الشيخة جواهر.. القلب الكبير
تاريخ النشر: 24th, January 2025 GMT
الشارقة: أمير السني
تمتلك قرينة صاحب السموّ حاكم الشارقة، سموّ الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، قصة نجاح وتفوق تتجسد فيها القيم النبيلة والروح الإنسانية الرفيعة، فهي امرأة لا تقتصر إرادتها على حدود العمل الاجتماعي أو النشاط الخيري، بل تمتد لتشكل ملامح مستقبل مشرق للأجيال القادمة، وتتألق في عالمنا العربي بجهودها في تمكين المرأة وتعزيز مكانتها.
قدمت سمو الشيخة جواهر الكثير من المبادرات الإنسانية التي أثرت بشكل مباشر في حياة الكثيرين، ويعود ذلك إلى نشأتها في بيئة محفّزة على التفوق والعطاء، لترسم مساراً فريداً في العمل الاجتماعي والإنساني، كما برزت سموها منذ سنوات طويلة كشخصية مؤثرة تمثل قيم الخير والتعاون في المجتمع المحلي والدولي.
اللبنة الأساسية
تولي سموّ الشيخة جواهر الأسرةَ اهتماماً بالغاً، حيث تعدّها اللبنة الأساسية لبناء مجتمع قوي ومتماسك، إدراكاً لأهمية خلق أسرة متماسكة مستقرة تفخر بهُويتها وثقافتها وضرورة تمكينها، كي تنهض بوظائفها المتجددة وتسهم في تنفيذ خطط تنمية المجتمع وتقدمه.
وأنشئ المجلس الأعلى لشؤون الأسرة في الشارقة بناء على المرسوم الأميري رقم (24) لسنة 2000، برئاستها، ويتألف من الإدارات العاملة في التنمية الاجتماعية والثقافية وحماية الأسرة ورعايتها وإعادة تأهيل أفرادها.
وينتهج المجلس كلمة سموّ الشيخة جواهر نبراساً يستنير به لتنفيذ سياسته، حيث تقول: «تتمتع دولة الإمارات بنسبة عالية من الأمن والاستقرار الأسري، ونحن ننظر إلى هذه الحالة، كونها منجزاً يجب الحفاظ عليه والانتقال به نحو مستويات أعلى بتوحيد جهود المؤسسات الاجتماعية، وتطوير آليات للاهتمام بالأطفال والأسرة».
وتضيف: «لولا الأسرة لما نشأ مجتمع، ولما قامت مشاريع، ولما تحققت حضارات ونشرت قيم الحياة العليا ومبادئها، لأنها كما نقول دائماً هي المدرسة الأولى التي توضع فيها بذرة النماء والتنمية والتربية، وعلينا أن نعمل جميعاً على حماية هذه المدرسة – الأسرة بكل ما أوتينا من طاقة وإمكانات، كما أن كل فرد في الأسرة يتحمل مسؤولية حماية أسرته، وأداء ما عليه من واجبات تسهم في تعزيز دور الأسرة في مجتمعه والسعي المستمر لتحقيق الوئام والاستقرار الأسري، لما لهذه القيم من دور أساسي في ازدهار المجتمعات، وأرجو الله سبحانه أن تظل أسرتنا في مجتمع الإمارات آمنة مستظلة بإيمانها بربها أولاً ثم بإيمانها بمسؤولياتها الكبيرة في عمارة الأوطان والحياة».
رعاية الأجيال
اهتمت سموّ الشيخة جواهر بشكل خاص بتطوير قدرات الأجيال الناشئة ووضع خطط وبرامج متنوعة لتحسين حياتهم وتعليمهم، بما يضمن لهم مستقبلاً مشرقاً ومستداماً، وتحت رعايتها، أنشئت مؤسسة «ربع قرن» لصناعة القادة والمبتكرين، التي أعلن إطلاقها في سبتمبر 2016، وهي أول مؤسسة إماراتية وعربية وإقليمية ترمي إلى بناء جيل إماراتي قادر على قيادة المستقبل والتأثير فيه، ملتزم بهويته الوطنية.
