غزة- "لأول مرة منذ بداية الحرب أشتري طبق بيض"، يقول محمد أبو حميد، ليدلل على تهاوي أسعار السلع والبضائع في أسواق قطاع غزة، بصورة كبيرة، لكنها لم تصل إلى الوضع الطبيعي الذي كانت عليه قبل اندلاع الحرب الإسرائيلية عقب عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/تشرين الأول من عام 2023.

وانخفض سعر طبق البيض (30 بيضة) من 120 شيكلا (الدولار يعادل 3.

7 شيكلات) إلى 25 شيكلا، بعد مرور أيام قليلة على اتفاق وقف إطلاق النار بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل، وأعلنته دولة قطر الأحد الماضي 19 يناير/كانون الثاني الحالي.

ويقول أبو حميد -موظف في الحكومة التي تديرها حماس في القطاع- للجزيرة نت إن 800 شيكل شهريا لم تكن كافية لتدبير الاحتياجات الأساسية للأسرة في ظل الغلاء الفاحش.

ويعيل أبو حميد (50 عاما) أسرة من 5 أفراد، ويقيم في خيمة بمنطقة مواصي خان يونس بعد النزوح القسري من منزله في مدينة رفح جنوب القطاع، وقد طاله التدمير الكلي كما غالبية المنازل في هذه المدينة الصغيرة، التي تعرضت لأطول عملية عسكرية إسرائيلية برية استمرت 8 شهور.

محمد أبو حميد يشتري طبق بيض لأول مرة منذ شهور طويلة (الجزيرة)  انخفاض الأسعار

وكحال غالبية الغزيين الذين أنهكتهم الحرب وخسروا مصادر رزقهم، كان اعتماد أبو حميد الأساسي على ما تقدمه مؤسسات إغاثية من معونات.

إعلان

ويقول أبو حميد إن هذه المعونات لم تكن كافية تماما، بسبب القيود التي فرضتها سلطات الاحتلال على إدخال شاحنات المساعدات، إثر اجتياح رفح واحتلال معبر رفح البري مع مصر في 6 مايو/أيار من العام الماضي.

ومنذ ذلك الحين وحتى التوصل لاتفاق وقف النار، كانت نسبة إدخال الشاحنات لا تزيد عن 5% من الاحتياجات الإنسانية لنحو مليونين و300 ألف فلسطيني في القطاع، هوت الحرب بغالبيتهم تحت مستوى خط الفقر، حسب تقديرات وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).

وشهدت الأيام الماضية التي تلت الاتفاق تدفقا في شاحنات المساعدات من منافذ عدة، أبرزها معبر كرم أبو سالم التجاري الوحيد مع القطاع، والخاضع للسيطرة الإسرائيلية الكاملة، ويقع في أقصى جنوب شرقي القطاع.

وبحسب بيانات محلية ودولية دخلت القطاع من 600 إلى نحو ألف شاحنة من المساعدات الإنسانية، بشكل يومي خلال الأيام الثلاثة الماضية.

ويقول أبو حميد إن هذه المساعدات خفضت الأسعار، لكن ليست كما كانت عليه قبل اندلاع الحرب.

ويُثني البائع ماهر الجوراني على حديث أبو حميد، ويقول للجزيرة نت إن الأسعار هوت بشكل كبير وغير مسبوق منذ اندلاع الحرب، ونتيجة ذلك شهدت الأسواق انتعاشة وحركة نشطة، ويعتقد أنها ستزيد مع مرور الوقت.

غالبية أهل غزة لم يتذوقوا طعم اللحوم والدجاج منذ شهور طويلة لندرتها وارتفاع الأسعار (الجزيرة) المصارف وأزمة السيولة

جراء انهيار القطاع المالي، وإغلاق المصارف وشركات الصرافة، لم يتسلم "أبو جهاد" راتبه الشهري الذي يتقاضاه من السلطة الفلسطينية كجريح منذ تعرضه لإصابة تمنعه من العمل خلال انتفاضة الأقصى في عام 2000.

ويأمل أبو جهاد، وفضّل عدم ذكر اسمه كاملا للجزيرة نت، أن يسهم اتفاق وقف إطلاق النار في عودة عمل البنوك وشركات الصرافة، ليتمكن من استلام مستحقاته المالية المتأخرة، وسداد ديونه، التي تراكمت عليه خلال الحرب، من أجل إعالة أسرته المكونة من 4 أفراد.

إعلان

وتسبب هذا الانهيار في أزمة سيولة حدت من القدرة الشرائية للمواطنين، واستغلها من يصفهم الغزيون بـ"تجار السيولة"، الذين قاسموا الموظفين والمواطنين أموالهم بفرض نسبة وصلت في أحيان كثيرة إلى 40% من قيمة المبلغ لصرفه.

