كيف يريد الاتحاد الأوروبي ردع المهاجرين ومنعهم من عبور حدوده؟
تاريخ النشر: 20th, August 2023 GMT
سجلت فرونتكس دخول 330 ألف مهاجر غير نظامي إلى الاتحاد الأوروبي العام الماضي
تتوقع وكالة حماية الحدود الأوروبية "فرونتكس" زيادة جديدة هذا العام في عدد المهاجرين وطالبي اللجوء بالاتحاد الأوروبي. وشهد العام الماضي أعلى رقم منذ 2016 ، حيث سجلت فرونتكسدخول 330 ألف مهاجر غير نظامي إلى الاتحاد الأوروبي. وينتظر أن يتم تجاوز هذا العدد في العام الحالي بالنظر إلى عدد الوافدين غير النظاميين، الذين تم رصدهم في وسط البحر الأبيض المتوسط باتجاه إيطاليا، والذي تضاعف ثلاث مرات هذا الربيع.
تتعرض دول أوروبية لاتهامات منذ سنوات بمنع مهاجرين وطالبي لجوء محتملين من دخول أرضيها فيما يعرف بـ"عمليات صد المهاجرين". ويقول نشطاء إن عمليات الصد هذه "أضحت أكثر منهجية"، وهو ما يتعارض مع التزامات هذه الدول.
لذلك تحاول بعض دول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، العضو السابق بالاتحاد، تشديد قوانينها وأنظمتها أو إجراءات اللجوء لديها، حتى تثني المهاجرين غير النظامين عن الدخول إليها.
كيف جاء رد فعل المانيا؟
في ألمانيا، تشتكي المدن والبلديات من امتلاء مراكز الإيواء ومن تحديات الاندماج. فحوالي ربع طلبات اللجوء في الاتحاد الأوروبي يتم تقديمها في ألمانيا. وذلك رغم أن ألمانيا بسبب موقعها الجغرافي ليست بلد الاستقبال الأول، وبالتالي ليست مسؤولة فعليًا بموجب قانون الاتحاد الأوروبي عن طلبات لجوء هؤلاء المهاجرين.
وافقت الحكومة الفيدرالية وحكومات الولايات على تشديد قواعد الترحيل وإجراءات الحجز المسبق للمهاجرين الذين سيُجبرون على مغادرة البلاد. لكن بالمقابل ترفض وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر حتى الآن، توسيع رقابة الحدود لتشمل الحدود مع بولندا مثلا. حيث فقط على الحدود مع النمسا والتي تعد عمليا نهاية "طريق البلقان" بالنسبة للمهاجرين، يتم القيام منذ سنوات بعمليات تفتيش دورية بين الفينة والأخرى.
مركز لجوء في رواندا؟
تحاول دول أخرى مثل فرنسا والنمسا وهولندا وبريطانيا ثني المهاجرين غير النظامينعن الوصول إليها من خلال إجراءات تشديد مختلفة. المملكة المتحدة على سبيل المثال تهدد بإحالة إجراءات اللجوء إلى رواندا أو حجز المهاجرين في السفن. وفي الدنمارك جعلت الحكومة إجراءات اللجوء أكثر صرامة في السنوات الأخيرة، كما تشدد منذ سنوات الرقابة على حدودها مع ألمانيا. ويتقدم 180 شخص بطلبات لجوء كل شهر في الدنمارك وهو عدد قليل للغاية، مقارنة بالنمسا التي تراوح فيها عدد طلبات اللجوء ما بين 4 آلاف و 11 ألفا شهريًا في العام الماضي.
مئات المهاجرين منهم أطفال يلقون حتفهم غرقا في البحر خلال محاولتهم العبور إلى أوروبا
الاضطرار لعبور طريق البحر الخطر
تختلف اهتمامات ومصالح الدول التي يصل إليها المهاجرون أولًا. فإيطاليا واليونان ومالطا وقبرص وكرواتيا ومؤخرًا بولندا أيضا تحاول تشديد إمكانية الدخول إليها إلى أقصى حد ممكن. كما أن الحدود الخارجية البرية، مثل نهر إيفروس بين اليونان وتركيا شبه مغلقة. ويطلق على ذلك "حماية الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي" ويتم اتخاذه بانتظام من قبل وزراء الداخلية في الاتحاد الأوروبي.
ولا يتبقى أمام المهاجرين غير النظامين سوى الطرق البحرية الخطرة أو الدخول عبر المطارات بتأشيرات حقيقية أو مزورة. كما تحاول إيطاليا جعل عملية إنقاذ الناجين من الغرق عن طريق سفن الإنقاذ الخاصة، أمرا صعبا بغرض ردع المهاجرين غير النظامين.