وتنضوي تحت المؤسسة كل من مؤسسات أطفال الشارقة، وناشئة الشارقة، وسجايا فتيات الشارقة، والشارقة لتطوير القدرات، مع الحفاظ على الاستقلالية المالية والإدارية لكلٍّ منها.
وتتولى «ربع قرن» مهمة وضع خطة استراتيجية موحدة لهذه المؤسسات الأربعة، لتفعيل الجهود وتحقيق الاستثمار الأمثل للطاقات والموارد، بمنظومة متكاملة من البرامج التعليمية والتطويرية والأبحاث والدراسات، بما يعود بالنفع على المنتسبين، ويحقق الاستدامة، ويخدم مجتمع الشارقة ودولة الإمارات، والمجتمع الدولي.
تمكين المرأة
كانت بصمة سموّ الشيخة جواهر واضحة في تطوير دور المرأة، حيث جعلت دعم حقوقها والقضايا الإنسانية أولوية قصوى، وهي مثال حقيقي لامرأة توازن بين قوتها الداخلية ورؤيتها المستنيرة نحو تحقيق التنمية المجتمعية.
وأطلقت سموّها عدداً من المبادرات والبرامج الهادفة لدعم الإماراتية خصوصاً، والنساء في المنطقة عموماً، أبرز هذه المبادرات هي مؤسسة «نماء» للارتقاء بالمرأة، التي تأسست في ديسمبر عام 2015، وتركز على تفعيل دور المرأة، والارتقاء والنهوض به في القطاعات الاقتصادية والمهنية والاجتماعية إلى جانب قطاعات أخرى، لكونها مورداً بشرياً مهماً لا يمكن الاستغناء عنه في مسيرة التقدم والنماء.
وتسعى المؤسسة إلى الانتقال من مرحلة دعم المرأة وتمكينها، إضافة إلى الارتقاء بها ومنحها دورها بصفتها عضواً فاعلاً وأساسياً في المجتمع، وتمكينها من الوصول إلى أعلى المراتب، وتشجيع السياسات الداعمة للمرأة، وإطلاق البرامج الفاعلة التي تدعم التكامل بين الجنسين في جميع القطاعات.
وتندرج تحت مظلة «نماء» مؤسستان هما: مجلس سيدات أعمال الشارقة ومجلس «إرثي» للحرف المعاصرة، حيث أسّس مجلس سيدات أعمال الشارقة عام 2002 تحت رعاية سموّ الشيخة جواهر، ويضم حالياً 2000 عضوة من مختلف القطاعات من دولة الإمارات وجميع أنحاء العالم، بما في ذلك بريطانيا والبرازيل والكويت.
وظل مجلس سيدات أعمال الشارقة على مدى عقدين يدعم سيدات الأعمال في مراحل مختلفة من مشاريعهنّ، بنهج شامل مستدام، يوفر الخبرة والإرشادات التي تشمل جميع جوانب المشاريع التجارية.
أما مجلس «إرثي» فيهدف إلى تحقيق دعم وتشجيع وتمكين المرأة الحرفية اقتصادياً واجتماعياً، وابتكار مبادرات مستدامة للحفاظ على الحرف التراثية وتعزيز مكانتها محلياً وعالمياً، إضافة إلى تعزيز مكانة المجلس كعلامة تجارية دولية رائدة في تصميم المنتجات المعاصرة باستخدام الحرف التراثية، وتطبيق مواصفات ومعايير الجودة الشاملة المعتمدة في القطاع الحرفي وتوثيق الحرف المعاصرة ومواصلة تحديثها لدعم التراث الحرفي وتحسينها وتطويرها والحفاظ عليها.
