مساجد الشارقة.. بيوت للعبادة والعلم
تاريخ النشر: 25th, January 2025 GMT
الشارقة - «الخليج»
تحظى المساجد في إمارة الشارقة باهتمام صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، من الحرص السامي على تشييدها بطرز معمارية إسلامية عريقة، وتصاميم جمالية تتنوع بين الأندلسية، والفاطمية، والمملوكية، والعثمانية، مع المحافظة على المساجد التراثية القديمة، وبناء المزيد من بيوت الله، والاهتمام برعايتها، وصيانتها دورياً، لتعزيز مكانتها، وحفظ قدسيتها، وهيبتها.
وشمل الاهتمام السامي بالمساجد، اعتماد صاحب السمو حاكم الشارقة، في سبتمبر الماضي، إحلال 40 مسجداً من المساجد الرئيسية ومساجد الأحياء على مستوى مناطق وضواحي الإمارة، بكلفة 155 مليون درهم، علاوة على تنفيذ دائرة الشؤون الإسلامية خطة موازية بتشييد 60 مسجداً جديداً بكلفة 645 مليون درهم، ليكون إجمالي كلفة المشاريع 800 مليون درهم، لإحلال وتشييد المساجد في الإمارة.
كان عدد مساجد الإمارة في عام 2023، قد بلغ 3 آلاف و92 مسجداً في جميع أنحائها بما فيها المساجد التراثية القديمة والحديثة، وذلك وفقاً لتقرير أصدره المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة، وأوضحت أرقام دائرة الإحصاء والتنمية المجتمعية أن مدينة الشارقة بما فيها الحمرية وجزيرة أبو موسى تضم 2380 مسجداً.
في حين تضم المنطقة الوسطى 448 مسجداً، والمنطقة الشرقية 264 مسجداً، فيما تتميز مساجد الإمارة بقبابها، ومنابرها، وزخارفها، وبالأقواس والأعمدة، ونقوشها الخطية والإبداعية التي تحكي الحضارة الإسلامية.
عطايا للأئمة
وقد شمل كرمُ صاحب السمو حاكم الشارقة وعطاياه أئمةَ المساجد، حيث كان سموه قد وجه بزيادة المخصصات المالية للعاملين في المساجد بإضافة بدل طبيعة عمل 3000 درهم لكل إمام ومؤذن، فضلاً عن تكفل سموه بدفع جميع الرسوم الدراسية لجميع الأبناء في المراحل الدراسية كافة، وكذلك توسعة المساكن.
وفي ذلك، اعتمد سموه مبلغ 17 مليون درهم لتوسعة 129 مسكناً للأئمة في الإمارة، بكلفة 17 مليون درهم، لتتناسب مع عدد أفراد أسرهم واحتياجاتهم، ووجه سموه دائرة الأشغال العامة بالشارقة بسرعة البدء بالتنفيذ، وتضمنت التوسعة إضافة غرفة وملحقاتها إلى المسكن، أو غرفتين وملحقاتهما، إلى جانب بعض المشاريع الخاصة بإعادة إنشاء السكن القائم. أما المساجد التي يجري إضافة غرفة إلى سكن الإمام فيها في الإمارة، فتبلغ 92 مسجداً، منها 37 مسجداً في مدينة الشارقة، و25 مسجداً في المنطقة الوسطى، و29 في المنطقة الشرقية، أما المساجد التي سيتم إضافة غرفتين لها في إمارة الشارقة فتبلغ 17 مسجداً، فيما تبلغ مساكن الأئمة التي يجري إعادة إنشائها في إمارة الشارقة 8 مساكن.
إبهار معماري
وبالمرور على بعض مساجد الإمارة، يأتي مسجد النور الذي افتتح عام 2005، وبني على الطراز العثماني، ويطل على بحيرة خالد في الشارقة، ويتميز بتعدد قبابه، ويُعد تحفة معمارية لما فيه من نقوش جمالية داخلية مبهرة من آيات القرآن الكريم، ويضم مئذنتين شامختين على زاويتي مبناه، وقبة كبيرة تتوسط أعلاه، تحيط بها نوافذ معشقة بزجاج ملون، علاوة على الأعمدة الداخلية المزخرفة، والقباب والأقواس. يفتح المسجد أبوابه للمسلمين وغير المسلمين، ويتسع المسجد إلى ما يقارب 2200 شخص، ويضم مصلى للنساء يتسع لقرابة 400 سيدة، ويُعد معلماً سياحياً إسلامياً لدخوله موسعة غينيس للأرقام القياسية لضمه أكبر صندوق زكاة خشبي في عام 2014.
