الإسراء والمعراج.. معجزة خالدة ومنحة ربانية
تاريخ النشر: 24th, January 2025 GMT
شهدت رحلة الإسراء والمعراج، أهمية دينية وروحية كبيرة فى حياة النبى محمد صلى الله عليه وسلم، ففيها أسرى به من مكة المكرمة إلى القدس الشريف، ثم أُعرِج به إلى السماء السابعة، وتعد رحلة الإسراء والمعراج معجزة من المعجزات الخالدة التى تعكس قوة الإيمان والتوحيد بالله عز وجل، كما أنها منحة ربانية من الله عز وجل لحبيبه ومصطفاه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
تعد أهمية رحلة الإسراء والمعراج فى تأكيد النبوة والرسالة وتعزيز الإيمان والتوحيد، والإيمان بالغيب، وإظهار لقدرة الله عز وجل التى تفوق كل قوانين الدنيا، كما أن فيها فرضت أعظم الفرائض وهى الصلاة.
العوارى: معجزة الإسراء والمعراج تمت بالروح والجسد معًا
قال الدكتور عبدالفتاح العوارى، عميد أصول الدين جامعة الأزهر بالقاهرة السابق، إن الله تعالى أراد التسلية عن فؤاد حبيبه ومصطفاه فكأنه سبحانه حينما أعده لهذه الرحلة السماوية، أراد أن يقول له إن كان أهل الأرض قد قالوك وتركوك وهجروك فإن الله لن يتركك ولن يُقليك وإن الملأ الأعلى معك وهاهم الآن ينتظرون زيارتك لهم وصعودك إليهم.
أوضح «العوارى» فى حديثه لـ«الوفد» أن النبى صلى الله عليه وسلم أيده الله عز وجل بمعجزة الإسراء والمعراج الخالدة وكانت هذه المعجزة بالروح والجسد معًا وليست بالروح فقط كما يزعم المشككين من خصوم الإسلام ومن أدعياء العلم والمعرفة، فإنها ان كانت بالروح فقط أو منامًا فأى إعجاز فيها؟!، والدليل على أنها بالروح والجسد قول الله تعالى فى أول سورة الإسراء «سبحان الذى أسرى بعبده ليلًا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذى باركنا حوله»، وكيف يصفه الله بالعبودية فى الآيات الكريمة والعبودية لا تتأتى بروح وحدها أو بجسد وحده وإنما تتأتى بكونها مكونة من الروح والجسد معًا.
أوضح عميد أصول الدين السابق، أنه بعد ذلك عرج به بعد أن صلى بالملائكة وقدمه جبريل عليه السلام إماما لهم فى بيت المقدس، موضحًا أن فى تسليم الأنبياء جميعًا وتقديم سيدنا رسول الله لهم إمامًا إنما هو إقرار واعتراف من الأنبياء والمرسلين جميعا بكونه خاتم النبيين وصاحب مشعل الهداية الذى أتم الله به بناء الرسالات وختم الله به النبوات وتحقق الإقرار الذى أخذه الله على النبيين قبل ذلك لتلك الإمامة حين قال الله لهم قبل ذلك (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذلِكُمْ إِصْرِى قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ) (81) آل عمران.
وتابع: عرج بالنبى صل الله عليه وسلم إلى السماوات العلى فرأى من أيات ربه الكبرى ما رأى، كنماذج لتكون تلك النماذج نبراسًا فى حياة البشرية قَصها النبى صلى الله عليه وسلم على البشرية وقصها على أُمته كما صحت بها الأخبار وتواترت به الأحاديث، وكان جبريل كلما سَأل النبى صل الله عليه وسلم عن شيء أخبره إياه وهذا أمر تولته سورة النجم التى أثبتت المعراج السماوى لسيدنا رسول الله، فإذا كانت رحلة الإسراء من المسجد الحرام بمكه إلى المسجد الأقصى بالشام أثبتتها سورة الإسراء فإن سورة النجم أثبتت معراجه صل الله عليه وسلم ومقابلته لجميع الأنبياء والمرسلين فى السماوات، فما وعده الله به فى رحلة الإسراء فى الأرض- لنريه من أياتنا– حققه الله له فى رحلة المعراج من الأرض إلى السماوات، حيث قال الله تبارك وتعالًا: لقد رأى من أيات ربه الكبرى.
