تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

22  كتابا وعدد كبير من الأبحاث تكشف المستور والمراوغ فى خطاب الجماعة الإرهابية وأفكارها وممارساتها

نشأته فى مدينة المنيا أسهمت فى معايشة عن قرب لأبرز الجماعات الراديكالية الجهادية التى تشكلت فى منتصف سبعينيات القرن العشرين 

الأعمال الكاملة للكاتب والخبير فى الإسلام السياسى تؤكد: كل جماعات العنف خرجت من عباءة «الإخوان المسلمون»

 المواجهة الشاملة المتكاملة للإرهاب.

. ملمح خاص وأساسى فى رؤية الكاتب القائمة على أن الكلمة هى بداية الفعل الإرهابي

 

 

 الأعمال الكاملة للكاتب الصحفى عبدالرحيم علي، الخبير المتخصص فى شئون الإسلام السياسي، والتى صدرت فى سبعة أجزاء، فى مارس ٢٠٢٣، عن مطبوعات المركز العربى للصحافة والنشر بالقاهرة، تأتى كمحصلة لمواقف ورؤى ومعارك خاضها الرجل على امتداد ما يقارب الأربعة عقود، ونحاول فى السطور التالية إلقاء الضوء على "ملامح" الكاتب، وخصائص كتاباته، ونجملها فى نقاط:

١ – سنوات التكوين الأولى والتنشئة على يد أب أزهري، مهتم ومنخرط بفاعلية فى هموم وطموحات، وقضايا الشأن العام (سياسيًا ونقابيًا).. أسهم ذلك المناخ فى تكوين "شاب" منفتح على تنوع ثقافى وفكري، فيه التواصل الواعى مع المفاهيم والمرجعية الدينية التى ترتكز على الاعتدال والتسامح ونبذ العنف والكراهية، وتواصل آخر واعٍ أيضا مع ثقافات وعلوم ومعارف حديثة ومعاصرة.

٢- شهدت تلك النشأة، فى مدينة المنيا، معايشة عن قرب لأبرز الجماعات الراديكالية الجهادية، التى تشكلت فى منتصف سبعينيات القرن العشرين، فى الحى الذى كان يسكنه وقتها، وكان الكثير من قياداتها زملاء دراسة، بل إن بعضهم كان من أصدقاء شبابه الأول، الأمر الذى ساعده على تفهم أفكارهم ومخططاتهم.

٣- وكما يقال "ليس من رأى كمن سمع"، كان الرجل فى طليعة المبادرين والمحذرين من مخاطر مشاريع ومخططات جماعات وفرق الإسلام السياسي، وشرع فى تسليط الضوء وكشف المستور والمخادع والمراوغ فى "خطابها" وأفكارها وممارساتها. وهنا تكمن واحدة من أبرز سمات الباحث وكتاباته، أعنى السبق والريادة. (بالطبع كانت هناك كوكبة من المفكرين والكتاب – لايتجاوز عددهم وقتها، فى نهاية السبعينيات، أصابع اليد الواحدة، أشاروا وحاولوا لفت الانتباه لتلك المخاطر).

٤- من بدايات انشغال الباحث بملف "جماعات الإرهاب" ألزم نفسه بالأخذ بمنهج بحثى فى الرصد والتحليل والاستقراء، يخضع لشروط ومحددات المنهج العلمى الرصين. ولذا سعى من البدايات لامتلاك الأدوات والوسائط التى تمكنه من التصدى لمسئوليات وشروط معركة مواجهة الإرهاب.

٥- المواجهة الشاملة المتكاملة للإرهاب.. ملمح خاص وأساسى فى رؤية عبدالرحيم علي. حيث الفكرة/ الكلمة هى بداية الفعل الإرهابي/ الرصاصة، من هنا كانت دعوته لأهمية التصدى الحاسم والمبكر للأفكار التى تنتج القنبلة والرصاصة والحزام الناسف.

المكون الفكرى

٦- ونأتى لملمح أصيل ومائز فى المكون الفكرى للكاتب وفى رؤيته الشاملة لمواجهة الإرهاب، فبقدر اهتمامه بتفنيد وكشف عالم الإرهاب الأسود، بقدر ماكان مدافعا عن "مشروع العدل الاجتماعي"، ومطالبا بتوفير مناخ سياسى نظيف، تحكمه قيم الديمقراطية والتعددية الحزبية، واحترام حقوق الإنسان، وحرية الرأى والتعبير، ومحاربا للفساد، وداعيا لتمكين الشباب والفئات المهمشة، ومطالبا بالنهوض وإصلاح وتطوير منظومة التعليم والإعلام، والفنون والثقافة... باختصار تعزيز بناء "الدولة المدنية" وإعلاء قيم المواطنة، وتعزيز ثقافة ومفاهيم الحوار وقبول الآخر.. تلك الأفكار التى صدر بها برنامجه الانتخابى كمرشح لمجلس النواب بعد ثورة ٣٠ يونيو ودافع عنها وطالب بها فى مداخلاته تحت قبة البرلمان.

٧- ومن أهم مرتكزات العمل البحثى التى حرص الرجل على امتلاكها وتطويرها حيازة "ترسانة أسلحة نوعية متعددة الوسائط"، تمثلت في:

أ) مكتبة ضخمة، حرص على تكوينها على مدار أربعين عاما، تحوى آلاف الكتب.. وتشمل قسما للكتب التراثية المؤسسة للعلوم والمعارف الإسلامية، على تنوع مدارسها ومذاهبها فى الفقه والتفسير والفلسفة والتاريخ الإسلامي، يجاورها قسم يشمل الكتب والكتابات الحديثة والمعاصرة فى ذات المجالات. لأبرز المفكرين والعلماء المختصين بالفكر والفلسفة والتاريخ الإسلامي.

ب) أرشيف وثائقى (ورقى وإلكتروني) يضم مئات الآلاف من الوثائق والمؤلفات والحوارات والشهادات وملفات محاضر التحقيقات فى قضايا متعلقة بالتنظيمات والعمليات الإرهابية، ومكتبة سمعية وبصرية تتضمن آلاف الساعات لمواد تمثل مرجعية ورصيد زاخر وضرورى لدعم مشاريع البحث والرصد والقراءات المستقبلية فى ملفات الإسلام السياسى وجماعات العنف والإرهاب.

ج) فريق من الخبراء وشباب الباحثين فى ملف الإسلام السياسي: بدأب وجهد مؤسسى منظم، ومنذ ربع قرن أسس عبدالرحيم على مركزا بحثيا متخصصا فى دراسة الإسلام السياسى على تنوعه العقيدى والفكرى والحركي.. وعمل على تدريب وتأهيل فريق من شباب الباحثين على جمع وتصنيف وأرشفة تلك الكتب والوثائق، لتكون بمثابة "بنية تحتية" يمكن الاعتماد عليها فى خوض غمار البحث والرصد والتحليل الاستباقى والقراءات المستقبلية فى ملف الإسلام السياسى وجماعات العنف والإرهاب.

٨- اعتمد الباحث فى كتبه– والتى حوتها المجلدات السبعة– على ثوابت وتقاليد علمية منهجية، يأتى فى مقدمتها أنه يقدم للقارئ موقف أو رؤية صاحب/ أصحاب الفكرة، التى يعتزم مناقشتها أو نقدها، وذلك من خلال "نص"/ كتابات مرجعية معتمدة لتلك الجماعة، ويحرص أيضا على "ثبت" النص/ المشار اليه وفقا لتقاليد البحث العلمى الأكاديمي.

خصائص المنهج

٩- ومن أبرز خصائص المنهج الذى اتبعه المؤلف فى كتب موسوعته، وبشكل خاص عند تصديه لكشف حقائق غائبة، أو مواقف أحاطها بعض الغموض أو الانكار، أو بعض القضايا "التى تعمد الجماعة فى التعامل معها لاطلاق خطابات متعددة ومتباينة قد تصل أحيانا حد التضاد (ما يطلق عليه ازدواجية الخطاب الإخواني) فى قضايا مثل الموقف من الغرب وأمريكا/ الموقف من الأقليات الدينية/ الموقف من فوائد البنوك.

