تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق معرض القاهرة الدولى للكتاب إحدى الأدوات الفاعلة للتعبير عن القوة الناعمة المصرية

يظل الكتاب الورقى وثيقة خالدة، ويحمل بهجة خاصة لدى الكتاب والمؤلفين، وهذا لا ينفى الحراك الحيوى الذى صنعه الكتاب الإلكتروني، القادر على الوصول إلى قطاعات أوسع من المتلقين، من جهة، والذى يمكن أن يعضد من صناعة النشر من جهة ثانية، وبما يتطلب مدونة من التشريعات المحددة، التى تحفظ حقوق الجميع.

وتكمن أهمية معرض القاهرة الدولى للكتاب فى كونه إحدى الأدوات الفاعلة للتعبير عن القوة الناعمة المصرية، ويحسب للدولة المصرية أنها وضعت كافة الإمكانات المادية والتقنية كى تظهر الثقافة فى وضعية أفضل فى (مركز مصر للمعارض الدولية).

إن وصول الثقافة إلى قطاعات متعددة من المتلقين مسألة حيوية، وهذا ما يوجب علينا جميعًا عملًا مستمرًا من أجل تعزيز معنى الثقافة فى الفضاء الاجتماعي، والاهتمام بمكونات صناعة العقل العام.

إن المثقف الذى وصفه المفكر إدوارد سعيد بأنه أعلى تمثيلات الحقيقة، يجد فى المعرض نقطة التماس مع الجمهور العام الذى لا تجده فى الندوات النوعية التى يرتادها جمهور متخصص فى الغالب، هنا تجد انفتاحًا على قطاعات أوسع من الجمهور، وبما يعنى ضرورة تعزيز قيم التقدم والاستنارة والانتماء، وتأكيد معنى الهوية المصرية ذات الجذور الحضارية المركبة.

ويشكل معرض القاهرة الدولى للكتاب جزءًا من الذاكرة الجمعية للنخب، والجماهير على حد سواء، وربما أستعيد وقائع الفعاليات الأولى التى شاركت فيها منذ أكثر من عشرين عامًا، وكنت لم أزل معيدًا فى الجامعة، غير أننى أجد نفسى أعود إلى الوراء قليلًا، واسترجع كتبًا ومؤلفات مركزية اقتنيتها قبل ذلك، ومن أهمها وأقربها إلى نفسى كتاب «مستقبل الثقافة فى مصر» للدكتور طه حسين الذى يُعد ملهمًا بالنسبة لي، ويكتسى هذا الكتاب بأهمية موضوعية لم تجعله يفقد بريقه على الرغم من مرور عشرات السنين على تأليفه، وقد جاء فى ظل سياقات سياسية وثقافية مركبة، فعقب معاهدة ١٩٣٦ بين مصر وبريطانيا، جاء كتاب «مستقبل الثقافة فى مصر»، مشيرًا إلى الجذر الحضارى للأمة المصرية، بانتمائها إلى الحضارة المصرية القديمة التى خرجت من عباءتها، ونبه إلى الانتماء المصرى لثقافة البحر المتوسط، ومن ثم فالصلة بين مصر وأوروبا وثيقة للغاية، ولذا كان البناء الجديد الذى يأتى عقب الاستقلال النسبى لمصر عن بريطانيا يجب أن ينهض من وجهة نظره على قيم الحداثة لإمكانية اللحاق بالعالم المتقدم. كان طه حسين أيضًا مفكرًا إجرائيًا، لا يمنح لقرائه تصورات نظرية محضة فحسب، ومن ثم نبه إلى إشكاليات التعليم الديني، وحذر من ازدواجية التعليم لدينا ما بين مدنى وديني، وربما تكمن الأهمية الحقيقية لكتاب «مستقبل الثقافة فى مصر» فى كونه تأسيسًا لفلسفة تقدمية تحوى أفكارًا مؤسسة عن التعليم وإمكانية تطويره وعصرنته.

وفى الحقيقة، فإن كتب طه حسين جميعها تُعد ملهمة لي، ولغيرى من النقاد، والمفكرين، فحين تقرأ بتمعن المشروع الفكرى والإبداعى لطه حسين، تشعر وكأنه كان معنيًا بالتأثير الفعلى فى حياة أمته، فنصوصه الإبداعية بدت تأسيسًا ملهمًا للسرد فى بواكير علاقة العرب بالرواية الحديثة، ونصوصه المكتملة مثل «دعاء الكروان»، و«الحب الضائع» تمثل نقلة نوعية فى مسار السردية العربية، وأعماله النقدية، وفى المتن منها «حديث الأربعاء»، و«من أدبنا المعاصر» بدت زوايا نظر عميقة للنص العربى قديمه وحديثه، وأحيانًا تأسيسًا مبكرًا للغاية لطروحات فى نقد النقد، أو درسًا تطبيقيًا رفيعًا فى الأدب المقارن من زاوية التأثير والتأثر بين نصين ينتميان لثقافتين وأدبين مختلفين. وفى مناخات العتامة والتطرف الدينى تصبح استعادة طه حسين واجبة، ويصبح استكمال ما بدأه أمرًا لا غنى عنه فى استئناف مشروع التحديث المصرى والعربى من جهة، وتكريس فكرة الدفاع عن العقلانية بوصفها جوهر التنوير من جهة ثانية.

ومن بين الكتب الملهمة بالنسبة لى أيضًا كتاب إدوارد سعيد «العالم والنص والناقد»، حيث يمثل نظرة وسيعة ومعمقة للفكر النقدى، وللنظرية الأدبية المعاصرة.