وأردف العواري: إن الذين يشغبون حول المعراج لو أنهم صُدِقوا فيما شغبوا به من إنكار المعراج لسقطت أعظم فريضة وهى ركن الاسلام وعمود الاسلام وهو الصلاة، ذلك ان الصلاة فرضت على أمة محمد صلى الله عليه وسلم فى السماوات العلى، فأنى لهم أن يشغبوا؟! وأنى لهم أن ينكروا؟! والله تبارك وتعالى هو الذى ذكر معجزة المعراج فى الكتاب المعجز المنقول إلينا بالتواتر المتعبد بتلاوته المتحدى بأكثر سورة منه فى سورة النجم التى أقسم الله بها فى قوله تعالى: «وَالنَّجمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُم وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى(3) إِن هُوَ إِلَّا وَحي يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ القُوَى (5) ذُو مِرَّة فَاستَوَى (6) وَهُوَ بِالأُفُقِ الأَعلَى (7) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوسَينِ أَو أَدنَى (9) فَأَوحَى إِلَى عَبدِهِ مَآ أَوحَى (10) مَا كَذَبَ الفُؤَادُ مَا رَأَى(11) أَفَتُمَرُونَهُ عَلَى مَا يَرَى (12) وَلَقَد رَءَاهُ نَزلَةً أُخرَى (13) عِندَ سِدرَةِ المُنتَهَى (14) عِندَهَا جَنَّةُ المَأوَى (15) إِذ يَغشَى السِّدرَةَ مَا يَغشَى (16) مَا زَاغَ البَصَرُ وَمَا طَغَى (17) لَقَد رَأَى مِن ءَايَتِ رَبِّهِ الكُبرَى (18)».
خالد نصر: رحلة الإسراء والمعراج تعكس قوة إيمان العبد
من جانبه أكد الدكتور خالد نصر، عميد أصول الدين بالمنوفية، إن من الدروس المستفادة من رحلة الإسراء والمعراج، أن الله تبارك وتعالى ينقذ أحبابه ويحقق أمانيهم ويكون معهم وقت الأزمات والشدائد اذا التجأوا اليه وأخلصوا النية له سبحانه وتعالى ويخفف عنهم كما حدث مع سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ضاقت به الدنيا وكأن الله تعالى يقول له إذا كان أهل الأرض خلوك وجفوك فإن أهل السماء يرحبون بك.
أضاف «نصر» فى حديثه لـ«الوفد»، أن قوة الله تبارك وتعالى وقدرته لا تقف على أمر من أمور الدنيا فهو سبحانه يقول للشىء كن فيكون، وهذا فيه رد لمن ينكرون الإسراء والمعراج ويقولون كيف حدث هذا مع أن فى أيديهم اجهزة جوالات وغيرها يكلمون بها من هو فى أقاصى البلاد، فى ثوان فإذا كان هذا بالنسبة للبشر فكيف برب البشر سبحانه وتعالى فهو خالق الزمان والمكان.
وأكد عميد أصول الدين بالمنوفية، أن رحلة الإسراء والمعراج فيها إيمان بالغيب فهى تعكس قوة إيمان العبد، فإن كل قوانين الدنيا لا تساوى شيئًا ولا تقف أمام القدرة الإلهية وهذا يجعل الإنسان يتعلق برب الكون وليس بالمخلوقات، فالمخلوقات مهما وصلت ومهما بلغت من العلم والتقدم والتكنولوجيا هى لا تساوى شيئًا بالنسبة لقدرة الله تبارك وتعالى فقدرته سبحانه فوق كل قوانين الدنيا، مبينًا أن من يشكك فى الإسراء والمعراج ويقيسها على المقاييس الدنيوية وعلى الأمور الحسية سينكرها، أما لو قاسها بمقاييس الله جل وعلا وأدرك وعلم علم اليقين أنها من الله تبارك وتعالى الذى يخرق نواميس الكون لمن يشاء من عباده سبحانه لما أنكرها.