رمز للعطاء
تحتضن إمارة الشارقة إحدى المؤسسات الكبرى التي تعكس قيم العطاء والتضامن، وهي مؤسسة «القلب الكبير»، التي تُعد رمزاً للجهود الإنسانية التي تخطت حدود الإمارات لتصل إلى العالم أجمع.
وتأسست المؤسسة بدعم صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، حاكم الشارقة، وبقيادة قرينته، سموّ الشيخة جواهر، المناصرة البارزة لقضايا اللاجئين لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وعلى مدار أكثر من عقد من الزمن، عملت سموّ الشيخة جواهر على تقديم دعم إنساني واسع النطاق، يتمثل في برامج الإغاثة العاجلة والمشاريع الإنسانية التنموية المستدامة، وشملت أكثر من 6 ملايين في تجمعات اللجوء والنزوح والمجتمعات المحتاجة، وحرصت خلال مسيرتها الإنسانية المتواصلة على توفير الرعاية والاحتضان والتمكين للنساء والفتيات والأطفال بشكل خاص كونهم الفئات الأكثر تضرراً.
مناصرة بارزة للأطفال اللاجئين
جددت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين العام الماضي 2024 اختيار قرينة صاحب السموّ حاكم الشارقة، سموّ الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، مناصرة بارزة للأطفال اللاجئين لدى المفوضية للعامين المقبلين.
وأكدت المفوضية أن تجديد اللقب لسموّ الشيخة جواهر هو تثمين أممي مستحق لدورها وإسهامها الكبير في دعم ومساندة اللاجئين والنازحين في العالم، واحتضان ورعاية الأطفال اللاجئين وتوفير مقومات العيش الكريم والمستقبل اللائق لهم ولعائلاتهم على مدار أكثر من عقد. وكانت المفوضية قد اختارت سموّ الشيخة جواهر، أول مناصرة بارزة في العالم للأطفال اللاجئين عام 2013، لمسيرتها ومبادراتها في حشد الدعم والمساندة للاجئين، بالمبادرات لدعم حملات الاستجابة، أو المشاريع الإنسانية التنموية المستدامة التي استفاد منها حتى الآن عدد كبير من الأطفال، إلى جانب ملايين الشباب والفتيات والنساء من اللاجئين والنازحين وضحايا الصراعات.
برنامج صحة القلب
أزاحت سموّ الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، الستار عن تأسيس برنامج التميز الافتراضي لأمراض القلب والأورام في العاصمة البريطانية، لندن، وينفذه المستشفى العالمي «رويال برومبتون» المتخصص في أمراض القلب والرئة، بتمويل من مؤسسة «القلب الكبير»، بقيمة مليون جنيه إسترليني، ويستهدف نحو 10 ملايين من مختلف البلدان. ويهدف البرنامج، الأول في المملكة المتحدة والأهم في أوروبا، إلى تحسين صحة القلب والأوعية الدموية لدى مرضى السرطان، بالبحوث والدراسات العلمية المتخصصة في الأعراض الجانبية على القلب والأوعية الدموية نتيجة العلاجات التي يتلقاها مرضى السرطان وتطوير آليات جديدة لعلاجها والتعامل معها.
كما يرمي البرنامج إلى تعميم ما يتوصل إليه الباحثون، من نتائج علمية مؤكدة على نظرائهم من العالم في مراكز البحوث، والمستشفيات، ومراكز علاج السرطان وأمراض القلب، على السواء.
ويستجيب البرنامج لواحد من أكبر التحديات العالمية في معالجة السرطان والتعافي منه، ففي الوقت الذي رفعت منهجيات العلاج المختلفة من فرص الشفاء، تبقى احتمالات الإصابة باعتلال عضلة القلب بسبب العلاج نفسه مرتفعة.
متابعة المشاريع
زارت قرينة صاحب السموّ حاكم الشارقة، سموّ الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، العام الماضي 2024 عدداً من الدول لمتابعة المشاريع التي تنفذها مؤسسة «القلب الكبير» في الصحة والتعليم ومناصرة اللاجئين.
