أثارت أحداث منطقة الكنابي في ولاية الجزيرة السودانية ردود فعل عنيفة بين السودان وجنوب السودان بعد مقتل عدد من المواطنين وتعرض آخرين للقتل وحرق المنازل..

التغيير: الخرطوم

“قتلوا (47) من أبناءنا في منطقة الكنابي بولاية الجزيرة بالسودان”، هكذا بدأت الدعوات عبر وسائل التواصل الاجتماعي في دولة جنوب السودان، حيث شهدت العاصمة جوبا أعمال عنف أسفرت عن مقتل (2) سودانيين، فضلاً عن سرقات ونهب للمحال التجارية، بالإضافة إلى تهديدات ووعيد عبر المواقع الإلكترونية.

شرارة الأحداث التي تسببت في توتر العلاقات بين السودان ودولة جنوب السودان انطلقت بعد دخول الجيش السوداني إلى مدينة ود مدني، عاصمة ولاية الجزيرة، واستعادتها من قوات الدعم السريع بعد عام كامل من النزاع.

وبعد دخول الجيش للجزيرة، أفادت مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام عن وقوع مجزرة في منطقة الكنابي ضد مواطنين جنوبيين وسودانيين بتهمة دعم قوات الدعم السريع. وقد تم اتهام مليشيات “قوات درع السودان كيكل” و”كتائب البراء بن مالك الإسلامية” بالضلوع في ارتكاب المجزرة، بينما تباينت الأرقام المتعلقة بعدد الضحايا.

طريقة القتل البشعة، التي شملت الذبح ورمي المواطنين أحياءً في نهر النيل، بالإضافة إلى حرق بعضهم بالنيران، كانت الشرارة التي أشعلت فتيل الأزمة وأثارت ردود فعل عنيفة تجاه السودانيين في دولة جنوب السودان.

وفي بيان صدر عن مؤتمر الكنابي بتاريخ (9) يناير الحالي، أكد وقوع مجزرة في كمبو خمسة وكمبو طيبة شرق أم القرى، شملت حرق طفلين داخل المنازل، بالإضافة إلى اغتيال (6) أشخاص آخرين، واختطاف 13 امرأة برفقة رجل.

من جانب آخر، ذكرت مصادر في دولة جنوب السودان أن (16) مواطنًا جنوبيًا لقوا حتفهم في الأحداث المؤسفة.

أعمال عنف

على خلفية أحداث الكنابي، اندلعت أعمال عنف ضد السودانيين في مدينة جوبا، أسفرت عن مقتل ثلاثة سودانيين، أحدهم كان يعمل طبيبًا، فيما أصيب عشرة آخرون بجروح مختلفة. كما تعرضت العديد من المتاجر للنهب والسرقة، بينما تعرض بعض السودانيين للضرب في الشوارع العامة.

تدخلت الشرطة في جنوب السودان، حيث قامت بنقل السودانيين إلى مقرات آمنة، ومنعت التجمعات الاحتجاجية التي كانت مقررة. وفي بيان صادر عن مكتب الرئيس سلفاكير ميارديت، شددت الحكومة على ضرورة عدم التعرض للسودانيين.

وفي وقت لاحق، تم إطلاق جسر جوي لنقل السودانيين الراغبين في العودة إلى مدينة بورتسودان، بينما دعا ناشطون في جنوب السودان إلى حملة تبرعات مالية لمساعدة مواطنيهم في العودة إلى بلادهم.

استمر الجيش السوداني في نشر صور وفيديوهات لأسرى جنوبيين كانوا يقاتلون إلى جانب قوات الدعم السريع، مؤكداً أن عددًا كبيرًا من المقاتلين في منطقتي بحري والجزيرة ينتمون إلى دولة الجنوب. وفي الوقت نفسه، اتهمت قيادات أهلية وناشطون في ولاية الجزيرة سكان منطقة الكنابي بارتكاب مجازر ضد أهلهم في السريحة والهلالية وغيرها، فضلاً عن سرقة المنازل والتعاون مع قوات الدعم السريع.

كان حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، أول من تحدث عن هذه التطورات، حيث أكد أن الضحايا كانوا من المواطنين العزل، واصفًا الدوافع بأنها انتقامية. وأضاف: “مهما كانت المبررات، فإننا لن نقبل بحدوث أي مجزرة جديدة في البلاد.”