ومثل: إنكار جماعة الإخوان تورطها وضلوعها المباشر فى عمليات عنف وإرهاب واغتيالات، أو عند مناقشته لقضية غياب الديمقراطية الداخلية داخل التنظيم، وبطشها الشديد بأى مختلف أو ناقد لموقف أو سلوك، من داخل الصف الإخواني، أو عند استعراضه "للمسكوت عنه" فى ملفات الفساد والافساد المالى داخل الجماعة، ومصادر وسبل إدارة اقتصاديات تلك الجماعات.. أو ما قدمته وتقدمه "الجماعة الأم" من دعم مادى ومعنوى ولوجستى لجماعات الإرهاب التى خرجت من فكر ونهج الإخوان.

ونقول فى الرد على نفى أو إنكار أو صمت أو ازدواجية الخطاب الإخوانى يحرص المؤلف فى كتب موسوعته على أن يأتى بالردود الحاسمة والكاشفة، من خلال ماورد فى كتب ومذكرات وشهادات قيادات إخوانية بارزة وتاريخية، وبعضهم كان مسئولا بشكل مباشر عن إدارة تلك الملفات... ولعل نهج المؤلف فى موسوعته "وشهد شاهد من أهلها" قد يفسر بعضا من أسباب العداء والكراهية والانزعاج من شخصه وقلمه ولسانه، وبالتالى استهدافه بحملات التشويه والسباب التى تطلقها عليه المنصات والمواقع الإعلامية التابعة للجماعة أو الدائرة فى فلكها... ولعل فى ذلك أيضا ما يفسر ورود اسم عبد الرحيم علي– وعلى مدار العقود الثلاثة الماضية– فى مقدمة قوائم الاغتيالات التى تطلقها جماعات الإرهاب الأسود، والتى شملت معه أسماء قامات فكرية كبيرة، مثل فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر، والشهيد فرج فودة، والأديب نجيب محفوظ، والشاعر أحمد عبد المعطى حجازي، والمؤرخ والسياسى رفعت السعيد.

١٠ –كتابة "خنادق المواجهة"... والقصد هنا أن مشروع الكتابة عند عبدالرحيم على لا يتوقف عند دور الباحث والكاتب، يقول كلمته ويمضي، إنها حالة اشتباك فاعل، يتجاوز الإسهام "الفكرى المعرفي".. أو دور "الشاهد" الراصد... إنها كتابة/ ممارسة التصدى والمواجهة الميدانية العملية..كتابة/ ممارسة المواقف الواضحة... حيث لا مسافة بين الرجل وأفكاره... مواقفه... أفكاره.. يدعو لها.. ينزل بها إلى الشوارع والميادين... يهتف بها فى حشود المتظاهرين... يطوف بها ربوع وطنه.

إن كتابة عبدالرحيم لم تكن يوما كتابة مجانية.. إنها كتابة "خنادق المواجهة" والتمركز فى طليعة المدافعين عن صحيح الدين والتصدى لمحاولات "خطف الإسلام" التى تسعى لها جماعات وقوى وأفكار تستتر بشعارات ورايات زائفة.

ثم يحملها وتحمله- كتاباته وأفكاره - ليطوف بها عواصم وبلدان ساعيا ومساهما فى مد جسور التفاهم وبناء الثقة والحوار الهادف لتعزيز قيم "المشترك الإنساني" بين الشرق والغرب لتسود قيم التسامح والإخاء والمساواة. فتلك أهم خصائص كتابات عبد الرحيم و"موسوعته".

المجلدات السبعة

بعد أن تحدثنا عن الكاتب ومنهجه فى البحث وموقفه الثابت عن قناعة فكرية من تلك الجماعات، نستعرض معًا أهم ما جاء فى مجلدات الأعمال الكاملة التى تحوى حصيلة ما يزيد على ثلاثين عامًا، تناول فيها بالبحث والرصد والتحليل ظاهرة «الإسلام السياسي» على اختلاف تنوعها، الدعوية والإصلاحية والراديكالية.

واستعرض الكاتب أفكار ظاهرة الإسلام السياسى وتشكيلاتها التنظيمية ومرجعياتها الفكرية - العقيدية ومواقفها السياسية، وجماعات العنف والإرهاب التى أنتجتها، كاشفًا بمنهج بحثى رصين الوجه الحقيقى لتلك الأفكار والجماعات، ومحذرًا من مخططاتها فى التمدد والانتشار عبر التستر خلف شعارات دينية خادعة، وأكد أن مخاطرها ليست فقط على حاضر ومستقبل المنطقة العربية والدول الإسلامية، وإنما تتمدد تلك الأخطار لتهدد حاضر ومستقبل دول العالم بأسره.

المجلد الأول

جاء المجلد الأول بعنوان "الإخوان المسلمون.. قراءة فى الملفات السرية"، ويحتوى على كتابين.

• الكتاب الأول: الإخوان المسلمون.. قراءة فى الملفات السرية" وصدرت طبعته الأولى فى عام ٢٠١٣ (عن الهيئة المصرية العامة للكتاب) ويقع فى ثلاثة أبواب تضم تسعة فصول ويتناول بابه الأول مسارات الجماعة وممارساتها من خلال رصد الواقع السياسى المصرى منذ بدايات القرن العشرين وميلادها فى ١٩٢٨، عقب سقوط دولة الخلافة العثمانية، وتصاعد الشعور الوطنى، وعلاقتهم المتلونة مع القصر الملكى وحزب الوفد وأحزاب الأقلية وحزب مصر الفتاة والشيوعيين.. وبدايات علاقة الجماعة بالإنجليز ومحاولة التقرب من الأمريكان، ومحاولة استغلال العداء بين الغرب والشيوعية، حيث وصل الأمر بأن اقترح المرشد الأول حسن البنا عام ١٩٤٧ على مسئولين بالسفارة الأمريكية إنشاء مكتب مستقل مشترك بين الإخوان والحكومة الأمريكية لمحاربة الشيوعية، على أن توفر السفارة مرتبات ثابتة لأعضاء الجماعة الذين سيشاركون فى أعمال المكتب المشترك!! ويتوقف الكتاب أمام العلاقة بين الإخوان وثورة يوليو ١٩٥٢، وموقفهم بشكل خاص من جمال عبدالناصر، كما يتوقف بشكل تفصيلى أمام العلاقة بين السادات والإخوان وكيف بدأ التعاون والتفاهم وإلى أين انتهى الخلاف والمواجهة؟. 

ويرصد المؤلف مسار التسلل ومن ثم التواجد الملموس وصولًا للسيطرة والاستحواذ على مقدرات الاتحادات الطلابية وأغلب تشكيلات مجالس النقابات المهنية.. وكيف نجحت الجماعة أكثر من غيرها فى استغلال النقابات المهنية لتوثيق صلاتها بالطبقة الوسطى فى المجتمع المصري. ويعرض للتحالفات والتنسيق الذى مارسته جماعة الإخوان مع بعض الأحزاب السياسية فى انتخابات مجلس الشعب.

ومن السلوك الانتهازى فى التعامل مع الحكام والأحزاب ينتقل المؤلف لإستعراض السلوك الانتهازى داخل الجماعة وبنيتها التنظيمية، ويتوقف أمام قضية من أخطر القضايا التى عرفها تاريخ الإخوان، وهى فضيحة عبد الحكيم عابدين صهر البنا، أو "راسبوتين الإخوان".. ويكشف موقف "البنا" وتعامله مع تلك الأزمة الخطيرة عن انتهازية يصعب احتمالها أو السكوت عليها أمام ورطة اخلاقية بالغة الانحطاط.

ويعرض الكتاب لموقف المرشد والمؤسس الأول "البنا" من صديقه ونائبه ورفيق بدايات رحلة تأسيس الجماعة أحمد السكرى من خلال مجموعة من الرسائل والمقالات نشرها "السكرى" وتدلل على تردى الأوضاع داخل التنظيم.

وتتناول فصول الكتاب ملف العنف وتاريخ العمليات الإرهابية من اغتيالات وتفجيرات والتى نفذها "النظام الخاص" – الجناح العسكرى للإخوان – والذى شكل بمعرفة المرشد العام ونفذ سلسلة اغتيالات (النقراشى، الخازندار، السيارة الجيب.. إلخ).

• وفى فصل آخر نتوقف أمام قضية الديموقراطية داخل تنظيم الإخوان وغياب آلياتها واستبداد القيادة فى التعامل مع أى خلاف فكرى أو نقد، حتى لو جاء من رموز إخوانية كبيرة لها مكانتها ودورها المشهود به داخل النظام، فالفصل والإبعاد والتهميش وتلويث السمعة هى مفردات التعامل مع المختلف أو المنتقد.. وكل الشهادات الواردة فى هذا السياق جاءت على لسان رموز وقيادات مخلصة يصعب التشكيك فى ولائها لفكر الإخوان. 

