عاد ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، من المنطقة العربية إلى العاصمة الأمريكية واشنطن ليشارك الرئيس حفل تنصيبه، مستعرضا النجاح الذي حققه لانفاذ صفقة وقف إطلاق النار وتبادل سراح الاسرى في كلمة القاها امام المشاركين في حفل تنصيب الرئيس حدد فيها مبادئ السياسة الترامبية تجاه المنطقة والعالم.



ويتكوف الذي يعد أحد أعمدة الهيكل في إدارة ترامب حدد اربعة مبادئ للسياسة الترامبية بحسب زعمه، الاول يتمثل باحترام سيادة الدول، المبدأ الذي حطمه ترامب مسبقا بالإعلان عن رغبته السيطرة وفرض السيادة الأمريكية على قناة بنما وجزيرة غرينلاند الدنماركية، وضم كندا والمكسيك إلى بلاده وتغير مسمى خليج المكسيك إلى خليج اميركا، ففي ضربة واحدة نسف سيادة اربع دول خلافا لمبادئ ويتكوف التي كان ترامب مستمتعا بعرضها امامه، وهو يهز رأسه موافقا على كل كلمة مما يقوله ويتكوف، في نموذج غالبا ما سيتكرر ما باقي اعضاء طاقم إدارة ترامب على الارجح، فلهم كل الحق أن يقولوا ما يشاؤون وله وحده الحق بأن يفعل ما يريد.

أما المبدأ الثاني الذي تحدث عنه ويتكوف فكان، الازدهار الاقتصادي والاستثمار، كجسر للعلاقات بين الدول، علما أن ترامب أعلن نيته التي أكدها غير مرة بفرض رسوم جمركية تتراوح بين 10 إلى 60 في المئة على أوروبا والصين وكندا والمكسيك واليابان وكوريا الجنوبية، إلى جانب عقوبات تربط الصين بروسيا وإران وطالبان في أفغانستان والحوثيين في اليمن فيما يشبه الفوضى الخلاقة لتدمير الازدهار وجسور العلاقات بين الدول، فهو يهدد بتدمير الجسور على أمل اخضاع من يقف على طرفها المقابل، عاكسا الجانب التطبيقي العكسي الأثر لمبادئ ويتكوف بجعل بناء الجسور وهدمها سلاح فتاك وروقة رابحة.

ثالث هذه المبادئ الوتكوفية، الدبلوماسية الشجاعة نحو يقين قوي وقرارات صادقة وثقة تامة، علما أن سياسة ترامب مليئة بانعدام اليقين، فهي تعتمد على غيابه، فضلا عن كونها مليئة بالتناقضات يشوبها الغموض حتى لدى المقربين منه، فالشجاعة مقرونة بالجهل وانعدام اليقين والخوف من المجهول الذي يمثله ترامب وقراراته المباغتة للمقربين والحلفاء والأصدقاء والشركاء والمنافسين والخصوم في آن واحد، مدخلال الجميع في فوضى التعامل مع قراراته كل بحسب فهمه وامكاناته في التعامل مع هذه الشجاعة الترامبية، التي لا معنى لها سوى إجهاد وإنهاك المحيطين به ذهنيا وماديا وإبقائهم في حال انشغال واشتغال بانتظار تقييمه لأدائهم الفوضوي ومقدار اقترابه من احتياجاته ومتطلباته الغامضة.

أخيرا، يبرز رابع هذه المبادئ الوتكوفية التي صفق لها ترامب والحضور بحماس، ألا وهو التعامل بالمثل والالتزام المتساوي المقرون بمسائلة الشركاء، فعهد الشيكات على بياض انتهى في إشارة إلى الشراكة مع دول حلف الناتو، والشركاء والأصدقاء في الخليج العربي، وجنوب شرق اسيا وصول إلى الباسفيك حيث اليابان وكوريا الجنوبية، والأهم تقييد الدعم المطلق وغير المقيد لأوكرانيا، فتهديد روسيا بعقوبات إن لم تتوصل لاتفاق لإنهاء الحرب قابله تهديدات أشرس وأكثر إرعابا للرئيس الأوكراني زيلنسكي بوقف الدعم والتدفقات المالية والعسكرية عن بلاده وجيشه المنهك.

إدارة ترامب جادة في تحقيق النتائج وتحسين جودة الفوضى في العالم، أو ما أسماه ويتكوف "جودة الحياة" خصوصا للرئيس دونالد ترامب.

