في رحلة الإسراء والمعراج ، أطلع الله تعالى نبيه الكريم على حقائق غيبية وأسرار كونية بقدرته سبحانه وتعالى التي لا يحدها حد ولا يتصورها عقل، فما عجز الخلق عن إدراكه رؤية وسماعا ومكانا وزمانا، قد اضطلع عليه رسول الله، فيقول الله تعالى (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) ، كما قال الله تعالى (لَقَدْ رَأَىٰ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَىٰ).

معجزة الإسراء والمعراج

وفي معجزة الإسراء والمعراج، طوى الله لنبيه الزمان والمكان، فكان الزمان بالنسبة له لحظة وكان المكان بالنسبة له خطوة، وجمع الله للنبي محمد، الأنبياء صلى بهم في المسجد الأقصى.

وتدلنا معجزة الإسراء والمعراج، على أن من صبر ورضي على كل ضيق يمر به مستسلما لله تعالى، يعلم أن عاقبة الله له خير، وأن عطائ الله له لا ينقطع أبدا، ولن يصل العبد لهذه الحالة إلا إذا كان محققا للعبودية لله تعالى، فرحلة الإسراء والمعراج، رفعت شأن العبودية في وصف النبي (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى).

كما أن العبودية معناها أن تكتفي بالحق عن الخلق، وأن يكون الله مقصود عبده في كل شئ، والمساجد هي أقدس أماكن العبودية.

وقوع الإسراء والمعراج

وأكدت دار الإفتاء أن الإسراء والمعراج قد ورد نَصَّ القرآن العظيم على وقوع الإسراء يقظة نصًّا صريحًا فإنكاره جحود وعناد، ونصَّ كذلك على المعراج بالتأويل فإنكاره ضلال.

وأوضحت دار الإفتاء، أنه لا مانع شرعًا من التطوع بصوم يوم الإسراء والمعراج، لعموم قوله صلَّى الله عليه وسلم: «مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ الله بَعَّدَ الله وَجْهَهُ عَنْ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا».

وتابعت: ويستحب إياء ليلة الإسراء والمعراج بالعبادات والطاعات، ومن أبرزها إطعام الطعام وإخراج الصدقات والسعي على حوائج الناس، والإكثار من الذكر والاستغفار.

لماذا حدث الإسراء والمعراج؟

لا شك أن رحلة الإسراء والمعراج جاءت تكريمًا لخاتم الأنبياء والمرسلين، وتسرية عنه (صلى الله عليه وسلم)، فبعد وفاة أبي طالب والسيدة خديجة (رضى الله عنها) اشتد الأذى برسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه لصدهم عن إبلاغ دعوة الله (عز وجل) ورسالته، فخرج إلى الطائف لعله يجد عند أهلها النخوة أو النصرة، فكانوا أشد أذى وقسوة عليه (صلى الله عليه وسلم) من بني قومه، ذلك أنهم سلطوا عليه عبيدهم وصبيانهم يرمونه بالحجارة حتى سال الدم من قدميه الشريفين.

وتوجه النبي (صلى الله عليه وسلم) إلى ربه (عز وجل) بدعائه الذي سجله التاريخ في سطور من نور: "اللّهُمّ إلَيْك أَشْكُو ضَعْفَ قُوّتِي، وَقِلّةَ حِيلَتِي، وَهَوَانِي عَلَى النّاسِ، يَا أَرْحَمَ الرّاحِمِينَ! أَنْتَ رَبّ الْمُسْتَضْعَفِينَ وَأَنْتَ رَبّي، إلَى مَنْ تَكِلُنِي؟ إلَى بَعِيدٍ يَتَجَهّمُنِي؟ أَمْ إلَى عَدُوّ مَلّكْتَهُ أَمْرِي؟ إنْ لَمْ يَكُنْ بِك عَلَيّ غَضَبٌ فَلَا أُبَالِي، وَلَكِنّ عَافِيَتَك هِيَ أَوْسَعُ لِي، أَعُوذُ بِنُورِ وَجْهِك الّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ الظّلُمَاتُ وَصَلُحَ عَلَيْهِ أَمْرُ الدّنْيَا وَالْآخِرَةِ مِنْ أَنْ تُنْزِلَ بِي غَضَبَك، أَوْ يَحِلّ عَلَيّ سُخْطُكَ، لَك الْعُتْبَى حَتّى تَرْضَى، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوّةَ إلّا بِك"، فكانت هذه الرحلة العظيمة، ليرى (صلى الله عليه وسلم) من آيات ربه الكبرى ما يزداد به إيمانًا على إيمانه، ويقينًا على يقينه، وثباتًا على ثباته، فمن كان مع الله كان الله معه، وإذا كان الله معك فلا عليك بعد ذلك بمن عليك ومن معك، فالأمر أمره، والحكم حكمه، والكون كله قبضته.

وفي هذه الرحلة المباركة تتجلى عظمة وطلاقة القدرة الإلهية، حيث أُسرى بنبينا (صلى الله عليه وسلم) من مكة إلى بيت المقدس، ثم عرج به إلى السماوات العلا، ومنها إلى المسجد الأقصى مرة أخرى، ثم إلى مكة المكرمة في ليلة واحدة، فلما أخبر (صلى الله عليه وسلم) قريشًا بذلك قالوا: كيف ذلك ونحن نضرب أكباد الإبل إلى بيت المقدس شهرًا ذهابًا وشهرًا إيابًا؟!، صف لنا المسجد، فوصفه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كما هو، فعن جَابِر بْن عَبْدِ اللهِ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا) قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يَقُولُ: "لَمَّا كَذَّبَتْنِي قُرَيْشٌ، قُمْتُ فِي الحِجْرِ، فَجَلَّى اللهُ لِي بَيْتَ المَقْدِسِ، فَطَفِقْتُ أُخْبِرُهُمْ عَنْ آيَاتِهِ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ" (صحيح البخاري).