وأشار نصر، إلى أن الغرض من رحلة الإسراء والمعراج أن يرى الرسول صلى الله عليه وسلم آيات الله عز وجل، قال تعالى: «سبحان الذى أسرى بعبده ليلًا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذى باركنا حوله لنريه من آياتنا»، كما أراد الله عز وجل أن يخفف عن نبيه صلى الله عليه وسلم فأراه من آياته الكبرى وأراه مشاهد حقيقية فعلى قدر النبى صلى الله عليه وسلم أتته المثوبة والأجر، وكما قيل على قدر التكليف يكون التشريف فالله عز وجل كلف نبيه بأمور ثم شرفه بأن يريه من آياته الكبرى.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الإسراء والمعراج رحلة الإسراء والمعراج رحلة الإسراء والمعراج صلى الله علیه وسلم الله تبارک وتعالى عمید أصول الدین الله عز وجل
إقرأ أيضاً:
فوائد صيام شهر رمضان .. اغتنم 12 فضيلة للصوم وقيام الليل
ما هي فوائد صيام شهر رمضان ؟ شهر رمضان أنه فرصة عظيمة لمضاعفة الحسنات، وإقالة العثرات، وتكفير السيئات، وشهر رمضان موسم روحاني خالص يتطهر فيه المسلمون مما علق بنفوسهم طوال العام، والخاسر من حضره رمضان ولا يزال قائمًا على معصية مولاه، مضيعًا لحقوقه، الله تعالى لم يفرض الصيام لنجوع ولا لنعطش ولا لنتعب، وإنما لنزداد إيمانًا وتقوى، شهر رمضان له فضل عظيم وفوائد جليلة، لو تدبرها الإنسان وتأمل في معانيها لأدرك عظيم فضل الله عليه وعلى الناس أجمعين.
فوائد شهر رمضانأولًا: يتعلم المسلم من خلال الصيام السيطرة على شهواته؛ فيتحكم بها ومن ثم يكون قادرًا على التحكم برغباته دون الإضرار بحاجاته الجسدية.
ثانيًا: الصوم مدرسة للجود؛ فيجود المسلم بماله للمحتاجين، فهو يشعر بجوعهم وحاجتهم، ويجود بوقته في مساعدة الآخرين ومد يد العون لهم.
ثالثًا: يُنمي الصيام في النفس حب عمل الخير، ويدربها على الإكثار منه وملازمته كلما أُتيحت الفرصة؛ فالعمل الصالح في هذا الشهر تتضاعف، الأمر الذي يُشجع المسلم على الإكثار من الأعمال الصالحة طمعًا في الأجر.
رابعًا: يساعد الصيام على الالتزام بالقواعد والقوانينواحترام الحدود المرسومة دون زيادة أو نقصان.
خامسًا: يكسر الصيام الكِبَر في القلب؛ فيرى الصائم الأعداد العظيمة من المسلمين المقبلين على العبادات؛ فيقوم بدوره بالسعي إلى المزيد من العبادات ليلحق بمن سبقوه دون النظر إلى مكانتهم الاجتماعية.
سادسًا: يُشجع الصيام على السرية في أعمال الخير؛ فالصيام مبني على العلاقة بين العبد وربه دون تدخلات أو حاجة إلى أن يعرف الجميع بذلك؛ فيتصدق صمتًا في مساعدة الآخرين.
سابعًا: الصيام في رمضان يهدف إلى تجديد النية، وتنقيتها مما عَلِق بها، واحتساب هذه النية عند الله - تعالى-؛ لقول الرسول - عليه السلام-: (مَن صامَ رمضانَ إيمانًا واحتسابًا ، غُفِرَ لَهُ ما تقدَّمَ من ذنبِهِ).