في اليوم التالي لخطاب ويتكوف علا صوت وزير الخارجية الأمريكي المعين ماركو روبيو، وهو عمود آخر في هيكل ترامب بالقول: كل ما نقوم به يجب أن يبرر بالإجابة عن واحد من ثلاثة أسئلة: هل يجعلنا ذلك أقوياء، هل يجعلنا أكثر أمنا؟ هل يجعلنا أكثر ازدهارا؟ إذا لم يحقق ما سنفعله أحد هذه الأمور الثلاثة فلن نقوم به، مستبقا ذلك بقوله: سنجعل الأولوية لمصالحنا الوطنية وأمننا وقيمنا في كل قرار يتعلق بالسياسة الخارجية، وخاتما ذلك بقوله: سنحقق السلام من خلال القوة دائما دون التخلي عن قيمنا، القيم التي بعثرها دونالد ترامب في قراراته التنفيذية التي ناهزت الثمانين قرارا في اليوم الأول من رئاسته.

دونالد ترامب أطلق مزادا سياسيا عالميا خلال مشاركته في منتدى دافوس، إذ عاد وأكد على منطق الصفقات والمساومات رافعا سعره للمملكة العربية السعودية التي طالبها برفع قيمة الاستثمارات من 600 مليار دولار إلى تريليون دولار، مهددا بخفض أسعار النفط في الآن ذاته مصدر الدخل الأساسي للعربية السعودية وليس فقط لروسيا، مؤكدا على ضرورة أن تقدم أوروبا المزيد، ومحذرا كندا من عقوبات وخيمة وضرائب جنونية.

مساومات ترامب لا تتوقف عند حدود، فنتنياهو لن يسلم من هذا البازار، إذ سيلتقي ترامب الجمعة (24 كانون الثاني/ يناير) في البيت الأبيض الحاخام اليهودي أهارون تيتلبوم زعيم حركة "ساتمار" الحسيدية المناهضة للصهيونية ولإسرائيل، وذلك لمباركته كونه أحد أبرز الداعمين لترامب في الانتخابات، وبحسب زعم ترامب كان لمباركته وصلواته خلال الانتخابات دور كبير في فوزه، فمبادئ ترامب السياسية وديانته الأخرى تتغير بحسب المكاسب التي يحققها من وراء ذلك.

الخلاصة من ذلك كله، أن بنية وهيكل سياسة ترامب تجاه المنطقة العربية وقضيّتها المركزية فلسطين أو المتقلبة في سوريا تتغير بحسب المكاسب والكلف، فارتفاع الكلف الأمنية والاقتصادية والقيمية حافز قوي لترامب للتراجع عن سياساته الاستيطانية في الضفة الغربية والتراجع عن مشاريعه الانفصالية في سوريا.

التراجع أمر لا يخجل منه ترامب ولا يعده هزيمة بل نصرا لا يختلف في جوهره عن مفارقة جسور الازدهار التي هدد ببنائها وتحطيمها في الآن ذاته، فكما طالب السعودية برفع استثماراتها وتخفيض سعر نفطها في الآن ذاته، طالب روسيا بوقف الحرب، علما أن نهايتها تعني إغراق روسيا الأسواق العالمية بنفطها وغازها.

التراجع بهذا المعني كامن في بنية سياسة ترامب وهيكلها الأساسي بحسب المصلحة المرتجاة منها، وهنا تبرز المقاومة المسلحة كرهان للشعب الفلسطيني قادر على رفع الكلف والتأثير في سلوك ترامب وتوجهاته للتقدم والتراجع، وليس الخطابات والتصريحات والتحذيرات التي أطلقها المستشار البروسي بسمارك أمام البرلمان في العام 1862، عندما عاتبوه على عدم لجوئه للحوار لإقناع الفيدرالية الألمانية الشمالية بالانضمام للاتحاد الألماني الجديد وتفضيله القوة على ذلك مخاطرا بمواجهة الدنمارك والنمسا وفرنسا وبريطانيا، حيث قال: إن المشاكل المصيرية لا تتحقق بالخطابات وبقرارات الأغلبية البرلمانية بل بالحديد والدم.

x.com/hma36

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه ترامب روسيا فلسطين امريكا فلسطين نتنياهو روسيا اوكرانيا مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة دونالد ترامب

إقرأ أيضاً:

شركة Seesaw تستحوذ على “المفكرون الصغار” الأردنية الناشئة للتوسُّع في حلول التعليم الإلكتروني باللغة العربية داخل الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

 

أعلنت Seesaw، الشركة العالمية الرائدة في مجال التكنولوجيا التعليمية من مرحلة ما قبل الروضة حتى الصف الثاني عشر، عن خطوة استراتيجية جديدة؛ عبْر استحواذها على الشركة الأردنية الناشئة “المفكرون الصغار” (Little Thinking Minds)، المتخصِّصة في تطوير حلول تعليم اللغة العربية وتقنيات المعرفة القِرَائِيَّة.

