى صدق الرغبة في السلام، وفي الوقت ذاته، أبقى بوتين قضية شرعية الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على جدول الأعمال، ويعمل على أن يقوم ترامب بحلها قبل إعلان وقف إطلاق النار، بحيث يبقى السؤال فقط حول من سيعطي الأوامر للقوات المسلحة الأوكرانية بوقف إطلاق النار وعن ثمن تلك الأوامر.

ضمانات

من جهته، يرى مدير مركز التنبؤات السياسية، دينيس كركودينوف، أن بوتين يروج لصيغة يتم فيها إجراء مفاوضات السلام بين اللاعبين الرئيسيين، روسيا والولايات المتحدة، في حين يتابع المشاركون الآخرون الأخبار فقط، حسب قوله.

ويقول للجزيرة نت إن موسكو أكدت مرارا وتكرارا على مختلف المستويات أن الضمانات الخارجية للامتثال للاتفاقيات مهمة بالنسبة لها، حتى لا تتكرر تجربة اتفاقية مينسك 2.

وعلى هذا الأساس -يضيف كركودينوف- من المهم لروسيا أن "تستبعد" أوكرانيا ودول الاتحاد الأوروبي من المناقشات مع أميركا بشأن العناصر الرئيسية للتسوية المستقبلية، بحيث تؤدي لتشكيل مسار إستراتيجي جديد للعلاقات بين موسكو وواشنطن، وتبقى أوكرانيا مجرد أحد المواضيع في سياق المفاوضات بين الطرفين، مثل البرنامج النووي الإيراني أو مشاريع الغاز في القطب الشمالي.

ويضيف أن صيغة المفاوضات المغلقة مع المبعوث الأميركي الخاص ستيفن ويتكوف، مناسبة "بشكل مثالي" لتحقيق هذا الهدف.

سلاح ليزر جديد من طراز "تريزوب" أوكراني حيث تشترط روسيا نزع أسلحة كييف (مواقع التواصل)

اشتراطات دسمة

ويشير إلى أن روسيا لم تكن راضية عن النسخة الأميركية الأوكرانية، التي تدعو إلى وقف فوري للأعمال العدائية في البر والجو والبحر، تليها مفاوضات بشأن شروط السلام.

في حين تتواصل العمليات "السلبية" بالنسبة لموسكو، بل تتكثف، مثل استمرار المساعدات العسكرية الغربية واسعة النطاق لكييف والنقاش حول نشر "قوات الدعم" الأوروبية في شكل ألوية تابعة لحلف شمال الأطلسي على الأراضي الأوكرانية.

إعلان

ويلفت الخبير السياسي كركودينوف، إلى أن الشروط الأولية التي وضعتها روسيا لوقف إطلاق النار، كوقف تسليم الأسلحة الغربية للقوات الأوكرانية، وإلغاء التعبئة القسرية، ووقف تدريب وإعادة تجهيز الوحدات الجديدة، والتحقق من الامتثال لهذه المتطلبات، حددت على الفور الإطار الذي تحتاجه موسكو.

ويختم بأنه في مرحلة الاتفاق على وقف إطلاق النار، يتحرك الكرملين في اتجاه خيارات "نزع السلاح" في أوكرانيا التي نوقشت في وقت سابق في إسطنبول، وتتمثل بوضع "قيود صارمة" على الإمكانات القتالية للقوات الأوكرانية وعدد أفرادها وملف التعبئة، فضلا عن القيود المفروضة على الإمدادات الغربية من الأسلحة وأنواع أخرى من المساعدات العسكرية.

مقالات مشابهة

  • روسيا تتهم الاستخبارات الأوكرانية بقتل جنرال قرب موسكو
  • موسكو وطهران تتوقعان ارتفاعا حادا في المبادلات التجارية
  • ترامب: أوكرانيا هي المسؤولة عن بدء الحرب ضد روسيا والقرم ستبقي مع موسكو
  • روسيا وإيران مستعدتان للعمل على مسارات برية جديدة للغاز
  • عبدالله بن زايد ووزير خارجية فرنسا يبحثان العلاقات الاستراتيجية بين البلدين
  • السفير صلاح حليمة: زيارة الرئيس السيسي لجيبوتي منعطف كبير في التعاون بين البلدين
  • بين عناد كييف واشتراط موسكو.. ما موقف روسيا من السلام والحرب؟
  • ‎وزير الخارجية الأمريكي: لم نجر أي محادثات حول رفع العقوبات عن روسيا
  • موسكو تسمح لأفغانستان بتعيين سفير في روسيا
  • هكذا علقت روسيا على المحادثات النووية الجارية بين أمريكا وإيران