ثامنًا: تتجدد العلاقة بين المسلم وربه في رمضان، من خلال قراءة القرآن الكريم، والابتعاد عن المُحرّمات، وتطبيق السّنة النبويّة، والإقبال على صلاة التراويح وقيام الليل.
تاسعًا: تجتمع أركان الإيمان في الصيام: قول القلب الذي يكون بالتصديق والإيمان بالصيام، وعمل القلب الذي يكون بالاحتساب، وفعل الجوارح الذي يكون بالابتعاد عن المحرّمات.
عاشرًا: يساعد الصيام المسلم على التأقلم بسرعةعند تغير الظروف؛ فيصبح أكثر مرونة وتقبُّلًا لتقلبات الحياة السريعة.
أحد عشر: يزيد الصيام من روحانية المسلم، ونقاء روحه، وارتقائه عن الشهوات والحاجات الماديّة.
اثنا عشر: يُعلم الصيام المسلم فقه الأولويات؛ فيعرف أهمية الأعمال الصالحة ومستوياتها، فيرتبها حسب ذلك السُلم، كما يُربيه على فقه الاختلاف.
ما هي فضائل شهر رمضان؟ 22 مكافأة ربانية لمن صامه إيماناً واحتساباً
فضائل شهر رمضان
خصَّ الله عز وجل عبادة الصيام من بين العبادات بفضائل وخصائص عديدة، منها:
أولًا: أن الصوم لله عز وجل وهو يجزي به، كما ثبت في البخاري (1894)، ومسلم ( 1151 ) من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي».
ثانيًا: إن للصائم فرحتين يفرحهما، كما ثبت في البخاري (1904)، ومسلم (1151) من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إذَا أفْطَرَ فَرِحَ، وإذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بصَوْمِهِ».
ثالثًا: إن خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، كما ثبت في البخاري (1894) ومسلم ( 1151 ) من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله عز وجل يوم القيامة من ريح المسك».
رابعًا: إن الله أعد لأهل الصيام بابا في الجنة لا يدخل منه سواهم، كما ثبت في البخاري (1896)، ومسلم (1152) من حديث سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ فِي الجَنَّة بَابًا يُقَالُ لَهُ: الرَّيَّانُ، يدْخُلُ مِنْهُ الصَّائمونَ يومَ القِيامةِ، لاَ يدخلُ مِنْه أَحدٌ غَيرهُم، يقالُ: أَينَ الصَّائمُونَ؟ فَيقومونَ لاَ يدخلُ مِنهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فإِذا دَخَلوا أُغلِقَ فَلَم يدخلْ مِنْهُ أَحَدٌ».
خامسًا: إن من صام يومًا واحدًا في سبيل الله أبعد الله وجهه عن النار سبعين عامًا، كما ثبت في البخاري (2840)؛ ومسلم (1153) من حديث أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما مِنْ عبدٍ يصومُ يوْمًا في سبِيلِ اللَّهِ إلاَّ بَاعَدَ اللَّه بِذلكَ اليَوْمِ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سبْعِين خريفًا»
سادسًا: إن الصوم جنة «أي وقاية» من النار، ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «الصيام جُنة»، وروى أحمد (4/22) ، والنسائي (2231) من حديث عثمان بن أبي العاص قال : سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «الصيام جُنة من النار، كجُنة أحدكم من القتال».
سابعًا: إن الصوم يكفر الخطايا، كما جاء في حديث حذيفة عند البخاري (525)، ومسلم ( 144 ) أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَجَارِهِ تُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر».
ثامنًا: إن الصوم يشفع لصاحبه يوم القيامة، كما روى الإمام أحمد (6589) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ الصِّيَامُ : أَيْ رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ. وَيَقُولُ الْقُرْآنُ: مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ. قَالَ: فَيُشَفَّعَانِ».
