تتواصل خلافات الإسرائيليين في الظهور يوما بعد يوم، وتأخذ أشكالا متطرفة من الصدامات، وكيل الاتهامات، وتوجيه التهديدات، وفي غمار ذلك يضعون بينهم مزيدا من الجدران والأسوار، ورغم ما أظهرته دولة الاحتلال من دموية بشعة في عدوانها على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وما تزعمه عن تحقيق تفوق على أعدائها على كافة الجبهات التي خاضتها، لكنها لا تزال قابلة على الهزيمة، مع وقوع كارثة لا تحدث بالضرورة في ساحة المعركة، بل في أماكن أخرى من العالم، وداخل المجتمع الإسرائيلي.



تامار أُسروف الكاتبة في صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، ربطت "خلافات الإسرائيليين الجارية بعدم انتباههم للتطورات الحاصلة حولهم، مكتفين بما بنته الدولة من جدران وأسوار بزعم حمايتهم من الأخطار الخارجية، لكنهم اكتشفوا بعد فوات الأوان أن أي جدار مادي يمكن اختراقه في نهاية المطاف، مقدمة لتدميرهم من الخارج، بعد أن يكونون هم قد دمروا أنفسهم بشكل أساسي بسبب الكراهية المجانية في صفوفهم".

وأضافت في مقال ترجمته "عربي21"، أن "الإسرائيليين اليوم ليسوا أقوياء بما يكفي، فالارتباط بينهم ضعيفًا، ورغم أنهم ما زالوا في حالة حرب لأكثر من عام، ولم تنته بعد، فإن مؤشر تماسكهم الداخلي تأثيره قوي على ما يحدث في المعركة الخارجية، لكن الغريب أنهم بينما لا يزالون يحاربون أعداءً خارجيين، فلا زالوا يخوضون حروبا داخلية، والفجوة بين الجهد المبذول في ساحات المعركة، والخطاب العدائي الداخلي، لا تُطاق".


وزعمت أن "أكثر من حرب طاحنة تجري في الخارج أثبتت أن لدى الاحتلال مزيدا من القوة لمحاربة أعدائه، لكن الإسرائيليين ذاتهم ذهبوا إلى أقصى الحدود في الحروب والاتهامات الداخلية، مع أن هذا ليس الوقت المناسب، لأنها تُضعفنا وتُؤذينا، والحروب الداخلية تمنعنا من رؤية كيف تزداد قوة حماس، وكيف تشتعل صفارات الإنذارات مرة أخرى في غلاف غزة، وكيف يستمر مقتل المزيد والمزيد من الجنود في معاركها، وهكذا يصل العدو إلى الأسوار".

ودعت الكاتبة إلى "تخصيص المزيد من أيام المستقبل للتعامل مع الفجوات الداخلية، رغم أن هذا ليس الوقت المناسب بعد، فأي شخص ليس في ساحة المعركة، ويريد أن تنتهي هذه الحرب بانتصار، يجب أن ينظر لما وراء الجدران الصغيرة التي أنشأها الإسرائيليون داخل أنفسهم".

مايكل أورين السفير الإسرائيلي السابق في واشنطن، أكد أنه "بعد خمسين عامًا من الآن، سيتعلم الطلاب في الكليات العسكرية حول العالم عن الحرب الإسرائيلية المسماة "السيوف الحديدية"، ويتعلمون أنه لم يواجه أي جيش في التاريخ تحدياً مثل الذي واجهته غزة، وهي منطقة مكتظة بالفلسطينيين محمية بثلاثين ألف مسلح، وسط مليونين ونصف مليون مدني بقدرة محدودة للغاية على الهروب من منطقة القتال، ويقاتلون ضد قوات الاحتلال، ليس فقط فوق الأرض، بل أيضًا تحتها في 400 كيلومتر من الأنفاق".

وأضاف في مقال نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت"، وترجمته "عربي21"، أن "جيش الاحتلال كما واجه تحديات غير مسبوقة في غزة، فقد واجه تحديات كبيرة مع حزب الله، أحد أكبر الجيوش وأقواها في الشرق الأوسط، وواجه زيادة كبيرة في المقاومة بالضفة الغربية، وهجمات الصواريخ والطائرات بدون طيار التي يشنها وكلاء إيران في سوريا والعراق واليمن، ناهيك عن التعامل مع هجمات الصواريخ الباليستية الضخمة التي تشنها إيران نفسها".

