تقرير: اللاجئون السوريون في تركيا .. أمام معضلة المغادرة أو البقاء
تاريخ النشر: 24th, January 2025 GMT
انقرة "أ ف ب": منذ سقوط حكم بشار الأسد في دمشق في ديسمبر، عاد أكثر من خمسين ألف سوري إلى بلادهم بعدما فرّوا إلى تركيا، التي لا تزال تستضيف نحو 2,9 مليون لاجئ يعرب جزء كبير منهم عن خوف من العودة إلى سوريا.
في ألتنداغ إحدى الضواحي الشمالية الشرقية لأنقرة حيث يعيش الكثير من السوريين، لا تستطيع راضية محرابي وهي أم لثلاثة أولاد بينهم طفل حديث الولادة، التفكير في العودة إلى سوريا في الوقت الراهن، معلّلة الأمر بأنّ "كلّ شيء غير مؤكد".
وتقول "كان زوجي يعمل مع والدي في متجره للأحذية في حلب. دُمّر المتجر. لا نعرف شيئا عن فرص عمل أخرى، ولا عن مدرسة للأطفال".
عانت ثاني أكبر مدينة في سوريا (شمال غرب) كثيرا جراء المواجهات بين المسلّحين والسلطة التي كانت مدعومة من روسيا.
ولكنّ الحياة اليومية في تركيا ليست سهلة بالنسبة إلى السوريين الذين يتعرّضون للتمييز، ولهجوم في بعض الأحيان، كما يستهدفهم سياسيون بانتظام ويهدّدونهم بالطرد.
وفي أغسطس 2021، طالت موجة عنف متاجر ومنازل يسكنها سوريون في ألتنداغ.
يتذكر باسل أحمد وهو مصلّح دراجات نارية يبلغ من العمر 37 عاما، الخوف الذي شعر به طفلاه اللذان يبلغان من العمر عشرة وثمانية أعوام، عندما حطّم مهاجمون نوافذ منزله.
ومع ذلك، لا يفكّر في العودة فورا إلى بلاده.
"لم تعد سوريا نفسها"
ويقول "ليس لدينا شيء في حلب. هنا، رغم الصعوبات، لدينا حياة"، مضيفا أنّ "طفلَي وُلدا هنا، لم يعرفا سوريا أبدا".
يشير الباحث المتخصّص في مجال الهجرة مراد إردوغان إلى أنّ "السبب الرئيسي الذي دفع السوريين إلى الفرار من بلدهم كان نظام بشار الأسد"، مضيفا "بعد سقوطه، أصبح كثيرون متحمّسين للعودة، لكن سوريا التي غادروها لم تعد نفسها".
ويوضح أنّ "لا أحد يمكنه أن يتوقع كيفية تطوّر الإدارة السورية الجديدة. لا نعرف كيف سيتم ضمان سلطتها وإلى أي مدى ستذهب إسرائيل أو كيف ستتطوّر المواجهات قرب الحدود التركية"، مشيرا في الوقت ذاته إلى أنّ "غياب الأمن يشكّل عائقا كبيرا".
ويُضاف إلى حالة عدم اليقين هذه، الدمار الذي طال المناطق والبنى التحتية خلال حرب استمرت 13 عاما، بينما يبقى التيار الكهربائي مقطوعا معظم الوقت، ومن الصعب الحصول على الرعاية الصحية.
في مكاتب جمعية التنمية الاجتماعية التي تنظم ورش عمل ومشورات للاجئين، تعرف رهسه مهروز المراهقة البالغة من العمر 16 عاما، أنّها لن تتمكّن من متابعة دروس الموسيقى في حلب بعدما كانت قد بدأتها في أنقرة.
"لا روابط"
وفيما قرّر والداها العودة إلى حلب، تقول متأسّفة "كلّ ذكرياتي وعاداتي موجودة هنا. لا يوجد شيء هناك، لا يوجد تيار كهربائي أو إنترنت حتى. لا أريد أن أغادر، ولكنّ عائلتي قرّرت ذلك".
يوضح مدير الجمعية إبراهيم فورغن كافلاك، أنّ "من بين 2,9 مليون سوري في تركيا، هناك 1,7 مليون شخص دون الثامنة عشرة". ويضيف أنّ "معظم هؤلاء ليست لديهم روابط عاطفية ونفسية واجتماعية مع سوريا"، مشيرا إلى أنّ "أفكارهم عن سوريا تكوّنت بناء على ما ترويه عائلاتهم".
