بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من الحرمين الشريفين
تاريخ النشر: 24th, January 2025 GMT
نقلت قناتا القرآن الكريم وقناة السنة النبوية، شعائر صلاة الجمعة من الحرمين الشريفين المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف.
حكم صلاة الجمعةوصلاة الجمعة شعيرة من شعائر الإسلام، أوجب الشرع السعي إليها والاجتماع فيها والاحتشاد لها؛ توخِّيًا لمعنى الترابط والائتلاف بين المسلمين؛ قال الإمام التقي السبكي في "فتاويه" (1/ 174، ط.
ولذلك افترضها الله تعالى جماعةً؛ بحيث لا تصح مِن المكلَّف وحدَه مُنفرِدًا؛ فقال تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» (الجمعة: 9-10).
وهاتان الآيتان تدلان على وجوب شهودها وحضورها على كلِّ مَنْ لزمه فرضُها، من وجوه:
الأول: أنهما وردتا بصيغة الجمع؛ خطابًا وأمرًا بالسعي؛ فالتكليف فيهما جماعي، وأحكامهما متعلقة بالمجموع.
الثاني: أن النداء للصلاة مقصودُه الدعاء إلى مكان الاجتماع إليها؛ كما جزم به الإمام الفخر الرازي في "مفاتيح الغيب" (30/ 542، ط. دار إحياء التراث العربي).
الثالث: أن "ذكر الله" المأمور بالسعي إليه: هو الصلاة والخطبة بإجماع العلماء؛ كما نقله الإمام ابن عبد البر في "الاستذكار" (2/ 60، ط. دار الكتب العلمية).
حضور صلاة الجمعةالرابع: أنَّ مقصود السعي هو: حضور الجمعة؛ كما في "تفسير الإمام الرازي" (30/ 541-542)، والأمر به: يقتضي الوجوب؛ ولذلك أجمع العلماء على أن حضور الجمعة وشهودها واجب على مَن تلزمه، ولو كان أداؤها في البيوت كافيًا لما كان لإيجاب السعي معنى.
قال الإمام ابن جُزَيّ في "التسهيل لعلوم التنزيل" (2/ 374، ط. دار الأرقم): [حضور الجمعة واجب؛ لحمل الأمر الذي في الآية على الوجوب باتفاق].
وهو ما دلت عليه السنة النبوية المشرفة؛ فعن أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها، أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «رَوَاحُ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ» رواه النسائي في "سننه".
وعن طارق بن شهاب رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الْجُمُعَةُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فِي جَمَاعَةٍ إِلَّا أَرْبَعَةٌ: عَبْدٌ مَمْلُوكٌ، أَوِ امْرَأَةٌ، أَوْ صَبِيٌّ، أَوْ مَرِيضٌ» رواه أبو داود في "سننه"، والحاكم في "مستدركه"، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: المسجد النبوي صلاة الجمعة الجمعة الحرمين الشريفين المسجد الحرام المزيد صلاة الجمعة
إقرأ أيضاً:
تأملات قرآنية
#تأملات_قرآنية
د. #هاشم_غرايبه
يقول تعالى في الآيتين 9 و 10 من سورة الجمعة: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ . فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ “.
عندما تبدأ الآية بخطاب (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) فما يتلوه ليس مجرد إخبار أو توضيح، بل أمر واجب التنفيذ، فالمؤمن اختار طاعة الله فيما يأمره به أو ينهاه عنه، بلا حاجة لتفسير اوتعليل، لكن الله تعالى دائما، كرما منه ومحبة بعباده المؤمنين، غالبا ما يقدم علة الأمر او يبين الحكمة منه.
في هذا الأمر الإلهي فرض الله صلاة الجمعة، وهي مختلفة عن باقي الصلوات في أنها تؤدى جماعة، ولا يصليها المرء منفردا، والحكمة من ذلك أن الله أرادها اجتماعا أسبوعيا للمسلمين، يلتقون جميعهم، كل ابناء حي أو منطقة أو مدينة وقت الظهيرة، لكي يستمعوا الى خطبة هي بمثابة محاضرة يتم فيها التوجيه أو لفت الانتباه الى قضية عامة هامة، يلقيها ولي الأمر في المسجد الجامع، ومن ينوب عنه في باقي المساجد التي تغطي المساحة السكانية للدولة.