وزارت سموها مستشفى الجنوبي بالقاهرة، الذي يقع ضمن مبنى سموّ الشيخة جواهر القاسمي، وجرى تطويره وتأهيله بالكامل بتبرع من المؤسسة، بكلفة 33 مليون درهم.
كما وجهت سموّها بإنشاء وتطوير مرافق المياه والنظافة العامة ل12 مدرسة في أربع مناطق في إقليم زنجبار، بهدف النهوض بالبيئة التعليمية للأطفال في المجتمع المحلي ورفع وعيهم بالثقافة الصحية وضمان استمرار مسيرتهم التعليمية،
وأطلقت سموّها مشروع «العيادة الطبية المتنقلة للقلب الكبير» في جزيرة أنغوجا بزنجبار، فيما التقت خلال زيارتها إلى سويسرا فريق إدارة اللجنة الدولية للصليب الأحمر الذي شهد استعراضاً للمشاريع المشتركة بين المؤسسة واللجنة الدولية للصليب الأحمر ومخرجاتها، وشهد اللقاء استعراض تفاصيل التحديات والمخاطر التي تواجهها فرق اللجنة لتأمين وصول المساعدات الطارئة للأهالي، والطرائق التي يمكن للعالم أن يدعم بها جهود الفرق الإنسانية العاملة.
كرسي أستاذية في «أمريكية الشارقة»
تثميناً لجهودها الكبيرة وإسهاماتها في النهوض بتعليم المرأة وتعزيز دورها المجتمعي أطلقت الجامعة الأمريكية في الشارقة، بالشراكة مع مؤسسة «نماء» للارتقاء بالمرأة، «كرسي أستاذية سموّ الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي لقيادة المرأة» بناء على منحة موّلتها مؤسسة «نماء» بقيمة 15 مليون درهم، ليكون أول كرسي أستاذية يركز على دراسات المرأة في دولة الإمارات.
وسيسهم في تحقيق إنجازات كبيرة في مجالات البحوث ودراسات المرأة وتعزيز رسالتها التعليمية التي تسعى إلى توفير فرص أكاديمية مثمرة للمرأة في أنحاء الدولة والعالم.
بيت «كنف» رعاية آمنة للأطفال
في إطار حماية الأطفال ليجدوا الرعاية الآمنة أطلقت سموّ الشيخة جواهر مركز «كنف» بيت الطفل في الشارقة.
وأوضحت سموّها: «يوفر كنف العلاج اللازم لكل طفل يقع ضحية اعتداء، ويؤهّله ليظل مجتمعنا آمناً، ونحن نشعر بأن جميعهم أطفالنا، ونسعى إلى ضمان سلامة صحتهم النفسية والجسدية، فمجتمع الشارقة بيتنا وأهل الشارقة هم أهلنا، وستظل الشارقة مدينة صديقة للطفل».
وأضافت سموها: «بيت الطفل مظلة تضمن خصوصية الطفل الذي تعرض لإساءة أو عنف أسري، فنحن لا نريد أن يتعرض الأطفال لتجربة مخيفة بالذهاب إلى المحاكم أو الشرطة، بل نوفر لهم الرعاية اللازمة بكل سرية من وقت تلقي البلاغ مروراً بجميع المراحل».
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة جواهر القاسمي الإمارات الشارقة الشیخة جواهر بنت محمد القاسمی القلب الکبیر صاحب السمو سمو ها
إقرأ أيضاً:
معظمهم من السودانيين .. أزمة التمويل تحرم آلاف اللاجئين بمصر من العلاج
لم يكن قرار الفرار سهلا، ففي الخرطوم عاشت الأرملة مها عوض الكريم 50 عاما لم تغادر فيها الوطن يوما واحدا، لكنها ومع اشتداد القتال على أعتاب العاصمة السودانية اتخذت قرار الرحيل.
