عاشت سوريا فترة طويلة ومعقدة من النزاع المسلح والصراعات الداخلية التي شهدت انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان من مختلف الأطراف المتورطة.

بدأت هذه المرحلة منذ بداية النزاع في عام 2011، حيث أفرزت الحرب السورية أزمات إنسانية واسعة النطاق، تخللها انتهاكات شاملة شملت القتل العشوائي، والتعذيب، والاعتقال التعسفي، والاختفاء القسري.



كما لم تقتصر هذه الانتهاكات على طرف واحد، بل كانت مشتركة بين القوات الحكومية، والتنظيمات المتطرفة، وقوات أجنبية.

في ضوء هذه الانتهاكات الواسعة، تصبح العدالة الانتقالية ضرورة حيوية لتحقيق السلام والمصالحة في سوريا.

مبدأ أساسي واحد يكمن في السعي إلى تحقيق التوازن بين العدالة والمصالحة، وبين المحاسبة وبناء المستقبل والمجتمع على أسس قيم العدالة وحقوق الإنسان
وعند النظر إلى التجارب العالمية حول تطبيق العدالة الانتقالية، نجد أنها تتمتع بتنوعها وتأثرها بالسياقات الثقافية والسياسية المختلفة، ما يجعلها مصادر غنية للدروس والتطبيقات الممكنة، حيث تُعدّ تجربة جنوب أفريقيا واحدة من أبرز الأمثلة على العدالة الانتقالية، حيث شهدت البلاد فترة طويلة من التمييز العنصري (الأبارتايد)، فشُكّلت لجنة الحقيقة والمصالحة بقيادة "ديزموند توتو" والتي كانت تهدف إلى كشف الحقيقة عن الانتهاكات وتقديم فرصة للضحايا للتعبير عن معاناتهم.

أما في أمريكا اللاتينية، وبعد سقوط نظام الجنرال بينوشيه، شُكلت لجنة الحقيقة والمصالحة للتحقيق في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ارتكبتها الحكومة العسكرية. إحدى الدروس المهمة التي يمكن استخلاصها من تجربة تشيلي هي أهمية استقلال وشفافية لجان الحقيقة، مع ثقة المجتمع في نتائج التحقيقات، وتقديم تعويضات مالية، ودعم نفسي واجتماعي، مما يعكس التزام الدولة بإعادة بناء حياة الضحايا وضمان عدم تكرار الانتهاكات.

والكثير من التجارب التي يضيق المقام بذكرها والوقوف عندها، كتجربة رواندا بعد الإبادة الجماعية عام 1994، وتجربة البوسنة والهرسك بمحاكمة المتورطين بجرائم حرب، وغير ذلك، إلا أنها تشترك جميعها في مبدأ أساسي واحد يكمن في السعي إلى تحقيق التوازن بين العدالة والمصالحة، وبين المحاسبة وبناء المستقبل والمجتمع على أسس قيم العدالة وحقوق الإنسان.

العدالة الانتقالية مفتاح المصالحة والديمقراطية

تمثل العدالة الانتقالية إطارا قانونيا وفلسفيا يهدف إلى معالجة انتهاكات حقوق الإنسان خلال فترات النزاع أو الأنظمة القمعية، وتسعى هذه العدالة إلى تحقيق توازن بين مبدأي المحاسبة ومساعي المصالحة، من خلال آليات تشمل المحاكمات الجنائية، ولجان الحقيقة، وإصلاح المؤسسات، إذ تُمكِّن العدالة الانتقالية المجتمع من التحول من حالة الظلم إلى العدالة، ما يعزز القيم الديمقراطية واحترام الحقوق الأساسية.

