ترامب وتقييمه الخاطئ.. “الإرهابيون” في الحافة الأخرى
تاريخ النشر: 24th, January 2025 GMT
يمانيون/ تقارير
يكرر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خطيئته السابقة، معلناً تصنيف أنصار الله “منظمة إرهابية”، معللاً ذلك بإسناد اليمن لغزة، واستهداف البحرية الأمريكية.
يذكرنا هذا الموقف برواية ساقها الكاتب الأمريكي المتألق نعوم تشومسكي عن قرصان وقع في أسر الإسكندر الكبير، الذي سأله: “كيف تجرؤ على إزعاج البحر” وكيف تجرؤ على إزعاج العالم بأسره، فأجاب القرصان: “لأنني أفعل ذلك بسفينة صغيرة، فحسب، وأدعى لصاً، وأنت الذي يفعل ذلك بأسطول ضخم تدعى “أمبراطوراً”.
جواب القرصان الأنيق والممتاز، ينطبق تماماً على الولايات المتحدة الأمريكية التي توزع صكوك “الإرهاب” على أعدائها، وهي “أم الإرهاب” ومنبعه، وأساسه، والمغذي الرئيس له.
الأمثلة على الإجرام الأمريكي لا حدود لها، فهي لم توزع هذا الصك مثلاً على الكيان الإجرامي الذي يدعى “إسرائيل” الذي ارتكب على مدى 15 شهراً جرائم حرب إبادة جماعية، وقتل الأطفال، والنساء، ودمر بلداً بأكمله، إلى درجة أنه ألقى القنابل الحارقة على مخيمات النازحين، وهو أيضاً لم يوزع هذا الصك على المملكة السعودية التي ارتكبت الجرائم الفظيعة في اليمن على مدى 10 سنوات مضت، وحاصرت اليمن، وخلقت أسوأ أزمة إنسانية في العالم.
ليس هناك فهم حقيقي، للمعايير التي تلجأ إليها واشنطن لوصم الآخرين “بالإرهاب”، لكن ما هو مؤكد أن الدول والأحزاب والحكومات المناهضة للسياسة الأمريكية، تجد نفسها داخل صندوق العداء الأمريكي، فالجمهورية الإسلامية في إيران وفق المفهوم الأمريكي “إرهابية”، وحركات المقاومة الإسلامية في فلسطين ولبنان والعراق “إرهابية”، وفنزويلا “إرهابية”، وهكذا، فإن الدول التي لا تخضع لأمريكا وعنفوانها وبطشها يتم تصنيفها تحت هذا المسمى غير السليم، وكل من غيّر سلوكه، وعاد إلى الحضن الأمريكي، خرج من هذه الدائرة، حتى وإن كان “الجولاني” المجرم الحقيقي.
سلوك أمريكا إرهاب حقيقي
وأمام الوقائع والأحداث في مختلف العالم، وسلوك البيت الأبيض منها، يتضح جلياً من “الإرهابي” الحقيقي، فواشنطن هي “أم” كل الإجرام، وتاريخها ملطخ بالدماء، فهي التي أبادت الهنود الحمر، وألقت القنبلة الذرية على “هيروشيما” و”ناجازاكي” في اليابان إبان الحرب العالمية الثانية، وهي التي ارتكبت المجازر الوحشية أثناء احتلال أفغانستان، ولا يزال معتقل “غوانتنامو” شاهداً على قبحها وتوحشها، وهي التي احتلت العراق، ودمرت بلداً بأكمله، وعذبت العراقيين، وقهرتهم، وسجن “أبو غريب” لا يزال حاضراً في الوجدان والمخيلة العراقية والعربية.
وفي ولاية ترامب الأولى، شواهد كثيرة على “إرهابه”، فهو الذي اغتال قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني، وأبو مهدي المهندس، وهو الذي أوعز للطائرات الأمريكية بدون طيار لقصف محافظة البيضاء وقتل الأطفال والنساء بدم بارد.
عمل بطولي وعمل دنيء
وبالعودة إلى رواية تشومسكي، نجد أن أمريكا هي التي جاءت بالأساطيل الضخمة إلى البحر الأحمر، وأرهبت العالم، وأخافت الدول العربية والإسلامية عن تقديم المساندة لغزة، وصورت حرب الإبادة الجماعية بأنها عمل بطولي ينفذه المجرم نتنياهو وحكومته.
