الذكاء الاصطناعي يحدث ثورة في التصوير بالرنين المغناطيسي
تاريخ النشر: 24th, January 2025 GMT
التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) واحد من أكثر التقنيات فعالية لتقييم الهياكل العميقة للدماغ البشري.
ورغم أن هذا الإجراء، الذي يستخدم المجال المغناطيسي وموجات الراديو لإنتاج صور للأنسجة الرخوة، يمثل تقنية غير جراحية ولا تستخدم الإشعاع، إلا أن له عيوبا. حيث يمكن، على سبيل المثال، أن تؤدي حركة المريض، مثل التنفس أو الرمش أو الحركات اللاإرادية، أثناء فحص التصوير بالرنين المغناطيسي، إلى عدم وضوح الصورة.
ولأن التصوير بالرنين المغناطيسي يلعب دورًا حاسمًا في تشخيص الدماغ والأبحاث العصبية، يفكر الباحثون باستمرار في طرق جديدة لالتقاط صور الدماغ البشري بشكل أفضل.
وأورد موقع "مديكال إكسبرس" المتخصص أنه ضمن هذا المجهود، ابتكر الباحثون في مختبر الدكتور لي وانغ، الأستاذ المشارك في قسم الأشعة، نموذجين جديدين للذكاء الاصطناعي التوليدي للمساعدة في تحسين جودة صورة التصوير بالرنين المغناطيسي للدماغ. يمكن لأحد النموذجين إزالة الأنسجة غير الدماغية بدقة أكبر من الصور فيما يمكن للآخر تحسين جودة التصوير بشكل كبير.
ونشرت ورقتان للباحثين حول هذا الموضوع في مجلة Nature Biomedical Engineering.
وقال وانغ، وهو أيضا عضو في مركز التصوير لأبحاث الطب الحيوي في ولاية كارولينا الشمالية الأميركية إن "جودة التصوير مهمة لتصور تشريح الدماغ وعلم الأمراض، ويمكن أن تساعد في اتخاذ القرارات السريرية".
وأضاف "يمكن لنماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية الخاصة بنا إجراء تحليلات أكثر دقة وموثوقية لهياكل الدماغ، وهو أمر بالغ الأهمية للكشف المبكر عن الحالات العصبية وتشخيصها ومراقبتها".
اقرأ أيضا.. الذكاء الاصطناعي يتنبأ بدقة بمرض السرطان والعلاج الفعال
قبل أن يتمكن التصوير بالرنين المغناطيسي من معالجة الصور بشكل كامل، يجب أولاً إزالة العظام المحيطة بالدماغ (الجمجمة) والأنسجة الأخرى غير الدماغية من الصور. تسمح هذه العملية للأطباء المختصين في الأشعة برؤية أنسجة المخ دون عائق. ومع ذلك، غالبًا ما تواجه أجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي صعوبة في توفير نتائج دقيقة.
وقد يؤدي تخطيط الجمجمة، عن غير قصد، إلى إزالة الكثير أو القليل جدًا من الأنسجة غير الدماغية المحيطة بالدماغ، مما يتعارض مع التفسير الدقيق لتشريح الدماغ.
أظهرت ورقة بحثية جديدة أن نموذج مخطط الجمجمة الخاص بهؤلاء الباحثين يمكنه إزالة الأنسجة غير الدماغية بشكل أكثر دقة والتنبؤ بالتغيرات في حجم الدماغ على مدى العمر. باستخدام مجموعة بيانات كبيرة ومتنوعة تضم 21334 عمرًا حصلوا عليها من 18 موقعًا باستخدام بروتوكولات تصوير وماسحات ضوئية مختلفة، أكد الباحثون أن نموذجهم يمكنه رسم العمليات البيولوجية الأساسية لنمو الدماغ والتقدم في العمر بأمانة.
صُمم نموذج الذكاء الاصطناعي الثاني، المسمى Brain MRI Enhancement Foundation (BME-X)، لتحسين جودة التصوير بشكل عام. وقد حددت ورقة بحثية سابقة، تفاصيل هذا النموذج والطرق التي يمكن استخدامها لتحسين رعاية المرضى والأبحاث العصبية.
مثل نموذج مخطط الجمجمة، اختُبر النموذج BME-X على أكثر من 13 ألف صورة من مجموعات متنوعة من المرضى وأنواع الماسحات الضوئية. وجد الباحثون أنه تفوق على الأساليب الحديثة الأخرى في تصحيح حركة الجسم، وإعادة بناء صور عالية الدقة من صور منخفضة الدقة.
كانت إحدى أبرز إنجازات النموذج الأخير هي قدرته على "تنسيق" الصور من ماسحات التصوير بالرنين المغناطيسي المختلفة. هناك العديد من ماسحات التصوير بالرنين المغناطيسي المستخدمة في العيادات وفي جميع أنحاء الولايات المتحدة والعالم، بما في ذلك تلك التي تنتجها شركات مختلفة، ويستخدم كل منها نماذج ومعايير تصوير مختلفة.
