كيف كان يستقبل النبي شهر شعبان
تاريخ النشر: 24th, January 2025 GMT
كان النبي الكريم محمد - صلى الله عليه وسلم - يستعد لشهر رمضان من خلال شهر شعبان المبارك، فعندما يأتي هذا الشهر الجليل تكون الأرواح عطشى للثواب واكتساب الحسنات في هذه الأيام المباركة.
كيف كان النبي يستقبل شهر شعبان ؟كان النبي يغتنم أيام شهر شعبان ولياليه في الطاعات من صيام واستغفار وقراءة القرآن، ومن فضائل شهر شعبان أن الله جعله ظرفًا لحدث عظيم ألا وهو تحويل قبلة المسلمين من بيت المقدس إلى البيت الحرام إكرامًا لوجه المصطفى صلى الله عليه وسلم، حيث كان هذا الحدث أمنية لدى الرسول وكان يقلب وجهه في السماء يرجو أن يجعل الله أمنيته حقيقة فمن الله عليه بتحقيقها لرغبة الرسول في ذلك.
وقد سجل القرآن ذلك فقال الله تعالى: (قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعملون).
وشهد شهر شعبان أيضا أمر الله تعالى المسلمين بالجهاد في سبيله وجعله واجبًا عليهم، كما أن غزوة بدر الصغرى وقعت في شهر شعبان.
فضائل شهر شعبانومن فضائل شهر شعبان يشعر المسلم بروحانيات شهر رمضان ومن أحسن فضائل شهر شعبان هي التأهب لشهر رمضان بالصلاة والدعاء وصلة الأرحام وغيرها من الأفعال الصالحة، لا بد أن يستغل الفرد فضائل شهر شعبان للتطهر من المعاصي ودخول شهر رمضان خالي من الذنوب.
وفضائل شهر شعبان كثيرة منها استحباب الصيام كي يهيئ الإنسان نفسه لصيام شهر رمضان، وأيضا من فضائل شهر شعبان أنه ترفع فيه الأعمال إلى الله عز وجل.
من فضائل شهر شعبان الأعمال الصالحة في الأوقات التي تكون فيها النفس غافلة أصعب وأشق عليها من الأوقات التي تكون فيها النفس يقظة، فقد ورد في السنة النبوية عن ليلة النصف من شهر شعبان (أن الله يغفر فيها لكل عباده إلا المشرك)، وقد رأي الرسول صلى الله عليه وسلم أن المسلمين ينتبهون لشهر رجب ويعظمونه ويقدسونه على بقية الأشهر، كما رأى تعزيم المسلمين لشهر رمضان، فأراد الرسول الكريم أن يوضح لنا فضل شهر شعبان.
الصيام في شعبانكما يعتبر الصيام في شهر شعبان يأخذه المسلمين كتدريب على صيام شهر رمضان، حتى لا يدخل عليهم رمضان فيلاقوا مشقة في الصيام، بل يكون تدرب واعتاد على الصيام، وهذا يجعل المسلم يدخل في صيام رمضان بنشاط وروح عالية.
وعن فضل الصيام في رمضان ورد في السنة النبوية وعن أسامة بن زيد رضيَ الله عنهما أنَّه سأل النَّبيَّ صَلَّى الله عليه وسَلَّم فقال: يا رسول الله، لم أركَ تصوم شهرًا منَ الشهور ما تصوم في شعبان، فقال صَلَّى الله عليه وسَلَّم: (ذلك شهر يغفل عنه الناس بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى الله تعالى فأحب أن يُرْفعَ عملي وأنا صائم) رواه الترمذي والنسائي.
لذلك نجد من يصوم يومي الإثنين والخميس فقط من النصف الأول من شهر شعبان، وهناك من يكتفي بصيام يوم النصف من شعبان لما يحتويه اليوم من روحانيات.
وتعد ليلة النصف من شعبان أحد أكثر الأيام التي تكثر فيها العبادة وتستجاب فيه الدعوات، كما كان يحرص النبي على الإكثار من الصيام في شعبان لأنه شهر ترفع فيه الأعمال، إضافة أن الصيام من السنن الجليلة التي لها فضل كبير عند الله عز وجل.
عبادات شهر شعبان
ويستحب على المسلم في شهر شعبان الابتعاد عن الذنوب والمعاصي، وتكثيف الطاعة والأعمال الصالحة من أجل التقرب إلى الله عز وجل، والإكثار من الدعاء التي سيستجيب الله لها بكرمه وعفوه.