ثالثًا:إنخلوف فم الصائمأطيب عند الله من ريح المسك، كما ثبت في البخاري (1894) ومسلم ( 1151 ) من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله عز وجل يوم القيامة من ريح المسك».
رابعًا:إن الله أعد لأهلالصيامبابا في الجنة لا يدخل منه سواهم، كما ثبت في البخاري (1896)، ومسلم (1152) من حديث سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ فِي الجَنَّة بَابًا يُقَالُ لَهُ: الرَّيَّانُ، يدْخُلُ مِنْهُ الصَّائمونَ يومَ القِيامةِ، لاَ يدخلُ مِنْه أَحدٌ غَيرهُم، يقالُ: أَينَ الصَّائمُونَ؟ فَيقومونَ لاَ يدخلُ مِنهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فإِذا دَخَلوا أُغلِقَ فَلَم يدخلْ مِنْهُ أَحَدٌ».
خامسًا:إن من صام يومًا واحدًا في سبيل الله أبعد الله وجهه عن النار سبعين عامًا، كما ثبت في البخاري (2840)؛ ومسلم (1153) من حديث أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما مِنْ عبدٍ يصومُ يوْمًا في سبِيلِ اللَّهِ إلاَّ بَاعَدَ اللَّه بِذلكَ اليَوْمِ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سبْعِين خريفًا»
سادسًا:إنالصوم جُنة«أي وقاية» من النار، ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «الصيام جُنة»، وروى أحمد (4/22) ، والنسائي (2231) من حديث عثمان بن أبي العاص قال : سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «الصيام جُنة من النار، كجُنة أحدكم من القتال».
سابعًا:إن الصوم يكفر الخطايا، كما جاء في حديث حذيفة عند البخاري (525)، ومسلم ( 144 ) أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَجَارِهِ تُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر».
ثامنًا: إن الصوم يشفع لصاحبه يوم القيامة، كما روى الإمام أحمد (6589) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ الصِّيَامُ : أَيْ رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ. وَيَقُولُ الْقُرْآنُ: مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ. قَالَ: فَيُشَفَّعَانِ».
أولًا: خص الصائمين بباب في الجنة يُسمى باب الريان، وحتى يحصل الأجر العظيم ينبغي للصائم اجتناب أعمال السوء كلها، والبعد عن الرفث والفسوق، مصداقًا لِما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (الصِّيَامُ جُنَّةٌ فلا يَرْفُثْ ولَا يَجْهلْ، وإنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ: إنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ).
ثانيًا: فيه ليلة القدر: فقد فضّل الله -تعالى- شهر رمضان بأن جعل فيه ليلة عظيمة، تُغفر فيها الذنوب والآثام، وتتضاعف فيها الأجور، مصداقًا لقول الله تعالى: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ* وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ* لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ)، بالإضافة إلى ما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (مَن قامَ ليلةَ القَدرِ إيمانًا واحتِسابًا غُفِرَ لَهُ ما تقدَّمَ من ذَنبِهِ).
ثالثًا: شهر العتق من النار، والعتق من النار أسمى أمنيات المسلم، لا سيما أن العتق يعني اجتناب عذاب النار، ودخول الجنة، ومن فضل الله -تعالى- ورحمته بعباده أنه يصطفي منهم في كل ليلة من شهر رمضان عتقاء من النار، مصداقًا لِما رواه أبو أمامة الباهلي -رضي الله عنه- عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (إنَّ للَّهِ عندَ كلِّ فِطرٍ عتقاءَ وذلِك في كلِّ ليلةٍ).
رابعًا: شهر نزول القرآن الكريم،من أعظم فضائل شهر رمضان المبارك أن الله -تعالى- اصطفاه من بين شهور العام وأنزل فيه القرآن الكريم، مصداقًا لقوله تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ)، بل إن جميع الكتب السماوية نزلت في شهر رمضان، مصداقًا لِما رواه واثلة بن الأسقع -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (أُنزلتْ صحفُ إبراهيمَ أولَ ليلةٍ من شهرِ رمضانَ، وأُنزلتِ التوراةُ لستٍّ مضتْ من رمضانَ، وأُنزل الإنجيلُ بثلاثِ عشرةَ مضتْ من رمضانَ).
