سودانايل:
2025-03-29@12:33:21 GMT

جبريل ومناوي وسوء الخاتمة

تاريخ النشر: 24th, January 2025 GMT

من المدهش حقاً، وبامتياز، خضوع المغتصب (بفتح الصاد) للمغتصب (بكسرها)، وتفضيله العيش تحت سقف واحد معه، رغم ما يتلقاه من إذلال وقهر وامتهان للكرامة الآدمية، ودوس للشرف، ومهما تصور الناس وصول رئيسي العدل والمساواة وتحرير السودان للوضع المهين، الذي جعلهم رهن إشارة الجنرالات الذين قصفوا عشائرهم في "كرنوي" و"ام برو" و"الطينة"، ببراميل التدمير القاتلة والسّامّة، لا يمكن لأحد أن يتخيل سقوطهما في هذا القاع السحيق للانحطاط القيمي والأخلاقي، الذي لم يكن يوماً شيمة من شيم الراحلين خليل إبراهيم وعبد الله أبكر، وأظن أن الراحلين قد تململا تحت تربة قبريهما، وهما يسمعان خبر ردة جنودهما وقتالهم دفاعاً عن ملك من ارتكب بحق مجتمعاتهم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي، ولا يمكن لكائن من كان أن يستوعب مصافحة جبريل لأيدي من اغتالوا خليل، ولا منادمة مناوي لمن هدّوا البنيان فوق رؤوس المرضى والمسنين من عشيرته باستراحة حي المهندسين، لقد ذهل الناس من هول الصدمة جراء خروج الرجلين من الحياد، وانضوائهما تحت لواء فلول النظام البائد، هل هو المال الحرام الملوث بدماء الأبرياء؟، أم أنها متلازمة استوكهولم؟، أم سلوك دجاجة ستالين؟، إنّ الدماء التي سالت بالفاشر وصحارى شمال دارفور، مسؤول عنها هذا الثنائي الدموي، وعلى أهل دارفور البصم بالعشرة على شهادة انتحارهما سياسياً واجتماعياً، لاتخذاهما قرار التضامن مع قادة الجيش الذي اختطفه الاخوان المسلمون، ومساندته في ارتكاب المزيد من جرائم الحرب بمدن "الفاشر" و"نيالا" و"مليط" و"الكومة" و"كتم" و"كباكابية"، فهذان الرجلان يجب أن لا يسمح لهما شعب دارفور، بلعب أي دور في الشأن الحكومي، بل الواجب تقديمهما لمحاكمات عادلة، على خلفية جرائمهما ضد الإنسانية، وتآمرهما بحق السودان عامة ودارفور بصفة الخصوص، فعلى مستوى جهاز الدولة الأعلى تآمرا على ثورة ديسمبر ودعما انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر تحالف "الموز".