أما جبر الضرر، فهو مبدأ يعبر عن ضرورة إعادة الأمور إلى نصابها بعد انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، ويشمل تعويض الضحايا ماديا ومعنويا، كما يُعنى هذا المفهوم بتحقيق العدالة التقويمية، التي تهدف إلى إعادة التوازن الأخلاقي والاجتماعي من خلال الاعتراف بالأذى والتعويض عنه، حيث يُعتبر جبر الضرر جزءا لا يتجزأ من العدالة الانتقالية، إذ يسعى إلى استعادة الكرامة الإنسانية وبناء الثقة في المؤسسات القانونية.

تحديات تحقيق العدالة الانتقالية

تشكل العدالة الانتقالية في سوريا تحديا معقدا ومتشابكا، نظرا للعديد من العوامل السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تعاني منها البلاد.

ولعلّ أبرز التحديات هو تورط العديد من الأطراف في النزاع، بما في ذلك القوات الحكومية وبعض الجماعات المسلحة والتنظيمات المتطرفة، ما يجعل محاسبة جميع المتورطين عملية معقدة وصعبة، ولا سيما إذا كان البعض من هؤلاء المتورطين قد وصلوا إلى مواقع السلطة.

كما تعكس هذه الحالة صراعا فلسفيا حول العدالة، حيث يواجه المجتمع تحديا في التوفيق بين مبادئ المحاسبة والعدالة من جهة، وضرورة المصالحة والاستقرار من جهة أخرى، إذ أنّ التوترات الاجتماعية والطائفية المتراكمة تعمق الفجوة بين المجتمعات المختلفة، ما يعقد عملية بناء الثقة وإعادة التلاحم الاجتماعي، الأمر الذي يتطلب إعادة تأطير مفهوم العدالة بحيث يتناسب مع التعددية الثقافية والدينية والاجتماعية التي تميز المجتمع السوري.

يمثل التحدي الاقتصادي عاملا حاسما في تحقيق العدالة الانتقالية. فالاقتصاد المتهالك والموارد المحدودة تعرقل تنفيذ برامج جبر الضرر والتعويض، وتفرض قيودا على إمكانيات إعادة الإعمار والتنمية. ويُطرح هنا سؤال جوهري حول كيفية تحقيق العدالة في سياق الندرة، ومدى إمكانية تحقيق التوازن بين تعويض الضحايا وإعادة بناء المجتمع.

وتضارب المصالح بين الأطراف المتنازعة يضيف بُعدا آخر لتعقيد العدالة الانتقالية، حيث تتعارض مصالح بعض الأطراف السياسية مع مبادئ العدالة، مما يتطلب توازنا دقيقا وتعاونا دوليا لضمان تحقيق العدالة من دون التضحية بالسلام والاستقرار. هذا التحدي يعكس أهمية العدالة الانتقالية بوصفه مشروعا جماعيا يتطلب مشاركة وتعاون جميع الأطراف لتحقيق أهدافه.

آليات تحقيق العدالة الانتقالية

ويمكن تحقيق العدالة الانتقالية من خلال عدة مراحل أساسية:

1- المساءلة والمحاسبة: تهدف هذه المرحلة إلى محاسبة المتورطين في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، من خلال إنشاء محاكم جنائية خاصة أو دعم المحاكم الوطنية القائمة، فالمحاسبة القضائية تعتبر حجر الزاوية في العدالة الانتقالية، حيث تساهم في تعزيز سيادة القانون ومنع الإفلات من العقاب، ومن الضروري أن تكون هذه المحاكم مستقلة وشفافة وتعمل وفقا للمعايير الدولية.

2- الكشف عن الحقيقة والتوثيق: ويمكن تحقيق ذلك من خلال تشكيل لجان تقوم بجمع الشهادات والأدلة من الضحايا والشهود، وهذه اللجان تساعد في تحقيق العدالة الرمزية وتمنح الضحايا الفرصة لسرد قصصهم وتلقي الاعتراف بمعاناتهم، كما أنّ الكشف عن الحقيقة يساهم في بناء فهم مشترك للتاريخ الأليم وتعزيز التفاهم والتسامح بين المجتمعات المتضررة.

