عمر خيرت: أبوظبي عاصمة الثقافة والفن
تاريخ النشر: 24th, January 2025 GMT
تامر عبد الحميد (أبوظبي)
أخبار ذات صلة «الشارقة للفنون» تعلن الفائزين بمنحة إنتاج الأفلام القصيرة انطلاق فعاليات «الشارقة للأدب الأفريقي» اليومتشهد جزيرة السعديات في أبوظبي، استضافة الموسيقار والملحن الأسطوري عمر خيرت لإحياء أمسية فنية استثنائية 1 فبراير المقبل، ضمن حفلات النسخة الثانية من مهرجان «ليالي السعديات» الذي يقام على مسرح خارجي مفتوح، ويشارك فيه نخبة من نجوم الموسيقى والغناء من مختلف أنحاء العالم، احتفاء بالموسيقى والثقافة العربية والعالمية، وبهدف تسليط الضوء على مكانة أبوظبي الرائدة بوصفها «مدينة الموسيقى» من منظمة «اليونيسكو».
مكان ملهم
أعرب خيرت عن سعادته لاستضافته في «ليالي السعديات»، وقال: «أبوظبي مدينة آسرة حقاً، ومنذ اللحظة التي وصلت فيها، أذهلني مزيجها الفريد من الحداثة والتقاليد، ورؤية أفق المدينة الخلابة، لكن ما أذهلني أكثر هم أهل الإمارات بدفئهم وكرمهم وحُسن ضيافتهم».
وأضاف: «كمؤلف موسيقي، يتردد صدى الثقافة والفن هنا في العاصمة الإماراتية، ويشرفني أن أقوم بتأدية مؤلفاتي الموسيقية في مثل هذا المكان الملهم والنابض بالحياة، وقد حظيت سابقاً بفرصة زيارة عدد من المعالم السياحية في أبوظبي، واستمتعت بالتصاميم الهندسية المعمارية المذهلة لجامع الشيخ زايد الكبير، والتي كانت بالنسبة لي تجربة ملهمة لا تُنسى، بالإضافة إلى زيارة (متحف اللوفر - أبوظبي) قبل عامين، ومشاركتي في الاحتفال بالذكرى السنوية الخامسة الخاصة به، فهذه المدينة الجميلة تحتفي بثقافتها بطريقة رائعة، وتحتضن العالم الحديث بأجمل أسلوب».
أعمال أيقونية
خيرت الذي تم اختياره شخصية العام الثقافية لعام 2023 ضمن «جائزة الشيخ زايد للكتاب»، ويتم الاحتفال بمؤلفاته في مختلف أنحاء العالم، أكد أنه سيقدم خلال الحفل لجمهور العاصمة الإماراتية، مجموعة من أعماله الأيقونية التي يمزج فيها بين العناصر الكلاسيكية الغربية والإيقاعات والألحان الممزوجة بالتقاليد الشرقية، إلى جانب مقطوعاته الشهيرة التي قدمت في العديد من الأفلام والمسلسلات، منها «قضية عم أحمد»، «ضمير أبلة حكمت»، «عفواً أيها القانون»، «البخيل وأنا»، «الجزيرة»، «الرهينة»، و«سكوت ح حنصور».
عودة بالذاكرة
خيرت الذي تركت موسيقاه بصمة لا تمحى في عالم المؤلفات السيمفونية والمقاطع الموسيقية الشهيرة في مجالي الدراما والسينما، يعود بالذاكرة إلى الوراء، ويستعيد بداية علاقته وشغفه بالموسيقى، وقال: «بدأت علاقتي بالموسيقى في سنٍ مبكرة، حيث كنت أستمع إلى والدي، وهو يعزف على البيانو مقطوعات لـ (موزارت) و(بيتهوفن) و(شوبان)، وكانت هذه الألحان تملأ المنزل وكأنها تتحدث إليّ بلغةٍ عميقة لا يفهمها إلا القلب، كل نغمة تحمل في طياتها عوالم من المشاعر، وعندما كان ينتهي من العزف، كنت أجلس أمام البيانو، وأحاول تقليد تلك النغمات فأبتكر شيئاً خاصاً بي».
واستطرد: «كان عمي أبو بكر خيرت يأخذني وإخوتي للاستماع إلى مؤلفاته السيمفونية في كل حفلاته الموسيقية، فكانت تلك اللحظات الأولى التي أدركت فيها أن الموسيقى ليست مجرد أصوات، بل هي لغة حية أستطيع من خلالها التعبير عن ذاتي».