بعد المهلة التي أعلنتها قيادة قوات الدعم السريع، والخاصة بإمهال قوات الرجلين يومين للخروج الآمن من الفاشر، واستجابة أعداد لا يستهان بها من الجنود والقادة المجبورين على القتال، يكون أميرا حرب الفاشر قد أنهيا حياتيهما السياسية بسوء الخاتمة، وسجلا موقفاً مخزياً لن ينساه تاريخ السودان الحديث، فلم يشهد السودان ولا دارفور مثليهما على الاطلاق، في الدموية وحب الذات والأنانية والتآمر والعمل بإصرار على تدمير المجتمعات التي أتوا منها، وإنّه لمن سخريات الأقدار أن يلجا كلاهما لدواوين الحكم ليذيقا الناس سوء العذاب، وقد أثبتا بياناً عملياً أن تمردهما في الماضي لم يكن من أجل المهمشين، وإنّما كان لدنيا قد أصاباها أخيراً، فرأينا بأم عيننا كيف سكنا القصور الفارهة، وأين أقاما حفلات البذخ لذوي قرباهما، بمستويات مترفة مثل احتفالات نجوم المجتمع الأمريكي، ومن الصدمات الجارحة التي تلقاها مجتمع دارفور سليل السلطنة العظيمة، أن جاء الزمان بأخره وتسيد مجلس السلطان بالفاشر، رجل أهان سكان المدينة الفاضلة حينما اتهمهم بسرقة حذائه، (رجل) وثقت له كاميرات الفنادق ذات الأنجم الخمس بعواصم الشرق الأوسط، أوضاع خاصة لا تمت لأخلاق أهل دارفور بصلة، فأصبح حاله يجسده مثل من دارفور (الفقيه يلد خطيئته)، يُضرب هذا المثل حينما يبتلي الفقيه بابن عاق أو ابنة ناشزة، فدارفور قد انجبت خطيئتها بولوج هذين (الرجلين) سوح الحياة العامة، من بوابتها الشريفة المودعة للمحمل المسافر لكسوة الكعبة، فتاجرا بشرفها الأصيل وحسن سيرتها النبيلة، ومن المؤكد أن دار السلام (دارفور) سيعمها السلام، بعد أن تغتسل من خطيئتها، وبعد أن ترسل ابنيها العاقين هذين إلى مكب نفايات التاريخ، فقد رفعت أقلام فقهاء دارفور وجفت صحفهم بمكتوب دائم يقول لا مكان بيننا للمتاجرين بدمائنا.
دائماً ما أضرب المثال بالحركة الشعبية لتحرير السودان ومؤسسها الدكتور جون قرنق، وانجازها لمشروعها الذي أفضى لدولة عملت على حماية الجنوبيين من القتل المجاني، في ظرف عشرين عاماً، وهنا الفت الانتباه لشعب دارفور الذي ساقه اميرا الحرب هذان لأكثر من عشرين عاما، فأورثاه حصاداً مرّاً مرارة الحرمان، وذل لجوء الملايين من البؤساء، ونزوح الآلاف، واغتصاب المئات من النساء، وازدياد اعداد الفاقد التربوي، وانقسام المجتمع قبلياً، فالجنوبيون رغم خلافاتهم البينية إلّا أنهم في آخر مطافهم أسسوا لدولة ذات سيادة، بفضل مشروع الحركة الشعبية ومصداقية ووفاء قائدها الملهم، وأصبحت ديارهم ملجأ لأهل دارفور بعد أن فتكت بهم آلة مركز الموت والدمار، فعفا الجنوبي عن ابن دارفور الذي كان عبــــداً طائعاً لتنفيذ أوامر جنرالات المركز، ومساعداً ماهراً في طهي حلة (صانع الكباب) من لحوم المهمشين والمقهورين، وعلى ذات درب الجنوب ستتعافى دارفور قريباً من مرض تحالف حملة الاباريق وصنّاع الكباب، ويبدو أن السودانيين عامة سيلوذون بالفرار إلى دارفور، بعد أن يطأ المستعمر الجديد أرض النهر، وسيفيق إخوتنا الذين استلبت ارادتهم الوطنية من غيبوبتهم، إذا ما تمكن الغزاة الطامعين لا سمح الله من رقاب المهللين للغزو والمرحبين بالغزاة، فالورقة الأخيرة التي أصبح يراهن عليها الاخوان المسلمين وكتائبهم الإرهابية – الناحرة والذابحة لمواطني ولاية الجزيرة، هي جعل البلاد مستنقع للإرهاب الدولي، ومخزن للأسلحة السامة المرسلة من أصحاب العمائم السوداء، فالمعركة التي يخوضها الأشاوس اليوم هي ملحمة وطنية فاصلة بين عملاء المستعمر والوطنيين الشرفاء.

إسماعيل عبد الله
ismeel1@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: بعد أن

إقرأ أيضاً:

خطيب الجامع الأزهر ناعيا المحرصاوي: كرس حياته للعلم والدين والوطن

ألقى الدكتور إبراهيم الهدهد، رئيس جامعة الأزهر الأسبق، خطبة الجمعة اليوم من الجامع الأزهر، تحت عنوان «حسن الخاتمة دليل على الطاعة»، مؤكدًا أن حسن الخاتمة علامةٌ على رضا الله تعالى عن عباده المُخلصين، داعيا المُسلمين إلى التمسك بالطاعة والاجتهاد في العمل الصالح.  