وأشار أنه "على كل الجبهات، يواجه الاحتلال تهديدات متزايدة، ورغم ما أسفرت عنه هذه الحرب من تغيير جيو-استراتيجي بعيد المدى في الشرق الأوسط، وضربة قاتلة للمنظمات الجهادية، ونهاية سوريا كدولة موحدة تهدد جيرانها، وأوقفت التوسع الإيراني في المنطقة، وهكذا فإن الشرق الأوسط الجديد الذي تصوره الرئيس شمعون بيريس يتحقق، ولكن ليس بالطريقة التي تصورها من خلال السلام، بل من خلال الحرب".

واستدرك بالقول أنه "رغم كل ذلك، فإن الاحتلال قد يخسر هذه الحرب، ونهنا لن تقع الكارثة بالضرورة في ساحة المعركة، بل داخل المجتمع الإسرائيلي نفسه، لأن الفشل بالحفاظ على وحدته الداخلية من شأنه أن يعرض كل إنجازات الدولة العسكرية للخطر، لاسيما في الإخفاق بالتوصل لحلّ قضية الخدمة العسكرية لليهود المتدينين، أو تجدد الجدل حول الانقلاب القانوني، وكلها من شأنه أن يضعف المجتمع الإسرائيلي مرة أخرى، ويقلّل إلى حدّ كبير من قدرته".

وأشار أنه "فوق كل ذلك، فإن الفشل باستنفاد كل الوسائل الممكنة لإطلاق سراح المختطفين سيخلف شرخاً دائماً في المجتمع الإسرائيلي، لأن الحفاظ على المناعة الداخلية لا يقل أهمية عن ضرب حماس وحزب الله وإيران، بل يجب أن يكون نصب أعين الإسرائيليين كهدف استراتيجي".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية الاحتلال الفلسطيني غزة حماس فلسطين حماس غزة الاحتلال صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المجتمع الإسرائیلی

إقرأ أيضاً:

تيك توك.. المعركة الجيوسياسية بين واشنطن وبكين

كثر الحديث عن تطبيق «تيك توك» قبيل تنصيب الرئيس الامريكى واثنائه وبعده، حتى فسر البعض أنه الستار الدخانى للتنافس بين القوى العظمى وربما يشكل تهديدا للأمن القومى الامريكى ومع اعلان ترامب فى أول لحظاته داخل البيت الأبيض متحدثا عن مهلة لشبكة مشاركة الفيديو، التى استأنفت خدمتها فى الولايات المتحدة بعد انقطاعها ليوم واحد، تشير إلى أن هناك شيئا أبسط يجرى بحسب الجغرافيا السياسية الترامبية.
وترى صحيفة «الجارديان» البريطانية انه مع 14.8 مليون متابع على تيك توك، لدى «ترامب» أسبابه الخاصة للحذر من إغلاق التطبيق. وبدلاً من ذلك، يركز على إجبار مالك أمريكى على بيع جزء على الأقل من تيك توك فى الولايات المتحدة، على الرغم من رفض مالك التطبيق، بايت دانس، التقارير التى تتحدث عن بيع التطبيق لحليف ترامب إيلون ماسك باعتبارها «خيالًا محضًا».
الجدير بالذكر أن تيك توك ليس التطبيق الوحيد الذى يجمع كميات كبيرة من بيانات المستخدمين من خلال العديد من التطبيقات الأخرى. وكما لاحظ سياران مارتن، الرئيس السابق لوكالة الأمن السيبرانى فى المملكة المتحدة «إن نظام أمن البيانات الشخصية عبر وسائل التواصل الاجتماعى والتطبيقات الأخرى معطل إلى الحد الذى يجعل تيك توك لا يمثل أهمية كبيرة، كما اعترفت شركة تيك توك بأنها تمكنت من الوصول إلى حسابات اثنين من الصحفيين المتخصصين فى التكنولوجيا بحثًا عن مصادر قصصهم عن الشركة نفسها. لكن محكمة أمريكية رفضت ادعاءً آخر بشأن تدخل الحزب الشيوعى الصينى السرى، وسط مخاوف بشأن موثوقية الشاهد الرئيسى.
وكان رئيس مكتب التحقيقات الفيدرالى السابق كريستوفر راى قد حذر الكونجرس من أن تطبيق تيك توك قد يسمح للصين «بالسيطرة على جمع البيانات عن ملايين المستخدمين، والتى يمكن استخدامها فى جميع أنواع العمليات الاستخباراتية أو عمليات التأثير». لكن الواقع هو أن هذه المخاوف نظرية فى الغالب.
ورغم أنه لا يمكن إنكار أن بكين انخرطت فى اختراق أنظمة الكمبيوتر الغربية للتجسس وسرقة الملكية الفكرية والحصول على البيانات الشخصية، إلا أنه لا يوجد دليل على أن تيك توك هو أداة للمراقبة الجماعية المستمرة.
وأضاف مارتن أن الاختراق الأخير لشبكات الهاتف الأمريكية من قبل قراصنة صينيين أطلقوا على أنفسهم اسم «سولت تايفون» لم يستغلوا برمجيات من الصين، بل «اخترقوا البنية التحتية الأمريكية وغيرها من البنية التحتية الغربية»
فى الأسبوع الماضى، قبلت المحكمة العليا الأميركية المخاوف المتعلقة بالأمن القومى بشأن تطبيق تيك توك دون مناقشة. وركز القضاة على ما إذا كان الحظر الذى اقترحه الكونجرس على تيك توك ينتهك حماية حرية التعبير فى الولايات المتحدة. وخلصت المحكمة إلى أن التشريع الأميركى لا ينتهك ذلك، بسبب «المخاوف الأمنية القومية بشأن ممارسات تيك توك فى جمع البيانات وعلاقتها مع خصم أجنبى».
وفى المملكة المتحدة، دعمت المخاوف بشأن تسرب البيانات الحكومية قرارًا فى مارس 2023 بحظر تيك توك من هواتف الوزراء والموظفين الحكوميين. ومع ذلك، رفض دارين جونز، كبير أمناء وزارة الخزانة، فكرة الحظر على مستوى البلاد، وقال: «المستهلكون الذين يريدون نشر مقاطع فيديو لقططهم أو رقصهم، لا يبدو لى أن هذا يشكل تهديدًا للأمن القومى».
وهو موقف سبق أن أعلنه مسؤولون فى الاستخبارات البريطانية، حيث قال رئيس GCHQ السابق جيريمى فليمنج إنه سيشجع الشباب على استخدام TikTok.
ولكن إذا كانت الحجة حول «تيك توك» هى فى الحقيقة معركة جيوسياسية بين الولايات المتحدة والصين، فإن بريطانيا الأصغر حجما هى الأكثر حكمة فى البقاء بعيدا عن الطريق. ويقول مارتن «من المنطقى أن نرى كيف ستتطور هذه المسألة فى الولايات المتحدة أولا. لأن نجاح الولايات المتحدة فى بيع تيك توك يعنى زوال المشكلة».

مقالات مشابهة

  • تيك توك.. المعركة الجيوسياسية بين واشنطن وبكين
  • إسرائيل تخشى تصاعد قوة حماس بالضفة بعد وقف إطلاق النار بغزة
  • غارة إسرائيلية على مركبة في جنين واستشهاد فلسطينيين
  • تصاعد الخلافات بين إيلون ماسك ومساعدي ترامب حول إدارة أموال البلاد
  • تصاعد التوترات الداخلية في اليمن.. والحوثي يهدد السعودية باستهداف أرامكو
  • دراسة إسرائيلية ترصد فشل سياسة جز العشب ومخاطر تصاعد المقاومة في الضفة
  • الاحتلال يترقب قوائم القسام بشأن الأسرى الإسرائيليين.. ستسلم في هذا الموعد
  • مستوطنون يقتحمون باحات الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مشددة
  • تصاعد اعتداءات المستوطنين في الضفة الغربية والاحتلال يغلق الطرق ويعزز الحواجز العسكرية