على أنقاض المسجد العمري.. أول صلاة جمعة بعد الحرب الإسرائيلية
تاريخ النشر: 24th, January 2025 GMT
على أنقاض المسجد العمري "الأثري" المدمر شرقي مدينة غزة، تجمع مئات المصلين الفلسطينيين لإقامة صلاة الجمعة في مشهد ندر حدوثه على مدار الإبادة الجماعية التي بدأتها إسرائيل منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 والتي استمرت أكثر من 15 شهرا.
المصلون تجمعوا من مختلف مناطق مدينة غزة في مكان واحد يحفهم الشعور بالأمان النسبي، بعدما توقفت آلة الحرب الإسرائيلية عن قتلهم مع دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ صباح الأحد الماضي.
أعقب هذه الصلاة مراسم تشييع جثماني عضو المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) روحي مشتهى، ورئيس جهاز الأمن العام للحركة سامي عودة، بمشاركة مئات من الفلسطينيين.
وتم انتشال جثماني القياديين بحماس بعد دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.
عناصر القسام شاركوا في صلاة الجمعة ومراسل التشييع (رويترز) كتائب القساموحسب وكالة الأناضول، فقد تخلل التشييع ظهور عناصر من كتائب القسام -الجناح المسلح لحركة حماس- في مشهد تكرر حدوثه لعدة مرات منذ سريان اتفاق وقف إطلاق النار، في خطوة يراها مراقبون أنها تأتي ضمن رسائل الحركة لإسرائيل بأن "هذه هي صورة اليوم التالي لغزة والتي تظهر سيطرة حماس".
ووفقا للوكالة، صلى الفلسطينيون هذه المرة أول صلاة جمعة في أجواء من السكينة، وحلت أصوات الأدعية وتلاوة القرآن محل ضجيج الطائرات ودوي الانفجارات.
وتكرر هذا المشهد في أنحاء مختلفة من قطاع غزة، حيث أدى الفلسطينيون صلاتهم على أنقاض المساجد والمنازل المدمرة.
عدوان وإبادةوعلى مدار 15 شهرا، حُرم الفلسطينيون من التجمع بأعداد كبيرة لأداء الصلوات ضمن الواقع الذي خلفته الإبادة آنذاك.
إعلانويوم 19 يناير/كانون الثاني الجاري، بدأ سريان وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل، ويستمر في مرحلته الأولى لـ42 يوما، يتم خلالها التفاوض لبدء مرحلة ثانية ثم ثالثة، بوساطة قطر ومصر والولايات المتحدة.
وبدعم أميركي، ارتكبت إسرائيل بين السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 و19 يناير/كانون الثاني 2025، إبادة جماعية بغزة، خلّفت أكثر من 158 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود، وإحدى أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم.
العدوان الإسرائيلي دمر المنازل والمدارس وحتى دور العبادة (رويترز)المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات وقف إطلاق النار
إقرأ أيضاً:
تحديات اتفاق وقف إطلاق النار في غزة ومآلاته
أصر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على استدامة عمر الحرب في قطاع غزة قدر الإمكان، للحفاظ على ائتلافه الحكومي وتجنب المحاسبة والملاحقة الحكومية عبر عدم إعطاء الوفد المفاوض الصلاحيات الكاملة للتفاوض، ووضعِ شروط جديدة في كل جولة تفاوضية، والتصعيد بالاغتيالات والمجازر، قبل التوصل إلى اتفاق في تاريخ 15 يناير/كانون الثاني 2025.
وتباينت أهداف إسرائيل الرسمية وتلك التي صرح بها أعضاء في الحكومة بين تدمير حركة المقاومة الإسلامية (حماس) واجتثاثها وتخليص الأسرى وبين السيطرة العسكرية على القطاع وفتح المجال لإعادة الاستيطان في بعض مناطقه، ومن أجل ذلك صبت إسرائيل النار صبا على القطاع بدعم غربي جله أميركي، ولم تترك وراءها حجرا على حجر، في حين توقعت من المقاومة الاستسلام ورفع الراية البيضاء، وهو ما لم يحدث.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2أمراض اللثة تزيد خطر الإصابة بألزهايمرlist 2 of 2الإبادة الجماعية لقتل الفلسطينيين والإبادة الرقمية لإخماد صوتهمend of listونشر مركز الجزيرة للدراسات ورقة تحليلية لأستاذ العلوم السياسية في جامعة الخليل الدكتور بلال الشوبكي بعنوان "اتفاق وقف إطلاق النار في غزة: فرضته المقاومة الفلسطينية وتخشى تداعياته إسرائيل"، بحث فيه مسار المفاوضات وتعنت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومآلات اتفاق وقف إطلاق النار.
يد المقاومة فوق يد نتنياهوما يفسر تعنت نتنياهو وإصراره على إفشال المفاوضات بعد صدور أنباء عن قرب التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في مايو/أيار 2024 هو خفوت الحراك الشعبي الغربي الضاغط على الحكومات، الذي انعكس على خطاب الدول المنفضة من حول إسرائيل واكتفائها بتصدير خطابات تنديد دون سياسات ضاغطة، ويشمل ذلك الموقف الأميركي الداعي لإنهاء الحرب والوصول إلى اتفاق، إلى جانب رتابة تحركات أهالي المحتجزين الإسرائيليين وضعف بدائل المعارضة.