ولا شَكَّ في أنَّ هذه الصفقة تمثِّل نَقْلَةً نَوْعِيَّةً في تعزيز حضور Seesaw الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وإثراء محفظتها بحلول تعليمية تَعَلُّمِيَّة عربية مُبتكرة ومُتأصلة في الثقافة المحلية.

بفضل هذا الاستحواذ، ستدمج Seesaw المناهجَ الرقمية القرائية للُّغة العربية من “المفكرون الصغار” ضمن منصتها الذكية، مما سيوفِّر للمدارس والمعلمين ووزارات التعليم في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أدواتٍ شاملةً لتعليم اللغة العربية المدعومة بتقنياتٍ تفاعلية حائزة على جوائز عالمية، كما تخطِّط Seesaw لإطلاق أول منصة تعليمية باللغة العربية في عام 2026؛ لتكون نافذةً جديدةً نحو تجارب تعليمية تَعَلُّمِيَّة متعددة اللغات بالمنطقة والعالم.

ومنصة Seesaw هي شركة تكنولوجيا تعليمية رائدة، مقرُّها الولايات المتحدة، وهي تحظى بثقة أكثر من 25 مليون مُعَلِّم وطالب وعائلة حول العالم؛ بسبب ما تقدِّمه المنصة من الأدوات والحلول التعليمية التفاعلية الحائزة على جوائز عالمية، والتي تُحوِّل الفصولَ الدراسية إلى مساحاتٍ إبداعية، وتعزِّز التواصل بين المدرسة والمنزل عبْر أدواتٍ ذكية تقدِّم تقييماتٍ فوريةً ورُؤًى قائمة على البيانات، تمكِّن المعلمين من خلق تجارب ‏تَعليميَّة تَعَلُّمِيَّة ممتعة وشاملة وشخصية، مما يضمن دَعْمَ كل طالب طوال مسيرته الأكاديمية.

وعلى الجانب الآخر، أُسِّسَت “المفكرون الصغار” في عام 2004، ونجحت عبْر عِقْدَيْنِ في تمكين أكثر من 400 ألف طالب عربي -في أكثر من 10 دول- من تحسين مهارات القراءة والكتابة بنسبة 25% عبر منصاتها الرقمية، التي تُستخدم في المدارس الحكومية والخاصة، وفي برامج تعليم اللاجئين، والمبادرات الحكومية، وفي طليعتها منصات أقرأ بالعربية (I Read Arabic)، وأتعلم العربية (I Start Arabic)، ومنصة ميزان للتقييمات.

كما رسَّخَت “المفكرون الصغار” مكانتَها كواحدة من أقوى الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا التعليمية في المنطقة، وأثبتتْ مكانتَها كأحد أبرز الأسماء في مشهد التكنولوجيا التعليمية العربية.

في عام 2018، جمعت “المفكرون الصغار” استثمارًا من الفئة “أ” بقيادة Algebra Ventures، بمشاركة Mindshift Capital و Al Turki Ventures وصندوق ISSF، وسمح هذا التمويل – إلى جانب الدعم من المستثمرين الأوائل بما في ذلك شبكة المستثمرين الملائكيين النسائية (WAIN) وOasis500 – لشركة “المفكرون الصغار” بتوسيع نطاق منصتها، وتوسيع نطاق وصولها، وتطوير حلولها في المعرفة القرائية، مما عزز دورها كشركة رائدة في النظام البيئي للتكنولوجيا التعليمية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

ويمثِّل هذا الاستحواذُ علامةً فارقة في منظومة التكنولوجيا التعليمية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مما يعزِّز التزامَ Seesaw بالتعليم متعدد اللغات، ويوسِّع نطاق وصولها إلى الأسواق الناطقة بالعربية والأسواق العالمية.