التغيير ــ وكالات
كانت الوجهة هي القاهرة، والرحلة كانت شاقة على السيدة الخمسينية ووالدتها التي تخطت الـ70 عاما، في حين ابنتها ذات الـ13 سنة لم تدرك أسباب كل ذلك العناء، استقرت مها في حي فيصل بالقاهرة قبل نحو عام ونصف، لتبدأ رحلة معاناة من نوع آخر، فلا مصدر دخل لهن وتباعا داهمهن المرض.
تقليص الدعمكانت السيدة السودانية تعمل في بلدها معلمة رياض أطفال، وحين وجدت فرصة عمل بالتخصص نفسه في مصر تعرضت لحادث أدى إلى كسر بالذراع وتمزق بأربطة الساق وضياع الوظيفة قبل أيام قليلة من الالتحاق بها.
وبعد ذلك اكتشفت إصابة عينيها بالمياه البيضاء، كما قال الطبيب إن والدتها تحتاج لجراحة عاجلة بالعمود الفقري.
وفي سبتمبر الماضي حصلت مها وابنتها ووالدتها على البطاقة الصفراء من مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، لكنهن لم يحصلن على أي خدمات طبية أو مساعدة مادية رغم سعيهن لذلك.
وقد أعلنت المفوضية مؤخرا تقليص دعمها للاجئين وطالبي اللجوء في مصر جراء أزمة تمويل ضخمة تواجهها المنظمة الدولية.
وتقول مها للجزيرة نت “حاولت كثيرا التواصل مع المفوضية لكنني فشلت في الحصول على دعم طبي لي ولأمي أو دعم تعليمي لابنتي، نحتاج المساعدة لأننا في أشد الحاجة لها”.
وأجبرت أزمة التمويل الإنساني المفوضية على تقليص دعمها للاجئين وطالبي اللجوء في مصر، خاصة الدعم الطبي، إذ اضطرت إلى تعليق كافة أشكال العلاج باستثناء التدخلات الطارئة المنقذة للحياة.
وذكر تقرير حديث لها أن عشرات الآلاف أصبحوا غير قادرين على الوصول إلى الرعاية الصحية الحيوية وخدمات حماية الطفل وأشكال المساعدة الأخرى، مما أثر على نحو 20 ألف مريض، بمن في ذلك من يحتاجون إلى جراحات السرطان والقلب والعلاج الكيميائي.
وركزت المنظمة في تقريرها على معاناة اللاجئين السودانيين، وهم الأكثر عددا بين الجنسيات اللاجئة في مصر.
وقال مسؤول الصحة العامة في المفوضية بالقاهرة جاكوب أرهم إن الحصول على الرعاية الصحية كان عاملا رئيسيا دفع العديد منهم إلى الفرار إلى مصر.
وأضاف “النظام الصحي في السودان من أوائل القطاعات التي انهارت بعد اندلاع القتال، والعديد من العائلات التي فرت تضم أفرادا مرضى غير قادرين على تحمّل تكاليف العلاج، ومع أزمة التمويل التي تواجهها المفوضية فإن من المحتمل أن يفقد الكثيرون حياتهم”.
ضغوطوفي السياق، قالت نائبة ممثلة المفوضية في مصر مارتي روميرو إن القاهرة تواجه ضغوطا هائلة، والخدمات الأساسية تُدفع إلى أقصى حدودها، مشددة على الحاجة إلى دعم فوري ومستدام لمنع تفاقم الأزمة.
ووفق سجلات منظمة شؤون اللاجئين، هناك نحو 941 ألف لاجئ في مصر، منهم 631 ألفا من السودان وحده، في حين يؤكد مسؤولون بالحكومة المصرية أن العدد يصل إلى 9 ملايين لاجئ، مما يعني -وفق الرقم الرسمي- أن أغلبية الفارين من بلادهم لا يخضعون لمظلة اللجوء القانونية داخل مصر.