وفي شهر شعبان ترفع الأعمال والمقصود بالأعمال هي أعمال السنة كاملة، لذلك يتطلب من المسلم في هذا الشهر الاجتهاد حتى تكون خاتمة أعماله حسنة، لأن حسن الخواتيم من الأمور التي على المسلم الإلحاح في طلبها من الله عز وجل، ففي الأدعية المأثورة (اللهم اجعل خير أعمالنا خواتيمها وخير أيامنا يوم لقائك.
وردت الكثير من الأحاديث التي تبين فضل شهر شعبان ومنها: عن أم المؤمنين عائشة -رضى الله عنها- قالت: (ما رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط إلا شهر رمضان، وما رأيته في شهر أكثر صيامًا منه في شعبان) رواه البخاري ومسلم.
وكان الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم، يهتمون بشهر شعبان أسوة بالرسول صلى الله عليه وسلم، فبقدوم شهر شعبان تراهم ينكبون على القران يتلونه ويتدارسونه فيما بينهم، ويخرجون الصدقات من أموالهم، ويسارعون في فعل الخيرات، كي يهيئوا أنفسهم للشهر الكريم، حتى إذا أقبل رمضان ترى قلوبهم عامرة بالإيمان وألسنتهم رطبة بذكر الله عز وجل، وجوارحهم عفيفة عن فعل الحرام طاهرة نقية، وبناء عليه يشعرون بلذة الصيام وحلاوة القيام، ولا يملون أو يكلون من فعل الأعمال الصالحة، لأن قلوبهم ملأها الإيمان وتغلغل النور في أرواحهم، واطمأنت نفوسهم بذكر الله وعمل الخير والابتعاد عن المنكر، قال الله تعالى في كتابه الكريم: (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب).
صيام شهر شعبان
جعل الرسول شهر محرم وشعبان مخصصين للصيام، فقال ابن رجب رحمه الله بين تفضيل صيام داود عليه السلام وصيام شعبان وصيام يومي الاثنين والخميس (أن الرسول بين أن صفة صيام داود كانت لنصف الدهر فقط، وكان الرسول يفرق بين أيام صيامه تحريًا للأوقات والأيام الفاضلة).
ذكر الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله في توضيح حكمة الرسول من الإكثار من الصيام في شعبان: (أن شهر شعبان يغفل عنه الناس بين رجب ورمضان، حيث يكتنفه الناس شهران عظيمان، الشهر الحرام رجب، وشهر الصيام رمضان، فقد اشتغل الناس بهما عنه، فصار مغفول عنه، وكثير من الناس يظن أن صيام شهر رجب أفضل من صيامه، لأن رجب شهر حرام، وليس الأمر كذلك في شعبان).
يعتبر شهر شعبان منحة إيمانية، على كل مسلم أن يغتنم أيامها ولياليها في التقرب إلى الله بالطاعات في شتى أنواعها المختلفة، صيام وقيام وصدقات وقراءة قران وصلة أرحام واستغفار ودعاء شهر شعبان بمنزلة فترة تدريبة للروح والبدن، وجعلها مستعدة لاستقبال شهر رمضان.
ينعم الله علينا بمواسم للطاعات لا بد من استغلالها حسن استغلال، ففي هذه المواسم تنال الأعمال فيها البركة ببركة الوقت التي تحدث فيه، ف شهر شعبان من المواسم التي يكثر الرسول فيها من العبادات والقربات، وتخصيص الرسول شهر شعبان للصيام مقترن برفع الأعمال إلى الله، بمعنى أن الأعمال ترفع إلى الله عز وجل في شهر شعبان، ولكنها تعرض في ليلة الإثنين والخميس من كل أسبوع، فرفع الأعمال يكون على ثلاثة أنواع وهي: رفع عمل الليل قبل عمل النهار، ورفع عمل النهار قبل عمل الليل، وترفع أيضا في شعبان، ودليل ذلك ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: (يتعاقبون فيكم: ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة العصر وصلاة الفجر)، ولأجل رفع الأعمال أحب الرسول أن يرفع عمله وهو صائم.