لم ترحم القنابل الأمريكية التي زودت بها كيان العدو الأطفال الرضع، والشيوخ المسنين، والنساء الحوامل، وفتكت بكل شيء في غزة ولبنان، واغتالت شهيد الإنسانية السيد القائد حسن نصر الله، بقنابل فراغية تزن ألفي رطل، ولجأت إلى حرب البيجر غير المسبوقة في التاريخ، وقتلت قادة حزب الله ورجاله الأوفياء.
حاملات الطائرات، هي الأخرى، جابت البحرين الأحمر، والعربي، واعتدت على اليمن، وقتلت عدداً من قواته البحرية.. فمن الذي يزعج البحر إذاً يا تشومسكي؟.
وفقاً للقانون الدولي، فإن ما قامت به اليمن من إسناد لغزة، يأتي في إطار التدخل الإنساني المشروع، وهو مغاير للتدخل الأمريكي المساند للجرائم الصهيونية، لكنها الهيمنة والاستكبار هي التي تحدد المعايير، وتفصلها حسب مقاسها، وهي سلطة القوي على الضعيف، والطاغية على المظلوم، وحين تكون هذه هي المعايير التي تتحكم بالعالم، فمن البديهي أن يتم تصنيف الأحرار في خانة “الإرهاب”، ومن البديهي أن يتم التصفيق بكل حرارة للمجرمين والقتلة والمحتلين، كما حصل لنتنياهو في الكونغرس الأمريكي في إحدى زياراته لأمريكا المجرمة.
سيظل الموقف اليمني المساند لغزة، هو العمل البطولي المشرف، والشجاع، والإيماني، وفق تقييم أحرار العالم، ومناضليه، في حين تظل جرائم الإبادة صفة تلازم الأمريكيين، من مسؤولين، وقادة، وضباط، وغيرهم، والدليل على ذلك أن المواطنين الأمريكيين أنفسهم يقاطعون المؤتمرات الصحفية للمسؤولين، وينعتونهم “بوزراء الإبادة الجماعية” كما حدث لسيء الصيت وزير الخارجية الأمريكي السابق بلينكن.
نقلا عن موقع أنصار الله
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: هی التی
إقرأ أيضاً:
لردع اليمن وإيران.. قاذفات الشبح الأمريكية تتمركز في المحيط الهندي
نيودلهي – وكالات:
نشرت الولايات المتحدة 6 قاذفات شبح من طراز B-2 – وهي أكثر الطائرات العسكرية تطورًا في العالم – في منطقة المحيط الهندي، ما يمثل نحو 30% من إجمالي أسطولها المكون من 20 طائرة، في خطوة استراتيجية كبرى.
وأصدر البنتاغون أوامر بنشر أكبر عدد من قاذفات B-2 في المحيط الهندي على الإطلاق. وأظهرت صور أقمار صناعية وجود ست طائرات B-2 متوقفة على مدرج قاعدة دييغو غارسيا العسكرية – وهي قاعدة عسكرية مشتركة بين الولايات المتحدة وبريطانيا. وربما يكون هناك المزيد من الطائرات في الحظائر المحصّنة التي لا يمكن للأقمار الصناعية أو الرادار اختراقها.
بالإضافة إلى ذلك، تخطط الولايات المتحدة لزيادة عدد حاملات الطائرات في المنطقة من واحدة إلى ثلاث – اثنتان في المحيط الهندي وواحدة في المحيط الهادئ الغربي، قرب بحر الصين الجنوبي.
وتخطط وزارة الدفاع لإرسال حاملة الطائرات "يو إس إس كارل فينسن" إلى الشرق الأوسط، بينما ستواصل "يو إس إس هاري إس. ترومان" عملياتها من بحر العرب، فيما ستتجه الحاملة الثالثة "يو إس إس نيميتز" ومجموعتها القتالية نحو بحر الصين الجنوبي.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ أكد المتحدث باسم البنتاغون، شون بارنيل، أن وزير الدفاع الأمريكي، بيتر هيغسيث، أمر أيضًا بنشر أسراب إضافية من الطائرات وغيرها من الأصول الجوية لتعزيز قدرات الدعم الجوي الدفاعي. لكنه لم يوضح ماهية تلك الأسراب أو الأصول الجوية.