ويستعرض فصل آخر ملف التنظيم الدولى للجماعة وموقف التنظيمات القطرية من فلسفته وآليات عمله ثم وقفة أمام نهج الإخوان على صعيد الفكر والممارسة من خلال خلط الدينى بالسياسى، وهو حال كل التنظيمات التى ترتكز على "خلفية" دينية. 

ويتناول الكتاب أهم المرتكزات الفكرية والمرجعيات التى يستند إليها الإخوان والموقف من الديموقراطية والتعددية الحزبية، ويكشف النظرية السياسية التى تعتمدها الجماعة للوصول للهدف المنشود "الدولة الإسلامية" أو دولة الخلافة، والموقف من غير المسلمين وحرية الاعتقاد.

ويختتم الكتاب بالتوقف أمام أفكار سيد قطب وكيف انعكست على البنية الفكرية والفقهية للإخوان، مع وافر التبجيل والتقدير لقطب وأفكاره داخل الصف الإخوانى. وأثره على مجمل الحركات الإرهابية كالقاعدة وداعش.. ليتأكد للجميع أن كل تلك الحركات الإرهابية العنيفة خرجت من عباءة الإخوان.

• الكتاب الثانى: كتاب فتاوى الإخوان (سبتمبر ٢٠٠٥ عن مركز المحروسة) ويتناول خلال أربعة فصول ومقدمة وخاتمة، مجموعة من أبرز الفتاوى المعتمدة من جماعة الإخوان المسلمين، صدرت عن مسئولى الإفتاء فى التنظيم، وهى فتاوى رسمية باسم الجماعة وليست من باب الرأى الشخصى الذى ينسب لصاحبه، وهى بهذا المعنى تعبر عن الموقف والرؤية الرسمية للتنظيم ويمكن تصنيفها وفقًا لعدة محاور وهى: الإخوان والأقباط، والإخوان والديموقراطية، والإخوان والمرأة، والإخوان والفن.

المجلد الأول

وجاء المجلد الثانى من الأعمال الكاملة للكاتب الصحفى عبد الرحيم على تحت عنوان "الإخوان المسلمون.. أوراق من دفتر الجماعة"، ويحتوى على ثلاثة كتب: 

• الكتاب الأول: أوراق من دفتر الإخوان "الجماعة من البنا إلى بديع"، وصدرت طبعته الأولى عام ٢٠٠٧ (مركز المحروسة يناير ٢٠٠٧) ويحوى خمسة أبواب تضم خمسة عشر فصلًا لسرد تاريخ الإخوان من مرحلة التأسيس ١٩٢٨- ١٩٤٥ إلى مرحلة التحول ١٩٤٥، ويتوقف أمام محطات مهمة فى مسيرة الجماعة كالعلاقة مع ثورة يوليو ١٩٥٢ وكيف بدأت بالوفاق وانتهت بالصدام، وترصد محطة أخرى مرحلة مهمة فى تاريخ الإخوان مع بداية سبعينيات القرن الماضى عقب الخروج من السجون بقرار الرئيس الأسبق السادات، وشهدت تجديد دماء الجماعة وتسللها الناعم فى مفاصل المجتمع المصرى، خاصةً فى الجامعات وبين أوساط الشباب، والتى قادها ببراعة ودهاء المرشد الثالث للإخوان عمر التلمسانى.

وفى فصل من الكتاب يتناول قصة التنظيم الدولى للإخوان والدور الذى لعبه القيادى الإخوانى مصطفى مشهور فى إحيائه وتمديده، كما نتوقف فى محطة أخرى أمام منطقة غائمة – عن قصد من الإخوان- تلك الخاصة بمالية الجماعة ونشاطها الاقتصادى، وتتواصل فصول الكتاب لتتوقف أمام محطة رؤى المحافظين والمجددين وما اصطلح على تسميته بتيار الإخوان السبعينى ودوره فى "أسلمة المجتمع" والنفوذ المتنامى للجماعة فى صفوف الطبقة الوسطى فى مصر من خلال السيطرة على أغلب النقابات المهنية والاتحادات الطلابية.

ويتناول الباب الرابع مسار وأبعاد علاقات الإخوان بالولايات المتحدة الأمريكية، يعرض آخر أبواب الكتاب لمحاولات بعض قيادات وكوادر الإخوان على مدار ثلاثة أرباع القرن من عمر الجماعة لممارسة النقد الذاتى للأوضاع التنظيمية الداخلية وأيضًا على مستوى الممارسات السياسية والفكرية للتنظيم.

• الكتاب الثانى: أزمة تيار التجديد الإخوانى السبعينى (عن مركز المحروسة يناير ٢٠٠٥) ويقع فى خمسة فصول تتناول قصة التقاء مجموعة من شباب التيار الإسلامى بالإخوان، وكيف تم تجنيدهم ليصبحوا العصا السحرية التى حولت الجماعة من جسد هزيل شائخ إلى بنية فتية متمددة فى ربوع مصر وجامعاتها وأغلب نقاباتها المهنية. 

ويتوقف الكتاب أمام محطة كاشفة ودالة فى تجربة غير مسبوقة فى مسيرة جماعة الإخوان، حينما تقدمت مجموعة من شبابهم إلى لجنة الأحزاب بغرض الحصول على ترخيص لحزب، وكانت تجربة حزب الوسط والتى تكشف بجلاء أزمة جيل السبعينيات الإخوانى، كما تكشف أيضًا موقف الحرس القديم فى الجماعة من أى محاولة لزحزحة أو تطوير المفاهيم والرؤى التى "شاخت" وتيبست ولم تعد ملائمة، وفق رؤية عدد من شباب الإخوان، مثل مبدأ السمع والطاعة، والسرية، ومفهوم الابتلاء، وعدم الشفافية فى الملفات المالية، وإعمال مبدأ النقد والنقد الذاتى داخل صفوف التنظيم وغيرها.

• أما الكتاب الثالث فى المجلد الثانى فيتضمن ورقة بحثية بعنوان "الإخوان.. الموقف من العنف ورؤيتهم للآخر". تتناول الورقة قضية من أكثر القضايا التى أثارت لغطًا وتأويلًا وإنكارًا فى مسيرة جماعة الإخوان، وهى الموقف من العنف والإرهاب.. وتعود سطور البحث إلى بداية فكرة العنف وآلياتها عند الإخوان وتحديدًا "النظام الخاص"، أى الجهاز السرى، وبعبارة أوضح "الجناح المسلح للتنظيم" واعتمدت الورقة فى سرد بدايات الجهاز السرى (تشكيله وأسلوب إدارته والعمليات التى قام بها وعلاقة كل ذلك بالمرشد العام ومسئوليته عنها) بالرجوع إلى أصحاب الشأن من قيادات التنظيم وفقًا لما جاء فى مذكراتهم وكتاباتهم وبشكل خاص الثلاثى الأبرز فى التنظيم المسلح وهم: أحمد عادل كمال وصلاح شادى ومحمود الصباغ.. وفى سرد تفصيلى تتوالى الذكريات والاعترافات التى تؤكد، بما لايدع مجالًا للشك أن "الجهاز المسلح" لم ينشط منفصلًا عن رأس الجماعة، فقادة الجهاز جزء أساسى من قادة الإخوان فى أعلى المستويات "مكتب الإرشاد" وعلى رأسهم الرجل الأول المرشد العام للجماعة.. وتكشف الورقة أكذوبة كبرى عندما يحاول البعض تبرير وجود الجناح العسكرى بأنه كان بغرض الكفاح ضد المستعمر، أو الإنخراط فى الحرب فى فلسطين.

ويتناول الجزء الثانى من الورقة البحثية موقف الإخوان من الآخر.. أى موقفهم من حرية الاعتقاد وحق غير المسلم فى ممارسة شعائره الدينية وحكم بناء دور العبادة لغير المسلمين، وهل يجوز دفن غير المسلمين فى مقابر المسلمين؟، ومفهوم الردة فى الإسلام وغيرها من الأسئلة الشائكة التى تكشف بجلاء حقيقة مواقف ورؤى وفتاوى الإخوان من قضايا حرية الاعتقاد وحقوق غير المسلمين.