أصدر مجلس السيادة السوداني بيانًا أعلن فيه عن تكوين مجلس تحقيق في أحداث منطقة الكنابي، حيث اتهمت جهات سودانية دولة جنوب السودان بالتواطؤ مع قوات الدعم السريع، متهمة إياها بتسهيل مرور السلاح والدعم، بالإضافة إلى غض الطرف عن تدفق آلاف المقاتلين الجنوبيين للقتال مع الدعم السريع.

من جانبها، استدعت حكومة جنوب السودان السفير السوداني في جوبا، الفريق عصام كرار، للاحتجاج على ما وصفتها بالانتهاكات التي ارتكبها الجيش السوداني بحق الجنوبيين. ووصفت حكومة الجنوب ما حدث في الكنابي بالمجزرة البشعة، متهمة الجيش السوداني بقتل مواطنيها، ودعت إلى تدخل دولي قانوني للتحقيق في الأحداث.

فرضية قائمة

وفي تعليقه على الأحداث، قال عثمان عبد اللطيف، مدير مركز دراسات السلام، لـ “التغيير” إن فرضية وجود أيادي خارجية وداخلية في قضية الكنابي تظل قائمة، ويمكن فهم ذلك من خلال ردود الأفعال المبالغ فيها عبر وسائل التواصل الاجتماعي في دولة الجنوب.

وأضاف: “هناك من يضخم الأحداث في قضية الكنابي بهدف زعزعة العلاقات بين البلدين، حتى يتمكن الدعم السريع من إقامة علاقات مع دولة الجنوب تسمح له بالانطلاق من أراضيها، بتأييد وسند شعبي بعد زرع الكراهية بين الشعبين.”

وأوضح عبد اللطيف أن تحريك دولة الجنوب لملف أبيي، المنطقة المتنازع عليها دوليًا، في الأيام الماضية قد يكون جزءًا من هذا الهدف.

كما لفت إلى أن الدعم السريع يبحث عن منفذ لإدخال السلاح والمرتزقة بعد أن أغلقت القوات المشتركة كافة الطرق الصحراوية مع تشاد وليبيا.

لا مؤامرة

من جانبه، استبعد الكاتب الجنوبي سوداني لادو آدم وجود مؤامرة للإيقاع بين الدولتين، قائلاً: “الإسلاميون دائمًا يحاولون الزج بأطراف خارجية في أي صراع. نظرية المؤامرة حاضرة عندهم كشماعة لأفعالهم وجرائمهم التي عايشناها في الدولة القديمة، ولازالت أفعالهم مستمرة، آخرها فض الاعتصام بالقيادة العامة والحرب المستمرة منذ ما يقارب العامين.”

وأضاف آدم: “هؤلاء يحاولون تجيير الحقائق لصالحهم، ولكن لا يمكننا الاعتماد على لجنة مالك عقار حول حقيقة مجزرة الكنابي، حتى وإن أدت القسم عشرات المرات.”

وفيما يتعلق بالحديث عن المرتزقة، أوضح آدم أن المسؤولية القانونية للمرتزقة تقع على المستخدم لهم، قائلاً: “إذا كان الجيش السوداني يقول إن مرتزقة جنوبيين يقاتلون مع الدعم السريع، فجيش السودان نفسه لديه مرتزقة جنوبيين، مثل قوات الجنرال توبي مادوت واللواء توماس طيل، حلال عليهم، لكن حرام على الآخرين.”

وأشار آدم إلى أن عملية الارتزاق تتم بشكل فردي، وليست لها علاقة بحكومة وشعب الجنوب. لكنه حذر من أن إذا تمادى الجيش السوداني في جرائمه، فإن حكومة جنوب السودان سترد له الصاع صاعين. ورغم أنه أكد أن حكومة الجنوب لن تتدخل عسكريًا في السودان، إلا أنه شدد على أن لديها الكثير من الأوراق التي يمكن أن تستخدمها.