لماذا هذا الانتشار المفاجئ؟
بررت وزارة الدفاع الأمريكية الخطوة بقولها: "تم ذلك لتحسين الوضع الدفاعي للولايات المتحدة في المنطقة. الولايات المتحدة وشركاؤها ملتزمون بأمن المنطقة ومستعدون للرد على أي جهة حكومية أو غير حكومية تسعى لتوسيع أو تصعيد النزاع".
اليمن والحوثيون
رغم عدم تسمية أي دولة أو جماعة إرهابية، يشير محللون إلى الوضع في الشرق الأوسط وجنوب آسيا، خاصة إيران واليمن. وخلال الأسبوعين الماضيين، كثف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب العمليات العسكرية ضد جماعة الحوثي المدعومة من إيران، والتي استهدفت سفنًا تجارية وعسكرية أمريكية، بسبب دعم الولايات المتحدة لإسرائيل. وتدعم إيران و"وكلاؤها" حركة حماس، المصنفة من قبل الولايات المتحدة كمنظمة إرهابية، والتي تخوض حربًا حالياً ضد إسرائيل في غزة.
ويقول خبراء الدفاع إن حجم الانتشار العسكري الأمريكي كبير جدًا ليكون فقط لمواجهة الحوثيين أو إيران، مشيرين إلى أن طائرتين من طراز B-2، كل منهما قادرة على حمل 40 ألف رطل من الذخائر، كافية للتعامل مع الميليشيات في اليمن.
وكان ترامب قد وجه تحذيرًا علنيًا للحوثيين وداعميهم في إيران، قائلًا على منصة "تروث سوشيال": "توقفوا عن إطلاق النار على سفننا، وسنتوقف عن إطلاق النار عليكم. وإلا، فإن ما رأيتموه هو مجرد البداية، والألم الحقيقي قادم، للحوثيين ورعاتهم في إيران".
المنشآت النووية الإيرانية
خلال الشهر الماضي، زاد ترامب من ضغوطه على إيران لإعادة التفاوض بشأن الاتفاق النووي، وهو ما رفضته طهران بشدة. وفي مقابلة مع "فوكس نيوز"، قال ترامب: "هناك طريقتان للتعامل مع إيران: عسكريًا، أو من خلال صفقة. أنا أفضل صفقة، لأنني لا أريد إيذاء إيران".
وكان ترامب قد انسحب خلال فترته الأولى من الاتفاق النووي لعام 2015 بين إيران والقوى الكبرى، الذي حدّ من برنامجها النووي مقابل تخفيف العقوبات. كما أعاد فرض عقوبات واسعة على طهران.
ومنذ ذلك الحين، تجاوزت إيران حدود الاتفاق السابقة بشأن تخصيب اليورانيوم. ويؤكد ترامب الآن رغبته في التوصل إلى اتفاق جديد، دون استبعاد الخيار العسكري، بل إنه قد يلجأ لتدمير المنشآت والمختبرات النووية الإيرانية لإنهاء برنامجها النووي إذا لم توافق طهران على التفاوض.
وقال المتحدث باسم البنتاغون، شون بارنيل: "وزير الدفاع يؤكد مجددًا أنه إذا هددت إيران أو وكلاؤها مصالح أو أفراد الولايات المتحدة في المنطقة، فإننا سنتخذ إجراءات حاسمة لحماية شعبنا".
رسائل إلى الصين وروسيا
هذا الانتشار الضخم لأحدث الطائرات والمعدات العسكرية الأمريكية يهدف أيضًا إلى توجيه رسالة إلى الصين وروسيا، الحليفتين لإيران في المنطقة.
فإرسال مجموعة "يو إس إس نيميتز" القتالية إلى المحيط الهادئ الغربي يُعتبر رسالة واضحة إلى بكين تؤكد التزام واشنطن بحماية مصالحها في المنطقة، وكذلك إرسال "يو إس إس كارل فينسن" إلى الشرق الأوسط يُرسل رسالة مماثلة إلى موسكو.