المجلد الثالث

وصدر المجلد الثالث بعنوان «الجماعات الإسلامية الراديكالية (١)» ويتناول ملف الجماعات الإسلامية الراديكالية، التى خرجت من عباءة الإخوان المسلمين.

* الكتاب الأول فى المجلد: المخاطرة فى صفقة الحكومة والجماعات الإرهابية، وصدرت طبعته الأولى مايو ٢٠٠٠، ويرصد حالة الحيرة، والتى وصلت حد الارتباك، التى وقع فيها الكثير من الخبراء والمتابعين لنشاط جماعات العنف الدينى المسلح فى مصر طوال عام ١٩٩٩، وبدايات عام ٢٠٠٠، فحديث الانشقاقات وسط قادة جماعتى الجهاد والجماعة الإسلامية، وكذا حديث تكوين الأحزاب والصراع بينها «الشريعة والإصلاح» حول من يمثل الفرق الجهادية الإسلامية سياسيًا، بالإضافة إلى مبادرات وقف العنف التى راح يطلقها الجميع من تنظيم الجماعة الإسلامية وحتى تنظيم الجهاد، ودور عمر عبدالرحمن «مفتى الجماعة الإسلامية»، المؤيد لمبادرة الجماعة لوقف العنف، والرافض «فى فتوى أرسلها من داخل سجنه فى أمريكا» لفكرة تكوين أحزاب إسلامية والدخول من خلالها فى لعبة المجالس النيابية باعتبارها غير مقبولة شرعًا.

وكذلك الدور الأمريكى والأوروبى الذى بدأ يبرز ويزداد حدة فى مواجهة الإرهاب وقادة جماعات العنف، حتى وصل الأمر إلى حد مطاردتهم والقبض عليهم وتسليمهم إلى مصر عقب تفجير سفارتى أمريكا فى نيروبى ودار السلام، وموقف الدولة المصرية مما يحدث على هذه الساحة وكيف تتعاطى معه.. كل هذا رسم صورة محيرة فى مخيلة جميع المتابعين والمهمومين بهذه القضية؛ بل جميع القوى السياسية من أحزاب وجماعات ضغط، وامتلأت الأذهان بأسئلة عدة محيرة، لعل أهمها على الإطلاق دار حول ما إذا كان هناك منعطف تاريخى تمر به حركة جماعات العنف الدينى المسلح فى مصر؛ وبخاصة تنظيمى «الجماعة الإسلامية» و«الجهاد»، وما أبعاد هذا المنعطف؟ هل يتوقف على الحركة التكتيكية؟ أم يمتد ليصل إلى المنهج والرؤية وصولًا إلى الأفكار التى أنتجت العنف؟ وكيف ترى الدولة ما يحدث؟ وما تقييمها له؟ وكيف تعاطت مع هذه الخريطة الجديدة؟.

* الكتاب الثانى: المقامرة الكبرى.. مبادرة وقف العنف بين الحكومة والجماعات الإسلامية، وصدرت الطبعة الأولى منه فى ٢٠٠٣ عن مركز المحروسة، ويتناول بالرصد والتحليل، الأجواء التى سبقت وصاحبت، ما اصطلح على تسميته «مبادرة وقف العنف» والتى أطلقتها الجماعة الإسلامية فى يوليو ١٩٩٧، ويقع الكتاب فى مقدمة وسبعة فصول، ويرصد الفصل الأول الدوافع الحقيقية وراء إصدار قادة الجماعة - من داخل السجون- مبادرة وقف العنف، ويتناول الكاتب فى الفصلين الثانى والثالث إدعاءتهم وأكاذيبهم التى روجوا لها، خاصةً تلك المتعلقة بالموقف من الأقباط واستحلال أموالهم، وموقفهم من الأعمال الإرهابية التى ارتكبوها على مدار أكثر من عشرين عامًا، كما يتناول المؤلف موقف الجماعة من قضايا رئيسية: «التكفير - الجهاد - الأقباط - السياحة - الحسبة»، ويرصد الفصل الرابع خريطة جماعات العنف الدينى فى مصر، ويتناول الفصل الخامس تنظيم الجماعة الإسلامية فى مصر، ويتوقف الفصل السادس أمام الصفقة بين الجماعة والحكومة.

واختتم الكتاب فى فصله السابع، بسؤال: ماذا يريدون، فى محاولة لإلقاء الضوء على جماعة من أهم وأخطر جماعات الإرهاب التى مارست نشاطها التنظيمى والفكرى والعملياتى فيما يقارب الثلاثة عقود بداية من سبعينيات القرن العشرين.

* الكتاب الثالث: الإسلام وحرية الرأى والتعبير وصدرت طبعته الأولى عن مركز المحروسة للنشر والمعلومات فى عام ٢٠٠٤ ويركز عبد الرحيم على فى الكتاب على تسليط الضوء على حقيقة أن الإسلام الصحيح يؤمن بالتعددية الفكرية، ويدعو إلى حرية الآخر فى الاحتفاظ بعقيدته المخالفة، فلا إكراه فى الدين ولا اعتداء على الآخر المسالم.

وكان من المقرر أن يصدر هذا الكتاب بالتعاون مع مركز ابن خلدون، إلا أن مركز ابن خلدون أعاد مخطوطة الكتاب وعليها ملاحظات، تكشف عن سعى متعمد لتكريس رؤية سلبية منفرة من موقف صحيح الإسلام من حرية الرأى والاعتقاد! ورفض الكاتب ملاحظات ابن خلدون لينشر الكتاب عبر دار المحروسة ويقوم المؤلف بالرد على تلك الملاحظات المتعسفة.

ويقع الكتاب فى ثلاثة فصول أولها يتناول القرآن وحرية الرأى والتعبير، ويتناول الفصل الثانى مواقف الرسول «ص» من حرية الرأى والتعبير، ويستعرض الفصل الثالث نماذج من كبار الأئمة والمفكرين القدامى والمعاصرين من قضية حرية الرأى والتعبير فى الفكر الإسلامى.

المجلد الرابع

 

وجاء المجلد الرابع تحت عنوان «الجماعات الإسلامية الراديكالية (٢)» ويشمل:

* الكتاب الأول: «حزب الله - لبنان»، ويتناول مسيرة الحزب والمتغيرات التى صاحبت تولى حسن نصر الله قيادته وعلاقاته بإيران وسوريا وموقفه من القوى السياسية اللبنانية وحركة المقاومة الفلسطينية.

* الكتاب الثانى: «الحركات الشيعية فى الجزيرة والخليج العربى»، ويرصد تواجد هذه الحركات فى المملكة العربية السعودية ودولة البحرين، واليمن ودولة الكويت والإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان، وقطر.

* الكتاب الثالث: «القوى الشيعية فى العراق»، ويرصد التركيبة المذهبية فى العراق، وخريطة القوى الشيعية فى العراق تاريخيًا وتواجدها على الخريطة السياسية فى عهد صدام حسين، وعقب سقوط نظامه وموقفها من الاحتلال الأمريكى للعراق، والدور السياسى الذى تلعبه الآن فى الواقع السياسى للعراق.

* الكتاب الرابع: «الاستراتيجية العكسرية والأمنية للتنظيمات الإسلامية المسلحة (القاعدة نموذجًا)»، ويتناول أهم مدارس ونظريات الاستراتيجية العسكرية والأمنية التى اتخذتها التنظيمات الاسلامية المسلحة بريادة ورعاية التنظيم الأم وأهم ركائزها التى تعتمد على حزب العصابات والاغتيالات والتفخيخات والعمليات الانتحارية والخلايا النائمة.

ويعتمد الكتاب على وثائق القاعدة فى هذا الشأن، خاصة كتابات أبومصعب السورى، المنظر الأهم فى مجال العمل الحركى والعسكرى من خلال موسوعة المقاومة الإسلامية وكتابات سيف العدل المسئول الأمنى الأبرز فى تنظيم القاعدة.