المسجد الكبير
ويُعد مسجد الشارقة الكبير الذي يقع على شارع الإمارات، وتحديداً في ضاحية السيوح بالشارقة، الأبرز في معماره الخلاب، وافتتحه صاحب السمو حاكم الشارقة في 10 مايو 2019، واستغرق بناؤه 5 سنوات، بكلفة 300 مليون درهم، وصُمِّم وبُنِيَ وفقاً لرؤية سموه الإيمانية والجمالية المستندة إلى نمط البناء المعماري الإسلامي.
يتميز المسجد بموقعه الاستراتيجي المميز، حيث يقع في منطقة الطي على تقاطع طريق مليحة مع شارع الإمارات، ويتمتع بعدد 6 مداخل رئيسة تأخذ قاصديه من الطرق العامة إلى داخل المسجد، منها 4 مداخل عامة، ومدخلان للنساء، ومدخل لكبار الشخصيات، ومدخل للحافلات. ويخدم المسجد العديد من المناطق المجاورة منها الطي، والسيوح، والبديع، وحوشي، وجويزع، بالإضافة إلى جميع عابري طريقي الإمارات ومليحة اللذين يربطان عدداً من الإمارات، فيما يتميز المسجد الذي بدأت أعمال بنائه في عام 2014، بكونه من الصروح المعرفية والعلمية والإسلامية.
أمن وسلامة
يتميز المسجد بفنون النحت والأعمال الخشبية، واستخدام الرسم بالخط العربي، وبالتصميم الإبداعي، فيما يحتوي على 81 قبة، ومنارتين بارتفاع 75 متراً، ويبلغ ارتفاع القبة الرئيسية 45 متراً بقطر 27 متراً.
وروعي في تصميمه استخدام تجهيزات الأمن والسلامة من خلال أحدث الأنظمة، وتتوفر به عدد من الخدمات، والمرافق المتكاملة، حيث يضم منطقتين مخصصتين للوضوء بهما 352 ميضأة، و2 من المواضئ خارجية، بالإضافة إلى احتوائه على 8 مصاعد كهربائية لخدمة المصلين والزوار، فضلاً عن سكن مخصص لإمام المسجد وآخر للمؤذن.
مساحة كبرى
ويقع مسجد الشارقة على مساحة إجمالية تصل إلى نحو مليوني قدم مربع مع الحدائق الخارجية له، ويتسع لأكثر من 25 ألفاً و500 مصل، موزعين على عدد من المساحات المخصصة داخل المسجد، وفي طوابقه العليا، حيث يستوعب المسجد أكثر من 5 آلاف مصل في الداخل.
منهن 610 للنساء في جناحهن المخصص للصلاة، وفي الرواق الأمامي، والأروقة الجانبية، ويستقبل المسجد أكثر من 6 آلاف مصل، إلى جانب الساحة المفتوحة التي تستقبل الجزء الأكبر من المصلين بأكثر من 13 ألفاً و500 مصل.
وتتسع المساحات المخصصة لمواقف السيارات والحافلات إلى نحو 2260 سيارة وحافلة، في أكثر من موقع في محيط المسجد، منها 300 موقف داخل مبنى المسجد، و1400 موقف خارج مبنى المسجد، و60 موقفاً للحافلات، إلى جانب 500 موقف خارج سور المسجد. وجرى تخصيص 100 كرسي متحرك لخدمة المرضى وكبار السن، موزعة على المساحات الخارجية في المسجد، بالإضافة إلى 16 مظلة كبيرة في مساحات المواقف الخارجية للزوار كما تتوزع 6 مواقع لماء السبيل في منطقة المواقف الخارجية، كما يضم المسجد مكتبة ضخمة تحتوي على أمهات الكتب في فروع العلوم الإسلامية المختلفة، والسنة النبوية الشريفة.