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: ليلة الإسراء والمعراج فضل الإسراء والمعراج الاسراء والمعراج قصة الاسراء والمعراج المزيد صلى الله علیه وسلم الإسراء والمعراج ى الله علیه وسلم ال م س ج د ى الله ع الله ل

إقرأ أيضاً:

عمر هاشم: الإسراء والمعراج حدث بالروح والجسد

أكد الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء، على عظمة معجزة الإسراء والمعراج التي لا تزال يلهم الأمة الإسلامية والعالم أجمع. 


وقال عضو هيئة كبار العلماء، عبر قناة الناس اليوم الأربعاء، إن الإسراء والمعراج ليس مجرد حادث تاريخي، بل هو حدث عظيم يحمل في طياته دروسًا وعبرًا كثيرة، وقد جاء في مرحلة مفصلية بين مرحلتين حساستين في حياة النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين، فقد كانت المرحلة السابقة مليئة بالأذى والمصاعب، بينما كانت المرحلة اللاحقة مرحلة الجهاد والهجرة المباركة من مكة إلى المدينة وما تلاها من غزوات، فجاءت الإسراء والمعراج كوسيلة لتثبيت قلب النبي صلى الله عليه وسلم ورفاقه، ولترسيخ معاني الإيمان والقوة في نفوس المسلمين.

الإفتاء: الإسراء والمعراج معجزات كبرى للنبي وهي من الدلائل على صدقه أجمل الأدعية النبوية عن الإسراء والمعراج

وأضاف: "هذه الرحلة المباركة لم تحدث لأي نبي أو رسول من قبل، بل هي خصوصية خص الله بها نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، حيث أسرى به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ثم عرج به إلى السماوات العلا ليعاين من آيات ربه ما لا يراه بشر، وهذا يعتبر تأكيدًا على عظمة الله وقدرته، حيث يظهر أن كل شيء في الكون خاضع لقدرته، كما أن الإسراء والمعراج حدثًا جسديًا وروحيًا في آن واحد، وهو ما أجمعت عليه الأمة الإسلامية بالرغم من بعض الادعاءات التي حاولت الطعن في حقيقة الحادث".

وأشار إلى  ما جاء في سورة الإسراء التي وصفت هذه المعجزة العظيمة بآيات تتسم بالعظمة والجلال، مشيرًا إلى أن الله سبحانه وتعالى قدم فيها تصحيحًا لكل الشبهات التي أثيرت حول تلك الرحلة.

وأكد أن الإسراء والمعراج يمثلان أسمى درجات التكريم للنبي صلى الله عليه وسلم، ويؤكدان على مكانته العظيمة في الكون، بل إن هذا الحدث هو دعوة لنا جميعًا لتسخير حياتنا في طاعة الله والسعي لرضاه، وأن نستلهم من هذا الحدث العظيم العزيمة والإيمان في مواجهة التحديات.

 

وقالت دار الإفتاء المصرية إن الإسراء والمعراج رحلتان قدسيتان من المعجزات الكبرى للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وهي من الحجج الدالة على صدق النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والتي يجب الاعتقاد بوقوعها.

وأوضحت الإفتاء أن رحلة الإسراء والمعراج رحلة إلهية ومعجزة نبوية لا تقاس بمقاييس البشر المخلوقين وقوانينهم المحدودة بالزمان والمكان، بل تقاس على قدرة الخالق جل جلاله.

والإسراء والمعراج قد ثبتا بالقرآن وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقد حدَّث بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسة وأربعون صحابيًا، فاستفاض استفاضة لا مطمع بعدها لمنكر أو متأول، وقد تواتر ذلك تواترًا عظيمًا؛ حتى لم يعد لمنكر مطمع ولا لمتأول مغمز.

وقد ذهب جمهور العلماء سلفًا وخلفًا على أن الإسراء والمعراج كانا في ليلة واحدة وأن الإسراء حدث بالروح والجسد معًا.

بيان مفهوم الإسراء
وأضافت الإفتاء أن المقصود هو الإسراء بسيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم من المسجد الحرام بمكة إلى بيت المقدس بالشام.

وقوع رحلة الإسراء ليلًا
لما كان الإسراء لا يكون إلا بالليل فهم العلماء من قوله تعالى: ﴿لَيْلًا﴾ أنها تفيد التأكيد أو التبعيض؛ فيقول الإمام الرازي في "تفسيره" (20/ 292، ط. دار إحياء التراث العربي): [أراد بقوله: ﴿لَيْلًا﴾ بلفظ التنكير تقليل مدة الإسراء وأنه أسرى به في بعض الليل من مكة إلى الشام مسيرة أربعين ليلة، وذلك أنَّ التنكير فيه قد دلَّ على معنى البعضية] اهـ.

مقالات مشابهة

  • عالم أزهري يفجر مفاجأة.. «الإسراء والمعراج» ليس حصرا على النبي محمد صلى الله عليه وسلم
  • فضل ليلة الإسراء والمعراج.. إحياء الذكرى بالعبادات والطاعات
  • الأعمال المستحبة في ليلة الإسراء والمعراج
  • قصة الإسراء والمعراج بالتفصيل pdf
  • «الإفتاء» توضح حكم صيام ليلة الإسراء والمعراج.. توافق الـ27 من شهر رجب
  • بيان معنى الأمّية في حق النبي صلى الله عليه وآله وسلم
  • عمر هاشم: الإسراء والمعراج حدث بالروح والجسد
  • بيان مدى علم النبي صلى الله عليه وآله وسلم للغيب
  • الإفتاء: الإسراء والمعراج معجزات كبرى للنبي وهي من الدلائل على صدقه