ويقول أبو جهاد إنه تلقى حوالة مالية حوالي ألف دولار كمساعدة من قريب له يقيم خارج غزة، واضطر إلى تحويلها عبر التطبيق البنكي الإلكتروني لأحد التجار، والذي صرفها له في مقابل عمولة وصلت إلى 300 دولار، ويضيف مبتسما "كانت نسبة أقل من السوق لأنني لجأت له من طرف صديق مشترك".

البائع ماهر الجوراني يتحدث عن انخفاض كبير للأسعار إثر اتفاق وقف إطلاق النار في غزة (الجزيرة) نظرة اقتصادية

يفسر الخبير المختص بالشأن الاقتصادي أحمد أبو قمر ما طرأ على الأسواق بعد اتفاق وقف إطلاق النار، ويقول للجزيرة نت إن الأهم من إدخال شاحنات المساعدات أن المواطن وجد نفسه في حالة من التهدئة، حيث بات لا يشعر بخوف يستدعي منه اقتناء بضائع تفوق حاجته، كاحتمالات عودة المجاعة، وبالتالي الاكتفاء بشراء الاحتياجات بكميات معقولة.

ويضيف أن تدفق المساعدات وحالة الاطمئنان لدى المواطنين ساهما في خفض الأسعار من خلال توفر كميات من السلع والبضائع، وبداية عودة الأسواق تدريجيا إلى وضعها الذي كانت عليه قبل اندلاع الحرب.

وبلغة الأرقام، يقول أبو قمر للجزيرة نت: كان يدخل القطاع قبل اندلاع الحرب من 350 إلى 400 شاحنة، وخلال شهور الحرب كان لا يدخله أكثر من 50 شاحنة فقط لشمال القطاع وجنوبه بسبب القيود الإسرائيلية.

ويتابع "اتفاق وقف إطلاق النار وعودة الشاحنات إلى مستوى ما قبل الحرب مثلا انفراجة بالنسبة للغزيين الذين عاشوا ويلات الحرب والحصار والمجاعة".

كما أرجع أبو قمر انخفاض الأسعار إلى توقف التجار عن الاحتكار عقب تدفق مزيد من السلع والبضائع بموجب الاتفاق.

تدفق أنواع مختلفة من السلع والبضائع أدى إلى انخفاض الأسعار في أسواق غزة (الجزيرة)

لكن أبو قمر حذر من سياسة الإغراق ودراسة حاجة السكان لضمان عدم انهيار الأسعار، وقال حاليا يشهد شمال القطاع إغراقا في مادة الطحين ما أدى لتراجع سعر الكيس زنة 25 كيلو غراما إلى 5 شيكلات بعدما كان قد وصل في شهور سابقة إلى أكثر من ألفي شيكل.

وينبّه الخبير الاقتصادي أن سياسة الإغراق تكون مقصودة أحيانا من الاحتلال بحيث يتم إغراق الأسواق بصنف معين ومنع أصناف أخرى.

كما دعا إلى الحاجة الماسة إلى جلب الكرافانات والخيام والبطاريات والطاقة الشمسية، وأواني المطبخ، وهذا يتطلب من المؤسسات المانحة معرفة حاجة المواطنين.

إعلان

ورغم التغيير الذي طرأ على الأسواق- يضيف أبو قمر- فإن الوضع الاقتصادي في غزة ليس مستقرا في ظل الحديث عن مراحل متعددة لاتفاق وقف إطلاق النار.

وبالنسبة للحياة التجارية والمالية توقع الخبير الاقتصادي أن تشهد انتعاشة في الفترة المقبلة، خاصة في حال بدء عملية إعادة إعمار القطاع، وشدد الخبير على أهمية توفر المعابر المؤهلة لإدخال البضائع والمواد دون تحكم من جانب الاحتلال.

ومن شأن انتعاش الحركة التجارية أن تؤدي مباشرة إلى انخفاض في معدلات البطالة التي ارتفعت خلال الحرب لأكثر من 90%، وإنعاش قطاع البناء والمقاولات، والبنية التحتية بجانب عودة المصانع المحلية للعمل، وفق أبو قمر.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات اتفاق وقف إطلاق النار قبل اندلاع الحرب السلع والبضائع للجزیرة نت ویقول أبو أبو حمید أبو قمر

إقرأ أيضاً:

المستشار الألماني: دعمنا لأوكرانيا مُستمر حتى بعد انتهاء الحرب مع روسيا

أكد المستشار الألماني أولاف شولتس في تصريحات أبرزتها وكالة "فونكه" الألمانية، أن "برلين ستتحمل مسؤولية دعم أوكرانيا حتى بعد انتهاء النزاع، وتوقيع اتفاقية السلام".