ولا يمكن ذكر إدوارد سعيد من دون الإشارة إلى مؤلفه المهم «صور المثقف»، وقد بدا إدوارد سعيد مشغولًا دائمًا بمعنى المثقف، وتعبيره عن محيطه الاجتماعى، والمثقف لديه يجب أن يكون أعلى تمثيلات الحقيقة، وهو أيضا عينة ممثلة لجمهوره، فلا يجب أن يخذلهم.

وربما يعد الكتاب مركزًا للمعرض، إنه الحقيقة، والاحتفاء معًا، وصاحب التأثير الفاعل الخلاق. وفى الآونة الأخيرة التى سبقت معرض القاهرة الدولى للكتاب انتهيت من قراءة المجموعة القصصية «حفيف صندل» للدكتور أحمد الخميسي، وهى مجموعة قصصية لافتة، تعزز من تنويعات القصة وتحولاتها فى اللحظة الراهنة، مع الوعى النافذ بخصوصية هذا الفن، وقدرته على الوجود فى صيغ سردية متعددة على مستوى المتن القصصى من جهة، وعلى مستوى التكنيكات المستخدمة من جهة ثانية. إنها إضافة نوعية وجمالية لفن القصة القصيرة.

ومن اللافت أيضًا استعادة القصة القصيرة لعافيتها فى السنوات القليلة الماضية، وقد تجلى ذلك فى عشرات الإصدارات الإبداعية التى سيكون للمعرض فى ٢٠٢٥ حظ وافر منها.

وبعد.. معرض الكتاب عيد حقيقى للكتاب، وانحياز للتفاعل الخلاق والممتد بين الثقافة وجمهورها العام.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: معرض القاهرة الدولي للكتاب الدكتور يسري عبد الله معرض القاهرة الدولى للکتاب إدوارد سعید الثقافة فى طه حسین من جهة

إقرأ أيضاً:

الفن قاطرة التقدم والتنمية

تأكيداً على دور الفن فى دفع عجلة المجتمع للأمام ونحو آفاق أرحب وتحقيق التنمية فى مختلف المجالات وأنه قاطرة التقدم والانطلاق نحو مجتمع ناجح افتتح الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة معرض «ربع تون» للفنان العالمى والموسيقار العراقى نصير شمة والذى يستضيفه قطاع الفنون التشكيلية برئاسة الدكتور وليد قانوش بقاعة الباب فى ساحة دار الأوبرا المصرية وشارك بالحضور الدكتورة نيفين الكيلانى وزيرة الثقافة السابقة وعدد من الشخصيات العامة والفنانين وأساتذة الفنون.. وظهر المستوى الفنى للمعرض أكثر من رائع ويعتبر تجسيداً حياً لقوة الفن وقدرته على تجاوز الحدود الثقافية المتنوعة خاصة وأن الأعمال التى يتم عرضها تمثل رحلة روحية وفكرية تلامس أعماق الروح وتؤكد تميز إبداعات الفنان نصير شمة وتفرده حيث استطاع أن يخلق لغة بصرية تعكس تجربته الموسيقية العميقة وبالفعل يعد المعرض حدثاً استثنائياً يمزج بين ألوان الفنون المتنوعة.. ومن بين العوامل التى يجب أن نقف عندها استضافة القاهرة التى دائما ماتحتضن كافة انواع الفنون هذا المعرض الذى يجسد التلاقى بين الفنون المختلفة حيث تتحول الألوان إلى نغمات والفرشاة إلى آلة موسيقية ويؤكد المعرض أن الفن هو الجسر الذى يربط بين الثقافات ويعبر عن روح الإبداع.. ومن خلال المعرض الذى اشاد به جميع الحضور واعتبروه حالة خاصة جداً يقدم نصير شمة مجموعة من أعماله التصويرية التى تعكس تصوفاً ورهافة وكأنها نقوشاً على جدار أثرى حيث أكسبها أسلوبه التجريدى أبعاداً رحبة للخيال والشاعرية وكأنها إحدى معزوفاته ولكنها بطريقة بصرية تاركاً كل الحرية لوجدان المتلقى فى قراءتها والتأثر بها فهى كالألحان عذبة تسمح بنسج الحلم والأحاسيس.. ويعتبر هذا المعرض هو الثانى الذى يقام للفنان نصير شمة فى القاهرة وهو من اسباب السعادة الكبيرة التى كان عليها خاصة انه قضى سنوات طويلة من عمره مشاركا ومؤسساً وعازفاً وجزءًا فاعلاً من حركتها الثقافية.. ويذكر انه انشأ مدرسة بيت العود فى العديد من الدول العربية وموجود فى القاهرة لتعليم العزف الصحيح على العود.. اعتقد أن كل المهتمين بالأمور الثقافية يستشعرون الجهد الكبير الذى يبذله وزير الثقافة الدكتور أحمد هنو منذ توليه حقيبة الوزارة من اجل اثبات الدور المهم جدا للثقافة فى نهضة المجتمع وتقدمه..

‏[email protected]

مقالات مشابهة

  • الفن قاطرة التقدم والتنمية
  • ناصر عبدالرحمن يكتب: الشخصية المصرية «11».. (أُم)
  • تحية واجبة للشرطة المصرية
  • افتتاح فعاليات الدورة الـ56 لمعرض القاهرة الدولي للكتاب.. ووزير الثقافة: دورة استثنائية.. وتوظيف التطورات الرقمية لتقديم خدمة مميزة للرواد
  • وزير الاتصالات: معرض الكتاب يكرس للريادة المصرية
  • معارك الاستقرار إقليميًا وداخليًا
  • تحية واجبة للشرطة المصرية
  • معرض القاهرة الدولي للكتاب: أول هزيمة معنوية لإسرائيل بعد نكسة 67.. وضربة لعزلة مصر الثقافية
  • هدنة محفوفة بالمخاطر!