جوهر الإبداع
لا توجد طريقة أو عملية محددة لتأليف الموسيقى، وهذا ما يجعلها رحلة جميلة غير متوقعة، بهذه العبارة بدأ خيرت يتحدث عن تأليفه للموسيقى، وقال: «غالباً ما أبدأ في تأليف مقطوعة موسيقية من خلال موضوع صغير يخطر ببالي فجأة، ثم تتطور تدريجياً إلى لحن، لتصبح في النهاية مقطوعة موسيقية كاملة، فلا يتعلق الأمر بالموضوع في كل الأحيان، فيمكن أن يكون ناتجاً عن عاطفة أو موقف معين أعيشه، وقد يختلف الأمر في كل مرة أجلس فيها لتأليف مقطوعة موسيقية، وهذا هو جوهر العملية الإبداعية».
وتابع: «الموسيقي ليست شيئاً يمكن التخطيط له أو هيكلته بطريقة ثابتة، لهذا السبب أحبها لأنها دائماً ما تكون بمثابة اكتشاف جديد».
منظور فني
تجمع مؤلفات خيرت الموسيقية بين العناصر الكلاسيكية الغربية وأنماط الموسيقى الشرقية التقليدية، كما هو الحال في مقطوعة مسلسل «فاطمة»، ومن منظور فني حول كيفية تحقيقه لهذا الاندماج، قال: «تأثرت بالموسيقيين العظماء، والأمر ليس مجرد تقليد لهم، بل كان هذا التأثير بوابتي لفهم عمق الموسيقى الكلاسيكية الغربية، فإن دراستي الأكاديمية للموسيقى الكلاسيكية واتصالي بتراثنا الموسيقي الشرقي الغني والمليء بالعواطف والإيقاعات، هو ما أدى إلى هذا الاندماج الرائع، فقد تشكّلت هوايتي الموسيقية من خلال هذا المزيج الفريد الذي اعتدت الاستماع إليه مع والدي وعمي عندما كنت طفلاً، بالإضافة لحب الموسيقى الشرقية الذي كان ينمو بداخلي، حيث وجدت أن البيانو هو الوسيلة المثالية للتعبير عن هذين الأمرين، حيث يمكنني دمج دقة وتعقيد الموسيقى الغربية مع الروحانية والعاطفة في الموسيقى الشرقية، وهذا مكنني من ابتكار وتأليف مقطوعات موسيقية تأسر الجمهور وتثير عواطفهم».
تقنيات حديثة
عن رأيه في تطور الموسيقى التصويرية في الأفلام، أوضح خيرت أن التكنولوجيا الحديثة فتحت العديد من الاحتمالات الجديدة، ما جعل عملية تأليف وتسجيل وإنتاج الموسيقى أسهل من قبل، وقال: «هذا المجال يتطور بسرعة، ونشهد ظهور جيل جديد من الملحنين الموهوبين، يصعدون بثبات ويتركون بصماتهم على الساحة الفنية، فإن استخدام التقنيات الحديثة لعب دوراً مهماً في هذا التطور، وسمح بإنشاء مشاهد صوتية أكثر تعقيداً وتنوعاً، حتى أصبحت الموسيقى الآن تتمتع بالقدرة على دعم وتعزيز رواية القصص بطرق لم تكن ممكنة من قبل، وأعتقد أن هذا الاتجاه سيستمر في النمو، ما يجلب المزيد من الإبداع إلى السينما العربية».