 

رئيس الوزراء المجري يطالب الاتحاد الأوروبي بوقف العقوبات على روسيا الرئيس الأمريكي: سنفرض عقوبات على روسيا إذا رفض بوتين المفاوضات

 

وتابع قائلًا: "قبل كل شيء، سيكون انتهاء الحرب في أوكرانيا خبرا سارا. ولكن حتى في هذه الحالة، سيتعين علينا ضمان مستقبل آمن لأوكرانيا".

 

ليردف بأن الأمر سيتعلق بضمانات أمنية وكيفية تمكين أوكرانيا من الحفاظ على جيش قوي، و"سنعمل معا على تسليحه".

 

المستشار الألماني: اتفاق وقف إطلاق النار من شأنه تخفيف المعاناة في غزة


صرح المستشار الألماني أولاف شولتس، الثلاثاء، بأن التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل وحركة حماس لوقف إطلاق النار في غزة بات في المتناول على ما يبدو بعد شهور من المفاوضات.

وقال شولتس: “إتمام الاتفاق من شأنه أن يوفر فرصة لوقف إطلاق النار لتخفيف المعاناة في غزة.

 

ترامب: اتفاق وقف إطلاق النار بغزة أقرب من أي وقتٍ مضى


كشف الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، أن المفاوضات الجارية حول إنجاز صفقة واتفاق في غزة هو قريب، وربما يتم الإعلان عنه نهاية الأسبوع الجاري، مضيفًا في مقابلة مع شبكة نيوزماكس: "نحن قريبون جدا من إنجاز الصفقة ربما بحلول نهاية الأسبوع، عليهم أن يفعلوا ذلك، وإذا لم يحدث ذلك، فستكون هناك مشاكل كثيرة ربما لم يروها من قبل.

وأردف الرئيس الأمريكي المنتخب: "فهمت أنه كان هناك اتفاق شفهي وأنهما على وشك الانتهاء من إنجاز الصفقة".

ترامب يواجه تحديات جديدة في الشرق الأوسط.. تقلبات بعلاقاته مع دول الخليج بولايته الثانية


مع استعداد الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، للعودة إلى البيت الأبيض، تظهر تغييرات كبيرة في العلاقات بين الولايات المتحدة ودول الخليج العربي. بينما كانت تلك الدول، مثل المملكة العربية السعودية والإمارات وقطر، تتمتع بعلاقة ودية مع إدارة ترامب في ولايته الأولى، فقد بدأ الوضع الآن في التغير مع بروز خلافات حول قضايا محورية مثل السياسة تجاه إسرائيل وإيران.

أحد التغيرات الملحوظة هو الموقف الأكثر صرامة الذي تبنته الدول الخليجية تجاه إسرائيل في أعقاب حرب غزة 2023. حيث وصف ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، الهجوم الإسرائيلي على غزة بالـ"إبادة جماعية"، مؤكداً أن بلاده لن تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل إلا بعد إنشاء دولة فلسطينية.

وفي المقابل، تدعو هذه الدول الآن إلى تبني سياسة أكثر مرونة تجاه إيران، على عكس الموقف الصارم الذي اتخذته إدارة ترامب السابقة. فقد أبرمت السعودية اتفاقًا مع إيران في مارس 2023 لتخفيف التوترات، مما يفتح المجال لفرص دبلوماسية جديدة بين البلدين.

ورغم هذه التحديات، يسعى ترامب إلى التعاون مع حلفائه في الخليج، حيث زار عدة دول في المنطقة في الأشهر الأخيرة، متطلعًا إلى تعزيز العلاقات الاستراتيجية. ومع ذلك، قد يواجه صعوبات بسبب السياسة الاقتصادية الخاصة به، وخاصة فيما يتعلق بزيادة إنتاج النفط الأمريكي، الذي قد يؤثر سلبًا على اقتصادات دول الخليج التي تعتمد على النفط كمصدر رئيسي للإيرادات.

 

 

مقالات مشابهة

  • فورين بوليسي: اتفاق غزة ليس حقيقياً
  • دبابة إسرائيلية تقتل فلسطينيين في رفح
  • أسواق غزة تنتعش رغم ارتفاع الأسعار وضعف الشراء
  • اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وغزة معلّق بخيط رفيع
  • المستشار الألماني: دعمنا لأوكرانيا مُستمر حتى بعد انتهاء الحرب مع روسيا
  • انخفاض كبير بأسعار السلع في غزة بعد وقف إطلاق النار
  • بعد وقف إطلاق النار.. الطائرات المسيرة تكشف حجم الخراب بقطاع غزة |فيديو
  • أستاذ علوم سياسية: ترامب نجح في وقف الحرب.. نتنياهو استبدل القطاع بالضفة
  • مهند هادي: جميع القطاعات في غزة بحاجة إلى الدعم الكامل