"رسالة في علم الكتابة والأحبار".. ندوة في معرض الكتاب
تاريخ النشر: 24th, January 2025 GMT
نظمت قاعة العرض، ضمن فعاليات البرنامج الثقافي في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ56، ندوة "التراث الحضاري" لمناقشة كتاب "رسالة في علم الكتابة والأحبار"، الصادر عن سلسلة التراث الحضاري بالهيئة المصرية العامة للكتاب، لمؤلف مجهول من العصر العثماني، وقد قام بتحقيقه ودراسته كل من الدكتور حسن علي عبيد، أستاذ علوم الآثار والمخطوطات بكلية الآثار جامعة عين شمس، والدكتور يحيى زكريا السودة، أستاذ الحضارة المصرية بجامعة الأزهر، والدكتور أحمد جمعة عبدالحميد، وأدارت الندوة الناقدة الدكتورة سلوى بكر في جناح وزارة الثقافة.
في مستهل الندوة، أكدت الناقدة سلوى بكر أن تطور صناعة الكتاب في الحضارة العربية الإسلامية كان أمرًا بالغ الأهمية، حيث لم تقتصر صناعة الكتاب على مجرد الكتابة، بل شملت العديد من المهارات المتعلقة بالأحبار ومواد الكتابة.
وأوضحت أن كتاب "رسالة في علم الكتابة والأحبار" يمثل جزءًا من هذه الكتابات التي تزخر بها التراث العربي، مشيرة إلى أن هذه الصناعة كانت فنًا وعلمًا واحتاجت إلى مهارات دقيقة لضمان استمرارية الكتابة وحماية المخطوطات من التلف.
من جانبه، تحدث الدكتور حسن عبيد عن أهمية الكتابة وإحياء العلوم القديمة، مشيرًا إلى أن العديد من المخطوطات التي تحتوي على علوم دينية وطبيعية تمثل كنزًا حضاريًا يجب أن يتم الاهتمام بها وإعادة نشرها، لا سيما في ظل النهضة العلمية الحديثة التي تشهدها مصر.
كما تناول الدكتور يحيى زكريا السودة في حديثه تقنيات صناعة الكتاب المخطوط، مؤكدًا أن صناعة الكتاب المخطوط كانت واحدة من أهم الصناعات خلال العصور الإسلامية، وتميزت بوجود ملايين المخطوطات الإسلامية في المكتبات والمتاحف حول العالم.
وشرح السودة المواد والخامات التي كانت تُستخدم في صناعة المخطوطات، مثل الحسب، الأكتاف، الرقوق، والورق، بالإضافة إلى الأحبار المستخدمة في الكتابة، سواء كانت أحبارًا سوداء أو ملونة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: علم الكتابة سلوى بكر الآثار والمخطوطات التراث الحضاري معرض القاهرة الدولي صناعة الکتاب
إقرأ أيضاً:
الكتاب الورقي.. حيٌّ يُرزق
د. ذياب بن سالم العبري
ليس غريبًا أن يتجدد الإقبال سنويًا على معرض مسقط الدولي للكتاب، وأن نرى القاعات تغُص بأطفال وشباب وكهول، يتحركون بين الأرفف كما لو أنهم يتنقلون بين أبواب مدينة قديمة، يعرفونها جيدًا، ويحنّون إلى تفاصيلها، رغم كل ما توفره التطبيقات والمنصات الإلكترونية من خيارات قراءة رقمية.
الكتاب الورقي لا يُختزل في محتوى يُقرأ، بل هو أثرٌ ملموس، ونسقٌ بصريٌّ ونفسيٌّ ووجداني، يشكل حضورًا داخل البيت، والمجلس، والذاكرة. وهو في عُمان ليس مجرد سلعة ثقافية، بل جزءٌ من منظومة تربوية مُتجذرة، بدأت من ألواح المساجد، ونسخ المصاحف بخط اليد، ووصلت إلى مكتبات المدارس والمجالس الأهلية ومبادرات النشر الفردية.
صحيحٌ أن العالم يشهد تحولًا رقميًا كبيرًا، وأن الأجهزة الذكية اختزلت آلاف الكتب في راحة اليد، لكن ذلك لم يُلغِ حضور الورق، بل أعاد تعريف دوره في الحياة المعاصرة. فقد أظهرت دراسة نرويجية أن الطلبة الذين يقرؤون من الكتب الورقية يتمتعون بفهمٍ أعمق وقدرةٍ أعلى على تذكّر التفاصيل، مقارنة بمن يقرؤون النصوص نفسها عبر الشاشات.
الكاتبة العالمية مارجريت أتوود قالت ذات مرة: "الكتاب الورقي لا يحتاج إلى بطارية، ولا يتعطل، ولا يُغلق بسبب تحديث"، وهذه المقارنة البسيطة تختصر جانبًا مهمًا من ثبات الورق أمام تقلّب التقنية. بل إن بعض الجامعات الكبرى في العالم، مثل أوكسفورد وهارفارد، ما تزال تُلزم طلاب الدراسات العليا بالرجوع إلى المراجع الورقية في أبحاثهم، باعتبارها أوثق مصادر التوثيق العلمي.
أما محليًا، فإن المتتبع لحركة النشر في عُمان خلال السنوات الأخيرة، يدرك أن هناك وعيًا متزايدًا لدى الكتّاب والباحثين بأهمية الطباعة الورقية، ليس فقط لأجل النشر، ولكن لحفظ الحقوق، وتأصيل الفكرة، وترسيخ الذاكرة الوطنية. مبادرات كثيرة، بعضها أهلية وأخرى برعاية مؤسسات، صدرت كتبًا توثق التاريخ المحلي، وتحفظ الأمثال الشعبية، وتدوّن التجارب الشخصية والمجتمعية بأسلوب علمي وتربوي.
إنَّ الحفاظ على الكتاب الورقي لا يعني الوقوف في وجه التطور؛ بل يعني بناء جسر متين بين المعلومة والتأمل، بين الفكرة والإنسان، بعيدًا عن ضجيج المحتوى السريع؛ فالكتاب الورقي يُعلِّم الصبر، ويُؤنس الوحدة، ويُربي عادة التدرج في الفهم، ويمنح القارئ إحساسًا حقيقيًا بالانتماء للمعرفة.
واليوم، في ظل عالمٍ يفيض بالمحتوى العابر، والتطبيقات التي تُسابق الزمن، هل ما زلنا نملك الشجاعة لتخصيص وقتٍ لكتابٍ يُفتح، وتُشمّ رائحته، وتُقلّب صفحاته ببطء، لنحيا داخله لا خارجه؟