ليلى عطاء الله: عماد أبوصالح قوَّم مسار قصيدة النثر العربية
تاريخ النشر: 24th, January 2025 GMT
تتميز تجربة الناقدة والكاتبة التونسية ليلى عطاء الله بأنها تمزج بين الرصانة الأكاديمية، والبساطة الأدبية، فهي باحثة دكتوراه فـي الشعر العربي الحديث، وفـي الوقت نفسه شاعرة صدر لها ديوانان هما «تلك الوردة أحبت شاعرًا» و«لو كان لي بيت».
وقد صدر لها مؤخرًا كتابها «السردي فـي قصيدة النثر»، واعتمدت فـيه بالكامل على تجربة الشاعر المصري عماد أبوصالح، فهو بالنسبة لها واحد من قلة قوَّمت مسار قصيدة النثر العربية، وحينما استعان بتكنيك السرد فـي قصيدته لم يحولها إلى حكاية أو أمثولة، مثل غيره من الشعراء الذين سقطوا فـي هذا الفخ، هنا حوار معها حول الكتاب وتجربتها فـي قراءة مدونة عماد أبوصالح.
أبدءا من عنوان كتابك «السردي فـي قصيدة النثر.. من خلال مدونة عماد أبوصالح»، لماذا آثرتِ الابتعاد عن الشعري فـي القصيدة واخترتِ مناقشة السرد؟
«السردي فـي قصيدة النثر من خلال مدونة عماد أبوصالح» هو بحث فـي الصلب الشعريِّ وليس بعيدًا عنه، وعلينا أن ننبه أولًا إلى أن السردي نسبة إلى السرد - باعتباره نمطًا من أنماط الخطاب شأنه شأن الوصف - يمكن أن يكون مدخلًا إلى شعرية الشعر، وخاصة ما اصطلح عليه بـ«قصيدة النثر».
ثانيًا السرد ليس النثر، وهذا الخلط الاصطلاحي ظلم كثيرًا النصوص الشعرية التي توظِّف السرد، فعُدت من النثر، وأهمل النقدُ جمالية الخطاب، ليبحث عن خصائص النثر فـي الشعر، فابتعد بذلك عن الشعري فـي هذا النوع.
تقولين إن السردي هو طريقة الحكي والإخبار، وهو ليس جنسًا أدبيًا مثل الرواية أو القصة أو الملحمة.. هل قصدتِ أنه شكل من أشكال التعبير لهذه الأنواع الأدبية؟
السرد ليس خاصًا بجنس الروايات وحدها، بل يمكن أن يستضيفه الشعر، لكنه يعدله بما يُناسب خاصيته الشعرية، بمعنى أن توظيف السرد فـي الشعر يختلف عن توظيفه فـي النثر.
ما شكل الحكاية الواجب توفرها فـي القصيدة التي تعتمد على السرد؟
الحكاية فـي الشعر تقوم أساسًا على بنية تعتمد الحذف، والانتقال المفاجئ، فالشاعر ليس راويًا للأحداث بقدر ما هو مخترع للصور.
لماذا وقع اختيارك على الشاعر المصري عماد أبوصالح؟ وما الذي جذبك فـي تجربته؟
اخترت نصوص عماد أبوصالح لما تتميز به من شاعرية، ونصوصه من النوع الذي يُصطلح عليه بالشعر الخالص، ويكتب الشعر للشعر فحسب.
كيف استخدم عماد السرد فـي قصائده؟
هذا السؤال ينير ما قبله، عماد أبوصالح فهم الفرق الشاسع بين الشعر والنثر، لذلك لم يسقط فـي النثرية حين استدعى السرد فـي نصوصه، بل أزعم أنه من القلة التي قوَّمت مسار قصيدة النثر العربية، فكتب ما اقترحنا أن نصطلح عليه بالشعر غير التفعيلي والحُر.
ما التكنيكات الأخرى التي استخدمها؟
التجربة الشعرية فـي مدونة عماد أبوصالح ثرية، ومتنوعة، واعتماده السرد كان على طريقة كبار الشعراء، من أمثال إدغار آلان بو، وبودلير، وسعدي يوسف، وأمل دنقل، ومن التقنيات التي تميز كتابته، المفارقة التي اعتمدها فـي ديوانه «كان نائمًا حين قامت الثورة».
كيف مزج عماد أبو صالح بين الحكايات المتخيلة والواقعية فـي أعماله؟ وما خصائص كل لون؟
فـي الشعر لا وجود لما يُسمى الواقع، وقد أثبتت نظرية اللسانيات العرفانية أننا نحيا بالاستعارات، لكن يمكن أن نعيد صياغة السؤال ليصبح كيف تعامل الشاعر مع الواقع التجريبي؟ ليس من مهام الشعر أن يقدم حكاية تامة تعكس الواقع مثلما تواضع عليه النقد قديمًا، فالشعر لا يجب أن يكون عالة على قضاياه، بمعنى لا يجب أن يسهم مفهوم الالتزام فـي نثرية النص، بل على الشعر أن يكون فـي قلب التجربة، والشعرية فـي الآن نفسه، وهذا ما استطاع الشاعر عماد أبوصالح أن يلتزم به.