* الكتاب الخامس: «أمراء الإرهاب»، ويتناول قصة حياة ومسيرة أبرز القيادات التاريخية المؤسسة لتنظيم القاعدة عبدالله عزام، المؤسس الأول للتنظيم وعلاقته بجماعة الإخوان المسلمين، ورؤيته ومفهومة لقضية الجهاد فى الفكر الجهادى المسلح، ويتوقف المؤلف أمام الاسم الأكثر شهرة فى تاريخ القاعدة، أسامة بن لادن، حيث اكتسب التنظيم على يديه نفوذًا متصاعدًا فى خريطة الإرهاب الدولى، وثالث الأمراء الدكتور أيمن الظواهرى، والذى تمثل أفكاره ومقولاته العصب الحقيقى الذى حول التنظيم من شكل هيكلى إلى حالة عامة تسرى فى عقول شباب التنظيمات الإرهابية المسلحة.

المجلد الخامس 

ويستكمل المجلد الخامس تناول «الجماعات الإسلامية الراديكالية (٣)» ويشمل:

* الكتاب الأول: «تنظيم القاعدة.. عشرون عامًا والغزو مستمر»، وصدرت طبعته الأولى عام ٢٠٠٧ عن مركز المحروسة ويتناول أجيال التنظيم بعد ما يقرب من عشرين عامًا على إعلان تأسيسه، ومسيرته عقب هجمات ١١ سبتمبر ٢٠٠١ وأوضاعه الحالية والمستقبلية.

* الكتاب الثاني: ويشمل دراسة صدرت للمؤلف عن سلسلة دراسات استراتيجية عن مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام عام ٢٠٠٥ بعد مرور ٤ سنوات على هجمات ١١ سبتمبر فى محاولة للإحاطة بالبداية والمسارات وصولًا إلى آفاق مستقبل التنظيم.

* الكتاب الثالث: دراسة للمؤلف بعنوان «ظاهرة أجيال القاعدة وتوجهاتها» وتتناول مراحل تطور التنظيم فكريًا والتى بدأت بطور مساعدة الأقليات المسلمة المضطهدة، مرورًا بالطور الثانى: قتال الكفار المحتلين لبلاد المسلمين، ثم الطور الثالث: مقاتلة الأمريكان فى كل مكان، إلى الطور الرابع: حلف الإرهاب فى مواجهة أعداء الإسلام.

* الكتاب الرابع: «أسامة بن لادن.. الشبح الذى صنعته أمريكا»، وصدر فى سبتمبر ٢٠٠١ ويتناول ملف الرجل الذى أصبح أسطورة وحديث العالم بأسره، فأعداء أمريكا يعتبرونه «قدر الله» الذى جاء ليأخذ حقوق المضطهدين فى الأرض، وأصدقاء أمريكا يعتبرونه «الشبح» الذى يقلقهم، ويناقش الكتاب كيف انقلب «بن لادن» من الحليف رقم واحد للولايات المتحدة فى بداية الثمانينيات من القرن الماضى إلى العدو رقم واحد بعد عشر سنوات فقط، كما يتضمن الكتاب أهم وأول حوار أجرى مع أسامة بن لادن مع شبكة «CNN».

* الكتاب الخامس: يناقش كيف نشأ تنظيم القاعدة فى بلاد المغرب العربى، وجاء تحت عنوان «الجماعة السلفية للدعوة والقتال فى الجزائر.. كيف أصبحت القاعدة فى بلاد المغرب؟»، ويتناول تاريخ جماعات الإسلام السياسى فى الجزائر على تنوعها، والعشرية السوداء من بداية التسعينيات، حيث غرقت الجزائر فى بحور الإرهاب الأسود، وكيف خرجت من أرض الجزائر أغرب وأشرس الأفكار الإرهابية الدموية والتى تبلورت فى شكلها النهائى بإعلان تنظيم القاعدة فى بلاد المغرب العربي.

المجلد السادس

 

وجاء المجلد السادس فى سلسله «الأعمال الكاملة» للكاتب الصحفى والخبير فى ملف الإسلام السياسى عبدالرحيم على، تحت عنوان «الإعلام العربى والجماعات الإرهابية»، ويتضمن كتابين: 

* الكتاب الأول: الإعلام العربى وقضايا الإرهاب، وصدرت طبعته الأولى فى عام ٢٠٠٧ عن مركز المحروسة للنشر والمعلومات بالقاهرة.

يتناول الكتاب بالرصد والتحليل كيفية تعامل الإعلام العربى مع قضية الإرهاب التى شغلت العالم كله، واكتوى الجميع بنار أفكارها والممارسات الإرهابية التى طالت الكثير من بلدان العالم، وكان السؤال الجوهرى الذى تصدى له الباحث عبر صفحات كتابه هو: بأى قدر وبأى كيفية عالجت وسائل الإعلام العربية قضايا الإرهاب؟.

وقد وقع اختيار عبدالرحيم على، على قناتين فضائيتين هما «الجزيرة»، و«العربية»، وصحيفتا «الشرق الأوسط» و«القدس العربى»، كعينة لموضوع الدراسة، واتخذ من أحداث الحادى عشر من سبتمبر ٢٠٠١ نقطة بداية لرصد وتحليل هذه الوسائط الإعلامية لتلك الظاهرة، ويناقش الكتاب مدى التماسك بالتقاليد والأصول المهنية، وهل ثمة مجال لاتخاذ موقف محايد لا يعرف الانحياز فى التعاطى مع ملف الإرهاب، وإلى أى حد يؤثر مثل هذا الحياد على تشكيل اتجاهات ومواقف الرأى العام؟، ويتوقف بالرصد والتحليل أمام قضية شائكة من خلال سؤال: أليس مطروحًا أن تكون بعض الوسائط الإعلامية، بشكل مباشر، أقرب إلى تحبيذ الإرهاب والدفاع عنه، أو على الأقل تبريره والسعى إلى تجميله؟.

* الكتاب الثانى: سيناريوهات ما قبل السقوط وصدر يناير ٢٠٠٣ ووقع فى خمسة فصول.

الفصل الأول: يتناول العراق بعد صدام حسين، ورؤية أهم القوى السياسية فى العراق للخروج من الأزمة، وذلك من خلال حوارات شاملة مع قيادات هذه القوى السياسية والمذهبية.

الفصل الثانى: يتناول حوارات القوى والفصائل الفلسطينية سعيًا لوحدة الصف الفلسطينى، وتكشف الحوارات الشاملة مع قادة فتح حماس والجهاد الفلسطينى والحركة الديموقراطية لتحرير فلسطين والحركة الشعبية نقاط الالتقاء والاختلاف بين تلك الفصائل وأثرها على مستقبل القضية الفلسطينية.

الفصل الثالث: «السودان فى مفترق طرق»، ويتناول الأزمة وصراعات القوى والفصائل السودانية وقت صدور الكتاب، من خلال حوارات كاشفة مع رموز حزب الأمة الصادق المهدى وجون جارانج، ممثل حركة الجنوب، ومع السفير السودانى فى القاهرة ممثلًا للحكومة السودانية آنذاك.

الفصل الرابع: «الفكر الإسلامى»، وهو محاولة إنقاذ الإسلام ويشمل ثلاثة حوارات موسعة مع الدكتور سليم العوا «مصر»، وهانى فحص «لبنان»، والدكتور حسن مكى «السودان».

الفصل الخامس: وجاء تحت عنوان «الإخوان المسلمون.. هل يدخلون النفق المظلم؟» ويتناول حاضر ومستقبل جماعة الإخوان المسلمين فى مصر من خلال رؤى متعددة لأجيال مختلفة فى صفوف الجماعة، ويستعرض كلًا من الرؤية الكربلائية وعبر عنها مصطفى مشهور ومأمون الهضيبى، والرؤية التوافقية وعبر عنها مختار نوح، والرؤية المنهجية وعبر عنها الدكتور عصام العريان، ورؤية الحل الشامل وعبر عنها المهندس أبوالعلا ماضى «وكيل مؤسس حزب الوسط المصرى». 

