كشف تقرير أمريكي عن فشل مساعي جماعة الحوثي لاستجداء إدارة الرئيس الأمريكي الجديدة دونالد ترامب، وجاء قرار إعادة تصنيفها "منظمة إرهابية أجنبية" صفعة للجماعة ورسالة واضحة.

   

وقالت مجلة "ناشيونال ريفيو" الأميركية في تقرير لها إن الرئيس الجديد ترامب غير راضٍ على ما يبدو، ليس فقط بإعادة تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية - وهي خطوة طال انتظارها - بل وأعلن أن الولايات المتحدة ستلغي أي مشاريع مساعدات إنسانية مع أي مجموعة تتعاون مع الحوثيين أو تنتقد الجهود الأميركية لمحاربة الحوثيين.

   

وتابعت "في العامين الماضيين، اختار الحوثيون أكبر معركة مع البحرية الأميركية منذ الحرب العالمية الثانية، وهو التطور الذي لم يلاحظه الجمهور الأميركي بشكل مذهل ولم تناقشه الإدارة السابقة بشكل فادح. إنه يوم جديد، وهذا اليوم الجديد هو يوم سيئ بالنسبة للحوثيين - وبصراحة، لا يبدو الغد جيدا بالنسبة لهم أيضًا.

   

وأردفت المجلة "الأمر ليس مثل إطلاق النظام الإيراني سراح الرهائن الأميركيين عند تنصيب ريغان، ولكن هذا الأسبوع، اتخذت إحدى الميليشيات التابعة لإيران، الحوثيون في اليمن، عدة خطوات تشير إلى أنها لم تعد حريصة على مواصلة القتال الآن بعد أن جلس دونالد ترامب خلف مكتبه في المكتب البيضاوي".

   

والاثنين الماضي قالت الجماعة أنها ستقتصر في هجماتها في ممر البحر الأحمر على السفن التابعة لإسرائيل فقط بعد بدء وقف إطلاق النار في قطاع غزة، لكنها حذرت من أن الهجمات الأوسع نطاقا قد تستأنف إذا لزم الأمر.

   

ومن غير المرجح أن يكون إعلان الحوثيين، الذي جاء أولاً في رسالة بريد إلكتروني أرسلت إلى شركات الشحن وغيرها في وقت متأخر من يوم الأحد، كافياً لتشجيع الشركات العالمية على إعادة دخول الطريق الذي يعد بالغ الأهمية لشحنات البضائع والطاقة بين آسيا وأوروبا.

   

وحسب التقرير فإن الجماعة قد أقدمت على خطوة تصالحية أخرى هذا الأسبوع، بإطلاق سراح طاقم سفينة الشحن جالكسي ليدر، وهي سفينة نقل مركبات تم الاستيلاء عليها في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 في بداية هجماتهم على الشحن في ممر البحر الأحمر. والآن أصبحت سفينة جالكسي ليدر التي تم الاستيلاء عليها مزارًا سياحيًا للرجال فقط في الحديدة باليمن.

   

تقول المجلة الأمريكية إنه إذا كان الحوثيون قد اتخذوا هذه الخطوات، على أمل التقرب من دونالد ترامب والإدارة الجديدة، فإن مساعيهم لم تنجح. فقد أصدر ترامب يوم الأربعاء أمرًا تنفيذيًا بإعادة تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية، في تراجع عن قرار جو بايدن بإلغاء تصنيف الجماعة قبل أربع سنوات.

   

ومنتصف يناير الجاري كشفت الجماعة الحوثي عما سمته "سوء تقدير" عند طلبها من السعودية، التدخل لدى اشنطن لخفض التصعيد، بعد الغارات الأمريكية البريطانية المشتركة الأخيرة التي استهدفت بالتنسيق مع إسرائيل مناطق عسكرية ومنشآت حيوية في العاصمة صنعاء وعمران وصعدة والحديدة.

   

وقال القيادي البارز في الجماعة محمد علي الحوثي في تصريحات لقناة "الميادين" إن جماعته طلبت من الرياض التدخل لدى واشنطن لخفض التصعيد، نظرا لترابط المصالح الأميركية والسعودية في المنطقة، والتي قال إنها قد تُستهدف إذا تم إلحاق الضرر بهم.

   

وطبقا لما قاله القيادي الحوثي فإن السعوديين أبلغوهم أنهم قد يدخلون تحالفاً جديداً مع تسلم الإدارة الأميركية الجديدة، واصفا ذلك بأنه سوء تقدير

المصدر: مأرب برس

إقرأ أيضاً:

هل تخضع طهران للشروط الأميركية بشأن برنامجها النووي؟

طهران- رغم حث الرئيس الأميركي دونالد ترامب إسرائيل -إبان حملته الانتخابية- على ضرب المنشآت النووية الإيرانية، ففي بادئ الأمر لم تخف طهران رغبتها في التفاوض مع الإدارة الجمهورية الجديدة لحلحلة القضايا الشائكة معها، لكن توقيع ترامب مرسوما رئاسيا يجيز تبني نهج صارم في التعامل معها، بدد الآمال المعلقة على نجاعة خيار التفاوض.

