طائرات تكتنز بالذخيرة، تحطّ في ساحاتكم، فتوزّعون الموت على الشوارع والخيام، تصهر النيران الأجساد، وتُبيد الإنسان والمكان. هي لغة الغرب مع الشرق، فلا شيء غريب.
نراوغ القذائف، ونقفز تحت الغارات. نتمترس خلف عناوين شوارعنا وحيطان بيوتنا، وبالطلقات القليلة وبما تيسّر نصطاد جنودكم. نجرّدهم من كل الحديد الذي يختبئون خلفه، ننقضّ عليهم بأيدينا وبعض من آمالنا.
تحرقون كل ما تطاله أنظاركم، بالطائرات والدبابات، ثم تجهزون على ما تبقى عندما يظهر جنودكم، يأتون مدججين بالسلاح، متمترسون بالحديد، يملؤهم الرعب ويحرّكهم الحقد. يقتلون الجريح ويرقصون على جثة مقاتل ثم يتلاعبون بصبي أصبح وحيدا، يحيطون به ويدخلونه في دائرة الموت، تتعالى ضحكاتهم وصوت رصاصهم حتى يقضي رعبا بلا قلب ولا ذكريات.
نخرج إليكم حفاة جائعين، تسبقنا قلوبنا، نغير على أوكاركم وننسف دروعكم فأنتم لا تطيقون انكشافها. بدونها تصبحون عاجزين، تتلفتون في كل اتجاه، لتضيق عليكم الأرض، فتنطلق السيقان تسابق الريح بحثا على ملجأ بعيد.
تحمّلنا كل الموت القادم من شتى أصقاع الأرض ومن كبد السماء تقذفونه وتضحكون، تحمّلنا كل الجوع بعد أن أغلقتم علينا الأفق، وأصبحنا من غير قمح وزرع. احتملنا كل العطش عدا ما تجود به السماء من مطر، لكننا أبقينا بنادقنا مُشهرة في وجوهكم، فنحن ملتصقون بأرض كانت لنا دوما.
ترى لو لم تجدوا بيتا يؤوي غطرستكم، وفراشا وثيرا تخلد إليه هواجسكم، أو نقودا تلبي حاجاتكم ورغباتكم، أو شوارع تأمنون السير فيها، أو مدنا مزينة بالأضواء ومترعة باللهو والمرح.. هل كنتم تقولون إن هذه الأرض وعْد الإله وأنها عنوان عقيدتكم، وَوُجهة نبيكم في رحلة الخلاص؟
انظروا كم تحمّلنا لنبقى، وتساءلوا كم تتحمّلون. نعم اسألوا أنفسكم كم تتحمّلون قبل قرار الرحيل؟ ألم يخطر ببالكم سؤال كهذا؟ إنه أس وجودكم. هو سؤال أزلي قائم بيننا، لن يجيبه أحدنا، فالإجابة سيلفظها التاريخ يوما
انظروا كم تحمّلنا لنبقى، وتساءلوا كم تتحمّلون. نعم اسألوا أنفسكم كم تتحمّلون قبل قرار الرحيل؟ ألم يخطر ببالكم سؤال كهذا؟ إنه أس وجودكم. هو سؤال أزلي قائم بيننا، لن يجيبه أحدنا، فالإجابة سيلفظها التاريخ يوما. دعونا ننتظر فالوقت لعبتكم، وتظنّوه دوما صاحبكم، لكنه سيكون يوما قاتلكم.
سجونكم قلاع وحصون خارج أسوار الإنسانية، مَن يخرج منها لا يبقى منه الكثير ليحيا، فيعيش بالقليل الذي بقي منه ثم يموت وحسرة الحياة تغصّ في حلقه، يعيش قليله فقط لأن أحلامه لم تنطفئ، وظلت في صدره جذوة يحتضنها مثل جنين.
تملؤكم شهوة القتل فتحاربون كل مظاهر الفرح بالحرية، تنتزعون راياتنا وتُسكتون زغاريدنا وتحاربون رقصاتنا، لكنكم لا تمسكون ما يضج في صدورنا من عشق للأرض والحياة ومن أمل بعيد حر لوطن يعيش بسلام على هذه الأرض. أبدا لن يتوقف بعطشكم طوفان أماني عودتنا أو دورة الزمان تعود إلينا.
كل ما تفعلوه فقط من أجل أن تبقوا يوما آخر، فنحن من ينتظر زمانه، انتظار البحر للنهر ليعود بعد غياب، فنحن من أديم هذه الأرض.. من قمحها وزيتونها.
الموت عرس لمن يبقى، وعرس لمن يقضي، إنه مظهر آخر للحياة، هو دورة أخرى للوجود وليس النهاية التي تعشعش في أحشائكم فترفضون ما يعدكم الإله بعده.
في معتقل "سديه تيمان" تجلّى عفن التاريخ، ملأت رطوبة القبور الأجواء، فملأت العقول التائهة والأنظار الزائغة لتصبّ كل ويلاتها وأحقادها على جسد السجين الهزيل، جسد نبت من الحنين لقريته المغتصبة، وعاش أحلامه التي تريدون اغتيالها يوما بيوم. بعضهم تعب وقضى، لكن البقية ظلّت قلوبهم معلّقة بالسماء، فنحن لنا إله لكن ليس كإلهكم، كما نحن لسنا مثلكم، فالربّ لم يرفع الطور فوق رؤوسنا لنسجد، لأننا نحبه وهو يحبنا.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مدونات مدونات الأرض الجوع الرحيل القتل احتلال غزة قتل سجون جوع مدونات مدونات مدونات مدونات مدونات مدونات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
سؤال برلماني بشأن تطوير المطارات المصرية لاستقبال أكبر عدد من الركاب
تقدمت النائبة ايفلين متى ، عضو لجنة الصناعة بمجلس النواب بسؤال برلماني لشريف فتحي وزير السياحة والآثار والدكتور سامح الحفني وزير الطيران المدني ، بشأن رؤية وزارتي السياحة والآثار والطيران المدني لتطوير مطارات القاهرة والإسكندرية والأقصر وشرم الشيخ والغردقة وأسوان ، لاستقبال أكبر عدد من الركاب سواء علي الخطوط المصرية أو الأجنبية ، بعد مرور ٧ شهور من تكليف الحكومة الجديدة.
وأشارت متى في بيان صحفي لها إلى أنه على الرغم من أن مصر قلب العالم ، وفي وسط مسار الطيران ، إلا أنه لا يوجد بها سياحة الترانزيت أو ركاب الترانزيت مثل كل دول العالم.
وأكدت عضو لجنة الصناعة بمجلس النواب على ضرورة تجديد الأفكار والبحث في دول العالم عن كيفية وصول ركاب الترانزيت أو سياحة الترانزيت، والتي سيستفيد منها الكثير والكثير من العمالة والموظفين والشركات وغيرهم.
وطالبت بضرورة الاهتمام بتطوير مطارات القاهرة والإسكندرية والأقصر وشرم الشيخ والغردقة وأسوان ، لإعادة مصر على خريطة السياحة العالمية ، وتحقيق خطة وزارة السياحة التي تستهدف جذب ٣٠ مليون سائح سنويا إلى مصر.