المجلد السابع 

ويحتوى المجلد السابع على مختارات من مقالات للكاتب الصحفى عبدالرحيم علي، نُشِرًتْ فى أشهر الصحف والمواقع المصرية والعربية والأوروبية، كذلك يشمل بعض أهم الحوارات والمقابلات الصحفية التى تمت مع عبدالرحيم علي، فى صحف عريية وأوروبية.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: عبدالرحيم علي الجماعة الإسلامیة الإخوان المسلمین الإخوان المسلمون الإسلام السیاسى الأعمال الکاملة الإسلام السیاسی القوى السیاسیة العنف والإرهاب جماعات الإسلام سبعینیات القرن جماعات الإرهاب عبدالرحیم علی تنظیم القاعدة عبدالرحیم على القرن العشرین جماعة الإخوان الکتاب الثالث جماعات العنف الکتاب الأول الإرهاب التى غیر المسلمین التعامل مع الرحیم علی الجماعة من القاعدة فى عبد الرحیم الرحیم على مجموعة من فى العراق تحت عنوان الموقف من وقف العنف على مدار جماعة من خرجت من بن لادن من خلال من شباب فى ملف فى کتب فى مصر

إقرأ أيضاً:

ليست مجرد حكاية عن أب وابنته.. «البوابة نيوز» تنشر حكايات من المتوالية القصصية "بنت أبوها" للكاتبة غادة عبدالرحيم

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تنشر «البوابة نيوز» بضع حكايات من المتوالية القصصية “بنت أبوها” للكاتبة والأكاديمية الدكتورة غادة عبد الرحيم على؛ والصادر حديثا عن “صفصافة للنشر”.

تتناول حكايات الكتاب علاقة الابنة الكبرى «فريدة» بوالدها، والذي طالما لقبّها بـ «بنت أبوها»، واحتلت في نفسه مكانة خاصة، بينما ظل منذ وعت عيناها الدنيا يعني بالنسبة إليها كل شيء، ما أثّر إيجابا على سلوكها وسير حياتها.

طفولة مختلفة

منذ طفولتها، كانت فريدة مختلفة عن الجميع، لم تكن مجرد فتاة تكبر وسط عائلة تقليدية، بل نشأت في عالم يملؤه الحب والدفء؛ حيث لم يكن والدها مجرد أب، بل كان صديقها، ظلها الذي لا يفارقها، ومرشدها الأول في الحياة.

كان دائمًا يقول لها:

"إنتي أغلى حاجة عندي. مش بس بنتي، إنتي روحي اللي بتمشي على الأرض". 

بالطبع، وكأية طفلة، لم تكن تدرك في البداية كم كان هذا الحب استثنائيًّا. لكن كلما كبرت، بدأت تلاحظ أن علاقاتها بوالدها لم تكن مثل الجميع. وبينما كانت زميلاتها في المدرسة يتحدثن عن آبائهن بطريقة رسمية، كانت هي تحكي عنه كما لو كان صديقها المفضل.

الدكتورة غادة عبد الرحيم علىكانت تقول:

- بابا عمره ما رفض لي طلب.. بس الأهم إني عمري ما طلبت حاجة تافهة.

وتضيف بعفوية دون أن تقصد إغاظة أي منهن:

- بابا بيحترم رأيي حتى لو كنت صغيرة.. وبيسمعني كأن كلامي مهم.

لكن -شيئًا فشيئًا- بدأت تشعر بأن هذا الأمر يثير دهشة الآخرين! لكن بالنسبة لها، كان ذلك الحب هو الغلاف الرقيق الذي يحميها من العالم، فبدا لها -قبل أن تدرك حقائق الحياة القاسية- أن كل هذه المحبة مثل ماكينة لا تكف عن الهدير من أجل إسعادها.

أول وقود تلك الماكينة كان صباحات مليئة بالحب. كل صباح كان والدها يدخل غرفتها برفق، يزيح الستائر قليلًا، ثم يهمس بابتسامة:

- صباح الفل على أحلى بنوتة في الدنيا.

كان هذا المشهد يتكرر يوميًّا، لكنه لم يكن مجرد روتين، بل كان طقسًا خاصًّا، لحظة دافئة تبدأ بها يومها بطاقة تستمدها من هذا الرجل المتفاني في إسعادها.

لكن والدتها كانت ترى الأمور بشكل مختلف!

ذات صباح، بينما كانت فريدة تحتضن والدها بعد استيقاظها، قالت والدتها بنبرة حازمة:

-   فريدة، لازم تعتمدي على نفسك أكتر، مش معقول تفضلي طفلة طول عمرك.

عندها شعرت فريدة بالانزعاج، وكأن هناك ضربة بمطرقة ثقيلة هوت على قدمها. وقضيت بقية يومها تتساءل: لماذا ترى والدتها علاقتها بوالدها بهذه الطريقة؟ وهل كانت مخطئة في شيء؟ ولِمَ لا تترك أيامها تسير كما هي؟

لكن حتى عندما أدركت حقيقة كلمات أمها، كان ظلّ أبيها لا يفارقها، كان حاضرًا في كل تفاصيل حياتها، من حفلات المدرسة، إلى قراراتها الكبيرة والصغيرة. كان يشعر بالفخر بها، وكان يرى فيها انعكاسًا له. فقط، عندما التحقت بالجامعة، بدت لها كلمات الأم حقيقية أكثر من اللازم، وبدأت تشعر بأن العالم ليس مثاليًّا كما كانت تعتقد، وكانت الحياة تستعد لخمش جدار الهدوء الذي يحيط بعالمها.

في إحدى المرات، بينما كانت تجلس مع زميلاتها في قاعة المحاضرات، قالت ندى -إحدى زميلاتها- بسخرية:

- فريدة لسه عايشة في فقاعة باباها، مش عارفة إن الدنيا مختلفة!

عندها شعرت فريدة بالارتباك، فهي لم تكن معتادة على أن يكون قربها من والدها موضع سخرية، لكنها فضّلت ألا ترد. لكن بعد المحاضرة، واجهتها ندى مباشرة:

-   إنتي لازم تبدئي تفكري لوحدك، مش كل حاجة ترجعي لباباكي.

وكان هذا أول تحدٍّ حقيقي تواجهه فريدة، شيء لم تفكر فيه من قبل.

كانت فريدة تعشق الإذاعة المدرسية، فلم تكن تخشى الوقوف أمام الجميع، بل على العكس، كانت تحب صوتها وهو يملأ ساحة المدرسة، وكان لديها شغف بالكلمات والقصائد، وأحبت نقل المشاعر من خلال صوتها؛ لذلك لم تكن مجرد طالبة تؤدي فقرتها الصباحية، بل كانت تشعر أن صوتها يحمل رسائل، يبث الدفء والإحساس في نفوس زميلاتها ومعلميها.

ذات ليلة، بينما كانت تحضّر لفقراتها الصباحية لليوم التالي، اقترب منها والدها حاملًا ورقة بين يديه، فنظر إليها بحب وقال مبتسمًا:

-   حبيبتي، دي أول قصيدة أكتبها ليكي، نفسي تلقيها في الإذاعة.

نظرت إليه فريدة بدهشة ممزوجة بالسعادة، أخذت الورقة بحماس، وبدأت تقرأ الكلمات:

مَنْ يا عصفورةَ قلبي

يهديكِ الآنَ الوردة؟!

من يمنحكِ الحُلْم،

يتغنَّى باسمكِ في الطرقاتْ

يُطعمك السُّكَّرْ!

"فالشاعرُ ماتْ"

لم يبقَ سوى الإنسانِ المطروحِ

بعرضِ الشارعْ!!

تتقاسمه الأرجلُ والعرباتْ!!

ظلٌّ يتأبَّطُ كلَّ مسافاتِ الوجعِ الليليِّ

يسير..

خلف غزالٍ يَشْردُ،

يتوجَّسُ هذا الدرب

من يجثو الآنَ ليرفعَكِ على كتفيْهِ

"فالحلمُ تكسَّرْ"

لنْ تَرَيِ الآنَ سوى رَهَجِ الترحالْ

على الكتفيْن!

قال صديقي:

الشاعرُ لم يَعُدِ الآنَ نبيًّا

يعرفُ كلَّ الأسرار

صارَ الشاعرُ ظلًّا للوهَجِ المنبعثِ من البركانْ

قلتُ: العمرُ يجيءُ

ولا أعرف غيرَ نبيٍّ يأتي من عينيْها

حين تحاولُ أن ترفعَ جفنْيها

كي تبعثَ فيَّ الخوفْ

قال: الشعرُ حروفٌ من نارْ!

قلتُ: عيونُك يا "بنتي" يسبح فيها

وجهُ الله!

لم تكن مجرد أبيات شعر، بل كانت رسالة حب من والدها، تعبيرًا عن فخره بها وعن مكانتها في قلبه. شعرت أنها تعبر عنها تمامًا، وكأنها كُتبت بروحها قبل أن تخرج من قلمه.