خدمات شاملة
وأيضا جرى تجهيز المسجد ليستقبل الزوار من غير المسلمين، ومحبي المعرفة من مختلف أنحاء العالم، حيث يحتوي المسجد على مساحات ومسارات لغير المسلمين، ومتحف، ومحل للهدايا، وكافيتريا، وساحات مفتوحة للزوار، وممشى مطاطي خارجي حول سور المسجد، وحديقة إسلامية تحتوي على عدد من النوافير والشلالات. ويضم المسجد قاعة للمقتنيات تضم عدداً من المصاحف من العصور الإسلامية المختلفة، ومسكوكات أُصدرت خصيصاً بمناسبة افتتاحه، بالإضافة إلى عدد من نماذج الزخارف المستخدمة في تصميم المسجد، وأيضا يضم قاعة للعرض، يجري من خلالها عرض هولوجرامي لمرافق، ومحتويات المسجد، ومجسماً ثلاثي الأبعاد له، علاوة على عرض فيلم وثائقي حول مراحل بنائه.
مسجد الذيد
ويوجد أيضاً مسجد الذيد بطرازه الإسلامي الممزوج بالطابع الحديث، ويضم مرافق متعددة تشمل أماكن الصلاة والوضوء للرجال والنساء، وغيرها من المرافق، وبُنِي المسجد بجانب سكن طلبة جامعة الذيد، وبالقرب من مسجد الذيد ومبنى قناة الوسطى من الذيد.
بني المسجد على مساحة إجمالية 2426 متراً مربعاً، فيما تبلغ مساحة البناء 590 متراً مربعاً، ويتسع المسجد لـ470 مصلياً ومصلية، بواقع 400 مصلٍّ لمصلى الرجال، ويسع مصلى النساء 70 مصلية.
مكتبات المساجد
إمعانا في الاهتمام بدور المساجد في نشر المعرفة، وتكريس العلم الشرعي، تأتي مكتبات مساجد الشارقة، التي تغطي أصول الدين والتفسير، وكتب الحديث وشروحه، والفقه، والتاريخ، والسيرة النبوية، واللغة والأدب، وكتب الأسرة والطفل والمجتمع، والأخلاق والمواعظ.
وفي ذلك قال صاحب السمو حاكم الشارقة حين افتتاح سموه مسجد الذيد: «إن بناء المكتبات في المساجد يسهم في زيادة المعرفة، واكتساب العلم والدين»، موضحاً سموه أن الشارقة بها 1280 مكتبة. وكانت دائرة الشؤون الإسلامية في الشارقة، أعلنت في مارس الماضي استمرار جهودها في رفد مكتبات المساجد بالإصدارات الجديدة، حيث بلغت الإصدارات ما يزيد على 30 ألف كتاب، موزعة على المكتبات في مختلف ضواحي الإمارة، تفعيلاً لدور المكتبات، وتعزيزاً لثقافة القراءة في المجتمع.
مساجد للجاليات
خصصت دائرة الشؤون الإسلامية بالشارقة، 93 مسجداً للجاليات غير العربية، منها 74 مسجداً بمدينة الشارقة، و10 مساجد بالمنطقة الوسطى، و9 مساجد في المنطقة الشرقية، تنظم فيها الدروس والخواطر، وخطب الجمعة، باللغات الإنجليزية، والأردية، والماليبارية والبشتو، والتاميلي، انطلاقاً من رسالتها الجليلة في تعزيز، وتزويد شرائح المجتمع كافة بالمعرفة، وتثقيفهم دينياً.
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة الشارقة مساجد صاحب السمو حاکم الشارقة بالإضافة إلى ملیون درهم مساجد فی عدد من
إقرأ أيضاً:
دعوة السيسي لتدشين مدارس وفصول تعليمية بالمساجد تثير مخاوف مصريين
أثار طرح رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي، لاستخدام المساجد في العملية التعليمية لتعويض نقص عدد المدارس والفصول، جدلا في الشارع المصري.
وخلال حفل تخرج أئمة وزارة الأوقاف بالأكاديمية العسكرية، أكد السيسي، أن أعداد المساجد أكثر من أعداد المدارس، متسائلا: "هل يمكن استخدام المساجد للعبادة والتعليم بنفس الوقت؟".
وقال: "عندنا مساجد كثيرة جدا وعدد قليل من المدارس قياسا بعدد السكان، وكان أيام النبي صلى الله عليه وسلم، يستخدمون المساجد بكل شؤون الدنيا".
وتساءل: لماذا لا نستفيد من المساجد؟، مشيرا إلى أنها تُفتح بكل صلاة 10 دقائق، ملمحا لإمكانية تعليم طلاب المدارس ببعضها، ومعربا عن رؤيته بأنه بدلا من بناء مسجد ومدرسة بشكل منفصل، يمكن بناء جامع وبداخله مدرسة.
