تتميز تجربة الناقدة والكاتبة التونسية ليلى عطاء الله بأنها تمزج بين الرصانة الأكاديمية، والبساطة الأدبية، فهي باحثة دكتوراه في الشعر العربي الحديث، وفي الوقت نفسه شاعرة صدر لها ديوانان هما "تلك الوردة أحبت شاعراً" و"لو كان لي بيت".

وقد صدر لها مؤخراً كتابها "السردي في قصيدة النثر"، واعتمدت فيه بالكامل على تجربة الشاعر المصري عماد أبوصالح، فهو بالنسبة لها واحد من قلة قوَّمت مسار قصيدة النثر العربية، وحينما استعان بتكنيك السرد في قصيدته لم يحولها إلى حكاية أو أمثولة، مثل غيره من الشعراء الذين سقطوا في هذا الفخ.

هنا حوار معها حول الكتاب وتجربتها في قراءة مدونة عماد أبوصالح.

أبدأ من عنوان كتابك "السردي في قصيدة النثر.. من خلال مدونة عماد أبوصالح".. لماذا آثرتِ الابتعاد عن الشعري في القصيدة واخترتِ مناقشة السرد؟

"السردي في قصيدة النثر من خلال مدونة عماد أبوصالح" هو بحث في صلب الشعريِّ وليس بعيداً عنه. علينا أن ننبه أولاً إلى أن السردي نسبة إلى السرد - باعتباره نمطاً من أنماط الخطاب شأنه شأن الوصف - يمكن أن يكون مدخلاً إلى شعرية الشعر، وخاصة ما اصطلح عليه بـ"قصيدة النثر".

ثانياً السرد ليس النثر، وهذا الخلط الاصطلاحي ظلم كثيراً النصوص الشعرية التي توظِّف السرد، فعُدت من النثر، وأهمل النقدُ جمالية الخطاب، ليبحث عن خصائص النثر في الشعر، فابتعد بذلك عن الشعري في هذا النوع.

تقولين إن السردي هو طريقة الحكي والإخبار وهو ليس جنساً أدبياً مثل الرواية أو القصة أو الملحمة.. هل قصدتِ أنه شكل من أشكال التعبير لهذه الأنواع الأدبية؟

السرد ليس خاصاً بجنس الروايات وحدها، بل يمكن أن يستضيفه الشعر، لكنه يعدله بما يُناسب خاصيته الشعرية. بمعنى أن توظيف السرد في الشعر يختلف عن توظيفه في النثر.

ما شكل الحكاية الواجب توفرها في القصيدة التي تعتمد على السرد؟

الحكاية في الشعر تقوم أساساً على بنية تعتمد الحذف، والانتقال المفاجئ، فالشاعر ليس راوياً للأحداث بقدر ما هو مخترع للصور.

لماذا وقع اختيارك على الشاعر المصري عماد أبو صالح؟ ما الذي جذبك في تجربته؟

اخترت نصوص عماد أبوصالح لما تتميز به من شاعرية، نصوصه من النوع الذي يُصطلح عليه بالشعر الخالص. يكتب الشعر للشعر فحسب.

كيف استخدم عماد السرد في قصائده؟

هذا السؤال ينير ما قبله، عماد أبوصالح فهم الفرق الشاسع بين الشعر والنثر، لذلك لم يسقط في النثرية حين استدعى السرد في نصوصه. بل أزعم أنه من القلة التي قوَّمت مسار قصيدة النثر العربية. فكتب ما اقترحنا أن نصطلح عليه بالشعر غير التفعيلي والحُر.

ما التكنيكات الأخرى التي استخدمها؟

التجربة الشعرية في مدونة عماد أبوصالح ثرية، ومتنوعة، واعتماده السرد كان على طريقة كبار الشعراء، من أمثال إدغار آلان بو، وبودلير، وسعدي يوسف، وأمل دنقل. ومن التقنيات التي تميز كتابته، المفارقة التي اعتمدها في ديوانه "كان نائماً حين قامت الثورة".

كيف مزج عماد أبو صالح بين الحكايات المتخيلة والواقعية في أعماله؟ وما خصائص كل لون؟

في الشعر لا وجود لما يُسمى الواقع، وقد أثبتت نظرية اللسانيات العرفانية أننا نحيا بالاستعارات. لكن يمكن أن نعيد صياغة السؤال ليصبح كيف تعامل الشاعر مع الواقع التجريبي؟ ليس من مهام الشعر أن يقدم حكاية تامة تعكس الواقع مثلما تواضع عليه النقد قديماً. فالشعر لا يجب أن يكون عالة على قضاياه. بمعنى لا يجب أن يساهم مفهوم الالتزام في نثرية النص، بل على الشعر أن يكون في قلب التجربة، والشعرية في الآن نفسه. وهذا ما استطاع الشاعر عماد أبو صالح أن يلتزم به.