وأضاف آدم: “ما حدث قد يكون سحابة صيف بين الشعبين، ولكن إذا تكرر، فقد يؤدي إلى قطيعة بين البلدين. طالما أن الكيزان وكتائبهم موجودون، نتوقع أي شيء. لكن في النهاية، نتمنى أن تحل القضية في الإطار القانوني.”

الوسومأحداث الكنابي بولاية الجزيرة حرب الجيش والدعم السريع دولة جنوب السودان

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: حرب الجيش والدعم السريع دولة جنوب السودان قوات الدعم السریع دولة جنوب السودان الجیش السودانی بالإضافة إلى دولة الجنوب فی دولة

إقرأ أيضاً:

الإمارات تشارك في اجتماع وزراء خارجية مجموعة العشرين

شارك وفد رفيع المستوى من دولة الإمارات في اجتماع وزراء الخارجية الأول لمجموعة العشرين في جوهانسبرغ، برئاسة معالي أحمد الصايغ، وزير دولة و"الشيربا" الإماراتي لمجموعة العشرين. 
ضم الوفد سعيد الهاجري مساعد وزير الخارجية للشؤون الاقتصادية والتجارية، ومحش سعيد الهاملي سفير دولة الإمارات لدى جمهورية جنوب أفريقيا ونائب "الشيربا" الإماراتي.
افتتح أعمال الاجتماع فخامة سيريل رامافوزا، رئيس جمهورية جنوب أفريقيا. وتضمنت الفعاليات جلستين رئيسيتين: الأولى تناولت الوضع الجيوسياسي العالمي، والثانية ركزت على أهداف مجموعة العشرين للعام 2025. كما تم خلال الاجتماع استعراض الإنجازات التي حققتها مجموعة العشرين في السنوات الأخيرة.
وأكد معالي الصايغ، خلال الاجتماع، على التزام دولة الإمارات الراسخ بدعم جهود تهدئة التوترات من خلال تغليب الدبلوماسية والحوار لبناء التفاهم المتبادل.
كما أعرب معاليه عن دعم دولة الإمارات لرئاسة جنوب أفريقيا لمجموعة العشرين ولأولوياتها الرئيسية، مؤكداً أن الدولة، بصفتها ضيفا في المجموعة، ستعمل على دعم تطلعات وأهداف الاقتصادات النامية والأقل نمواً في مختلف مسارات المجموعة.
وقد دعت جمهورية جنوب أفريقيا دولة الإمارات للمشاركة بصفة ضيف خلال قمة مجموعة العشرين لعام 2025 التي تنعقد تحت شعار: "التضامن والمساواة والاستدامة".
تشكل هذه الدعوة المشاركة السادسة للدولة في المجموعة حيث شاركت في قمة المجموعة في فرنسا عام 2011 والمملكة العربية السعودية في عام 2020، وإندونيسيا في عام 2022، ثم الهند في عام 2023 والبرازيل في عام 2024.

أخبار ذات صلة أندرييفا «أصغر مُتوجة» في «دبي للتنس» مصر تحصد المركز الأول في بطولة أفريقيا لرابطة أبوظبي لمحترفي الجوجيتسو المصدر: وام

مقالات مشابهة

  • الجيش السوداني يحقق مكاسب ميدانية جديدة أمام الدعم السريع
  • قوات الدعم السريع توقع اتفاقا لإنشاء حكومة موازية في السودان وسط تقدم الجيش ميدانيا
  • الجيش السوداني يعلن استعادة القطينة من «قوات الدعم السريع»
  • الجيش السوداني يصل القصر الرئاسي بالعاصمة الخرطوم .. وقوات الدعم السريع تتعرض لانتكاسات واسعة في عدة مدن سودانية
  • الجيش السوداني يسيطر على مدينة إستراتيجية جنوب الخرطوم
  • الجيش السوداني يستعيد مدينة القطينة من مليشيا الدعم السريع
  • الجيش السوداني يقصف مواقع الدعم السريع في أم درمان
  • الإمارات تشارك في اجتماع وزراء خارجية مجموعة العشرين
  • قوى سياسية توجه دعوة الى الجيش السوداني والدعم السريع والمؤتمر الشعبي يوضح مشاركة علي الحاج في اجتماعات بنيروبي
  • الدعم السريع ترقص في احتفال على الجماجم والأشلاء