ما سبق معلومة معروفة للجميع، لكني ذكرتها للتذكير بما نفتقده في هذا الزمن، وهو عدم تحقق الحكمة التي أرادها الله من صلاة الجمعة، فليس مجرد سماح النظام الحاكم بإقامة صلاة الجمعة يعني أن الدولة إسلامية، فالمحتلون المعادون لمنهج الله يفعلون ذلك أيضا، لكن الفارق عندما تكون الدولة اسلامية، أن الحاكم يكون مسلما ملمّا بأحكام الله، قارئا لكتابه وحريصا على طاعته، لذلك يؤم الأمة ويوجه الرعية.
وأول علامات أن لا تكون الدولة إسلامية، إن رأينا الحاكم لا يحضر الصلاة إلا في مناسبات محددة تظاهرا بالإيمان، ولا يؤم المصلين بل يصطف خلف الإمام، ليس زهدا في الإمامة، فهو يعتبر نفسه الأول في كل شيء، بل لأنه لا يتقن الصلاة وقد لا يكون يحفظ سورة الفاتحة.
والعلامة الثانية، هي فرض خطبة موحدة مرت عبر أجهزة الرقابة، لئلا تتناول المشكلات الهامة التي فشل النظام الحاكم في حلها، فتشير الى تقصيره وتظهر عيوبه، فلا تسمح إلا بالحديث الذي لا يسمن أو يغني من جوع، كمواعظ الصلاح الفردي والزهد، والاستغراق بتفاصيل أحكام العبادات، أو في الروايات المكررة لأحداث زمن الدعوة، بعد سحب الزبدة منها، التي هي اسقاط الدروس على الواقع المعاش.
لذلك واظبت على نشر مقالة الخميس تحت عنوان “تأملات قرآنية”، للتعويض عن خطبة الجمعة المغتالة.
من التأمل في هاتين الآيتين نستفيد ما يلي:
1 – لا توجد في الإسلام عطلة أسبوعية، فعند الأذان يوم الجمعة، يتوقف العاملون عن العمل، وبعد انقضاء الصلاة يعودون لأعمالهم كباقي الأيام، لأن الله أراد للمجتمع المسلم أن يبقى نشيطا مُجدّاً، ولا يركن الى الكسل والخمول.
فكرة العطلة الأسبوعية كانت يوما واحدا، وفي القرن التاسع عشر أقرت أوروبا عطلة اليومين، وبهدف استثماري لأصحاب رؤوس الأموال، لتنشيط التسوق وارتياد الأماكن الترفيهية، ولتمريرها ربطت بداية بالدين، لذلك اختارت الأقطار العربية يوم الجمعة، لكنها لتثبت تبعيتها لعلمانيتهم، تحولت أغلبها لتتبعهم الى جحر الضب.
2 – إن الربح المادي يتحقق حصرا من البيع، فالمرء لا يبيع شيئا إلا إن نال قيمة أعلى بتقديره من قيمته، وهذا الفارق هو الربح، لذلك قال تعالى ” وَذَرُوا الْبَيْعَ”، ولم يذكر الشراء، وذلك لأغراض بلاغة الإيجاز، لأن البيع لا يتم بغير الشراء، وبالشراء لا يتحقق الربح المباشر، بل يحصل المرء على ما يعتبره المرء نافعا له، إما بذاته أو بالاتجار به.
3 – في صلاة الجمعة من الحكم والنفع ما قد لا يدركه البشر، لذلك أمر الله المؤمنين بأن يتركوا ما يحبونه من النفع المحسوس الى شيء أنفع منه، لذلك قال: “ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ”، فتلك الحكم مما قد لا يمكن فهمه زمن التنزيل، فظروفهم الحالية في دولة مسلمة وقيادتها مخلصة تحقق كفاية الناس وأمنهم، قد لا تشعرهم بأهمية تناول خطبة الجمعة لقضاياهم، مثلما في المستقبل، عندما يفتقدون الصلاح، ويغيّب المصلحون في السجون، فسيجدون كم الحاجة ماسة لها.