من جانبه، يشير مراد إردوغان إلى جانب آخر من المعضلة التي يواجهها السوريون في تركيا في حال قرروا العودة إلى بلادهم، وهي أنّ "نحو 816 ألف طفل سوري يتلقّون تعليمهم في تركيا باللغة التركية".
خلال زيارة الثلاثاء إلى تركيا في إطار جولة إقليمية، قالت المفوضة الأوروبية المسؤولة عن إدارة الأزمات حجة لحبيب الوكالة فرانس برس، إنّها تدرك "حالة عدم اليقين التي يشعر بها اللاجئون".
وأوضحت أنّ "الوضع غير مستقر، إنّه متغيّر، لا أحد يعرف كيف سيتطوّر"، مضيفة "أحضرت مساعدات بقيمة 235 مليون يورو للاجئين السوريين، في سوريا وفي الدول المجاورة بما في ذلك تركيا والأردن، وجئت للقائهم ومعرفة ما يقلقهم وكيفية الاستجابة لذلك".
من جهة أخرى، يثير احتمال مغادرة أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين قلقا في القطاعات التي يعلمون فيها غالبا بأجور زهيدة أو بطريقة غير قانونية، مثل قطاع المنسوجات والبناء.
ولكن مراد إردوغان يشير إلى أنّ الصدمة التي قد يتعرّض لها الاقتصاد التركي في حال مغادرة أعداد كبيرة من السوريين، قد تؤشر إلى نهاية "استغلال هذه القوى العاملة الرخيصة" الأمر الذي سيكون مفيدا لتركيا.
ويقول "لا يمكننا الاستمرار وفق نموذج عمل مبني على الاستغلال".
ب
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: العودة إلى فی ترکیا
إقرأ أيضاً:
عودة اللاجئين السوريين من مخيمات الأردن تتسارع بعد سقوط نظام الأسد
كشفت بيانات رسمية أردنية حديثة عن مغادرة مئات اللاجئين السوريين من مخيمي الزعتري والأزرق إلى سوريا خلال الفترة التي تلت سقوط نظام الأسد، من 10 كانون الأول /ديسمبر 2024 وحتى 19 كانون الثاني /يناير 2025، حسب ما نقلته شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية.
وبحسب ما نقلته "سي إن إن" عن وزارة الداخلية الأردنية، فقد غادر 1513 لاجئا من مخيم الزعتري، الذي يضم نحو 80 ألف لاجئ سوري وفقا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، بينما غادر 704 لاجئين من مخيم الأزرق، الذي يحتضن حوالي 38 ألف لاجئ.
وأظهرت الإحصاءات أن إجمالي السوريين العائدين عبر معبر جابر الحدودي شمال الأردن منذ 6 كانون الأول /ديسمبر بلغ 73,288 شخصا، في وقت أعلنت فيه الحكومة الأردنية عن تسهيلات جديدة لتشجيع العودة الطوعية، وفقا لـ"سي إن إن".
وتشمل التسهيلات استخدام بطاقة الخدمة الخاصة بالجالية السورية أو الحصول على تذكرة مرور من وزارة الداخلية الأردنية لمن يفتقر إلى وثائق السفر.
وفي مخيم الزعتري، رصدت "سي إن إن" انتظام طوابير اللاجئين أمام مركز العودة الطوعية، حيث يسعى العائدون للحصول على الموافقات الرسمية بسرعة، بينما يتقدم آخرون بطلبات جديدة وسط إجراءات مبسطة من مديرية شؤون اللاجئين.
ومع تزايد أعداد العائدين، ظهرت شكاوى من بعض اللاجئين بشأن ارتفاع أجور النقل على خط عمّان-دمشق، حيث لا يلتزم بعض سائقي سيارات السفريات بالتسعيرة الرسمية، ما يضيف عبئاً مالياً على رحلة العودة.
يُذكر أن الأردن يستضيف نحو 1.3 مليون لاجئ سوري وفق الإحصاءات الرسمية، بينهم 611 ألفا مسجلون لدى المفوضية. ومع استمرار توافد العائدين بعد سقوط النظام، يُتوقع أن تشهد الأشهر المقبلة مزيدا من حالات العودة الطوعية.