ما المختلف بينه وبين بقية شعراء قصيدة النثر العربية؟

لقد اطلعت على مدونات عديدة في هذا النوع الذي ينتمي إلى قصيدة النثر - وقد فصلتُ في الكتاب خصائصها مثلما بدأت مع الشاعرين الفرنسيين ألوزيوس برتران وبودلير من بعده – وهو يختلف بين شاعر وآخر، إذ أن تجربة الكتابة لا تتناسخ، لذلك ما يميز نصوص عماد أبو صالح هو انتماؤها إلى تجربة شعرية عربية عريقة، وليست إسقاطاً لتجارب أخرى.

كيف حضرتِ لهذا الكتاب؟ وما المختلف بينه وبين كتب النقد الأخرى؟

هذا الكتاب كان في الأصل بحثاً لرسالة ماجستير. لذلك كان العمل يقتضي تنوع المراجع، وطرافة المصادر، فنصوص عماد أبوصالح دخلت الجامعة لأول مرة مع هذا البحث. والبحث الأكاديمي يختلف عن أنواع أخرى من الكتب النقدية لكونه يخضع إلى مقاييس صارمة في تقويمه.

لماذا هذه النوعية من كتب النقد التطبيقي ناقصة في المكتبة العربية؟

أتفق معك في أن أكثر الكتب تعمد إلى عمل نظري يلخص أحياناً النظريات النقدية، أو يسقطها دون ملاحظة الفروق بين المدارس النقدية. في حين أننا نحتاج أعمالاً تطبيقية تفيد الجامعيين، وغيرهم ممن يسعى إلى القراءة التي تتجاوز الانطباع إلى التلقي.

هل تتفقين مع القول بأن النقاد صاروا كسالى ولا يلاحقون ما يصدر، أم أن الكتب صارت أكثر من إمكانية ملاحقتها؟

يقتضي النقد مصادر ليتسنَّى النظر فيها، ومنهجاً علمياً دقيقاً، وهو ما لا يتوفر غالباً. والسبب ليس مسألة كسل، بقدر ما يعود إلى قلة نشر الكتب النقدية، إذ نحتاج من يقدِّر قيمة المنجز، وهو ما حدث معي لحسن الحظ، فصاحبة دار "الأمينة"، الكاتبة أمينة زريق، أستاذة وشاعرة، ولذلك تجازف بنشر هذا النوع الذي لا يلقى للأسف رواجاً كبيراً لدى القارئ العربي. إضافة إلى الفرق بين الكثرة والجودة.

أنت شاعرة.. فماذا أضافت الشاعرة لتجربتك النقدية؟

النقد يجعلني لا أنظر بعين الرضا إلى ما أكتب، ثمة دائماً زهرة غائبة في كل طاقة. أما الشعر فيفيد النقد، لأنه يمنحنا متعة القراءة الذاتية، أتوقف عند نصوص، ولا أحب تشريحها. فإن فعلت يكون النقد مصاحبة للنص، لا تعالياً عليه.

ما جيلك في تونس؟

لا أعتقد أن الشعر، أو النقد يخضعان إلى ما يُسمَّى "مجايلة". إنما هي مدارس نقدية قد يكون النص هو من يقترحها عليك. أما ربط الإبداع بجيل ما، فهو ضرب من التجني عليه.

أخيراً.. ما طموحك للشعر والنقد؟

الشعر والنقد لا ينفصلان، أسعى إلى إثراء المشهد النقدي العربي، وتوظيف النظريات الأدبية الحديثة، خاصة السردي في الشعر، وهو مشروع بدأه أستاذنا الشاعر فتحي النصري، وأود أن أطور هذا المشروع من خلال أعمال تطبيقية في الشعر العربي الحديث.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: قصیدة النثر السردی فی السرد فی فی الشعر

إقرأ أيضاً:

مهرجان SITFY-Georgia يكرم ليلى خوريتي وزوراب كيبشيده في دورته الأولى

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أعلن مهرجان SITFY-Georgia، مكرمين دورته الأولى برئاسة المخرج مازن الغرباوي، التي من المقرر انطلاقها في الفترة من 2 إلى 6 ابريل في العاصمة تبليسي، وتأتي هذه المبادرة ثمرة جهود المخرج مازن الغرباوي.

ومن المكرمين في الدورة الأولى: الفنانة ليلى خوريتي التي ولدت في تبليسي في 31 اغسطس 1961، وتخرجت من معهد شوتا روستافيلي الحكومي للمسرح ، كلية الدراما ، وهي متخصصة في التمثيل المسرحي والسينمائي منذ عام 1982 ، عملت كممثلة في مسرح كونستانتين جامساخورديا الحكومي للدراما بسوخومي وعملت كممثلة في المسرح الملكي للمنطقة، مسرح فاكي للطابق السفلي، مسرح ساندرو اخميتيلي الحكومي للدراما ، مسرح الحرية، المسرح الأدبي، مسرح الياوني، واستوديو إيروسي منجغالادزه "مسرح الإذاعة" وغيرها.

