عايدة رياض.. أيقونة الأداء المتجدد ومسيرة فنية حافلة بالإبداع والتحديات
تاريخ النشر: 24th, January 2025 GMT
احتفلت النجمة الكبيرة عايدة رياض بعيد ميلادها، لتستعيد معها جماهير الفن العربي رحلة طويلة من العطاء والتألق في السينما والتلفزيون والمسرح. من فنانة موهوبة في فرقة رضا إلى واحدة من أبرز نجمات الشاشة المصرية، قطعت عايدة رياض مشوارًا فنيًا مميزًا أثبتت خلاله قدرتها الفائقة على التلون الفني وتقديم شخصيات متنوعة، مما جعلها أيقونة أداء تحمل بصمتها الخاصة عبر الأجيال.
بداية قوية وانطلاقة مميزة
ولدت عايدة رياض بفطرة فنية دفعتها إلى احتراف الرقص في فرقة رضا الشهيرة، حيث برزت كراقصة استعراضية موهوبة قبل أن تأخذها الأقدار إلى عالم التمثيل، الذي وجدت فيه نفسها وسرعان ما فرضت حضورها فيه.
ورغم بدايتها بأدوار صغيرة، سرعان ما لفتت أنظار المخرجين إليها بفضل كاريزما خاصة وأداء طبيعي جعلها تتدرج في الأدوار حتى وصلت إلى البطولة في العديد من الأعمال.
علامات فارقة في مسيرتها الفنية
خلال رحلتها الفنية، قدمت عايدة رياض العديد من الأدوار التي أصبحت علامات في تاريخ السينما والتلفزيون. كان دورها في فيلم "الأفوكاتو" مع الزعيم عادل إمام أحد الأدوار التي أسهمت في إبراز موهبتها، حيث أدت شخصية مميزة جمعت بين الأداء الدرامي والكوميدي. كما قدمت أدوارًا قوية في أفلام مثل "العار"، و"الكيت كات"، و"اللعب مع الكبار"، و"حوش اللي وقع منك"، وغيرها من الأعمال التي أثبتت فيها قدرتها على التنوع بين الأدوار المركبة والشخصيات الشعبية والرومانسية.
أما في الدراما التلفزيونية، فقدمت شخصيات متعددة تركت أثرًا كبيرًا، مثل مشاركتها في مسلسلات "المال والبنون"، و"عائلة الحاج متولي"، و"ريا وسكينة"، و"سجن النسا"، و"موسى"، وغيرها من الأعمال التي جعلتها وجهًا مألوفًا في كل بيت مصري وعربي.
قدرتها على التكيف والتطور الفني
ما يميز عايدة رياض عن غيرها من نجمات جيلها هو قدرتها على التطور المستمر والبقاء ضمن الصفوف الأولى رغم تغيرات الصناعة الفنية. فهي لم تحصر نفسها في نوع واحد من الأدوار، بل استطاعت أن تجدد نفسها في كل مرحلة من مسيرتها. كما أن اختيارها للأدوار يعكس ذكاءً فنيًا كبيرًا، إذ تحرص دائمًا على تقديم شخصيات تمثل تحديًا لها وتترك أثرًا لدى المشاهدين.
كما أن أدائها الواقعي والبسيط جعلها قريبة من الجمهور، فسواء كانت تجسد دور الأم الحنونة، أو المرأة القوية، أو حتى الشخصية الشريرة، فإنها تؤديها بإحساس صادق يجعل المشاهد يتعاطف معها أو يكرهها وفقًا لطبيعة الدور.
محطات أخيرة وتألق مستمر
رغم مسيرتها الطويلة، لم تتوقف عايدة رياض عن العطاء، بل واصلت تقديم أعمال تلفزيونية وسينمائية في السنوات الأخيرة، حيث ظهرت في أدوار أثبتت من خلالها أن الموهبة لا تخضع لعامل الزمن. كما أن ظهورها في أدوار مختلفة بالدراما الحديثة جعلها تحظى بجيل جديد من المعجبين الذين لم يعاصروا بداياتها ولكنهم انبهروا بقدراتها التمثيلية.