تطبيق هذه الآليات في سوريا يتطلب التزاما سياسيا واجتماعيا قويا، وتعاونا دوليا لتقديم الدعم اللازم. فمن خلال تنفيذ هذه المراحل الأساسية للعدالة الانتقالية، يمكن للشعب السوري بناء مستقبل قائم على العدالة والمصالحة والاحترام المتبادل لحقوق الإنسان، ما يعزز السلام والاستقرار في المنطقة
3- إصلاح المؤسسات: تشمل هذه المرحلة تطهير المؤسسات الحكومية والأمنية من العناصر المتورطة في الانتهاكات، إذ يجب إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية وإعادة تدريبها على مبادئ حقوق الإنسان، وضمان شفافية العمليات وتحقيق الرقابة المستقلة، فالإصلاح المؤسساتي يهدف إلى ضمان عدم تكرار الجرائم وتعزيز ثقة المواطنين في مؤسسات الدولة.

4- جبر الضرر والتعويض: تهدف هذه المرحلة إلى تعويض الضحايا ماليا ومعنويا، عبر تعويضات مالية، وإعادة الممتلكات، وتقديم الرعاية الصحية والنفسية، وتوفير فرص التعليم والتدريب. فجبر الضرر هو عملية شاملة تهدف إلى إعادة بناء كرامة الضحايا واستعادة مكانتهم في المجتمع، كما يساهم جبر الضرر في تحقيق العدالة التقويمية ويساعد الضحايا في التعافي والاندماج من جديد في المجتمع.

5- مشروع قانون يحظر الترويج لنظام بشار الأسد والجرائم المرتبطة به: حيث يتضمن القانون حظر تبرير جرائم النظام الأسدي أو الترويج لها بأي وسيلة إعلامية، مع حظر شعارات ورموز التي تخص النظام الساقط، بالإضافة إلى منع إنكار الجرائم التي ارتكبها النظام، كجرائم الإبادة الجماعية واستخدام الأسلحة الكيمائية، عبر فرض عقوبة تصل إلى السجن 5 سنوات أو غرامة مالية.

كما يشمل القانون منع تأسيس أية تنظيمات أو حركات تدعم نظام الأسد أو تعمل على استعادة حكمه، بالإضافة إلى حماية الضحايا من خلال منع الإساءة لهم أو التشهير بضحايا النظام أو التشكيك في معاناتهم.

وفي الختام: إنّ تطبيق هذه الآليات في سوريا يتطلب التزاما سياسيا واجتماعيا قويا، وتعاونا دوليا لتقديم الدعم اللازم. فمن خلال تنفيذ هذه المراحل الأساسية للعدالة الانتقالية، يمكن للشعب السوري بناء مستقبل قائم على العدالة والمصالحة والاحترام المتبادل لحقوق الإنسان، ما يعزز السلام والاستقرار في المنطقة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مدونات مدونات سوريا العدالة المحاسبة المصالحة الجرائم الأسد سوريا الأسد جرائم مصالحة عدالة مدونات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العدالة والمصالحة لحقوق الإنسان هذه المرحلة جبر الضرر فی سوریا من خلال

إقرأ أيضاً:

منصور بن زايد: العدالة أساس الثقة بين المواطن والدولة

إيهاب الرفاعي ووام (أبوظبي)
احتفلت النيابة العامة الاتحادية بمرور خمسين عاماً على تأسيسها، وذلك تتوّيجاً لعقود من العمل القضائي الوطني المتواصل نحو ترسيخ العدالة وسيادة القانون في دولة الإمارات.
 وفي كلمة بهذه المناسبة، أكد سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس ديوان الرئاسة، أن النيابة العامة الاتحادية كانت على مدى العقود الخمسة الماضية، نموذجاً للعمل الوطني المشرّف، الذي جسّد قيم العدالة، ورسّخ مكانة القانون مرتكزاً أساسياً في بناء دولة الإمارات.
وأضاف سموه: «مثّلت النيابة العامة عنواناً للعدالة، وسنداً للدولة والمجتمع في حماية الحقوق وصون الحريات، من خلال منظومة قضائية متطوّرة، ورجال قانون حملوا الأمانة بكفاءة وإخلاص». وأشار إلى أن العدالة ليست نظاماً قانونياً فحسب، بل مسؤولية وطنية وثقافة مجتمعية تنهض بها المؤسسات، وتعكس رُقي الدول وتحضّرها، مؤكداً أن سيادة القانون لا تكتمل إلا عندما يشعر بها كل فرد في حياته اليومية، ويجد فيها الإنصاف والحماية والكرامة. ونوّه سموه إلى أن ما تحقق في مسيرة النيابة العامة هو ثمرة لرؤية قيادية واضحة، وجهود وطنية متواصلة، أسست لمنظومة قضائية رائدة تواكب المتغيرات، وتؤمن بأن العدالة يجب أن تكون سريعة وشاملة وإنسانية، مشدداً على أن العدالة تمثل حجر الأساس في بناء الثقة بين المواطن والدولة.
وقال سموه: «نؤكد دعمنا المستمر لتطوير عمل النيابة العامة الاتحادية، من خلال تسخير الإمكانات، وتبني الحلول التقنية، واستقطاب الكفاءات، بما يرسّخ ريادة الدولة في العدالة وسيادة القانون».
وثمّن سمو الشيخ منصور بن زايد جهود كوادر النيابة العامة، ودعاهم إلى مواصلة رسالتهم السامية التي تمسّ حياة الناس، وتسهم في استقرار الوطن وصون مكتسباته، مؤكداً أن خمسين عاماً من العطاء القانوني ليست خاتمة المطاف، بل بداية لمرحلة أكثر طموحاً وتأثيراً.

وأقامت النيابة العامة الاتحادية الاحتفال بحضور معالي عبدالله بن سلطان بن عواد النعيمي وزير العدل، ومعالي المستشار محمد حمد البادي رئيس المحكمة الاتحادية العليا، ومعالي عبدالله بن محمد بن بطي آل حامد رئيس المكتب الوطني للإعلام ورئيس مجلس إدارة مجلس الإمارات للإعلام، ومعالي اللواء أحمد سيف بن زيتون المهيري قائد عام شرطة أبوظبي، والشيخ زايد بن حمد آل نهيان رئيس مكتب المؤسس في ديوان الرئاسة، وعدد من المسؤولين.
وفي كلمة بهذه المناسبة، عبر معالي المستشار الدكتور حمد سيف الشامسي النائب العام للاتحاد، عن اعتزازه بمسيرة النيابة العامة قائلاً: «نحن في حضرة يوم عظيم خالد في تاريخ بلدنا: إمارات الحلم، والعدل. منذ أكثر من خمسين عاماً مضت بدأت مسيرة بلد وهب الله مؤسسيه حكمة ورؤية وبصيرة، وحلماً بدولة يظلها العدل ويسودها القانون». 
وأضاف: «انطلاقاً من هذه الرؤية الراسخة، آمن قادة الإمارات بأن العدل أساس الملك، فأولوا العدالة اهتماماً كبيراً، وقدموا دعماً شاملاً للقضاء والنيابة العامة، مما جعل العدالة واقعاً ملموساً، ونموذجاً يُحتذى في تحقيق العدل والأمن والتسامح؛ ولتترسخ هذه القيم على أرض الواقع، جاء دور النيابة العامة لدولة الإمارات، لتكون قادرة على تحقيق العدالة اليسيرة الناجزة في إبلاغ الحقوق لأصحابها وطالبيها، وبطموح لا حدود له في أداء الأمانة، لتصبح نموذجاً يُقتدى به في كافة أرجاء الأرض».
واختتم معالي النائب العام حديثه قائلاً: «نجدد العهد، ونرفع رؤوسنا فخراً بما تحقق، وعزيمتنا بما هو آت. فالمسيرة مستمرة… والثقة راسخة… والعدالة باقية، ما بقيت الإمارات». كما أطلق معالي النائب العام للاتحاد «استراتيجية النيابة العامة 2025-2030»، معلناً مرحلة جديدة ترسخ مكانة النيابة العامة في المستقبل.
واستهل الحفل الذي تضمن الإعلان عن وثيقة استشراف مستقبل العمل الجنائي 2045 بباقة متنوعة من الفقرات المتميزة: السلام الوطني لدولة الإمارات، قبل أن يتم تقديم عرض تجريدي يروي رحلة رمزية يجتازها طفل يمثل المستقبل، يجمع خلالها أجزاءً لدرع النيابة العامة عبر محطات زمنية مختلفة حتى تكتمل الحقيقة، وتسطع شمس العدالة، كما تم عرض بصري يستعرض ملامح المسيرة المؤسسية والتقنية للنيابة بتقنية الضوء والحركة.
 وفي لفتة تعبِّر عن الامتنان العميق والتقدير الكبير، قدمت النيابة العامة الاتحادية أغنية طيب الفال وإهداءها إلى سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس ديوان الرئاسة، وذلك عرفاناً بدور سموه الريادي في دعم مسيرة العدالة، وتعزيز مكانة النيابة العامة مؤسسةً راسخةً في خدمة القانون والمجتمع.
 وخلال الحفل، تم استعراض عرض لأبرز محطات تطور النيابة العامة منذ تأسيسها، بدءاً من تشكيلها القانوني وتعيين أول نائب عام، مروراً بترسيخ بنيتها المؤسسية، وصولاً إلى التحول الرقمي والتوسع في التخصصات، بجانب مبادرتها المجتمعية، كما تم أيضاً استعراض مسيرة تمكين المرأة في النيابة العامة، قدمتها وكيلة نيابة.