وفي اليوم التالي، عندما ألقتها في الإذاعة المدرسية، كانت تشعر بارتجاف طفيف في صوتها، ليس بسبب الخوف، بل بسبب التأثر العميق. أيضًا كان هذا ما جعلها أبدعت في الإلقاء، حتى إن الجميع صمت تمامًا ليستمع إليها. كان إحساسها عاليًا، وعيناها تلمعان بنشوة النجاح. بعد انتهاء فقرات الإذاعة، اقتربت منها صديقتها إنجي وقالت بدهشة:

-   إزاي باباكي يكتب لك قصيدة؟ ده إحنا حتى حبايبنا مش بيكتبوا لنا كده!

ضحكت فريدة، لكنها لم تكن بحاجة للرد، فقد كان حب والدها مختلفًا عن أي حب آخر، وهو ما جعلها تشعر أنها ليست بحاجة إلى اهتمام أي شخص آخر، فحب والدها كان كافيًا لملء قلبها تمامًا. وكان هذا يتجلى خلال الاحتفال بعيد الحب. فكل عام في يوم الحب، كانت تذهب إلى المدرسة حاملة وردة حمراء، لم تكن من زميل معجب أو من صديقة، بل كانت من الأب الحنون المحب. وكان هذا طقسهما السنوي. في الصباح، قبل أن تخرج من المنزل، يمد يده ليعطيها وردة، ويقول لها بابتسامته الدافئة:

-   كل سنة وإنتي حبيبتي الأولى.

كانت تأخذ الوردة معها بفخر، تضعها في حقيبتها طوال اليوم، وعندما تسألها زميلاتها عن مصدرها، كانت تجيب بفخر:

-   من بابا.

وكان الأمر غريبًا بالنسبة لهن، فمعظم الفتيات كن يحلمن بأن يحصلن على وردة من شاب، بينما كانت فريدة ترى أن حب والدها هو الأهم، فهو الحب الذي لا يخيب، ويدوم إلى الأبد. وكانت الوردة دليلًا على أنه مهما كبرت، فستظل طفلته المدللة، وسيفضلها على الجميع.

ومن هذا الحب، ورثت فريدة حب الشعر من أبيها. وذات يوم دخل الأستاذ أسامة -مدرس اللغة العربية- إلى الفصل بحماس، وقال بصوته الجهوري:

-   في مسابقة لإلقاء الشعر على مستوى المحافظة، واللي عندها الجرأة والثقة في نفسها منكم ممكن تشارك!

كانت فريدة متحمسة، لكنها كانت تخشى تلك الفكرة "المنافسة على مستوى المحافظة"، فلم يعد الموضوع مقصورًا على المدرسة فقط. لكنها في المساء أخبرت والدها عن مخاوفها، ابتسم الرجل بحنان وقال:

- إنتي أقوى من أي مسابقة، وبكرة هتشوفي بنفسك.

في اليوم التالي، اختار لها الأستاذ أسامة قصيدة "إذا الشعب يومًا أراد الحياة" لأبي القاسم الشابي، وقال لها بحماس:

- أنت قوية وشاطرة وهتقدري تتغلبي عليهم كلهم على المسرح.

تدربت على القصيدة لساعات حتى باتت تحفظها عن ظهر قلب. وفي يوم المسابقة صعدت على خشبة المسرح، وقبل أن تبدأ ألقت نظرة سريعة على والدها الجالس بين الحضور، كان هناك جالسًا يبتسم لها بثقة. أغمضت عينيها وبدأت في الإلقاء، كان صوتها قويًّا، مشبعًا بالمشاعر. وحين انتهت، دوّى التصفيق في القاعة. نظرت إلى لجنة التحكيم فرأت في أعينهم إعجابًا واضحًا، أدركت حينها أنها انتصرت، ليس فقط في المسابقة، ولكن على مخاوفها أيضًا.

وفي اليوم التالي، عندما دخلت معلمة اللغة العربية إلى الفصل وأعلنت أن موضوع التعبير في هذا اليوم عن القدوة، وطلبت من كل فتاة أن تكتب عن شخص تعتبره قدوتها في الحياة، كان بطلها حاضرًا. لم تفكر فريدة كثيرًا، أمسكت قلمها وبدأت تكتب عن والدها، الرجل الذي منحها القوة والأمان في هذه الدنيا. كتبت عن دعمه لها، وثقته فيها، وعن حبه غير المشروط. وعندما انتهت من الكتابة، شعرت بالفخر بكل كلمة. لكن لم تكن تتوقع رد فعل المعلمة، التي -بعد أن قرأت موضوعها- نظرت إليها وقالت بسخرية:

-   هو أنا كل ما أطلب منك تكتبي، هتكتبي عن باباكي؟ في بنات باباها متوفي، وبتجرحيهم بكلامك.

شعرت فريدة بالحرج أمام الفصل كله، لكنها تماسكت وقالت بهدوء:

-   أنا لم أقصد أن أجرح أي حد، لكني عبرت عن مشاعري.

ساد الصمت للحظات، ثم همست إنجي بجانبها:

-   ولا يهمك.. اللي كتبتيه جميل جدًّا.

مع هذا، ظلت كلمات المعلمة تؤلمها، وجعلتها تتساءل: هل من الخطأ أن تحب والدها بهذا الشكل؟!

ولم تكن وحدها التي تفكر في الأمر. ففي "الفسحة"، وعندما كانت فريدة تجلس مع إنجي، فجأة سألتها صديقتها:

- فريدة، هو ليه علاقتك بباباكي قوية كده؟

تنهدت فريدة وقالت:

-   عارفة يا إنجي، أنا اتولدت وقعدت ٨ سنين طفلة وحيدة مدللة قبل ما تيجي أختي. كنت بحس إن بابا هو العالم كله، كنت وأنا طفلة أستناه في الشباك، حافظة حتى صوت كحته! كان لازم يأكلني بإيده، وكنا بنلعب مع بعض لعبة تثير فزعه، كنت أمسك إيده وأغمض عيني وأرمي راسي كأني مُت، وأول ما هو يخاف ويحاول يصحيني، أفتح عيني وأضحك من فرحتي بلهفته عليا.

ابتسمت إنجي بحزن وقالت:

-   أبوكي مختلف عن بابا… بابا كان شديد، كل حاجة أوامر، عمري ما حسيت إني قادرة أتكلم معاه. حتى لبسي هو اللي بيختاره، عمري ما حسيت بالحرية زيك.

نظرت فريدة إليها بحزن، وأدركت أنه ليس كل الآباء مثل والدها. شعرت للمرة الأولى أن ما تملكه ليس مجرد حب أبوي، بل كنز حقيقي لا يقدر بثمن.

وهكذا ظل حب والدها يملأ حياتها، يمنحها القوة والثقة، ويجعلها تشعر دائمًا أنها ليست بحاجة إلى أي شيء آخر. فالحب الأول في حياتها لم يكن قصة عابرة، بل كان أساسًا متينًا بنى شخصيتها، وصنع منها الفتاة التي لا تحتاج غير نظرة واحدة من والدها، لتشعر أنها قادرة على مواجهة العالم بأسره.         

رجل لا يشبه أحدًا

كانت فريدة تعيش في عالمها الخاص، عالم كان فيه والدها كل شيء. لم تكن فقط ابنته، بل كانت حبيبته الصغيرة، وكان يعاملها كما لو كانت طفلة رغم مرور السنوات. لم يتغير شيء، ما زال يجلسها على حجره ويداعب خصلات شعرها، ويقول لها بحب:

-   حبيبتي، إنتي أجمل بنت في الدنيا.

وكانت تشعر بأن حب والدها لها مختلف، ليس فقط لأنه كان أبًا رائعًا، بل لأنه كان يعرف كيف يحتويها، كيف يكون حضنًا دافئًا تلجأ إليه عندما تضيق بها الحياة. لكن الطبيعة الأنثوية القلقة جعلتها في أحد الأيام، وكانت تجلس بجانبه في المساء تشاهد التلفاز وهو منشغل بقراءة الجريدة، تلتفت فجأة إليه وتسأله بصوت خافت:

-   بابا، هو أنا هفضل بنتك المدللة حتى لما أكبر؟

وضع الجريدة جانبًا، ونظر إليها بابتسامة دافئة، وقال بثقة:

-   طبعًا، مهما كبرتِ، إنتي في عيني حبيبتي الصغيرة.

لكنها لم تكن تدرك حينها أن هذه الأيام الجميلة لن تدوم للأبد، وأن علاقتها بوالدها ستواجه اختبارًا لم تعتقد يومًا أنه سيأتي.

