المصابون البالغون باضطراب ADHD لديهم متوسط عمر أقصر
تاريخ النشر: 24th, January 2025 GMT
وجدت دراسة حديثة أولى من نوعها أن الرجال الذين تم تشخيص إصابتهم باضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط "ADHD"، يموتون قبل سبع سنوات في المتوسط من الأشخاص المماثلين لهم دون الإصابة بالاضطراب، بينما تبلغ فجوة العمر المتوقع للنساء ما يقرب من تسع سنوات.
ونقلت صحيفة "الغارديان" في تقرير لها نتائج الدراسة قالت فيه؛ إن "يمكن أن يسبب اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط، صعوبات في التركيز ومشاكل في الاندفاع، على الرغم من أن الأشخاص المصابين باضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط لا يعانون بالضرورة من كليهما، وبينما تختلف التقديرات، تشير الدراسات إلى أن 3-4 بالمئة من البالغين في جميع أنحاء العالم يعانون من اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط".
وكشف الباحثون الآن، أن الأشخاص الذين تم تشخيص إصابتهم بالاضطراب يميلون إلى أن يعيشوا حياة أقصر.
قال البروفيسور جوشوا ستوت، أحد كبار مؤلفي البحث من جامعة يونيفيرسيتي كولدج لندن: "بالنسبة لهذه المجموعة من الأشخاص، فإن متوسط العمر المتوقع لديهم أقل بشكل كبير، في المتوسط، وهو أمر مقلق".
إظهار أخبار متعلقة
في حين اقترحت دراسة سابقة أن الأشخاص المصابين باضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط لديهم متوسط عمر متوقع أقل، إلا أن هذا لم يكن قائما على دراسة الوفيات المسجلة.
في المقابل، استخدمت الدراسة الجديدة بيانات الرعاية الأولية لأكثر من 9 ملايين بالغ في جميع أنحاء المملكة المتحدة، من عام 2000 إلى عام 2019، لاستكشاف ما إذا كان اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه مرتبطا بالفعل بحياة أقصر.
على وجه الخصوص، نظر الفريق في سجلات 30039 بالغا تم تشخيصهم باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، وقارنهم بـ 300390 مشاركا دون تشخيص، لكنهم كانوا متشابهين من حيث العمر والجنس وممارسة الرعاية الأولية.
وتكشف النتائج أن الذكور الذين تم تشخيصهم باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه لديهم متوسط عمر متوقع أقصر بمقدار 6.8 سنوات في المتوسط من غير المصابين، بينما كان متوسط العمر المتوقع للإناث المصابات باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، أقصر بمقدار 8.6 سنوات في المتوسط من غير المصابات.
وأضاف البروفيسور ستوت أنه من غير المرجح أن يكون اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه سببا مباشرا لانخفاض متوسط العمر المتوقع، إلا أنه قال؛ إن هناك عددا من التفسيرات المحتملة للنتائج، مشيرا إلى أن الأشخاص المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، هم أكثر عرضة للإصابة بمشاكل الصحة العقلية، وقد يواجهون المزيد من الصعوبات في الوصول إلى الرعاية الصحية التي يحتاجون إليها، في حين يمكن أن تؤدي عوامل نمط الحياة دورا أيضا.
وأوضح: "نحن نعلم أن الأشخاص المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه لديهم معدلات انتحار أعلى للأسف"، قال ستوت: "وهم أيضا أكثر عرضة للانخراط في سلوكيات محفوفة بالمخاطر مثل التدخين والشرب، وحتى الإفراط في تناول الطعام على الأرجح أيضا".
وبين أن الأرقام الخاصة بمتوسط العمر المتوقع، تنطبق فقط إذا لم يتغير الوضع الراهن للأشخاص المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.
ومع ذلك، حذر الفريق من أن الدراسة قد تبالغ في تقدير فجوة متوسط العمر المتوقع للأشخاص المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه بشكل عام -حيث قد يكون البالغون الذين تم تشخيصهم أكثر عرضة للإصابة، إما بحالات الصحة العقلية أو النمو العصبي أو كليهما-، في حين أن أسباب الارتباط بين اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه والحياة الأقصر تتطلب المزيد من البحث.
إظهار أخبار متعلقة
وتثير الدراسة، التي نُشرت في المجلة البريطانية للطب النفسي، أيضا مخاوف بشأن نقص تشخيص اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، حيث لاحظ المؤلفون أن 0.32% فقط من البالغين في الدراسة لديهم تشخيص. وقالوا؛ إن هذا يمثل حوالي واحد من كل تسعة من العدد الحقيقي المحتمل للأشخاص المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، بناء على المسوحات القائمة على السكان.