أخبار ذات صلة النيابة العامة الاتحادية تحتفل بيوبيلها الذهبي غباش: الإمارات ستظل داعمةً لأمن لبنان وسيادته ووحدة أراضيه

نيابة المستقبل
وحرصت النيابة العامة الاتحادية خلال الحفل على تقديم جهودها في استشراف المستقبل من خلال عرض تخيلي قدمه سالم علي الزعابي رئيس نيابة الطوارئ والأزمات والكوارث لرؤية النيابة خلال عام 2045، وذلك من خلال عرض تخيلي يفتح نافذة على نيابة المستقبل، حيث العدالة تدار عبر منظومات رقمية متكاملة مدعومة بالذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء وتقنيات ناشئة؛ وتم خلال العرض توضيح كيفية الاستعداد للمستقبل، وذلك من خلال عرض استراتيجية النيابة العامة 2025 – 2030 التي تشكل خريطة طريق للمرحلة المقبلة وصولاً للريادة.
 ومن جانبه، أكد سلطان إبراهيم عبدالله الجويعد، النائب العام المساعد في النيابة العامة الاتحادية، أن النيابة العامة حريصة على مواصلة عملها نحو الريادة والتميز، تماشياً مع رؤية الدولة وأجندتها الوطنية واستراتيجيتها العامة لتحقيق الأمن والعدالة الناجزة.  وأضاف الجويعد أن هذه الاحتفالية تعكس حرص النيابة العامة على الاستدامة واستشراف المستقبل من خلال تطوير كوادرها الفنية وأعضائها ومنتسبيها وفق أرقى المستويات الفنية، وذلك في القانون والحوكمة والابتكار والعلاقة مع الشركاء والمتعاملين، وكذلك تطبيقات الذكاء الاصطناعي.
وثمَّن النائب العام المساعد في النيابة العامة الاتحادية عالياً الجهود المبذولة من قبل العاملين كافة في النيابة العامة على مر الأجيال، وأكد التطلع مع الجيل الحالي إلى نيابة المستقبل، ومزيد من التقدم والإنجازات تماشياً مع سيادة القانون، وتحقيق العدالة في دولتنا الحبيبة.
وقال خالد مبارك المدحاني، المحامي العام للنيابة الاتحادية لمكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية بمكتب النائب العام: «إننا نحتفل اليوم في النيابة العامة الاتحادية بمرور 50 عاماً من العمل والتميز، ونفخر ونعتز بالمبادرات والإنجازات التي تحققت على مدى السنوات الماضية».
وأضاف: «خلال الاحتفال تم إطلاق استراتيجية النيابة العامة، وهو ما يعد إيذاناً لأعضاء النيابة العامة للاستفادة واستغلال تقنيات الذكاء الاصطناعي في منظومة العمل القضائي لتحقيق العدالة الناجزة لجميع أفراد المجتمع، وكذلك لتوفير جودة حياة رقمية في الفضاء الرقمي والفضاء الإلكتروني».