"تساؤلات ومخاوف"
وتساءل معارضون مصريون حول دلالات حديث السيسي عن إنشاء مدارس وفصول تعليمية بالمساجد، فيما رفض متحدثون لـ"عربي21"، فكرة أن يكون هدفه تعظيم دور المسجد بالمجتمع على غرار عهد النبوة وصدر الإسلام، وتخوفوا من أن يكون هدفه السيطرة على المساجد وتقليص أدوار العبادة فيها.
وعلى الجانب الآخر، أكد مراقبون أن تفكير السيسي مادي بحت، ويهدف الاستفادة من وفرة المساجد لسد عجز المدارس والفصول الدراسية، وحث الشعب ورجال الأعمال وأحزاب الموالاة لبناء المدارس بالجهود الذاتية كما يبنون المساجد، وفي المقابل تقليص دور الدولة في تجهيز الفصول الدراسة، وتوفير مخصصات بناء المدارس ببند التعليم بالموازنة المصرية.
وتصل إجمالي مخصصات التعليم نحو 998.1 مليار جنيه بموازنة العام المالي الحالي (2024 /2025 )، تم تخصيص 565 مليار جنيه للتعليم قبل الجامعي، ومن بين بنودها إنشاء 16 ألف فصل جديد، إحلال وتجديد 13 ألف فصل.
وفي المقابل، رحب مؤيدون للنظام بفكرة السيسي، وما أطلقوا عليه "الاستغلال الأمثل للموارد المادية والبشرية" وبينها المساجد، ملمحين إلى أن الفكرة فرصة لعودة الكتاتيب وتعليم الكبار والدروس في المساجد الكبرى، وسط دعوات لتبني المجتمع المدني الفكرة.
وعن حديث السيسي عن إنشاء مدارس أو فصول بالمساجد، قال الباحث بالشؤون القانونية عباس قباري: "لا أراه من زاوية الحرص على دور المسجد المجتمعي أو توجه الدولة نحو تطبيق تجربة إسلامية شمولية كالتي تدعو إليها الجماعات الإسلامية ومنها الإخوان عبر نهوض المدارس بدور تعليمي أو توعوي".
وأضاف: "لكني أراه مزاحمة لدور المسجد ذاته، ورؤية مضيقة للمساحة المخصصة للعبادة، وضنا على الناس أن تكون كل هذه المساحات فقط للصلاة".
وتابع: "فليكن المسجد مدرسة بشكل أساسي يتم إنشائها بتبرعات وعطايا المصلين وأهل الحي، والقيام بالدور الذي ينبغي أن تقوم به الدولة في بناء المدارس وتشييد الفصول التعليمية".
وختم بالقول: "وفي هذه الوجهة المتعسفة ظلم للمسجد ورواده ونكوص عن دور الدولة في تسيير حياة الناس وتيسيرها".
"تعظيم المساجد أم خدمة التعليم؟"
وفي تعليقه، قال الأكاديمي الأزهري الدكتور محمد أحمد عزب: "تلقيت كما تلقى غيري مقترح تطوير المساجد لتؤدي دورا مساعدا للمدارس في العملية التعليمية، باندهاش بالغ".
وفي حديثه لـ"عربي21"، أضاف: "الحق أننا في سياق الوضع التعليمي الذي آل إليه قطاع التعليم في مصر، أصبحنا نبحث عن قشور وحبال بالية نطنطن بها لندلل على الاهتمام بالتعليم".
وتساءل: "المساجد عاجزة عن الوفاء بدورها الديني وهو الأساس، فكيف يمكنها أن تقوم بدور تكميلي في العملية التعليمية؟".
ويرى عزب، أن "مقترح تطوير دور المساجد، يشبه لحد كبير تغافلنا عن الإضرار بحقنا التاريخي في المياه، وتوجيه الموارد لتحلية المياه، وهو مقترح لا يحقق أقل القليل مما سينفق عليه".
ويعتقد أن "المطالبة بأن تكون المساجد كذلك هو تحويل لها عن مسارها، ونزع سلطتها الدينية لتتحول لمقار خدمية، ومن ثم تضفي شرعية على مخرجات تعليمية ومظاهر لا يزال المجتمع يرفضها أو ينظر لها بريب".