وقال أوليفر هاوز، أستاذ الطب النفسي الجزيئي في كينغز كوليدج لندن، الذي لم يشارك في العمل؛ إن الدراسة أظهرت التأثير الكبير لاضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه على حياة الناس، ومدى قلة الأشخاص المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه الذين حصلوا على تشخيص، على الرغم من أنه حذر من أن الدراسة لم تنظر في متى تم تشخيص اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه فيما يتعلق بمشاكل طبية أخرى، أو تأثير العلاج.
وقال: "تسلط هذه النتائج الضوء على الحاجة إلى المزيد من الاستثمار في خدمات الصحة العقلية، حتى يتمكن الناس من الحصول على المساعدة التي يحتاجون إليها".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحة طب وصحة طب وصحة نقص الانتباه اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط الصحة صحة نقص الانتباه اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط فرط النشاط المزيد في صحة طب وصحة طب وصحة طب وصحة طب وصحة طب وصحة طب وصحة صحة صحة صحة سياسة سياسة صحة صحة صحة صحة صحة صحة صحة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط اضطراب فرط الحرکة ونقص الانتباه متوسط العمر المتوقع فی المتوسط
إقرأ أيضاً:
هل العنصرية اضطراب نفسي؟
بدر بن خميس الظفري
@waladjameel
نتابع ما بدأناه من سلسة مقالات تبحث ظاهرة العنصريّة، ونسلط الضوء في هذا المقال على جانب أكثر عمقًا في هذه الظاهرة، وهو ما إذا كانت العنصريّة تندرج ضمن إطار الاضطرابات النفسية التي تستوجب علاجًا نفسيًا أم أنها ظاهرة اجتماعية وثقافية مكتسبة تحتاج إلى معالجة من نوع آخر.
يُثار هذا الموضوع في الأوساط العلمية والنفسية بشكل متكرر، خصوصًا مع ظهور حالات شديدة من التمييز والكراهية التي قد تصل أحيانًا إلى ارتكاب جرائم عنصرية مؤلمة. فقد شهد المجتمع، على سبيل المثال، تعرض الكثير من الفتيات لاعتداء جسدي ونفسي وهجرٍ أبدي من قبل أهلهنّ وذويهنّ عندما قررن الارتباط بالزواج بشخص يزعم المجتمع أنهم متفوقون عليه نسبا وعرقا، وقد وصلت المسألة في بعض الحالات إلى القتل أو على الأقل التهديد بالقتل للرجل والمرأة.
وتكمن حساسية الموضوع في كونه يتجاوز حدود البحث العلمي إلى نطاق المسؤولية القانونية والأخلاقية التي تقع على عاتق العنصريين. بعض علماء النفس اقترحوا أن الحالات الشديدة من العنصرية قد تكون مظهرًا من مظاهر اضطرابات نفسية عميقة، كاضطرابات الشخصية أو الاضطراب الوهامي، الذي يجعل المصاب به يرى العالم من خلال عدسة مشوهة ومضللة، تدفعه إلى الاعتقاد بأن عرقه هو المتفوق وأن بقية الأعراق تشكل تهديدًا وجوديًا له.
في هذا السياق، قدم الدكتور ألفين بوسانت الأستاذ في جامعة هارفارد، رؤية علمية قوية حول هذا الأمر؛ إذ يرى بوسانت أن التحيز العنصري المفرط والمتطرف هو نتاج لأفكار وهامية تستدعي تدخلًا نفسيًا علاجيًا يساعد المصاب بها على مواجهة هذه الأفكار وتصحيحها، وأن مثل هذه الأفكار العنصرية الوهمية ترتبط بشكل وثيق مع اضطرابات نفسية معروفة لدى المختصين النفسيين، مثل الاضطراب الوهامي واضطرابات الشخصية النرجسية والشخصية المعادية للمجتمع. يوضح بوسانت أن الشخص الذي يتبنى معتقدات متطرفة بشأن تفوق عرقه أو الخطر الذي تشكله الأعراق الأخرى عليه، يعاني غالبًا من خلل عميق في إدراكه للواقع، ويعيش في حالة دائمة من القلق والتوتر والخوف من الآخر، الأمر الذي يستوجب تدخلاً علاجيًا نفسيًا من خلال جلسات نفسية مكثفة تساعده على إدراك الأسباب الكامنة وراء معتقداته وتصحيحها تدريجيًا.