ومنذ ذلك الحين، انتهجت الإدارة الأميركية لغة تهديد حيال طهران، حتى قال ترامب -الشهر الماضي في مقابلة مع قناة فوكس نيوز- إنه "يأمل في التوصل إلى اتفاق نووي جديد مع إيران، وتجنب توجيه ضربات ضد مواقعها النووية".

في حين ربط مستشار البيت الأبيض للأمن القومي مايكل والتز -خلال مشاركته في برنامج فوكس نيوز الأسبوع الماضي- أي مفاوضات مع إيران "بالتخلي الكامل عن برنامجها النووي، وعدم تكرار أساليبها السابقة في المفاوضات"، الأمر الذي أثار تساؤلات عن مدى استعداد طهران لتلبية هذا الشرط.

السن بالسن

تكرار التهديدات الإسرائيلية بشن هجوم على المنشآت النووية في إيران والشروط الأميركية دفعت المرشد الأعلى علي خامنئي إلى رفض التفاوض مع "الشيطان الأكبر" وفق تصريحه، مؤكدا أن "التجربة أثبتت أن إجراء محادثات مع الولايات المتحدة خطوة ليست ذكية أو حكيمة أو مشرفة".

إعلان

وتعليقا على تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لدى استقباله وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو في القدس المحتلة، بـ"إنهاء المهمة" ضد إيران بدعم من ترامب، اعتمدت طهران معادلة "السن بالسن" في مواجهة أي تهديدات تستهدف أمنها القومي.

وفي كلمة له أمس السبت، بمناسبة حلول الذكرى الـ40 لتأسيس وزارة الاستخبارات، قال وزير الاستخبارات الإيراني إسماعيل خطيب إن "الجمهورية الإسلامية تتبنى إستراتيجية التهديد مقابل التهديد، والهجوم مقابل الهجوم، في مواجهة المغامرات والمداخلات والسلوك الشرير للولايات المتحدة والكيان الصهيوني".

وللوقوف على مدى استعداد طهران للتخلي عن برنامجها النووي وخفض نسبة تخصيب اليورانيوم على أراضيها لنزع التوتر مع واشنطن، استطلعت الجزيرة نت آراء 3 باحثين في مراكز الدراسات الإيرانية التي تباينت بين من يعتقد احتمال خفض النسبة، ومن يستبعد تراجع بلاده أمام التهديدات، في حين يستشرف ثالثهم صداما مستقبليا بين الجانبين.

في السياق، يقول مدير معهد العلاقات الدولية مجيد زواري إنه لا ضير في تكرار تجربة الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين طهران والمجموعة السداسية، حين قبلت بلاده بقيود على برنامجها النووي مقابل رفع العقوبات عنها.

ويستدرك -في حديثه للجزيرة نت- أن نسبة تخصيب اليورانيوم في إيران لم تتجاوز 20% قبيل التوصل إلى الاتفاق، إذ تقلصت بموجبه إلى 3.67%، وبالتالي فإنه من غير المنطقي أن تقبل طهران في المرحلة الراهنة -حيث تخصب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 60%- بالتراجع إلى مستويات متدنية على غرار 2015.

وبرأيه، ستنظر طهران إلى مقترحات الجانب الغربي بخصوص برنامجها النووي من زاوية "الربح والفائدة"، موضحا أنها دفعت ثمنا باهظا جدا من أجله، لكنها تعاني اليوم من عجز في الطاقة ونفاد بعض الأدوية من الصيدليات جراء العقوبات الغربية، بينما كانت تعول عليه لتحسين المعيشة في البلاد.

إعلان تجربة مريرة

وخلص الباحث زواري إلى أن الشارع الإيراني يطالب سلطات بلاده بعدم القبول بمواصلة التوتر الجاري واختيار المضي قدما في تطوير برنامجها النووي لرفع قوة الردع وتحييد التهديدات والضغوط الأجنبية، أو الاتفاق مع القوى الغربية لخفض التوتر ورفع العقوبات التي أثقلت كاهل الاقتصاد.

من ناحيته، يرى الباحث الأول في مركز الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية عباس أصلاني، في شروط البيت الأبيض ولغة التهديد التي يستخدمها ترامب، "سدا منيعا أمام الانتقال إلى مرحلة الجلوس إلى طاولة المفاوضات"، ناهيك عن نوعية الملفات التي ستطرح للنقاش.