ومضى يوضح أن "العملية التعليمة تحتاج نفس الجهد الذي اتخذ في تشييد الكباري، ونفس الهمة في إنشاء المونوريل، ونفس التصميم والإنفاق الذي وضع في العاصمة، ونفس التحدي الذي عُمرت به صحراء العلمين".
وختم بالقول: "وقتها سنجد التعليم الذي يتهافت العالم على رؤيته، عوضا عن تحويل المساجد لأداء ما تعجز عنه".
"نسبة المساجد وعدد المدارس"
ويصل إجمالي عدد المساجد في مصر 151.194 مسجدا، وفقا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، عام 2024، منها 3450 مسجدا بالعاصمة القاهرة.
وفي المقابل، فإن عدد المدارس يصل إلى 27 ألف مدرسة، بحسب حديث إعلامي لنائب وزير التعليم أيمن بهاء الدين، 5 أيلول/ سبتمبر 2024.
وفي تعليقه على حديث السيسي، قال الناشط السياسي المصري الدكتور يحيى غنيم: "هو رجل يهذي، وفقط يريد أن يبرر سطوة الجيش على الأئمة وتحويلهم إلى مخبرين من خريجي المخابرات الحربية"، مضيفا في حديثه لـ"عربي21"، أنه "عدو للمساجد وللمصلين ولكل ما له علاقة بالإسلام".
وعن مخاوف البعض من أن تكون هناك خطة يدبرها رأس النظام بشأن المساجد آخر ما تبقى لشعائر المسلمين، كما انتهى سابقا دور الكتاتيب وتجري الآن الحرب على التعليم الأزهري، قال غنيم، إنه "لو استطاع لأغلقها، ولكنه عطلها عن أداء مهمتها، وسلط على الأوقاف والأزهر والدعوة بعض القوم".
ولم يتفق غنيم، مع نظرة البعض لفكرة السيسي، بأنها مادية بحتة تهدف لدفع الناس والأحزاب الموالية له ببناء الفصول وتجهيزها في المساجد وعدم تكلفة ميزانية الدولة بناء مدارس جديدة، وقال: "هو لا يهمه تعليم؛ بل يهم العسكر جميعا تجهيل الشعب، وهم يعملون على ذلك منذ 1952".
"الخطاب الديني وتخريج الأئمة"
وفي السياق، وخلال لقاء تخريج وتأهيل دفعة جديدة من الأئمة، ضمت 550 إماما مدة 24 أسبوعا، دعا السيسي، مجددا لتجديد الخطاب الديني، مؤكدا أنه وجه وزارة الأوقاف، ومؤسسات الدولة الوطنية، ومنها الأكاديمية العسكرية المصرية، بوضع برنامج تدريبى لصقل مهارات الأئمة.
ومنذ كانون الثاني/ يناير 2015، يواصل السيسي الدعوة لتغيير الخطاب الديني، في الوقت الذي يرفض فيه الأزهر بعض توجهاته في هذا الإطار، إلا أنه يسمح لبعض برامج الفضائيات المصرية أو التي تبث من القاهرة بتوجيه الانتقادات للشريعة الإسلامية والتشكيك في بعض الثوابت وإهانة بعض قادة ورموز التاريخ والفقه الإسلامي.
ويلاقي تدريب أئمة وزارة الأوقاف من الأكاديمية العسكرية رفض المعارضين الإسلاميين، الذين أعربوا عن مخاوفهم من تغيير فكر الأئمة والمسؤولين عن الدعوة والخطابة في مصر مستقبلا، بما يخالف أصول وقواعد الشريعة الإسلامية.
وفي ظل توجيه السيسي، باستخدام المساجد في العملية التعليمية يواجه التعليم الأزهري والأزهر الشريف، ضغوطا من قبل علمانيين ويساريين مصريين، يتهمون مناهج الأزهر من بداية التعليم الإبتدائي الأزهري حتى التخرج من جامعة الأزهر بتغذية الإرهاب.
"أزمة ثقة"
ويتزامن حديث السيسي، مع أزمة ثقة بين الأهالي ووزارة التعليم مع تعيين وزير التعليم الحالي محمد عبداللطيف، 3 تموز/ يوليو الماضي، في قرار تفجرت معه أزمة تزوير شهادته للدكتوراة والماجستير وشهادته الجامعية.
والثلاثاء، الماضي أقام نحو 15 محاميا عضوا بمجلس النقابة العامة وبينهم سياسيين وشخصيات عامة، دعوى بمحكمة القضاء الإداري بالقاهرة، تطالب بعزل وزير التعليم.
