عربي21:
2025-03-31@05:07:56 GMT

أسفار غزة

تاريخ النشر: 24th, January 2025 GMT


طائرات تكتنز بالذخيرة، تحطّ في ساحاتكم، فتوزّعون الموت على الشوارع والخيام، تصهر النيران الأجساد، وتُبيد الإنسان والمكان. هي لغة الغرب مع الشرق، فلا شيء غريب.

نراوغ القذائف، ونقفز تحت الغارات. نتمترس خلف عناوين شوارعنا وحيطان بيوتنا، وبالطلقات القليلة وبما تيسّر نصطاد جنودكم. نجرّدهم من كل الحديد الذي يختبئون خلفه، ننقضّ عليهم بأيدينا وبعض من آمالنا.



تحرقون كل ما تطاله أنظاركم، بالطائرات والدبابات، ثم تجهزون على ما تبقى عندما يظهر جنودكم، يأتون مدججين بالسلاح، متمترسون بالحديد، يملؤهم الرعب ويحرّكهم الحقد. يقتلون الجريح ويرقصون على جثة مقاتل ثم يتلاعبون بصبي أصبح وحيدا، يحيطون به ويدخلونه في دائرة الموت، تتعالى ضحكاتهم وصوت رصاصهم حتى يقضي رعبا بلا قلب ولا ذكريات.

نخرج إليكم حفاة جائعين، تسبقنا قلوبنا، نغير على أوكاركم وننسف دروعكم فأنتم لا تطيقون انكشافها. بدونها تصبحون عاجزين، تتلفتون في كل اتجاه، لتضيق عليكم الأرض، فتنطلق السيقان تسابق الريح بحثا على ملجأ بعيد.

تحمّلنا كل الموت القادم من شتى أصقاع الأرض ومن كبد السماء تقذفونه وتضحكون، تحمّلنا كل الجوع بعد أن أغلقتم علينا الأفق، وأصبحنا من غير قمح وزرع. احتملنا كل العطش عدا ما تجود به السماء من مطر، لكننا أبقينا بنادقنا مُشهرة في وجوهكم، فنحن ملتصقون بأرض كانت لنا دوما.

ترى لو لم تجدوا بيتا يؤوي غطرستكم، وفراشا وثيرا تخلد إليه هواجسكم، أو نقودا تلبي حاجاتكم ورغباتكم، أو شوارع تأمنون السير فيها، أو مدنا مزينة بالأضواء ومترعة باللهو والمرح.. هل كنتم تقولون إن هذه الأرض وعْد الإله وأنها عنوان عقيدتكم، وَوُجهة نبيكم في رحلة الخلاص؟

انظروا كم تحمّلنا لنبقى، وتساءلوا كم تتحمّلون. نعم اسألوا أنفسكم كم تتحمّلون قبل قرار الرحيل؟ ألم يخطر ببالكم سؤال كهذا؟ إنه أس وجودكم. هو سؤال أزلي قائم بيننا، لن يجيبه أحدنا، فالإجابة سيلفظها التاريخ يوما
انظروا كم تحمّلنا لنبقى، وتساءلوا كم تتحمّلون. نعم اسألوا أنفسكم كم تتحمّلون قبل قرار الرحيل؟ ألم يخطر ببالكم سؤال كهذا؟ إنه أس وجودكم. هو سؤال أزلي قائم بيننا، لن يجيبه أحدنا، فالإجابة سيلفظها التاريخ يوما. دعونا ننتظر فالوقت لعبتكم، وتظنّوه دوما صاحبكم، لكنه سيكون يوما قاتلكم.

سجونكم قلاع وحصون خارج أسوار الإنسانية، مَن يخرج منها لا يبقى منه الكثير ليحيا، فيعيش بالقليل الذي بقي منه ثم يموت وحسرة الحياة تغصّ في حلقه، يعيش قليله فقط لأن أحلامه لم تنطفئ، وظلت في صدره جذوة يحتضنها مثل جنين.

تملؤكم شهوة القتل فتحاربون كل مظاهر الفرح بالحرية، تنتزعون راياتنا وتُسكتون زغاريدنا وتحاربون رقصاتنا، لكنكم لا تمسكون ما يضج في صدورنا من عشق للأرض والحياة ومن أمل بعيد حر لوطن يعيش بسلام على هذه الأرض. أبدا لن يتوقف بعطشكم طوفان أماني عودتنا أو دورة الزمان تعود إلينا.

كل ما تفعلوه فقط من أجل أن تبقوا يوما آخر، فنحن من ينتظر زمانه، انتظار البحر للنهر ليعود بعد غياب، فنحن من أديم هذه الأرض.. من قمحها وزيتونها.

الموت عرس لمن يبقى، وعرس لمن يقضي، إنه مظهر آخر للحياة، هو دورة أخرى للوجود وليس النهاية التي تعشعش في أحشائكم فترفضون ما يعدكم الإله بعده.

في معتقل "سديه تيمان" تجلّى عفن التاريخ، ملأت رطوبة القبور الأجواء، فملأت العقول التائهة والأنظار الزائغة لتصبّ كل ويلاتها وأحقادها على جسد السجين الهزيل، جسد نبت من الحنين لقريته المغتصبة، وعاش أحلامه التي تريدون اغتيالها يوما بيوم. بعضهم تعب وقضى، لكن البقية ظلّت قلوبهم معلّقة بالسماء، فنحن لنا إله لكن ليس كإلهكم، كما نحن لسنا مثلكم، فالربّ لم يرفع الطور فوق رؤوسنا لنسجد، لأننا نحبه وهو يحبنا.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مدونات مدونات الأرض الجوع الرحيل القتل احتلال غزة قتل سجون جوع مدونات مدونات مدونات مدونات مدونات مدونات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

سجّانو الموت الحوثيون

في زنازين الظلم الحوثية حيث يُدفن الأحياء تحت التعذيب يقف الإرهابيون عبدالقادر المرتضى وعبدالرب جرفان وعبدالحكيم الخيواني وعبدالقادر الشامي وفواز نشوان كرموز للقهر والظلم والاستبداد.

