شفط الكربون من السماء.. الأمل الأخير لمواجهة كارثة المناخ
تاريخ النشر: 24th, January 2025 GMT
تخيّل عالماً يُمكن فيه تنظيف السماء من التلوث بنقرة زر واحدة، لكن للأسف، حتى لو أوقفنا جميع الانبعاثات فوراً، فإن الكوكب سيظل يعاني بسبب الكربون الهائل الموجود بالفعل في الغلاف الجوي.
الحل؟ تقنية التقاط الهواء المباشر (DAC)، التي يصفها البعض بأنها أمل البشرية، بينما يراها آخرون مضيعة للوقت والموارد.
ما هي تقنية التقاط الهواء المباشر؟
ببساطة، تسحب هذه التقنية الهواء الملوث عبر فلاتر خاصة لإزالة ثاني أكسيد الكربون، يُستخدم في هذه العملية مواد صلبة أو سوائل لالتقاط الكربون، ثم يُسخن المرشح لإعادة استخدامه أو لتجهيز الكربون للتخزين أو الاستخدام.
لماذا نحتاجها؟
في الستينيات، كانت البشرية تضخ 11 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً، اليوم، تضاعف هذا الرقم إلى 40 مليار طن، بينما تشير التقديرات إلى أن الغلاف الجوي يحتوي على حوالي 950 مليار طن من الكربون المتراكم، مما يدفع كوكبنا نحو كارثة مناخية. وفقاً لدراسة لجامعة أكسفورد، يجب علينا إزالة ما بين 7-9 مليارات طن سنوياً بحلول عام 2050 للحفاظ على ارتفاع درجة الحرارة عند 1.5 درجة مئوية فقط.
يمكن تخزين ثاني أكسيد الكربون تحت الأرض في الصخور المسامية أو حقول النفط القديمة. كما يمكن استخدامه كوقود صناعي، في مواد البناء، أو حتى في المشروبات الغازية. شركات مثل Holocene وMission Zero تتسابق لجعل هذه العمليات أكثر كفاءة وأقل تكلفة باستخدام تقنيات جديدة تعتمد على المذيبات القابلة لإعادة الاستخدام والتحليل الكهربائي.
العقبات والتحديات
تكلفة استخراج الكربون ما زالت مرتفعة جداً، تتراوح بين 300 و600 دولار للطن، ويحتاج القطاع إلى تقليص هذه التكلفة إلى أقل من 200 دولار للطن ليصبح مجدياً اقتصادياً. إضافة إلى ذلك، يواجه المشروع انتقادات واسعة بسبب استهلاكه للطاقة واعتماده الكبير على الموارد.
المستقبل المأمول
بالرغم من العقبات، بدأت مبادرات واعدة مثل مصنع Stratos في تكساس، الذي سيُزيل نصف مليون طن من الكربون سنوياً عند اكتماله. يرى الخبراء أن التوسع في هذه التقنيات سيخفض التكاليف ويعزز جدواها.
تقنية التقاط الهواء المباشر ليست الحل السحري، لكنها قد تكون أداة حاسمة في معركتنا لإنقاذ كوكب الأرض، فمع التقدم التكنولوجي، قد يتحول هذا التحدي إلى فرصة حقيقية لتغيير مستقبل البشرية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: السماء الكربون الغلاف الجوي جامعة أكسفورد ارتفاع درجة الحرارة كوكب الأرض
إقرأ أيضاً:
ميومبو غابة أفريقية بحجم إندونيسيا تخزن انبعاثات الصين من الكربون
في قلب أفريقيا الجنوبية، حيث تلتقي السافانا بالحياة البرية، تمتد غابات ميومبو الخضراء على قرابة 1.9 مليون كيلومتر مربع عبر 7 دول أفريقية، من تنزانيا وزامبيا، وصولا إلى أنغولا وموزمبيق حيث تلعب دورا مهما في تخزين الكربون، مما يجعلها حليفا حيويا في معركة البشرية ضد التغير المناخي.
وتُعرف غابات ميومبو بكونها أكبر نظام بيئي للغابات الاستوائية الجافة في العالم، وقد سميت كذلك على اسم أشجار ميومبو التي تشبه البلّوط، وتنتشر بكثافة في المنطقة وتتخللها مجموعة متنوعة من الموائل، بما في ذلك نتوءات صخرية ومناطق عشبية واسعة.
ولا تعد غابة ميومبو مطيرة، فهي جافة ومفتوحة نسبيا، حيث تنمو الأشجار السائدة فيها حتى ارتفاع يتراوح بين 10 و20 مترا، وتتساقط أوراقها خلال موسم الجفاف الطويل لتنمو أوراقا جديدة مع هطول الأمطار.
وتعادل مساحتها تقريبا مساحة المكسيك أو إندونيسيا أو دول القرن الأفريقي مجتمعة (الصومال، جيبوتي، إريتريا، إثيوبيا) وتقع معظمها في أنغولا والكونغو الديمقراطية وملاوي وزامبيا وزيمبابوي وتنزانيا وموزمبيق.