أبي.. الصحفي والشاعر

كان والدها عاشقًا للشعر منذ صغره، يكتب القصائد والنثر، وكانت مكتبته مليئة بالكتب، ودواوين الشعر، والروايات العتيقة. كان يعتبر الكلمات نافذته للعالم، والطريقة التي يرى بها الحياة. وكثيرًا ما كان يقرأ لها بصوت عالٍ. لكنه -رغم كل هذا العشق- لم يسلك الطريق التقليدي للأدباء. في الحقيقة، كان يحلم بدخول كلية الهندسة، لكنه لم يتمكن من ذلك، فانجرف نحو الصحافة، وهناك وجد نفسه.

كان والد فريدة شخصية متميزة في مجال الكتابة والصحافة؛ حيث أثرى المكتبة العربية بالعديد من المؤلفات المتخصصة في الإسلام السياسي. تميزت أعماله بعمق التحليل وسلاسة الأسلوب؛ مما جعلها محط اهتمام القراء والباحثين على حد سواء. ونظرًا لأهميتها، تمت ترجمة بعض هذه المؤلفات إلى اللغتين الإنجليزية والفرنسية؛ مما وسّع دائرة انتشارها وأتاح لغير الناطقين بالعربية الاستفادة من رؤاه وأفكاره.

كان شغوفًا بعمله، مكرِّسًا جلّ وقته للكتابة والبحث، مؤمنًا بدور الكلمة في إحداث التغيير والتأثير في المجتمع. لم يقتصر نشاطه على الكتابة فحسب، بل خاض تجربة إعلامية مميزة من خلال تقديم برنامج تلفزيوني وحيد. ورغم أنها كانت تجربته الأولى في هذا المجال، فإنه نجح فيها بامتياز، حيث كان البرنامج محط أنظار الجميع، من أبسط المواطنين إلى أكثرهم ثقافة. تميز بأسلوبه الفريد، بدءًا من لهجته البسيطة التي تخترق القلوب بسهولة، وصولًا إلى مصداقيته وشفافيته في تناول المواضيع.

وعندما قرر خوض غمار الانتخابات البرلمانية، حظي بدعم شعبي كبير؛ مما أهّله ليكون النائب الأول والأعلى تصويتًا. فقد أحبّه الناس لبساطته وقربه منهم، فقد كان يجسّد دور الأخ والأب والابن البار، بملامح الصعيدي الشهم الشجاع. تميّز بنزاهته وصدقه، وكان دائمًا قريبًا من هموم المواطنين، مكتبه مفتوح للجميع، يستمع لمشاكلهم ويسعى لحلها بكل إخلاص.

كذلك، خلال فترة رئاسته لتحرير إحدى الصحف كان قريبًا من الصحفيين، يدعمهم ويناصرهم، مؤمنًا بأهمية دورهم في نقل الحقيقة وتوعية المجتمع. كان مديرًا حنونًا وعادلًا، لا يخذل موظفيه، ويؤمن بأن الإدارة بالحب والعطاء هي السبيل لتحقيق النجاح والتميّز.

لذلك، لم يكن غريبًا في طفولتها عندما كانت كل مرة يُطلب منها كتابة موضوع تعبير عن شخصية مهمة أو رمز تكتب عن أبيها، حتى إن المعلمة سألتها مرة ساخرة: هو كل مرة هتكتبي موضوع عن والدك.. هو سعد زغلول يا بنتي؟!

وفي إحدى الليالي، وبينما كانت فريدة تقلب في أحد دفاتره القديمة، سألته بفضول:

-   بابا، أنت كنت بتحب الهندسة. ليه دخلت الصحافة؟!

ضحك والدها وهو يشبك يديه خلف رأسه، وقال:

-   الدنيا مش دايمًا بتدي لنا اللي إحنا عايزينه، بس أوقات بتدينا حاجة أحسن.

-   بس إنت كنت بتحلم تكون مهندس!

-   صحيح، لكن لقيت نفسي في الكتابة أكتر. ولما بدأت أكتب، حسيت إني بعرف أفهم الدنيا وأحكيها بطريقة مختلفة.

ظلت كلماته محفورة في ذهنها، ورغم أنها لم تكن تفكر في أن تصبح كاتبة، فإنها أدركت كم كان شغفه بالكلمات يشكل جزءًا من حياته. وفيما بعد، صار جزءًا من حياتها أيضًا.

أحلام مؤجلة

كانت فريدة تحلم بالسفر، أرادت أن ترى العالم خارج حدود مدينتها، أن تخوض مغامرات بعيدة عن الروتين المعتاد. كثيرًا ما كانت تجلس أمام شاشة الكمبيوتر، تبحث عن أماكن سياحية، تشاهد الكثير من مقاطع الفيديو عن السفر، وتقرأ تجارب أشخاص سافروا وحققوا أحلامهم.

وذات مساء جمعت شجاعتها وسألت والدها:

-   بابا، لو نجحت بمجموع عالي، ممكن تسيبني أسافر لوحدي في رحلة صيفية؟

نظر إليها والدها بتركيز، وكأنه يزن كلماتها، ثم قال بجدية:

-   السفر مسئولية كبيرة يا فريدة، مش مجرد فسحة، لازم تكوني مستعدة فعلًا.

أومأت برأسها بحماس:

-   أنا مستعدة! ها أثبت لك إني قد المسئولية.

راق له حماسها، لكنه ابتسم بحنان وربّت على رأسها:

-   نشوف، خلينا الأول ننجح بمجموع عالي.

ولم تكن تعلم أن هذا الوعد سيصبح عقدة في حياتها لاحقًا.

أول خلاف!

في الواقع، لم يكن كل شيء مثاليًّا! فقط هذه هي الحياة، لا يمكن أن تسير على وتيرة واحدة.

جاءت اللحظة التي شعرت فيها فريدة أن والدها غاضب منها لأول مرة في حياتها. كانت في الثانوية العامة، وكانت أحلامه لها أن تدخل كلية الإعلام لتصبح مذيعة مشهورة، لكنها تهاونت في دراستها، اعتقدت أن الأمور ستكون سهلة، لكنها صُدمت عندما حصلت على مجموع أقل من المتوقع.   

عندما علم والدها، نظر إليها بعيون مليئة بخيبة الأمل. قال بصوت هادئ لكنه مؤلم:

-   أنا كنت واثق فيكي.. سبت لك كل الحرية، لكنكِ خذلتيني.       

شعرت فريدة وكأن العالم قد انهار من حولها. لم يكن الأمر مجرد درجات فقدتها ومسيرة سوف تتغير خططها، بل كان إحساسها بأنها خيّبت ظن والدها لأول مرة في حياتها. وبعد أسابيع من التفكير، قررت أن تغير كل شيء. بدأت تضع جدولًا صارمًا لنفسها، تعيد تنظيم وقتها، وتبحث عن طرق لتحسين مهاراتها. انضمت إلى دورات تدريبية، بدأت في قراءة كتب تطوير الذات، واهتمت بتحسين مهاراتها في مجالات مختلفة، ليس فقط من أجل دراستها، بل لأنها أرادت أن تكون أفضل، أن ترى الفخر في عينَيْ والدها مرة أخرى.

مقالات مشابهة

  • الرئيس السيسى يؤدى صلاة العيد فى مسجد المشير ويتناول الإفطار مع أبناء الشهداء
  • الرئيس التونسي: عهد «اللوبيات» يجب أن ينتهي
  • عبدالرحيم على يهنىء الإمام الأكبر بشفائه
  • عون: لبنان دخل مرحلة جديدة بعد عقود من العنف والحروب
  • بعد ثلاثة عقود... بلغراد تحاكم غيابياً أربعة طيارين كرواتيين متهمين بقصف قوافل النزوح
  • ليست مجرد حكاية عن أب وابنته.. «البوابة نيوز» تنشر حكايات من المتوالية القصصية "بنت أبوها" للكاتبة غادة عبدالرحيم
  • الرئيس عون: لبنان دخل مرحلة جديدة بعد عقود من العنف والحروب
  • تقرير: توسع استعماري غير مسبوق في الضفة على امتداد العام الماضي
  • مهند نور أفضل الهدافين العرب في 2025.. وصلاح رابعاً
  • عادل عبد الرحيم يكتب.. أحكي لكم عن طفولتنا "السعيدة" في وداع رمضان واستقبال العيد