وفي حديثه للجزيرة نت، يوضح أصلاني أن حكومة بلاده كانت صريحة في طرح رؤيتها إزاء المفاوضات بغية حلحلة القضايا الشائكة مع واشنطن ومعالجة الهواجس الإقليمية والدولية، لا سيما بشأن برنامجها النووي، لكنها اصطدمت بشروط أميركية تعجيزية مصحوبة بأوامر رئاسية بالعودة إلى سياسة أقصى الضغوط على طهران "التي ترفض التفاوض تحت قبضة التهديد".

وأضاف أن إيران تريد مفاوضات ندية ومتوازنة على أساس الاحترام المتبادل، لكي تحصل على امتيازات تتناسب والقيود الي ستقبل بها على برنامجها النووي من أجل تبديد هواجس الطرف المقابل، مشددا على أن مدى قبولها بقيود مرتبط بالامتيازات التي ستقبل واشنطن بتقديمها لها وضمان تنفيذها "حتى لا تُلسع طهران من جحر الاتفاق النووي مرتين".

صدام متوقع

من جانبه، يستغرب مهدي مطهر نيا، رئيس معهد "سيمرغ باريخ" للدراسات المستقبلية، الحديث عن إجراء مفاوضات بين إيران وأميركا في ظل تبني الأخيرة مبدأ التساوم بدلا من التفاوض، موضحا أن إدارة ترامب تصدر أوامر وشروطا من جهة وتتبنى سياسة أقصى الضغوط الاقتصادية والمواجهة السياسية من جهة أخرى تمهيدا لفتح صفحة الهجوم العسكري.

وفي تصريحه للجزيرة نت، يقرأ مطهر نيا السياسة الأميركية حيال طهران في سياق الدفع باتجاه العزلة، معتبرا أنه لا يمكن التطرق إلى سلوك الإدارة الأميركية الجديدة تحت عنوان الدبلوماسية، وإنما "حرب من أجل الكرامة وصون الشرف الوطني"، ولذلك لن تضيع واشنطن هذه المرة ورقة الزمن في خوض المفاوضات.

إعلان

ورأى أنه في حال قبول طهران بالشروط الأميركية تحت وطأة أقصى العقوبات الاقتصادية والضغوط الدبلوماسية، فإن ذلك سيعرض خطابها الثوري للخطر على الصعيدين الداخلي والإقليمي، مضيفا أنه فإذا لم ترضخ بلاده للمطالب الأميركية، فإنه يستشرف تصعيدا عسكريا ضدها بعد استنزاف طاقاتها بفعل هذه الضغوط.

في المقابل، يبدو أن طهران لا تنوي رفع الراية البيضاء مقابل الأوامر والشروط الأميركية تزامنا مع تبني سياسة المماطلة وشراء الوقت من خلال إبداء الحكومة رغبتها في خوض المفاوضات، ورفض السلطات الرسمية الأخرى على أمل انتهاء المرحلة الراهنة، وفق مطهر نيا.

وخلص رئيس معهد "سيمرغ باريخ" إلى أن بلاده ستتخذ خطوات لتقييد برنامجها النووي من أجل دفع الخطر وضمان مصالحها الوطنية، لكنها سترسم خطا أحمر لن يرضي أميركا دون أدنى شك، مما يدفع بإستراتيجيتها السابقة "لا حرب ولا تفاوض" نحو جلوسها إلى طاولة المفاوضات وخوضها غمار الحرب في نهاية المطاف.

مقالات مشابهة

  • معظمها ارتكبها الحوثيون.. تقرير يرصد تصفية 953 يمنياً خلال عشر سنوات
  • (تقرير موسع): 55 مليون دولار خسائر شركتي أدوية استولى عليهما الحوثيون
  • تحذيرات دولية من إزدهار القرصنة في البحر الأحمر بسبب سياسات الحوثيين
  • تقرير: هجمات الحوثي تعيد نشاط قراصنة الصومال بعد عقد من السبات
  • قناة السويس تستقطب 47 سفينة من طريق رأس الرجاء الصالح في فبراير الجاري
  • هل تخضع طهران للشروط الأميركية بشأن برنامجها النووي؟
  • تحذيرات دولية من احياء هجمات الحوثيين القرصنة بالبحر الأحمر
  • إعلام أمريكي: ''الحوثيون هاجموا طائرات مقاتلة ومسيرة أمريكية وجدل داخل الجيش حول كيفية الرد''
  • مليشيا الحوثي تختطف ثلاثة مشايخ قبليين في حجة وسط تصاعد التوترات
  • موقع أمريكي يقلل من أثر قرار تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية على قدراتهم العسكرية