فالمرتضى المشرف العام على السجون الحوثية لا يكتفي بإدارة المعتقلات بل يدير أيضًا سجن معسكر الأمن المركزي بصنعاء. أما جرفان الذي انتحل صفة رئيس جهاز الأمن القومي فقد انتقل لاحقًا لمسؤول حماية زعيم الميليشيا الإرهابي عبدالملك الحوثي ليحل محله فواز نشوان رئيساً للامن القومي وحالياً  أصبح وكيلاً للخيواني الذي يقود اليوم جهاز الأمن والمخابرات بعد دمج الحوثيين للجهازين السياسي والقومي في جهاز واحد، اما الشامي الذي كان ينتحل منصب رئيس جهاز الأمن السياسي قبل الدمج اصبح الآن نائبًا للخيواني في الجهاز الجديد.

لم يكونوا سوى سجّانين مجرمين متعطشين للدماء وحوش تجردت من الإنسانية واتخذت القمع والتنكيل بالشعب اليمني عقيدة ومنهجًا. لقد حوّلوا السجون إلى مقابر جماعية حيث الموت البطيء هو القاعدة والتعذيب الممنهج هو العقيدة والسياسة الرسمية. تقطيع الأجساد، والصعق بالكهرباء وتكسير العظام واقتلاع الأظافر والتجويع والإذلال وترك المختطفين الأبرياء ينزفون حتى الموت—كل ذلك وغيرها من أساليب التعذيب الوحشية كانت تجري بمشاركتهم وتحت إشرافهم المباشر وكانت جزءاً من عقيدة مترسخة تهدف إلى قهر كل صوت حر وإرهاب كل من يرفض فكرهم الطائفي العنصري.

لقد رأيتُ أنا وزملائي الصحفيين هذه الفظائع بأعيننا. لم نكن فقط شهوداً بل ضحايا تجرعنا مرارة العذاب وذاقت اجسادانا اهوال سجونهم . رأينا بأعيننا كيف يُقتل الإنسان ببطء وكيف يُمحى وجوده دون أن يرفّ للجلادين جفن. كانت صرخات الآلاف من المختطفين تُقابل بالضحكات وأجسادهم الممزقة تُدفن تحت سياط الجلادين بلا رحمة.

إننا نطالب الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية الدولية إلى الضغط على ميليشيات الحوثي من أجل الإفراج عن المختطفين والأسرى وفتح تحقيق عاجل في جرائم التعذيب والقتل داخل سجونها وملاحقة الجناة كمجرمي حرب.

كما نحثّ كل يمني حرّ على توثيق هذه الجرائم ورفع الصوت ضدها فالصمت مشاركة في الجريمة، والعدالة قادمة لا محالة.

ان دعاوانا ومطالبنا عهد لا رجعة فيه والتزام ثابت بأن حرية المختطفين مسؤوليتنا ونضالهم أمانة في أعناقنا ولن نتراجع عن معركتنا حتى تحريرهم ومعاقبة الجناة. وان كل الجرائم التي ارتكبت ضدهم لن تمر دون عقاب ولن يفلت مرتكبوها من قبضة العدالة مهما طال الزمن ،فالتاريخ لا ينسى والعدالة لا ترحم.

اليوم أو غداً أنتم أيها المجرمون وزعيمكم الإرهابي عبدالملك الحوثي ستدفعون ثمن جرائمكم كما دفعه الطغاة من قبلكم.

لن تحميكم ميليشياتكم ولن تنقذكم أجهزتكم القمعية فالأرض التي رويتموها بدماء الأبرياء ستبتلعكم وستظل أرواح الضحايا تطاردكم حتى تتحقق العدالة. نهايتكم لن تكون مجرد حدث عابر بل محطة فاصلة تؤكد أن المجرمين لا يفلتون من العقاب وأن العدالة حين تحين ساعتها لن ترحم من تلطخت يداه بدم الأبرياء.

وستخضعون جميعًا للمحاسبة القضائية العادلة فجرائمكم لن تسقط بالتقادم وستنالون الجزاء الذي تستحقونه وفق القانون لتكونوا عبرة لكل من تجرأ على المختطفين وظن أن بطشه سيحميه وأن الظلم يدوم.

مقالات مشابهة

  • إسرائيل تقترح هدنة لـ50 يوما مقابل إطلاق نصف الأسرى
  • لو لقيت 5 جنيهات على الأرض هل كده رزق ولا حرام؟.. علي جمعة يجيب
  • لو حد كان بيغش وأنا سمعته كده حرام؟.. علي جمعة يجيب
  • لو واحد شال شعر صدره حرام ولا لأ؟.. علي جمعة يجيب
  • سؤال للاستاذة زينب الصادق المهدي.. كيف خرج الدعم السريع من البيوت؟
  • حسام حسن: أنا أهلاوي وأتمنى تدريب النادي يوما ما
  • الوقف السني يعلن الاثنين أول أيام عيد الفطر بعد إكمال رمضان ثلاثين يوماً
  • سجّانو الموت الحوثيون
  • “فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته”
  • أب يعذب طفليه حتى الموت