احتفال خاص بعيد ميلادها وتقدير الجمهور
مع احتفالها بعيد ميلادها، تلقّت عايدة رياض العديد من رسائل الحب والتقدير من جمهورها وزملائها في الوسط الفني، الذين أشادوا بمسيرتها الطويلة وإصرارها على الاستمرار في تقديم الفن بجودة عالية. ورغم سنواتها الطويلة في المجال، لا تزال نجمة قادرة على الإضافة والتميز، لتظل واحدة من الأسماء البارزة التي لا يمكن نسيانها في تاريخ الفن المصري والعربي.
خاتمة
تثبت عايدة رياض أن الفنان الحقيقي لا يُقاس بعدد سنوات عمله، بل بمدى تأثيره وقدرته على التطور والاستمرار. ومع كل عمل جديد، تؤكد أنها نجمة من طراز خاص قادرة على تحدي الزمن والتألق في أي حقبة فنية. هي ليست مجرد ممثلة، بل حالة فنية متميزة ستظل محفورة في ذاكرة السينما والدراما المصرية لعقود قادمة.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: عايدة رياض الفجر الفني
إقرأ أيضاً:
الدكتور سلطان القاسمي.. أيقونة للثقافة والحكم الرشيد
علي بن سالم كفيتان
هناك أناس يطبعون محبتهم ويفرضون احترامهم عليك، حتى ولو لم تلتقِ بهم أو تجالسهم، يكفي أن ترى في وجوههم الصدق وروح الأمانة والإحساس بالمسؤولية، وصاحب السُّمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى لدولة الإمارات العربية المتحدة حاكم إمارة الشارقة، شخصيةٌ يطغى حضورها أينما حلَّ؛ فالرجل يتسم بالعفوية والبساطة وتتملكه روح الأبوة الحانية على كل من يصادفه.
الرجل لديه حضور سياسي لافت وهو مُؤسِّس الشارقة الحديثة التي انتهجت روح الثقافة والأدب والفنون، وأصبحت قِبلة لحجاج المعرفة البشرية بمراكزها الثقافية الفسيحة ومجالسها الأدبية المتعددة وجامعاتها الحديثة، لهذا فلا غرابة أن يتصدر عناوين الأخبار المُتلفزة والصحف الرسمية وفضاءات التواصل الاجتماعي الواسع عندما يحضر إلى مناسبة كبيرة كمعرض مسقط الدولي للكتاب في دورته التاسعة والعشرين. ولا شك أنَّ مسقط لها سحرها لرجلٍ يعرف هيمنة الجغرافيا وروح التاريخ وسُّمو الإنسان، والشيخ سلطان منح الكثير من وقته وفكره ومكانته لنبش كنوز عُمان المنسية في خزائن الإمبراطوريات التي تنافست على حكم الشرق، ونقل لنا عبر سلسلة من المؤلفات القيمة إرثًا إنسانيًا وسجلًا سياسيًا واجتماعيًا لا يُقدَّر بثمنٍ.
التقيتُ الشيخ القاسمي للمرة الأولى والوحيدة في مطلع الألفية الجديدة في قصره الهادئ بالشارقة، على هامش ورشة عمل تنظمها سنويًا هيئة البيئة والمحميات بالشارقة في شهر فبراير من كل عام، لتناقش سُبل حماية وإكثار مفردات الحياة الفطرية في الجزيرة العربية. وعلى ما أذكر كانت هناك امرأة فاضلة من هيئة البيئة والمحميات بالشارقة تُعرِّف بِنَا عند السلام على سُّموه، وأذكرُ أنَّه التفتَ إليَّ وقال: "أنت من ظفار؟" فأومأتُ له بالإيجاب؛ فالرجل عبارة عن عقلية واسعة وذاكرة غنية تستطيع استدعاء الأسماء وتربطها بالجغرافيا في غضون ثوانٍ محدودة. استمعنا بعد ذلك بشغفٍ لحديث شيِّق عن الإرث البيئي في الجزيرة العربية، كان يسلسله الشيخ القاسمي بحُبٍ وهو يستحضرُ الجبال والسهول والوديان والسواحل والخلجان، ويتكلم بلغة الواثق العارِف بتضاريس جزيرة العرب، وأنواع حيواناتها ونباتاتها، وغالبًا ما يذكر عُمان وينظرُ إليَّ حيث كنتُ الثالث إلى يمينه، ويختم حديثه بالتأكيد على أهمية الإرث البيئي وعلاقته بالإبداع الإنساني في الثقافة والآداب والفنون.