وحسب ما ذكرت "نيويورك تايمز" ومنظمات حقوق الإنسان يقوم رجال حرس الحدود اليوناني والكرواتي والبولندي بما يُعرف بـ"عمليات الصد". ويعني ذلك إعادة المهاجرين الذين عبروا الحدود إلى البلد الذي دخلوا منه – دون اي إجراء قانوني منظم. وترفض السلطات المعنية هذه الاتهامات، لأن هذا " الإجراء هو في الواقع مخالف للقانونين الأوروبي والدولي".
لماذا طلبات اللجوء في المجر قليلة جدا؟
المجر التي أعلنت حكومتها أنها لن تسمح بأي هجرة على الإطلاق تمارس رسميًا عمليات صد المهاجرين غير النظامين. إذ يمكن فيها ترحيل المهاجرين غير الحاملين لأي وثائق، دون أي إجراء. وتستند المجر في ذلك إلى "قانون الطوارئ" لعام 2015. وعلى الرغم من إعلان المحاكم الأوروبية عدم قانونية هذه الممارسة، إلا أن الحكومة في بودابست تتجاهل الأحكام وتؤكد من وجهة نظرها نجاح هذا النهج.
في العام الماضي تقدم 44 شخصا فقط بطلبات لجوء في المجر. ويرجع ذلك أيضًا إلى حقيقة أن طلبات اللجوء ينبغي أن تقدم بالسفارات المجرية في الخارج.
ووفقًا لـ "المجلس الأوروبي للاجئين" (ECRE) ، تمت إعادة 150 ألف شخص إلى صربيا عبر الحدود المجرية المسيجة. من وجهة نظر الحكومة في المجر، يفي هذا الرادع بالغرض. لذلك لا ترى فائدة من المشاركة في تعديل قانون اللجوء في الاتحاد الأوروبي والذي من شأنه لأول مرة أن ينص على توزيع المهاجرين على دول الاتحاد الأوروبي أو دفع تعويضات لمساعدة هؤلاء اللاجئين.
تونس .. غموض متواصل حول إدارة ملف الهجرة غير النظاميةلماذا ترغب إيطاليا في إبرام اتفاق مع تونس؟
لا تستطيع إيطاليا حماية سواحلها بفعالية ضد "المهاجرين غير الشرعيين". فمعظم الـ 60 ألف شخص الذين عبروا البحر في الأشهر السبعة الأولى من عام 2023 لم يتم إنزالهم بواسطة سفن الإنقاذ من منظمات الإغاثة، لكنهم وصلوا إلى الموانئ الإيطالية باستخدام زوارق المهربين. ويتوقع أن يكون العدد الحقيقي أكبر بكثير لأن العديد من المهاجرين لا يتم تسجيلهم.
لذلك تريد الحكومة الإيطالية من تونس منع المهاجرين من ركوب القوارب وصدهم عن ذلكمقابل حصول تونس على تعويضات مالية. والمفاوضات جارية للتوصل إلى اتفاق بهذا الخصوص. وزاد عدد الأشخاص الراغبين في الوصول إلى إيطاليا عبر تونس عشرة أضعاف هذا العام، سيما وأن الطريق عبر ليبيا أصبح غير جذاب بسبب النهج المتشدد والعنيف لخفر السواحل الليبي.
وكان الاتحاد الأوروبي قد أبرم اتفاقية مع ليبيا لمنع الهجرة غير النظامية. علما أن غالبية الأشخاص الذين يصلون إلى إيطاليا يتجهون شمالًا وفقط بضعة آلاف من المهاجرين هم من يتقدمون بطلبات لجوء كل شهر.
بولندا تريد التصدي للهجرة وفق توجيهات الاتحاد الأوروبي
يعتبر ملف الهجرة موضوعا ساخنا في الحملة الانتخابية الحالية في بولندا. ويريد حزب القانون والعدالة الوطني، الحاكم، منع الهجرة و"حماية" بولندا رغم أن عدد طالبي اللجوء ضئيل للغاية.
وفقًا لـ Eurostat وهي هيئة الإحصاء التابعة للاتحاد الأوروبي، تقدم 2785 شخصًا بطلبات لجوء في بولندا في النصف الأول من عام 2023. وهو رقم ضئيل في بلد يبلغ عدد سكانه 38 مليون نسمة. ومع ذلك يعارض رئيس الوزراء البولندي ماتيوز مورافيكي محاولات الاتحاد الأوروبي لإصلاح قانون اللجوء على المدى الطويل. ويجري بناء سياج حدودي مع بيلاروسيا على الحدود الشرقية. ويُنظر إلى المهاجرين القادمين من هناك، في المقام الأول، على أنهم سلاح سياسي للمعتدي الروسي، لأن روسيا ترسلهم إلى الحدود البيلاروسية.