هذا التباين في الماسحات يمكن أن يجعل من الصعب على الأطباء والباحثين الحصول على نتائج واضحة ومتسقة. إلا أن النموذج BME-X يمكنه استيعاب جميع المعطيات وإنشاء بيانات "منسقة" لاستخدامها في الاحتياجات السريرية أو البحثية.
يتمتع كلا نموذجي الذكاء الاصطناعي المذكورين بالقدرة على تسهيل التجارب والدراسات السريرية التي تشمل مؤسسات بحثية متعددة أو ماسحات التصوير بالرنين المغناطيسي. في مجال تصوير الأعصاب، يمكن أيضًا استخدام النموذجين للمساعدة في إنشاء بروتوكولات وإجراءات تصوير موحدة جديدة. ويمكن أيضًا تطبيقها على طرق التصوير الأخرى، مثل الأشعة المقطعية.
مصطفى أوفى (أبوظبي) أخبار ذات صلة
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الذكاء الاصطناعي التصوير بالرنين المغناطيسي التصویر بالرنین المغناطیسی الذکاء الاصطناعی غیر الدماغیة
إقرأ أيضاً:
تطور أم طمس للحقيقة؟.. «اكسبوجر 2025» يفتح ملف صور الذكاء الاصطناعي
مشهد افتتاحي في إحدى قاعات المهرجان الدولي للتصوير «اكسبوجر 2025»، وصورة لا تصدق تظهر على المنصة لطفل يبتسم بين أنقاض مدينة مدمرة، تشكل لقطة مؤثرة متقنة الإضاءة، تذكرنا بأعمال المصورين الكبار، لكن المفاجأة أن الصورة بالكامل بواسطة ذكاء اصطناعي، بهذا المشهد بدأت الجلسة النقاشية الأكثر إثارة للجدل في «اكسبوجر 2025»، حيث تحول الحضور من حالة التأمل لمولد صورة جديدة إلى الصدمة، بعد اكتشاف أن الصورة صنعت بواسطة الذكاء الاصطناعي.
الصورة في عصر الـ«ديب فيك».. هل تطمس الحقائق؟أدار الحوار المصور البريطاني جايلز كلارك، مستفزًا الحضور بسؤال: «هل ما زلنا نرى العالم عبر العدسة، أم أننا نراه عبر خوارزميات تبيع لنا أوهاما؟».
ناقشت الندوة المنعقدة على هامش المهرجان أزمة المصداقية التي تهدد أساسيات مهنة التصوير، وقال محمد محيسن، المصور الحائز على جوائز عالمية، إن «الذكاء الاصطناعي يحول الصورة إلى سلعة قابلة للتشكيل كالعجين، وخطورة هذا لا يكمن في التزييف فحسب، بل في صنع حقائق موازية تخدم من يملكون أدوات التحكم».
مفارقة العصر الرقمي.. التكنولوجيا تزيف وتكشفرغم هذا النفق المظلم بعض الشيء لم يكن النقاش تشاؤميا بالكامل، إذ ألقت فيرونيكا دي فيجاري، الخبيرة في الإعلام الرقمي، بتحد مضاد: «نعم، التلاعب بالصور أصبح أسهل، لكن نفس التقنية تمنحنا أدوات للكشف عن التزوير»، مضيفة: «المشكلة ليست في الآلة، بل في غياب الصورة الصحفية، اليوم تحتاج إلى شهادة ميلاد رقمية توثق كل تعديل فيها، بدءًا من التقطيع وانتهاءً بالفلتر».
ودعت ماريا مان، مديرة تحرير إحدى المجلات العالمية، إلى «مواثيق أخلاقية صارمة»، مشيرة إلى أن مؤسسات كبرى بدأت ترفض الصور المعدلة، حتى ولو بشكل طفيف، فيما يشبه العودة إلى زمن الأفلام التناظرية، حيث كان كل إطار ثمينا ولا يعادل.
من زاوية أخرى، استحضر سانتياجو ليون، المصور المخضرم الذي غطى نزاعات دولية، تجربته في تغطية الحروب، مشيرا إلى أنه خلال الأزمات، تتحول الصورة الى سلاح، معقبا: «شاهدنا كيف تنشر لقطات مزيفة لخلق سرديات كاذبة، أما الذكاء الاصطناعي سيحول هذا السلاح إلى أسلحة دمار شامل، إذا لم نطور مناعتنا البصرية».
في لحظة أشبه بالاعتراف، قال المصور سالم أمين، الذي بدأ مسيرته بعالم الأفلام الكيميائية: «كنا نحمض الصور في غرف مظلمة، لكننا كنا نعرف أن Film Negatives هي شهادة لا تغش، اليوم، ينتج المصورون آلاف اللقطات دون حفظ النسخ الأصلية، مما يسهل التلاعب لاحقا».
وأضاف خلال لقاء «اكسبوجر 2025» بنبرة تحمل اأملًا: «التاريخ يعلمنا أن كل تكنولوجيا جديدة تولد فوضى قبل أن نهذبها، المهم ألا نتوقف عن السؤال: من يقف خلف هذه الصورة؟ ولماذا؟».