خروج جثمان الدكتور محمد المحرصاوي من الجامع الأزهر إلى مثواه الأخير.. فيديو وصورالآلاف يؤدون صلاة الجنازة على محمد المحرصاوي من الجامع الأزهر.. فيديو وصور

وقال الهدهد في خطبته: إن الله تعالى اصطفى من خلقه الأنبياءَ والصالحين، وتولاهم بكرمه، مستشهدًا بقوله تعالى: ﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ﴾، مُوضحًا أن كرامة الأولياء تتحقق بالتزام التقوى وطاعة الله في الحياة الدنيا، والتي تُورث البشرى في الآخرة، وأن طريق الفوز بحسن الخاتمة يبدأ بالتوجه إلى الله بالقلب واللسان والعمل، وأن الأمة بحاجة إلى تجديد العهد مع القيم الإيمانية في ظل تحديات العصر.

وأشار خطيب الجامع الأزهر، إلى أن الله تعالى اختار أماكن وأزمنةً مباركةً، كمكة المكرمة والمدينة المنورة ويوم الجمعة الذي يُعدّ من الأيام المُفضلة، حيث روى النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ مَاتَ يَوْمَ الجُمُعَةِ أَوْ لَيْلَتَهَا، أَعَاذَهُ اللَّهُ مِنْ فِتْنَةِ القَبْرِ»، كما اصطفى شهر رمضان وليلة القد، مؤكدًا أن هذه الاصطفاءات تدل على عظمة الشريعة وتشريف المُؤمنين.  

وتناول الهدهد مفهوم الشهادة في الإسلام، مؤكدا أن الشَّهادةُ في سَبيلِ اللهِ تعالَى لها مَنزِلةٌ عظيمةٌ، ومَرتَبةٌ جليلةٌ، أَجْرُهَا عظيمٌ، وثوابُها كبيرٌ، مبينا أن أنواعُ الشَّهادةِ كَثيرةٌ مُتَعَدِّدَةٌ مستندًا إلى الحديث النبوي الذي يُوسع دائرة الشهداء ليشمل من مات في سبيل الله أو بالطاعون أو بسبب مرض البطن، داعيا المُصلين إلى السعي لنيل حسن الخاتمة بالحرص على الطاعة، مُذكرًا بأن الدنيا دار اختبار والآخرة دار خلود.

واختتم الهدهد الخطبة بالدعاء للدكتور محمد المحرصاوي، الذي وافته المنية أمس الخميس، واصفا إياه بالعالم الجليل الذي كرّس حياته للعلم والدين والوطن، قائلًا: «نسأل الله أن يتقبله في الصالحين، وأن يلحقنا به على خير حال».

مقالات مشابهة

  • السيف والنار لسلاطين باشا: الخليفة عن قرب، أو: في ذكر ما أخفته الروايات الرسمية (1-3)
  • لا أعتقد أن التهديد بفصل دارفور علي يد الدعم السريع أطروحة جادة لسبب بسيط
  • اعلان تطهير عاصمة السودان بالكامل من فلول المليشيات التي هربت بشكل مخزي
  • خطيب الجامع الأزهر ناعيا المحرصاوي: كرس حياته للعلم والدين والوطن
  • جبريل مع الوفد السعودي.. التركيز على قطاعات الكهرباء ، خدمات الصحة ، المياه ، المدخلات الزراعية
  • مأساة السودان المنسية .. مجازر جديدة تعيدها إلى الواجهة
  • يونيسف.. 14 مليون طفل معرضون لخطر الجوع وسوء التغذية
  • قوات الدعم السريع في أصعب لحظاتها العسكرية.. أسئلة المصير تتزايد
  • عن تاريخ الكهوف الإثنية في الوطن
  • قلق أممي بالغ إزاء استمرار الهجمات على المدنيين في السودان