إضافة إلى طرح بوسانت، يُشير بعض الباحثين الآخرين إلى أن العنصرية لها جوانب نفسية واضحة، لكنها في الغالب تعكس البيئة الاجتماعية التي ينشأ فيها الفرد. إذ تؤكد الدراسات النفسية والسياسية أن العنصرية ترتبط بشكل كبير بسمات الشخصية المتسلطة والمتشددة فكريًا، والتي تنشأ بسبب البيئة الاجتماعية والتربوية والثقافية، وفقًا لما قدمه الباحث حسام الدين فياض في مقالته «العنصرية في ضوء نظريات علم النفس السياسي»، المنشورة على موقع مؤسسة مؤمنون بلا حدود. يرى فياض أن التعصب العنصري هو نتاج تفاعل بين الفرد والبيئة، وأن السمات الشخصية مثل التسلطية والدوغمائية تتشكل وتتطور من خلال السياق الاجتماعي الذي يعيش فيه الفرد.
ومن جانب آخر، أوضحت بعض الدراسات في مجال علم النفس التطوري وعلم الأعصاب أن لدى البشر نزعة طبيعية نحو الانحياز للجماعة التي ينتمون إليها، وأنّ هذه النزعة قد تتحول إلى سلوك عنصري نتيجة عوامل ثقافية واجتماعية محددة. وتوضح الباحثة سحر محمد في مقال «العنصرية من وجهة نظر العلم»، المنشور على موقع منظمة المجتمع العلمي العربي، أن الشعور بالانتماء للجماعة جزء من التكوين البيولوجي والتطوري للبشر، لكن التعبير عن هذا الشعور بصورة عنصرية أو عدائية هو في الواقع سلوك مكتسب من البيئة الاجتماعية والثقافية المحيطة بالفرد.
ورغم أهمية الطروحات السابقة، واجهت فكرة اعتبار العنصرية اضطرابًا نفسيًا انتقادات وتحفظات واسعة من قبل خبراء آخرين. إذ يرى هؤلاء الخبراء أن تصنيف العنصرية كاضطراب نفسي قد يقود بشكل أو بآخر إلى إيجاد حالة من التعاطف أو التساهل القانوني مع مرتكبي الجرائم العنصرية، وإلى التعامل معهم باعتبارهم مرضى يحتاجون للعلاج وليسوا مجرمين يستحقون العقاب. إلّا أنَّ التخوُّف الأساسي هنا هو أن يتحول التشخيص النفسي إلى ذريعة تُستعمل للهروب من العقاب القانوني، مما يؤدي إلى إضعاف المساءلة القانونية وتراخي الجهود المجتمعية في مواجهة العنصرية.
وإضافة إلى ذلك، يؤكد علماء الاجتماع والنفس أن العنصرية في معظم الحالات تُكتسب من خلال البيئة الاجتماعية والتربوية والثقافية التي يعيش فيها الفرد، وبالتالي هي ظاهرة اجتماعية يمكن علاجها من خلال تغيير البيئة التي أنتجتها وتعزيز قيم الحوار والتسامح والتعايش بين مختلف الأعراق والثقافات. ومن هنا، تبرز الحاجة إلى استراتيجيات تربوية وتوعوية وقانونية لمكافحة هذه الظاهرة، وتصبح المسؤولية مشتركة بين الأسرة والمدرسة والإعلام والمجتمع المدني بأكمله.
من جانب آخر، لا ينبغي إغفال الأبعاد النفسية الحقيقية التي تتركها العنصرية على ضحاياها. فتجارب التعرض للعنصرية والتمييز بشكل مستمر تؤدي إلى آثار نفسية عميقة مثل القلق والاكتئاب والشعور بالدونية والإحباط، مما يجعل مكافحة العنصرية ضرورة نفسية ملحة بقدر ما هي مسؤولية اجتماعية وقانونية.
وبالنظر إلى كل هذه الجوانب، فإن العنصرية تُعد من الظواهر الاجتماعية المعقدة التي يصعب اختزالها في إطار واحد فقط، فهي تجمع بين الجوانب النفسية والاجتماعية والقانونية والثقافية بشكل متشابك ومتداخل. والتعامل مع العنصرية كاضطراب نفسي قد يكون مناسبًا في حالات محددة جدًا تتسم بالتطرف والشدة، لكن من الضروري أن يكون هذا التعامل حذرًا ومتوازنًا، كي لا يتحول إلى وسيلة لإعفاء العنصريين من مسؤولية أفعالهم.
إنَّ الحلول الجذرية للعنصرية تكمن في بناء ثقافة مجتمعية متسامحة، تُقدّر التنوع وتحترم الاختلاف، وتسعى لمعالجة أي شكل من أشكال التمييز فور ظهوره، لأن العنصرية ليست مشكلة تخص فئة أو جماعة واحدة فقط، إنما هي قضية مجتمعية عامة تؤثر في حياة الجميع، سواء كانوا ضحايا أم مرتكبين.