خامسًا:من فضائل شهر رمضان أن فيه صلاة التراويح، لا سيما أن الإجماع انعقد على سنيّة قيام ليالي رمضان، وقد أكّد الإمام النووي -رحمه الله- أن المقصود من القيام يتحقق في صلاة التراويح، وقد أخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن قيام رمضان مع التصديق بأنه حق، واعتقاد فضيلته، والإخلاص بالعمل لوجه الله تعالى، واجتناب الرياء والسمعة، سبب لمغفرة الذنوب، حيث قال: (مَن قامَ رمضانَ إيمانًا واحتِسابًا، غُفِرَ لَهُ ما تقدَّمَ مِن ذنبِهِ).
سادسًا: اختص الله -تعالى- شهر رمضان بأن تُفتح أبواب فيه الجنة، وتُغلق أبواب النيران، وتصفّد الشياطين عند دخوله، كما ورد في الحديث الذي رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (إذا جاءَ رَمَضانُ فُتِّحَتْ أبْوابُ الجَنَّةِ، وغُلِّقَتْ أبْوابُ النَّارِ، وصُفِّدَتِ الشَّياطِينُ).
سابعًا: شهر الجود في كل شيء،فقد ثبت في الحديث الصحيح أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان أجود ما يكون في شهر رمضان.
ثامنًا: رمضان من الأوقات التي يُستجاب فيها الدعاء، ويُكرم الله فيه عباده بالعديد من الكرامات، ويعطيهم المزيد من فضائل رحمته وعطياه؛ فصيام رمضان هو الركن الرابع من أركان الإسلام، حيث صامه رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم-، وأمر الناس بصيامه، وأخبرهم أن من صامه إيمانًا واحتسابًا غفر الله له ما تقدم من ذنبه، ومن قامه إيمانًا واحتسابًا غفر الله له ما تقدم من ذنبه، كما حث فيه على المبادرة إلى التوبة من الذنوب والخطايا، والتعاون على البر والتقوى، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وجميع الأخلاق التي تُرضي الله، وتُقرب العبد من ربه.
تاسعًا: العمرة في رمضان ثوابها مضاعف،وقد أخبر رسول الله أنّ العمرة في رمضان تعدل الحج في الأجر والثواب.
عاشرًا:الصدقة في رمضان أجرها عظيم، فقد كان رسول الله أجود الناس في رمضان.
أحد عشر: من فضائل الصيام أن الله -تعالى- قد أضافه إليه، فكل أعمال العباد لهم، إلا الصيام فهو لله وهو يجزي به، وقد قال العلماء في سبب اختصاص الصوم بهذه المزية أنّه من الأعمال التي لا يقع فيها الرياء، وقيل لأن الله هو فقط العالم بمقدار ثوابه ومضاعفة حسناته، وهو من أفضل الأعمال التي لا مساوي لها عند الله، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأبي أمامة الباهلي: (عليك بالصَّوم فإنَّه لا مثل له)، وهو وقاية من شهوات الدنيا، فيمنع صاحبه من الوقوع في الشهوات والمعاصي، وهو وقاية من عذاب الآخرة كذلك.
اثنا عشر: يحصل الصائم على أجر الصبر على طاعة الله، والصبر في البعد عن المعصية، والصبر على ألم الجوع والعطش والكسل وضعف النفس، وفيه يكفر الله الخطايا والذنوب، ويشفع لصاحبه يوم القيامة، ويدخله الجنة من باب الريان، ويعيش الصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه، وإنّ خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، وقد بشّر رسول الله بأنّ دعوة الصائم من الدعوات المستجابة، فقال: (ثلاثُ دعواتٍ مُستجاباتٍ: دعوةُ الصائم، ودعوةُ المظلُوم، ودعوةُ المسافر).