إلا أن مقيم الدعوى المحامي عمرو عبدالسلام، فجر جدلا آخر بإعلانه عن وصول تهديدات من أسرة الوزير لمقيمي الدعوى، ما زاد من حالة الغضب بين جموع المحامين، وسط تزايد المطالبات بعزل الوزير.
وقال الكاتب عمار على حسن: "كل يوم يبقى فيه وزير التربية والتعليم بمنصبه إهانة للشعب، ووصمة عار في جبين هذا العهد، وبرهان دامغ على أن أي حديث عن تطوير أو تحديث أو نهضة أو بناء، هو محض تسلية للموهومين، وتسرية للمخدوعين".
"الأزمة أكبر"
وفي حديثه لـ"عربي21"، أكد مدير إحدى المدارس أن "أزمة التعليم في مصر أكبر بكثير من الحديث عن فصول ومدارس تتحملها المساجد"، مبينا أن "العجز كبير بين المدرسين، والإداريين، ولا تنتظم العملية التعليمية بشكل كامل ويحدث الخلل دائما ولا نجد مدرسين لسد العجز والغياب والمرضي".
ولفت إلى أن "نظام التقييم المعمول به والامتحانات الشهرية تشت تركيز المدرس قبل الطلاب، وأصبح المعلم لا يهتم بالشرح قدر اهتمامه بعمل التقييم وبتنفيذ الامتحانات الشهرية لمدة أسبوع كل شهر، ما يدفع بالطلاب إلى السناتر والدروس الخصوصية لتعويض نقص الشرح في المدرسة".
"تعظيم لدور المسجد"
المفكر والأكاديمي المصري الدكتور خالد فهمي، قال لـ"عربي21": "بالرجوع إلى تاريخنا فمصطلح المسجد في تراث العرب والمسلمين يساوي تماما مصطلح المدرسة، وأضرب هنا مثالين على دولتين عريقتين في عالمنا الإسلامي واحدة من الدول العربية وهي مصر وواحدة من الدول التي تسمى دول الأعاجم وهي تركيا".
أستاذ اللغة العربية والعلوم اللغوية بجامعة المنوفية، أوضح أنه "إلى الآن النظام التعليمي التركي والآثار التركية يستعملون مصطلحين المصطلح الوارد من الفرنسية (ليكول) وهي المدرسة الحديثة التي نشأت في ظل الأنظمة السياسية والتعليمية الحديثة بعد الثلث الأول من القرن العشرين، ولديهم أيضا في النظام التعليمي والثقافي والآثاري مصطلح مدرسة، والذين يزورون إسطنبول وغيرها سيجدون بعض الأماكن والآثار".
وأضاف: "نظرا إلى أن المسجد له أخلاقيات حاكمة فعندما يتحول إلى مدرسة أو يستعمل كمدرسة فالروح الواجبة من تعظيم المسجد أتصور أنها ستنسحب فينشأ جيل من الأولاد يعظمون المسجد وينشأ جيل من الأولاد متأثرين بعظمة المسجد منضبطين أخلاقيا فيما أتصور".
وتساءل: "ما المانع من أن نستفيد من وفرة المساجد، والذين يطالعون تجربة الدول التي عانت اقتصاديا لإنقاذ التعليم كألمانيا واليابان بعد الحرب العالمية الثانية يجدهم استعملوا كل شيء الحدائق العامة والأماكن المهدمة".
ويعتقد فهمي، أن "وفرة المساجد يمكنها أن تسهم مع هيئة الأبنية التعليمية في توفير المدراس، وأتصور أن هذا قد يؤدي إلى العناية المعمارية بالمدرسة المسجد أو المسجد المدرسة، بحيث يكون في المستقبل القريب المبنى الواحد مزدوج الوظيفة، يعني نصنع مسجدا ملحق بمدرسة أو مدرسة ملحق بها مسجد أو مسجد مصمم على هيئة القيام بالدورين".
وعن رؤية البعض أن الدولة تسعى للتهرب من بناء المدارس، قال: "لا أحب اتهام النظام، ولا أظن أنه يملك هذا، ولا يقدر عليه، ولا أتصور أن أي نظام لديه قدر ضئيل من الرشد السياسي أن يترك هذا الأمر للعشوائية وإلا ستكون العواقب صعبة".