قدمت ليلى خوريتي، العديد من الأدوار في الكثير من العروض المسرحية "تاجر البندقية" لشكسبير، وإخراج د. أليكسيدزه، نانو فوراكيشفيلي، "الحضيض" لمكسيم جوركي، وإخراج سيخاروليدزه، "الخيانة" للمخرج د. اندغولادزه، مسرحية "الزائر" لج . ب . بريستلي، وإخراج ديفيد ساكفارليدزه، "القبرة" جان أنويل، "النورس" لتشيخوف، وإخراج كفتارادزه، وغيرها من الأعمال العالمية المتميزة.

حصلت ليلى خوريتي على العديد من الجوائز والتكريمات ومنها جائزة جيورجي شارفاشيدزه، جائزة فيريكو أنجابانيدزه، بالإضافة إلى تكريم إنجازاتها الفنية عموما افضل ممثلة للعام - عن الدراما الفردية عن " الصوت البشري " ل ج. كوكتو وغيرها.

كما يكرم المهرجان الفنان زوراب كيبشيدزه، وهو ممثل مسرحي وسينمائي جورجي درس تحت إشراف ديمتري أليكسيدزه وميخائيل تومانيشفيلي في معهد شوتا روستافيلي المسرحي في تبليسي ، ثم درس تحت إشراف سيرجي جيراسيموف وتامارا ماكاروفا في معهد موسكو للسينما عمل كممثل في مسرح تومانيشفيلي للممثلين السينمائيين منذ عام 1978 ، عمل كممثل في مسرح كوتي مارجانيشفيلي الحكومي للدراما منذ عام 1998 .شارك في العديد من الإنتاجات المسرحية منها على سبيل المثال مسرح تومانيشفيلي " استشهاد الملكة " اخراج نوجزار باجراتيوني- جروزينسكي، دافيت كلديا شفيلي " خنازير باكولا" إخراج ميخائيل تومانيشفيلي، جان باتيست موليير " دون جوان " إخراج ميخائيل تومانيشفيلي، تينيسي ويليامز " كامينو ريال " إخراج هيلاري وود.

وأيضا "الملك لير " لوليام شكسبير وإخراج زوراب جيسادزه، مسرح سوخومي الحكومي للدراما يوجين يونيسكو " وحيد القرن " إخراج زوراب جيتسادزه وظهر في أكثر من مئة فيلم منها " ماتسي خفيتيا " اخراج جورجي شينجيليا، " عندما تزهر اللوز" إخراج لانا غوغوبيرديدزه، " الصناديق " إخراج بيدزينا تشخيدزه، " أرض الأجداد " اخراج جيجا لورتكبيانيدزه، جيولي تشوخونيليده، " الجزيرة الخضراء من الأمل " إخراج عمر جفاساليا، " رحلة الملحن الشاب " إخراج جيورجي شينجيليا، " شجرة عيد الميلاد النايلون " إخراج ريزو إيسادزه، " موت اورفيوس " إخراج جيورجي شينجيليا وحصل على العديد من التكريمات والجوائز ومنها ، الجائزة الكبرى عن " دون جوان " إخراج ميخائيل تومانيشفيلي، الجائزة الكبرى لمهرجان المسرح الدولي ، " القناع الذهبي " عن الأب إخراج تيمور تشخيدزه،  الجائزة الرئيسية لأكاديمية الفيلم الروسي " نيكا" عن " زمن الرقص " ، أفضل ممثل للعام عن مسرحية " الملك لير " جائزة جمعية المسرح الجورجي، كما حصل على جائزة ميخائيل تومانيشفيلي / جائزة جمعية المسرح الجورجي لمساهمته في المسرح الجورجي.

مقالات مشابهة

  • اقليم البصرة ضرورة للعراق
  • صحة المنوفية تحذر من تناول الفسيخ خلال أيام العيد
  • كاريس بشار ترقص وتطلب الطلاق.. وتتصدّر الترند!
  • فديتك زائرًا في كل عام.. الرمضانيات في الشعر العربي
  • مهرجان SITFY-Georgia يكرم ليلى خوريتي وزوراب كيبشيده في دورته الأولى
  • الفنان الأردني عماد المحتسب يقدم سيرة فضل شاكر على شاهد
  • صندوق الاستثمار الخيري يطلق حملة جمع تبرعات لذوي الاعاقة
  • هل جيمري بايسال وراء انسحاب ديلارا أكسويك من مسلسل ليلى؟ خلافات لا تتوقف
  • بين تاريخين قراءة في رواية «ج» للكاتب عبدالله الزماي
  • بعد رحلة عطاء لخدمة القرآن.. الآلاف يودعون الشيخ حسن عوض الدشناوي بقنا