وغابات ميومبو نوع خاص من الغابات شبه المتساقطة الأوراق، تهيمن عليها أشجار من الفصيلة البقولية، تغطي المنطقة البيئية مساحة واسعة عبر وسط وجنوب أفريقيا، مما يجعلها أوسع أنواع الغابات الاستوائية الجافة انتشارا في العالم.
وتتمتع غابات ميومبو بعدد من الخصائص البيئية الفريدة التي تجعلها مناسبة بشكل خاص للاستخدام المستدام، إذ تتجدد بسرعة كبيرة، وفق ما أثبتته الدراسات.
إعلانكما تتميز بكونها شديدة التحمل للقطع المتكرر، وطالما لم يُمسّ نظام الجذور تحت الأرض، يمكن لبقع صغيرة من الأشجار المقطوعة أن تتعافى تماما في نحو عقدين.
وتُعرف أنواع أشجار ميومبو الرئيسية أيضا باسم "الفطريات الجذرية الخارجية" حيث توجد علاقة تكافلية بين جذور الأشجار والفطريات، مما يُنتج تنوعا هائلا من الفطريات الصالحة للأكل.
وصنفت إحدى الدراسات 77 نوعا من الفطريات الصالحة للأكل في الكونغو الديمقراطية وبوروندي، منها 15 نوعا على الأقل يُؤكل بانتظام، مصدره غابات ميومبو.
ورغم أن غابات ميومبو لا توجد بها نفس الكثافة الكبيرة من الثدييات الموجودة في السافانا الأفريقية الشهيرة، فإنها تتمتع بتنوع بيولوجي غير عادي، كما يقول جيمس دويتش المدير التنفيذي لمؤسسة "أنقذوا الغابات المطيرة".
ويشمل ذلك التنوع البيولوجي نحو 8500 نوع من النباتات، فضلا عن الحيوانات الضخمة الشهيرة مثل الأسود والفهود والكلاب البرية والزرافات، ووحيد القرن الأسود، وبعض أكبر مجموعات الفيلة المتبقية في القارة.
وتلعب هذه الغابات القديمة أيضا دورا قاريا وحتى عالميا، فهي تحمي تجمعات المياه الحيوية، بما في ذلك نهر زامبيزي، وتؤوي بعض الثدييات الكبيرة الأكثر شهرة في العالم، وتخزن كميات كبيرة من الكربون.
كما تشير الدراسات إلى أن غابة ميومبو وغابات "موباني" المتداخلة معها جغرافيا توفر سبل العيش والموارد الأساسية لأكثر من 300 مليون شخص تُقدر قيمتها بحوالي 9 مليارات دولار، بما في ذلك مواد البناء والغذاء والأدوية الطبيعية.
ورغم أهميتها في النظم البيئية، شهدت غابة ميومبو انخفاضا في الغطاء الحرجي بمقدار الثلث تقريبا بين عامي 1980 و2020، حيث تقلصت مساحتها من حوالي 2.7 مليون كيلومتر مربع إلى 1.9 مليون.
إعلانوجاء هذا التدهور الكبير في مساحة الغابة جراء قطع الأشجار للحصول على الأخشاب والفحم، في منطقة تعاني من نقص الطاقة على نطاق واسع، إضافة إلى التعدين، وممارسة الزراعة المتنقلة.
وأفاد تقرير لمنظمة "أنقذوا الغابات المطيرة" بأن شركة "بورتوسيل" البرتغالية لصناعة اللب تسعى لتطهير ما يصل إلى 237 ألف هكتار، بما في ذلك غابات ميومبو في موزمبيق لزراعة أشجار الكينا.
ويقول لوثاندو دزيبا المدير الإقليمي لشرق أفريقيا ومدغشقر وغرب المحيط الهندي -في جمعية الحفاظ على الحياة البرية- إن فقدان هذه الغابات له عواقب وخيمة على المجتمعات الريفية لأنها تعتمد بشكل كبير على المنتجات التي يتم جمعها في منطقة ميومبو.
وتشير دراسة حديثة نشرت في مجلة "اتصالات الأرض والبيئة" إلى أن غابات ميومبو قد تخزن ما يصل إلى 2.2 مرة من الكربون فوق الأرض أكثر مما كان يعتقد سابقا.
واستنتجت الدراسة، وهي الأولى من نوعها، نُشرت في يوليو/تموز 2024، أنّه يُحتمَل أن تحتجز غابة ميومبو أكثر من ضعف كمية الكربون فوق الأرض مقارنة بما كان يُعتقد سابقا.
وحسب التقديرات، يُعادل هذا الفارق 3.7 مليارات طن متري إضافي من الكربون المخزن في جميع أنحاء الغابة، وهي تقريبا أكثر من الكمية التي أطلقتها الصين في الغلاف الجوي عام 2023.
ويهدف "تحالف استعادة ميومبو" -الذي تأسس بين 11 دولة ومنظمات في سبتمبر/أيلول الماضي- إلى وقف التهديدات التي تتعرض لها الغابة ومعالجتها من أجل تعزيز إدارة هذه الغابات وقدرتها القدرة على التكيف مع تغير المناخ وتنمية المجتمع بوصفها خزانا للكربون، وكذلك لأجل إنقاذ حوض نهر زامبيزي.