الحرب النفسية أشد إيلامًا وأقل تكلفة
تاريخ النشر: 24th, January 2025 GMT
تخوض الدول- منذ عصور- الكثير من النزاعات وتنشب الحروب فيما بينها، ولكن ما لا يعرفه الكثير منها هو أن أشد الحروب فتكًا وتأثيرًا على وجه الأرض هي «الحرب النفسية»، هذا ليس إنكارا أو تقليلا من الحروب العسكرية وما تستخدمه الجيوش من أسلحة متطورة للدمار الشامل وما تحدثه الصواريخ والقنابل بأنواعها في إحداث تغير شامل على وجه الأرض التي تضربها، والخسائر التي تخلفها سواء في الأرواح أو الممتلكات.
الواضح لدينا هو أن «الحرب النفسية أشد إيلاما وأقل تكلفة»... كيف ذلك؟ قد تكون هذه العبارة هي عنوان عريض لمعنى أشد عمقا ورهبة لواقع مخيف للغاية، ويمكن أن نتحدث عن ذلك الأمر طويلا وباستفاضة لا نهاية لها، وإذا كان علماء النفس السيكولوجي صنفوا أنواع الإشاعات إلى ثلاثة مخارج وجميعها تنصب في قالب إحداث «الخوف، والأمل، والحقد»، واتفقوا على أن الإشاعة والأخبار المضللة هما سلاح فتاك وليسا مجرد حبر على ورق؛ لأن سلاح الإشاعة يوجه دائما نحو عقول وأجساد أبناء الشعوب بغية إنهاكهم معنويا وإحداث ضرر بالغ في أعصابهم وجعلهم غير قادرين على مقاومة الأحداث خاصة في مرحلة الحروب وويلاتها، فالإشاعة تسري في عقولهم كسريان النار في الهشيم، ولهذا الأمر وغيره يؤكد المختصون أن الحرب النفسية أكثر تأثيرا وخطورة من آلة الحرب العسكرية؛ لأنها تستخدم أساليب غير ملموسة تستهدف العقل والأعصاب ومعنويات الشعوب ووجدانهم بدقة عالية، وفي الأغلب يقتنع الناس بها ولا ينتبهون إلى صحتها وأهدافها وبالتالي يكون أثرها وخيما وأكثر تأثيرا على مجريات الحرب.
لماذا نضعف عندما يشاع عنا أمر مزيف أو اتهام باطل؟ إشاعة الأنباء المضللة وغير الحقيقية أصبحت جبهة أخرى تشتغل عليها الدول المتحاربة بهدف التقليل من شأن الآخر والنيل من معنويات الجنود والشعوب والاشتغال على مضايقتهم نفسيا وتصفيتهم دون أن يتم قتلهم برصاصة طائشة تخرج من فوهة بندقية قناص محترف.
واستخدمت الإشاعة في الحياة المدنية كسلاح آخر لمحاربة الناس بعضهم البعض من الجانب النفسي، وبعض الذين أصابتهم مثل هذه الإشاعات تدمروا نفسيا وبعضهم عجز عن المضي في الحياة والتغلب على الحالة التي وصل إليها وبعض المتضررين لجأوا إلى الانتحار كخيار أخير يخلصهم من الحالة الصعبة التي وصلوا إليها، وهذا الفقد في الأرواح سببه عدم السيطرة على المشاعر والعجز عن التفكير السليم للخروج من الأزمة النفسية التي تظل عالقة في أذهانهم خاصة إذا كانت الادعاءات أو الإشاعات سكينا يلوثها الافتراء الكاذب والإشاعة المغرضة خصوصا إذا ذهبت إلى جوانب العفة والشرف والأمانة.
الأنباء الكاذبة والتهم الملفقة، والحرب الضروس التي يشعلها بعض الناس ضد الآخرين، تعمل على تدميرهم معنويا، ومن المؤسف أن الإشاعة يمكن أن يمتد مدى انتشارها وكأنها قنبلة انشطارية تتوزع في أنحاء مختلفة.
فكم من أشخاص أبرياء فقدناهم دون أن نعلم بأنهم يحاربون معنويا ونفسيا، حتى أصابهم اليأس وأقدموا على جريمة يحاربها القانون ويجرمها الدين، كل ذلك بسبب الإشاعات الباطلة.
باختصار شديد يؤكد المختصون أن الحرب النفسية تسهم في تغيير السلوكيات الإنسانية، والقناعات الفكرية بدرجة تتماشى مع عقارب الساعة، ولأن الإشاعة أصبحت أرضا خصبة تزرعها الشعوب والأفراد سواء كانوا عسكريين أو مدنيين، ولذا فإن الإشاعة هي أخطر من أي سلاح ناري؛ لأنها تقوم على إضعاف معنويات الخصم وتحطيم إرادته وهنا مكمن قوتها وتأثيرها.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الحرب النفسیة
إقرأ أيضاً:
«التنمر وأسبابه و أشكاله والآثار النفسية والمجتمعية له».. ندوة توعوية بآداب طنطا
في إطار الدور التوعوي والتثقيفي الذي تقوم به كلية الآداب جامعة طنطا بالتعاون مع قطاع شئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، أقيمت اليوم الأربعاء ندوة توعوية بكلية الآداب بعنوان "التنمر: الأسباب - الأشكال - الآثار النفسية والمجتمعية".
أقيمت الندوة تحت رعاية الدكتور محمد حسين، القائم بأعمال رئيس الجامعة، و الدكتور ممدوح المصري، القائم بأعمال عميد الكلية، وبإشراف الدكتور رأفت عبد الرازق، وكيل كلية الآداب لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، الذين أكدوا على أهمية تناول هذه القضية التي تؤثر على الأفراد والمجتمع ككل.
وتحدثت الدكتورة شيماء خاطر، رئيس قسم علم النفس بكلية الآداب، عن أسباب انتشار ظاهرة التنمر، موضحة أن العوامل الأسرية، والتنشئة الاجتماعية، والاضطرابات النفسية تلعب دورًا رئيسيًا في ظهور السلوك العدواني لدى بعض الأفراد.كما أشارت إلى تأثير وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي في تفاقم هذه الظاهرة.
من جانبه، تناول الدكتور محمد السيد منصور، المدرس بقسم علم النفس، أشكال التنمر المختلفة، موضحًا أنه لا يقتصر على التنمر الجسدي فقط، بل يشمل أيضًا التنمر اللفظي، والتنمر الاجتماعي، والتنمر الإلكتروني الذي أصبح أكثر شيوعًا مع تطور التكنولوجيا.
كما استعرض الدكتور منصور الآثار النفسية والمجتمعية للتنمر، مشيرًا إلى أن الضحايا يعانون من مشكلات نفسية خطيرة، مثل القلق، والاكتئاب، والعزلة الاجتماعية، وضعف الثقة بالنفس، مما قد يؤثر على مستقبلهم الأكاديمي والمهني. بالإضافة إلى ذلك، تحدث عن تأثير التنمر على المجتمع، حيث يؤدي إلى تفكك العلاقات الاجتماعية وزيادة معدلات العنف.
شهدت الندوة حضورًا مكثفًا من طلاب الجامعة والأساتذة المهتمين بالقضية، حيث تفاعلوا مع الموضوع من خلال مناقشات وطرح أسئلة تنويرية حول كيفية مواجهة التنمر والحد من تأثيراته السلبية على المجتمع.
وفي ختام الندوة التوعوية، أوصى المتحدثون بضرورة تعزيز الوعي المجتمعي بخطورة التنمر، وتكثيف الجهود التربوية في المدارس والجامعات.