إعلانوعند شروع حركة حماس وإسرائيل في تنفيذ بنود المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، ساد توتر من الطرفين حول تأخر تسليم أسماء الأسيرات الثلاث لدى حماس، في حين لم تلتزم إسرائيل بوقف إطلاق النار إلا بعد نحو 3 ساعات من الموعد الأصلي، وبالرغم من ذلك، فإن الطرفين تمسكا بالمضي قدما في تنفيذ ما جاء في الاتفاق، رغم توقع عقبات فنية أخرى حتى انتهاء المرحلة الأولى.
ينص الاتفاق عسكريا على وقف مؤقت للعمليات في المرحلة الأولى، وانسحاب القوات الإسرائيلية إلى مسافة 700 متر شرق حدود غزة، إلى جانب تعليق النشاط الجوي الإسرائيلي، وإطلاق سراح نحو ألفي أسير فلسطيني وعودة النازحين وإدخال المساعدات.
وسيبدأ التفاوض على المرحلة الثانية في اليوم الـ16 من المرحلة الأولى التي تستمر 42 يوما، لكن ملامحها تقول إنها ستدوم 42 يوما أخرى وسيجري فيها إطلاق سراح أسرى آخرين بمفاتيح تبادل مختلفة، وصولا إلى الهدوء المستدام والانسحاب الكامل من قطاع غزة، لتبدأ المرحلة الثالثة بتبادل الجثامين وبدء خطة الإعمار والسماح بحرية التنقل للأشخاص والبضائع.
ويقف الاتفاق إجمالا على مبدأ التقسيم إلى مراحل رغم ما تحمله من مخاطرة كبيرة بإمكانية النكوص عنها لاحقة، فهو يتيح للفصائل تنفيذ بنوده بشكل أكثر يسرا ويسمح لنتنياهو بتمريره بسلاسة على قوى اليمين التي ترفض إنهاء الحرب على قطاع غزة، ومع تاريخ إسرائيل الطويل في النكوص عن تعهداتها، وضع الاتفاق ضمانات الوسطاء في مكانة أعلى من البنود المتفق عليها، وهو ما يعكس خبرة حماس في التفاوض مع الاحتلال.
فوز دونالد ترامب في الانتخابات الأميركية لعب دورا رئيسيا لدفع إسرائيل للقبول بالصفقة (رويترز) "طامع" آخاك لا بطلفشل إسرائيل في استعادة الأسرى عسكريا أبقى خيار التفاوض حيا، مع ما يمثله الاتفاق المبرم مع حماس من رضوخ إسرائيلي، فالمقاومة كثفت عملياتها في الميدان في آخر شهر بشكل عكس قدرتها على التكيف مع الظرف الجديد في القطاع وعلى ترميم الأضرار ووضع الأسرى في صدارة الضرر أمام أي عملية عسكرية إسرائيلية في المحيط.
إعلانكما لعب فوز دونالد ترامب في الانتخابات الأميركية دورا رئيسيا لدفع إسرائيل للقبول بالصفقة، فهو ما فتئ يهاجم فشل بايدن في إيقاف الحرب واستعادة المحتجزين، جازما بقدرته على القيام بذلك حتى قبل تنصيبه. ولم يكن ذلك نتيجة عصا ترامب فحسب، بل جزرته أيضا، فنتنياهو وإن لم يرغب في إظهار ترامب في مظهر العاجز، فقد رغب أيضا ومن ورائه وزراء اليمين في توسيع غلة الاحتلال من قرارات الضم في الضفة الغربية بما يشمل القدس بداية ووصولا إلى الضم الكامل.
الاتفاق تنتظره عدة سيناريوهات ستحدد مستقبله، ترتكز كلها على الانتقال من المرحلة الأولى إلى الثانية من عدمه (رويترز) العودة للقتال أم القبول بالأمر الواقع؟وينتظر الاتفاق عدة سيناريوهات ستحدد مستقبله، ترتكز كلها على الانتقال من المرحلة الأولى إلى الثانية من عدمه، فنتنياهو أمام خيار العودة للقتال والحفاظ على الائتلاف اليميني مع استعادة جزء من الأسرى، مقابل التضحية بالاتفاق وعلاقة سلسلة مع إدارة ترامب، غير أن لدى نتنياهو شبكة أمان قدمها يائير لبيد لحكومته إلى جانب الضغوطات التي تمارسها عائلات الأسرى والتحفظ الذي قد يبديه قادة المؤسستين العسكرية والأمنية، رغم تلميح تل أبيب للعودة للقتال في حال أخلت حماس بالاتفاق.
ويواجه الاتفاق تحدي الانتقال من الضغط العسكري إلى التحكم في المقدرات اللازمة لإعادة الإعمار، التي قد تنعكس على التركيبة السياسية الفلسطينية وتجعلها أكثر عرضة للتدخلات الخارجية، إلا في حال معالجة ذلك ضمن إطار المفاوضات بما يضمن تدفق المساعدات وإعادة الإعمار دون ابتزاز سياسي.
ويبقى اليوم التالي للحرب غامضا حتى الآن، مع اقتراب انطلاق مفاوضات المرحلة الثانية، رغم تقديم بعض المبادرات لإدارة القطاع من قبل قوى فلسطينية مختلفة في وقت ترغب فيه الولايات المتحدة وإسرائيل في فرض أنماط إدارية وسياسية جديدة في القطاع مع التشديد على استبعاد حركة حماس والسلطة الفلسطينية.
إعلان