وليلة النصف من شعبان لها منزلة كبيرة، قال فيها الرسول صلى الله عليه وسلم: (يطلع الله إلى خلقه في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا مشرك أو مشاحن)، والحكمة من كثرة الصيام لأجل إحياء أوقات الغفلة بالطاعة والعبادة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: شهر رمضان صيام شعبان عبادات شهر شعبان صيام النصف من شعبان استقبال شهر شعبان المزيد صلى الله علیه وسلم النصف من شعبان لیلة النصف من فی شهر شعبان الله عز وجل الله تعالى بذکر الله الصیام فی شهر رمضان صیام شهر إلى الله فی شعبان
إقرأ أيضاً:
عودة: قبل الصوم نذكر بأن الهدف هو تطبيق وصايا الله
ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عوده، خدمة القداس في كاتدرائية القديس جاورجيوس، بحضور حشد من المؤمنين.بعد الإنجيل ألقى عظة قال فيها: "غالبا ما يضيع الإنسان هدف حياته ويستعيض عنه بالوسائل اللازمة للوصول إليه، فتصبح الوسائل هي الهدف. كالطعام الذي هو وسيلة الإنسان للبقاء حيا، فيحوله الإنسان إلى هدف ويسعى جاهدا للحصول عليه وتخزينه كي لا يفقده، ناسيا أن الله الذي يهتم بزهور الحقل وطيور السماء لا يتخلى عن أبنائه. كذلك المال الذي هو وسيلة أساسية لتأمين الحاجيات، أصبح هدف الإنسان، لا بل إلهه، بدل الله، ومصدر قوته وسلطته، به يشتري كل شيء حتى المراكز والضمائر. هذا الأمر ينطبق على حياتنا المسيحية حين نحول الصوم والصلاة ومعرفتنا اللاهوتية هدفا لحياتنا، وهي وسائل ليبقى ذهن الإنسان وجسده في حضرة الله الذي يدعونا إلى التوجه نحو القريب المحتاج، فنركز نظرنا إلى أنفسنا، مهملين الآخر، وقد نسيء إليه أو ندينه".
أضاف: "تعي كنيستنا حالة الإنسان فتذكره سنويا، قبل الصوم، بأن الهدف هو تطبيق وصايا الله التي تختصر بمحبة الله ومحبة القريب. لذا نقرأ اليوم إنجيل الدينونة لنتذكر أن الرب موجود في الآخر، وأننا لن نصل إلى الملكوت إلا مرورا بإخوتنا المحتاجين. كان الرب واضحا في كلامه على الأعمال التي يتوجب على الإنسان القيام بها لينال الملكوت، وقاسيا في حكمه على من يخلف، لأن مصير من لا يعمل وصايا الله هو العذاب الأبدي. كذلك نقرأ اليوم فصلا من رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس يتكلم فيه على استعمال الإنسان لحريته في المسيح، وتصرفه في ما يخص الطعام. يتحدث الرسول عن تصرف بعض مؤمني كنيسة كورنثوس في ما يتعلق بالأوثان. بالنسبة للمؤمن، ليس إله إلا الله وحده، والأوثان ليست آلهة بل هي من صنع البشر. كان يقام ما يشبه المطاعم إلى جانب هياكل الأوثان، فتباع فيها لحوم الذبائح. لم يكن المؤمن يتردد في الذهاب إلى تلك الأماكن ليأكل أو يشتري اللحم، لأنه يعرف أن لا وجود للأوثان. غير أن هذا الأمر كان يشكك ضعاف النفوس الذين قد يظنون أن أكل الذبائح مسموح، وبالتالي لا مانع من تقديم الذبائح للأوثان. يقول لنا الرسول: «وهكذا إذ تخطئون إلى الإخوة وتجرحون ضمائرهم، إنما تخطئون إلى المسيح». فالمسيحي لا يسيء التصرف تجاه الآخرين كي لا يسيء إلى المسيح نفسه، وهذا ما نفهمه من مثل الدينونة أيضا".
وقال: "المحبة هي القاضي في اليوم الأخير. الرحمة التي أظهرها الإنسان نحو كل محتاج إلى الطعام والدفء والطمأنينة، ونحو كل منبوذ ومرذول ومسجون، هي جواز عبوره إلى الملكوت. يقول الرسول يعقوب: «كما أن الجسد بدون روح ميت، هكذا الإيمان بدون أعمال ميت» (2: 26). فإن لم يقترن الإيمان والصوم والصلاة بالمحبة والرحمة تصبح هذه كلها فارغة وسطحية. لكن المحبة شوهت في أيامنا وصارت ترتكب باسمها أفعال سيئة، وتضطهد شعوب أو تقتل تحت شعار خير البشرية المزيف، أو تشن حروب ويصنف البشر وفق اللون والعرق والطبقة والهوية. هذا بعيد كل البعد عن المسيحية التي ترى وجه المسيح في كل إنسان هو مرسل إليك لكي يكون وسيلة لخلاصك، ونعمة من الله لكي تحبه فينفتح لك باب الملكوت".
وختم: "لذا دعوتنا اليوم أن نرى الله في كل إنسان، كائنا من كان، حتى نكون أمناء لخليقة الرب التي نتدرب على المصالحة معها خلال الصوم، ومحبتها بلا مقابل، فنرث الملك المعد منذ إنشاء العالم".