تحاول بولندا تعزيز حدودها مع بيلاروسا ومنع عبور المهاجرين من خلال بناء سياج أسلاك شائكة
إلغاء حقوق اللجوء من أجل الردع؟
المقترح الذي أطلقه المدير البرلماني لكتلة الاتحاد المسيحي ( CDU / CSU ) تورستين فراي أثار أيضا الفزع. في نهاية يوليو/ تموز دعا فراي إلى إلغاء حق اللجوء الذي تكفله قوانين الاتحاد الأوروبي واستبداله بحصة هجرة.
وبرر فراي مقترحه بأن نظام اللجوء الحالي غير عادل، لأن الأثرياء أو الشباب الأقوياء هم فقط الذين يتحملون صعوبة ومخاطر الوصول إلى بلدان الاتحاد الأوروبي. بالمقابل فإن فرص كبار السن والمرضى والنساء والأطفال ضئيلة لعبور الصحراء أو ركوب قوارب الهجرة.
على أرض الواقع تشير منظمات اللاجئين أيضًا إلى أنسياسة الاتحاد الأوروبي تهدف إلى جعل الدخول إلى البلدان الأوروبية صعبًا قدر الإمكان. فطلب اللجوء لا يمكن تقديمه إلا على أراضي الاتحاد الأوروبي. وفي معظم الحالات بمجرد الوصول إلى الاتحاد الأوروبي يمكن البقاء هناك حتى إذا تم رفض طلب اللجوء. إذ لا تزال عمليات الترحيل إلى بلد المنشأ هي الاستثناء.
ويمكن لأكثر من 90 بالمائة مثلا من اللاجئين السوريين والأفغان الذين وصلوا إلى أوروبا الاستفادة من حق اللجوء. أما بالنسبة لبلدان المنشأ الأخرى مثل باكستان أو تركيا فالوضع مختلف تمامًا. إذ أن معدل الرفض هنا يتجاوز 75 بالمائة. ومع ذلك فإن الرفض في معظم الحالات لا يعني مغادرة البلاد على الفور.
بيرنت ريغيرت/هـ.د
المصدر: DW عربية
كلمات دلالية: هجرة غير نظامية ترحيل اللاجئين غرق قارب مهاجرين دويتشه فيله هجرة غير نظامية ترحيل اللاجئين غرق قارب مهاجرين دويتشه فيله الاتحاد الأوروبی طلبات اللجوء العام الماضی أکثر من لجوء فی
إقرأ أيضاً:
بولندا ودول البلطيق تطالب برسوم أوروبية على أسمدة روسيا وبيلاروسيا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أفاد راديو بولندا، الخميس، بأن بولندا ودول البلطيق قدمت طلبًا رسميًا إلى المفوضية الأوروبية يدعو إلى فرض ضرائب إضافية على الأسمدة المستوردة من روسيا وبيلاروسيا.
هذا التحرك جاء بقيادة وزير التنمية الاقتصادية والتكنولوجيا البولندي، بالتعاون مع نظرائه من إستونيا ولاتفيا وليتوانيا، الذين رفعوا الطلب مباشرة إلى نائب رئيس المفوضية الأوروبية.
الطلب يرتكز على ضرورة فرض ضرائب على المنتجات التي تشمل مكونات أساسية مثل النيتروجين والفسفور والبوتاسيوم.
وفقًا لتقارير الراديو، ترى الدول الأربع أن العائدات الناتجة عن هذه الواردات تُستخدم لتمويل العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا.
على الرغم من العقوبات الصارمة التي تبناها الاتحاد الأوروبي ضد شركات الأسمدة في روسيا وبيلاروسيا، إلا أن البيانات تشير إلى استمرار تدفق تلك المنتجات إلى دول الاتحاد بمعدلات مرتفعة.
الإحصائيات المتاحة كشفت عن زيادة كبيرة تجاوزت 50% في واردات الأسمدة من هاتين الدولتين خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.
هذا الطلب يعكس قلقًا متزايدًا بشأن فعالية العقوبات المفروضة وسعي الدول الأربع إلى تعزيز التدابير الاقتصادية الرامية للضغط على موسكو ومينسك، عبر تقليل الإيرادات التي قد تدعم أنشطتهما المرتبطة بالصراع في أوكرانيا.