وأكدت المفوضية أنها لم تتلق في العام الماضي سوى أقل من نصف المبلغ المطلوب لدعم اللاجئين وطالبي اللجوء، وقدَّر رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي -في تصريح له- تكلفة الإنفاق على اللاجئين بما يزيد على 10 مليارات دولار سنويا.
أما رئيس لجنة الخطة والموازنة في مجلس النواب فخري الفقي فقال إن التكلفة السنوية لاستضافة اللاجئين تبلغ نحو 6 مليارات دولار خلال كلمة له في إحدى الجلسات البرلمانية.
وأضاف الفقي في مداخلة هاتفية لبرنامج تلفزيوني أن مفوضية اللاجئين تقدم دعما لعدد يقارب المليون شخص، في حين تتحمل الحكومة المصرية تكلفة الخدمات الأساسية المقدمة لنحو 8 ملايين آخرين يشكلون نحو 8% من إجمالي سكان البلاد.
وأوضح الفقي آلية احتساب التكلفة قائلا “تبلغ مصروفات الموازنة 4 تريليونات جنيه (جنيه واحد يساوي 0.020 دولار) مخصصة للخدمات الحكومية التي تقدمها الدولة لكل المقيمين في مصر، ونسبة الـ8% من هذه المصروفات تعادل 320 مليار جنيه، أي 6 مليارات دولار”.
ورغم تلك التقديرات الرسمية فإن المتحدث باسم مجلس الوزراء المصري أعلن في مارس الماضي عن تعاون حكومة بلاده مع منظمات الأمم المتحدة بهدف حصر التكلفة الاقتصادية لأعداد اللاجئين والوافدين المقيمين التي تتحملها الدولة المصرية.
أزمة التمويل
وفي أوائل أبريل الجاري أعلنت مفوضية اللاجئين أن الحكومة المصرية رفعت السعة اليومية لإصدار تصاريح الإقامة للاجئين من 600 إلى ألف شخص، كما تم تمديد مدة الإقامة من 6 أشهر إلى سنة كاملة.
وفي ظل تفاقم أزمة التمويل يجد رئيس مبادرة تنمية اللاجئين في مصر عبد الجليل نورين نفسه متأثرا بشكل شخصي بالأزمة، وفي الوقت نفسه يحاول أن يجد ملاذا لأولئك الآملين في أن يجدوا في مبادرته فرصة لنجاتهم.
ويعاني نورين من تمدد بالرئة، مما يتطلب إجراء عملية جراحية، وقد استوفى كل الأوراق التي تطلبها مفوضية اللاجئين في مثل حالته، لكنه ينتظر دوره منذ شهور دون أي بادرة أمل لاستجابة من جانب المنظمة التي تعاني أزمة في تغطية نفقات علاج آلاف اللاجئين.
ويقول للجزيرة نت “داخل مقر مبادرة تنمية اللاجئين نعايش بشكل يومي تبعات هذه الفجوة التمويلية، خاصة على الفئات الأكثر ضعفا مثل الأطفال المحرومين من الحماية والمرضى الذين تُركت ملفاتهم الطبية بلا علاج”.
ويعتبر الناشط الحقوقي تعليق الدعم الطبي -إلا للحالات الطارئة- بمثابة تخلي المجتمع الدولي عن مسؤولياته تجاه أناس دفعهم اليأس إلى اللجوء “في حين تُختزل حياتهم في أرقام داخل تقارير ميزانيات”.
ورغم التحديات فإن نورين يحاول -مع باقي أعضاء مبادرة تنمية اللاجئين- تعويض جانب من العجز التمويلي عبر شبكات التكافل المحلية والبرامج التنموية، ويختم “لكننا لا نملك حلولا بديلة عن نظام حماية دولي عادل”.
المصدر : الجزيرة