50 عاماً من التميز والإنجاز
على مر السنوات، رسخت النيابة العامة الاتحادية مكانتها من خلال إنجازات نوعية، عززت بها دعائم العدالة الجنائية، وكرست من خلالها مبادئ سيادة القانون، وحماية الحقوق، وصون الحريات، في إطار من النزاهة والشفافية المؤسسية. ومنذ صدور الإعلان الدستوري لدولة الإمارات عام 1971، بدأت أول نقلة نوعية في العمل القضائي، حيث تضمن الدستور فصلاً خاصاً للقضاء في الاتحاد. وفي عام 1973 تم تشكيل النيابة العامة وتعيين أول نائب عام للاتحاد، وصدور المرسوم الاتحادي بتعيين أعضاء النيابة العامة الاتحادية، ورئيس المكتب الفني.
ومنذ ذلك التاريخ وإنجازات النيابة العامة مستمرة في رسم مسيرة من العمل والتفاني والجد والاجتهاد؛ لصون قيم المجتمع والحفاظ على مكتسباته وإعلاء راية العدل والحقوق. وخلال العام الماضي، تم إعداد وثيقة استشراف مستقبل العمل الجنائي لعام 2045، كما حصلت النيابة العامة على 5 شهادات لمواصفات عالمية، كما تمت رقمنة التشريعات، وذلك من خلال تحويل نصوص التشريعات إلى رموز رقمية يمكن قراءتها من خلال خوارزميات الذكاء الاصطناعي لدعم تبني التقنيات الحديثة في المنظومة الجزائية، كما تم إطلاق حزمة من تصفير البيرقراطية لإجراءات وعمليات وخدمات النيابة العامة.
وتحرص النيابة العامة على أداء رسالتها بثبات وكفاءة عالية، بما يعكس جاهزيتها المتقدمة لمواكبة تعقيدات الجرائم المستقبلية والتصدي لتحدياتها المتسارعة.

مقالات مشابهة

  • برلماني: قرارات العفو الرئاسي رسالة دولة تعرف معنى الإنسانية
  • خلال جولة بالأحساء.. النائب العام يؤكد على أهمية تجويد الأداء وتحقيق العدالة
  • دراسة جديدة تستكشف آراء المجتمع اليمني حول العدالة الانتقالية
  • تقرير: ليلة الآليات المحترقة .. حين تُقصف الأذرع التي تساعد غزة على النجاة
  • الإعلام السوداني والتحديات التي تواجهه في ظل النزاع .. خسائر المؤسسات الاعلامية البشرية والمادية
  • الطريق إلى السلام في اليمن.. العدالة الانتقالية ضرورة وليست خياراً
  • برلمانية: تحقيق العدالة الصحية في سيناء خطوة لتعزيز الانتماء الوطني
  • جامعة حلوان تنظم ندوة صناعة الحديد بين الفرص الواعدة والتحديات القادمة
  • هل تصلح عودة إيلون ماسك إلى تسلا الضرر الذي لحق بها جراء عمله في إدارة ترامب؟
  • منصور بن زايد: العدالة أساس الثقة بين المواطن والدولة