أزهار شهاب تكتب: 470 يوما غيّرتني.. وللحياة بقية يا غزة
تاريخ النشر: 24th, January 2025 GMT
470 يوماً مرت علىّ كأنها قرون، أيام حملت فى طياتها صرخات لم تسمعها إلا الجدران، ودموعاً لم تجفّفها إلا رياح اليأس.. «يا عالم أغيثونا.. يا شعوب الأرض اسمعونا» صرخات ارتفعت من حناجر أطفال وشيوخ ونساء ورجال، لم تجد سوى صمت مطبق، كأن العالم أصم أو متواطئ، كنت أشعر بالعجز، وأتساءل دائماً ما الذى يجب علىّ فعله؟
فى تلك الأيام، حفظت الشوارع التى كانت يوماً تعج بالحياة، فتحولت إلى خرائب، والحوارى التى كانت تزخر بالضحكات، فأصبحت مسرحاً للدماء.
470 يوماً غيّرت حياتى، قلبت نظرتى للكون رأساً على عقب، كنت شخصاً مرحاً، محباً للحياة، مقبلاً عليها بكل تفاصيلها، لكن الواقع صدمنى، فتح عينى على مشاهد لم أكن أتخيلها، هاتفى امتلأ بصور الشهداء وأشلائهم، وأصوات الأمهات الثكالى والوجوه التى شاخت قبل أوانها، ما زالت تُدوى فى أذنى «والولاد اللى ماتوا بدون ما ياكلوا».. «حطى قلبك على قلبى أحس فيكى يا ما».. أصوات تذكّرنا بأننا ما زلنا أحياء، رغم كل شىء.
والأم التى تهرول: «الولاد وين؟»، والشيخ الصامد الذى كان يشد من أزر الآخرين بعد استشهاد أبنائه: «تعيطش يا زلمة، كلنا شهداء».
صورة «يوسف أبوشعر كيرلى» لم تفارقنى، ولا «عم خالد» وحفيدته «ريم»، ولا «الدحدوح» وابنه «حمزة»، ولا «هند» ذات الست سنوات.. الجثث التى نهشتها الكلاب فى الشوارع كانت تؤرق نومى، تلاحقنى فى أحلامى، تذكرنى بأن العالم قد فقد إنسانيته.
كلما جلست لتناول الطعام، أتذكر ذلك الطفل الهزيل الذى كان يمضغ أصابعه من شدة الجوع، وتلوح فى خيالى صورة تلك الأم الباسلة التى كانت تطحن أعلاف الحيوانات لتصنع منها خبزاً، تحاول أن تخدع جوع صغارها الذين يحدقون إليها بعيون واسعة، وذلك الشيخ الباحث عن ورق الشجر ليصنع منه وجبة «مسلوقة» لأطفاله الذين لا يعرفون طعم الشبع إلا فى أحلامهم.
فى تلك اللحظات، تختلط دموعى بـ«لقمة العيش» بين يدى، فأتراجع عنها، وكأنها جمرة تتقد فى كفى، تشمئز نفسى، وتثور معدتى رفضاً لأى طعام يدخلها، والصغار فى خيامهم الباردة يصرخون بصمت، وجوعهم يصرخ فى أعماقى.نصحنى الطبيب ألا أشاهد، أن أغادر مجموعات السوشيال ميديا التى تنقل الواقع الأليم، لكننى شعرت أن الهروب خيانة.
470 يوماً لم أرَ فيها سوى فلسطين.. حساباتى على «تويتر، واتس آب، فيس بوك، تليجرام، إنستجرام..» كلها كانت نوافذ تطل على المأساة لحظة بلحظة.. لم أعتد المشاهد، لكنى لم أستطع أن أغلق عينى، فى كل مرة، الألم نفس، الحسرة نفسها.هذه الحرب غيّرت مفاهيمى تماماً.. الغرب الذى كنت أظنه ملجأ الحقوق والديمقراطيات، كشف عن وجه آخر.. 470 يوماً أغلق عينى على مشاهد المجازر، وأستيقظ على كابوس مجزرة أخرى.
470 يوماً لم أشهد فيها نومة هنيئة، أتصفح هاتفى فى الصباح، أطالع آخر الأخبار، وليلاً أغلق عينى على صور الدمار.. بكاء وصرخات متواصلة، أسئلة لا تجد إجابة: «ما هذا العالم؟ ما كل هذه الخيانة؟ كيف فقد البشر إنسانيتهم؟ كيف تكالبوا جميعاً عليهم؟ أليس فيهم بشر واحد يقول: كفى! 470 يوماً «صحيوا الناس وما ناموا» إلا بهدنة تعلن أن للحياة بقية.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: غزة إسرائيل فلسطين مصر
إقرأ أيضاً:
أندرييفا تكتب التاريخ في «دبي للتنس»
دبي (أ ف ب)
تأهلت الروسية ميرا أندرييفا المصنفة الرابعة عشرة عالمياً إلى نهائي دورة دبي للألف نقطة في التنس، بإقصائها الكازاخستانية إيلينا ريباكينا «السابعة» 6-4 و4-6 و6-3.
ودخلت الروسية الشابة البالغة 17 عاماً، و298 يوماً التاريخ باعتبارها أصغر لاعبة تبلغ نهائي إحدى دورات رابطة المحترفات للألف نقطة.
وتدخل أندرييفا قائمة العشر الأوليات في تصنيف «دبليو تي ايه» الاثنين في حال كسبت النهائي، أما في حال الخسارة تتقدم ثلاثة مراكز لتصبح في المركز الـ11.
قالت أندرييفا «كانت المباراة صعبة في آخر مرة تواجهنا، أتيحت أمامي الكثير من الفرص، وبصفتها لاعبة تتمتع بخبرة كبيرة، لم تقدّم لي أي فرصة وسددت ضرباتها وقضت عليّ في النهاية».
وتابعت «هذه المرة كنت أعلم أنها ستضرب الكرات بقوة وتقوم بضربات إرسال قوية أيضاً، حاولت فقط تقبُل الأمر عندما لم تسر الأمور في مصلحتي، قاتلت على كل نقطة وبقيت مؤمنة، وفي نهاية المطاف سارت الأمور في مصلحتي».
وحسمت الروسية المجموعة الأولى أمام ريباكينا 6-4 مستغلة كسرين للإرسال في الشوطين الخامس والسابع في 46 دقيقة.
وفي المجوعة الثانية، حافظت اللاعبتان على الإرسال في الأشواط التسعة الأولى، لكن المصنفة سابعة تمكنت من تحقيق الكسر في الشوط العاشر، فحسمتها 6-4.
وتابعت ريباكينا تألقها متقدمة 3-1 في بداية المجموعة الثانية، بفضل كسر للإرسال في الشوط الرابع، وبدا أنها تتجه لبلوغ النهائي، غير أن أندرييفا انتفضت وقلبت الطاولة بحسمها الأشواط الخمسة التالية، مستفيدة من كسر الإرسال ثلاث مرات في الأشواط الخامس والسابع والتاسع، في طريقها لحسم المباراة 6-3 في ساعتين و16 دقيقة.
ويُعتبر الفوز الأول لأندرييفا على ريباكينا التي حسمت المواجهة الوحيدة بينهما في ثمن نهائي دورة بكين عام 2023 بمجموعتين لواحدة 2-6 و6-4 و6-1.