ذكر لنا الشيخ القاسمي بعض الأشعار التي تناولتْ جمال الأحياء الفطرية، ومنها الريم والمها وقوة وبسالة النمر العربي، وأردف قائلًا: لا زال هذا الرمز البيئي يعيش بأمان في جبال ظفار ويحظى باهتمام بالغ من قِبل جلالة السلطان، ونأمل أن يستمر وأن تستفيد مراكز الإكثار هنا في الشارقة وبقية دول المنطقة من هذا المخزون الطبيعي، الذي لا نجده إلّا في سلطنة عُمان. وتطرق حاكم الشارقة إلى تجارب التعاون المُثمِر بين عُمان والشارقة في هذا المجال بامتنان عظيم. ونحن في حضرة الشيخ الدكتور سلطان القاسمي لم نكن مُهتمين بفخامة المكان ولا سعته ولا حتى الجانب البروتوكولي، وما يجب عليك فعله؛ فقد كان القاسمي محور المكان بحضوره الرزين، وحديثه الرصين عن موضوع اللقاء.
عقب ذلك، ونحن نغادر القصر، سلَّمتُ عليه بشكل استثنائي، وأذكرُ أنني قلتُ له: "أَمتعتْنِي الرواية التاريخية عن الشيخ الأبيض"، فضحك، وقال: "لديَّ مشاريع أخرى لروايات مُماثلة؛ فالتاريخ جامد إذا كان فقط أحداثًا وتواريخَ، وتظل السردية التاريخية للأحداث أقرب وأسهل للمُتلقِّي من العامة".
الدكتور القاسمي شخصيةٌ استثنائيةٌ في محبته لعُمان وسلطانها وشعبها، وتربطه علاقة وطيدة وراسخة بها، وما كان استقبال المقام السامي لسُّموه قبل أيام، إلّا تتويجًا للمكانة الرفيعة التي تربطه بعُمان وبجلالة السلطان المعظم وشعب عُمان؛ فهذه العلاقة الوطيدة عبَّر عنها اللقاء الحميم؛ فكِلا الرجلين (جلالته وسُّموه) يعرفان قيمة التاريخ والإرث البشري في منطقتنا، ويُقدِّران أي جهدٍ لتوثيقه وحمايته من النسيان والاندثار. وكما قال سموه في أحد أحاديثه المُتلفزة "تاريخ عُمان كله مُشرِّف"، فهُم الذين تصدُّوا للغُزاة والطامعين وأسسوا أقدم كيان سياسي في جزيرة العرب، ما يزال يحكم إلى اليوم، وهم من خاطبهم سيد الخلق محمد بن عبدالله- عليه أفضل الصلاة والسلام- ضمن ملوك وأباطرة ذلك الزمان، للدخول في الإسلام؛ فأجابوه دون أن يطأ بلادهم خُف ولا حافر، وأثنى عليهم في حديثه- عليه الصلاة والسلام- حيث قال: "لو أنَّ أَهْلَ عُمَانَ أَتَيْتَ ما سَبُّوكَ وَلَا ضَرَبُوكَ".
يُمثِّل سُّمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي روح الإمام العادل، وهذا ما يفيضُ من خلال لقاءاته وأحاديثه، لأهمية الالتفات إلى رفع المستوى المعيشي للمواطنين، وأن يعيش الإنسان بكرامة، وهذا ما ترجمه سموه في عدة أوامر وتوجيهات انعكست خيرًا على أهل الشارقة، وبلغت كذلك التفاتاته الكريمة خارج نطاق الإمارة، وحتى الدولة، لتبلُغ المحتاجين والمعوزين في مختلف بقاع الدنيا.
حفظ الله سُّموه، ولا شك أن عُمان ستظل مُمتنةً لكل حرفٍ يكتبه وكل حديث يُدلي به عنها.
رابط مختصر