إنَّ الجمع بين منصة Seesaw التعليمية الرائدة وحلول “المفكرون الصغار” لضمان المعرفة القرائية ضمن شراكة فاعلة سيوفِّر للمؤسسات التعليمية أدواتٍ شاملةً لتعزيز مشاركة الطلاب، والتقييمات، وتنمية المعرفة القرائية، كما سيخدم الرؤى التربوية لوزارات التعليم وقادة المدارس المستندة إلى البيانات؛ من خلال لوحات معلومات Seesaw التفاعلية، وملفات الطلاب، مما يوفِّر صورة أوضح لتقدُّم الطلاب ونتائج التعلُّم.

بهذه المناسبة، صرح ماثيو جيفن، الرئيس التنفيذي لشركة Seesaw، قائلًا: “تمثِّل هذه الشَّرَاكَةُ خطوةً رئيسة في مهمتنا المتمثلة في خلق تجارب تعليمية تفاعُلية وفعَّالة للطلاب حول العالم”.

وأضاف: “لقد بَنَت (المفكرون الصغار) سمعةً طيبة، وقَدَّمَت منتجات فعَّالة لتحسين المعرفة القرائية العربية، ومن خلال توحيد جهودنا، سيصبح من اليَسِير العملُ على تمكين المزيد من الطلاب والمعلمين، من خلال حلول تعليمية محلية وعالية التأثير”.

وبدورها، قالت راما كيالي، الشريك المؤسِّس والرئيس التنفيذي لشركة “المفكرون الصغار”: “فخورون للغاية بانضمامنا إلى عائلة Seesaw، التي تمثِّل تتويجًا لرحلتنا نحو الارتقاء باللغة العربية والمعرفة القرائية في جميع أنحاء المنطقة”.

وأضافت: “كشركة رائدة في مجال تكنولوجيا التعليم العربية في المنطقة، ومع مُوَاءَمَة المناهج الدراسية في معظم البلدان العربية، فإننا نشكِّل بَصْمَةً حاضرة وبقوة في كلٍّ من المدارس العامة والخاصة، كما نتميز بالبحث والتطوير الرائد في مجال الذكاء الاصطناعي للمعرفة القرائية العربية، ومن هنا يمكننا القول إنَّ هذا الإنجاز يمثِّل خطوة انتقالية نوعيَّة في مهمتنا. وبالتعاون مع Seesaw نحن على استعداد لتوسيع نطاق تأثيرنا بشكل أكبر، وتقديم تجارب تعليمية تعلُّمية مواكِبة للتطور، وذات صِلَة بالهُوِيَّة الثقافية، وتعمل على تمكين الأطفال في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وخارجها”.

يُعد هذا الاستحواذ، الذي بدأ مع EDT&Partners، تطورًا بارزًا في منظومة التكنولوجيا التعليمية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث يعزز التزام منصة Seesaw بتعزيز التعليم متعدد اللغات ويمد جذورها في الأسواق الناطقة بالعربية، وتخدم شركتا Seesaw والمفكرون الصغار حاليًا أكثر من 800,000 مستخدم في أكثر من 3,000 مدرسة ووزارة ومجموعة تعليمية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتتطلعان الآن إلى توسيع نطاق عملياتهما عالميا بوتيرة سريعة من خلال مجموعة حلولهما المشتركة.


مقالات مشابهة

  • ترامب يعتزم اقتطاع 40 مليار دولار من ميزانية وزارة الصحة
  • أسامة ربيع: قناة السويس لديها حلول لجميع المشكلات التي تواجهها
  • بايدن يخرج عن صمته ويُشن هجومًا لاذعًا ضد ترامب .. ماذا قال؟
  • ويتكوف يتراجع ويزيد من شروط ترامب لتحقيق اتفاق مع إيران
  • البيت الأبيض: ترامب سيعمل على ترحيل كل مهاجر غير شرعي من أمريكا
  • مخرج فيلم Home Alone 2 يصف مشهد دونالد ترامب بـ اللعنة
  • جلالة السلطان يتلقى اتصالًا هاتفيًا من دونالد ترامب
  • جلالة السلطان اتصالًا هاتفيًا من دونالد ترامب
  • شركة Seesaw تستحوذ على “المفكرون الصغار” الأردنية الناشئة للتوسُّع في حلول التعليم الإلكتروني باللغة العربية داخل الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
  • ترامب على خطى موسوليني.. هل تعيد الترامبية إنتاج الفاشية في ثوب نيوليبرالي؟