ما المختلف بينه وبين بقية شعراء قصيدة النثر العربية؟
لقد اطلعت على مدونات عديدة فـي هذا النوع الذي ينتمي إلى قصيدة النثر - وقد فصلتُ فـي الكتاب خصائصها مثلما بدأت مع الشاعرين الفرنسيين ألوزيوس برتران وبودلير من بعده - وهو يختلف بين شاعر وآخر، إذ أن تجربة الكتابة لا تتناسخ، لذلك ما يميز نصوص عماد أبوصالح هو انتماؤها إلى تجربة شعرية عربية عريقة، وليست إسقاطًا لتجارب أخرى.
كيف حضرتِ لهذا الكتاب؟ وما المختلف بينه وبين كتب النقد الأخرى؟
هذا الكتاب كان فـي الأصل بحثًا لرسالة ماجستير، لذلك كان العمل يقتضي تنوع المراجع، وطرافة المصادر، فنصوص عماد أبوصالح دخلت الجامعة للمرة الأولى مع هذا البحث، والبحث الأكاديمي يختلف عن أنواع أخرى من الكتب النقدية لكونه يخضع لمقاييس صارمة فـي تقويمه.
لماذا هذه النوعية من كتب النقد التطبيقي ناقصة فـي المكتبة العربية؟
أتفق معك فـي أن أكثر الكتب تعمد إلى عمل نظري يلخص أحيانًا النظريات النقدية، أو يسقطها دون ملاحظة الفروق بين المدارس النقدية، فـي حين أننا نحتاج أعمالًا تطبيقية تفـيد الجامعيين، وغيرهم ممن يسعى إلى القراءة التي تتجاوز الانطباع إلى التلقي.
هل تتفقين مع القول إن النقاد صاروا كسالى ولا يلاحقون ما يصدر، أم أن الكتب صارت أكثر من إمكانية ملاحقتها؟
يقتضي النقد مصادر ليتسنَّى النظر فـيها، ومنهجًا علميًا دقيقًا، وهو ما لا يتوفر غالبًا، والسبب ليس مسألة كسل، بقدر ما يعود إلى قلة نشر الكتب النقدية، إذ نحتاج من يقدِّر قيمة المنجز، وهو ما حدث معي لحسن الحظ، فصاحبة دار «الأمينة»، الكاتبة أمينة زريق، أستاذة وشاعرة، ولذلك تجازف بنشر هذا النوع الذي لا يلقى للأسف رواجًا كبيرًا لدى القارئ العربي، إضافة إلى الفرق بين الكثرة والجودة.
أنت شاعرة.. فماذا أضافت الشاعرة لتجربتك النقدية؟
النقد يجعلني لا أنظر بعين الرضا إلى ما أكتب، ثمة دائمًا زهرة غائبة فـي كل طاقة، أما الشعر فـيفـيد النقد، لأنه يمنحنا متعة القراءة الذاتية، أتوقف عند نصوص، ولا أحب تشريحها، فإن فعلت يكون النقد مصاحبة للنص، لا تعاليًا عليه.
ما جيلك فـي تونس؟
لا أعتقد أن الشعر، أو النقد يخضعان إلى ما يُسمَّى «مجايلة»، إنما هي مدارس نقدية قد يكون النص هو من يقترحها عليك، أما ربط الإبداع بجيل ما، فهو ضرب من التجني عليه.
أخيرًا، ما طموحك للشعر والنقد؟
الشعر والنقد لا ينفصلان، أسعى إلى إثراء المشهد النقدي العربي، وتوظيف النظريات الأدبية الحديثة، خاصة السردي فـي الشعر، وهو مشروع بدأه أستاذنا الشاعر فتحي النصري، وأود أن أطور هذا المشروع من خلال أعمال تطبيقية فـي الشعر العربي الحديث.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: السردی فـی فـی الشعر السرد فـی
إقرأ أيضاً:
«تحولات الخطاب الصهيوني وتحليل السرد» طبعة جديدة للدكتورة سارة فوزي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
صدر عن دار العربي للنشر والتوزيع كتاب "تحولات الخطاب الصهيوني وتحليل السرد" الدكتورة سارة فوزي، والكتاب متاح بمعرض القاهرة الدولى للكتاب قاعة (1) جناح (B58).
وعن الكتاب تقول الدكتورة سارة فوزي: يستعرض فصول هذا الكتاب الأبعاد الثقافية والإيديولوجية والمجتمعية للصراع العربي الإسرائيلي في ظل كثرة المؤلفات العلمية الأخرى التي تتناول الأطر السياسية والتاريخية والعسكرية للصراع محاولا تسليط الضوء على مقومات السينما الإسرائيلية في ظل الارتفاع المتنامي في مشاهدتها من قبل الجمهور العربي.
وإضافة ينبغي استقراء الفكر والإيديولوجية التي تكمن خلف صناعة السينما التسجيلية الإسرائيلية الحالية شكلا ومضمونا حيث تشكل هذه القراءة التحليلية أساسا محوريا في التخطيط الاستراتيجي فيما يتعلق بالسياسات الإعلامية والثقافية المصرية والعربية المستقبلية مع إسرائيل.
يشار إلى أن الكاتب مدرس الإعلام بقسم الإذاعة والتليفزيون بكلية الإعلام جامعة القاهرة، وحصلت على الدكتوراة بمجال السينما الإسرائيلية عام 2021، كما أنها رئيس لجنة العضوية بجمعية خريجي الإعلام ولديها العديد من المؤلفات منها في مجال الأدب الساخر وهم إسكريبتورا ومحاضرتين وكوباية شاي.