تجربة فريدة
أكد الموسيقار عمر خيرت، أن الموسيقى ليست مجرد نوتات، بل هي شعور ووسيلة تواصل تعبر عن أحلام وآمال الناس، وهذا ما سعى إلى تحقيقه في كل عمل موسيقي أنجزه، حيث كانت بداياته في الموسيقى الكلاسيكية الغربية، وانجذب في شبابه إلى موسيقى الجاز التي كانت مليئة بالحيوية والابتكار، من خلال انضمامه إلى فرقة
(Les Petits Chats)، «وهي فرقة مصرية ظهرت في الستينيات»، وكان عازف طبول في تلك الفرقة، واعتبرها تجربة فريدة في مسيرته المهنية، وكان الجاز بالنسبة له شكلاً من أشكال الحرية الفنية، حيث سمح له باستكشاف عوالم إيقاعية جديدة والارتجال الفنّي بحرية، دون اعتماد القواعد الصارمة التي اعتاد عليها في الموسيقى الكلاسيكية، وساعده هذا التنوع الموسيقي في تكوين رؤية فنية أعمق وأشمل، ما جعله أكثر مرونة في التعامل مع الألحان والإيقاعات، وهذا ما كان يهدف للوصول إليه في التأليف الموسيقي وهو الجمع بين الثقافات والعصور، والتحدث إلى قلوب الناس، بغض النظر عن خلفياتهم أو ثقافاتهم.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: عمر خيرت أبوظبي الإمارات السعديات جزيرة السعديات الموسيقى من خلال
إقرأ أيضاً:
طرابلس عاصمة المعارضة الجديدة
كتب سامر زريق في" نداء الوطن": في الأحاديث المنتشرة في الأوساط السياسية، والتي يُنسب بعضها للدائرة المقرّبة من الرئيس المكلّف نواف سلام، وبعضها الآخر يُسرّ به في "الحضرة" السياسية التقليدية، أن سلام لا يعبأ بالساسة السنّة لـ "ثقته" بأن جميع نوّابهم، ما خلا الممانعين الخُلُص، سيمنحون حكومته "الثقة" تحت تأثير الـ "عصا" إيّاها، لذلك يجد نفسه متحرّراً من أيّة قيود في تسمية الوزراء السنّة.
وحينما أثار بعض النوّاب ضجيجاً اعتراضياً، اجتمع بهم بقصد الحؤول دون تشكّل حالة اعتراض في الشارع، وقال لهم بصراحة إنه هو من يسمّي كل الوزراء، ولن يأخذ من الأحزاب أسماء أو توصيات إزاء الحقائب، وكان واضحاً أمام بعض النوّاب، وشخصيات مستقلة، بأنه سيسمّي شخصيات سنّية من خارج دائرة التقليد والمتداول، وغالباً من العاملين في المهاجر.
أحد النوّاب ذكّره بأنّ البلاد تواجه ظروفاً استثنائية وتحوّلات كبرى ستفرض على حكومته اتّخاذ قرارات سياسية صعبة تستوجب أن يكون الوزير "مُسيّساً"، فكان جواب الرئيس المكلّف أن السياسة عنده، وأن مقام رئاسة الحكومة هو من سيقود المقاربة السياسية كلها.
لا ريْب في أن كلّ السنّة يقرّون بمرجعية السعودية، وحتى القريبين من الممانعة، لكنّ ذلك لا يعني أبداً الركون إلى الاستسلام والخروج من الحلبة السياسية. وإذا كان الرئيس المكلّف "يتّكئ" على "عصا" الدعم العربي والدولي للقفز فوقهم، فإنه لا يَسَعُه توظيفها في اليوميات السياسية لحكومته. وبالتالي ثمّة هامش سيُعمل على توسيعه لتكوين معارضة تبدأ ناعمة، و "تتخوْشن" مع الوقت كلّما اقتربت الانتخابات النيابية، خصوصاً مع وجود عناصر شديدة الحساسية يمكنها رفد الخطاب السياسي لتزخيمه ومنحه موثوقية الناخبين، ومنها "مدنية" الرئيس المكلف وموقفه من المؤسسة الدينية، والذي تنبّه لتوظيفه من قبل معارضيه، فسارع للاتصال بمفتي الجمهورية. ناهيكم بقضايا بدأ الترويج لها، مثل موافقته على إقرار الزواج المدني، الذي أصاب شعبية الرئيس سعد الحريري بالضرر في وقت سابق، رغم كل ما كان يتمتع به من أدوات سياسية ليست متاحة لسلام.
اللافت في هذا المناخ المعارض "قيد التكوين" هو صيرورة طرابلس عاصمته وعصبه، الأمر الذي يضع الرئيس المكلّف أمام تحّدٍ يستوجب التعاطي معه بحنكة شديدة، بدءاً باسم الشخصية الوزارية التي ستمثل الشمال، وضرورة إدراك التعقيدات الهوياتية السنية في "شمال المواجهة".
فما هو مقبول في بيروت قد يكون شرارة غضب جماهيري واسع في طرابلس، يُعقّد عمل الحكومة، خصوصاً عندما يكون الكلّ متربّصاً تبيان خيطها الأبيض من الأسود كي تُستلّ السيوف من أغمادها، بما فيها "سيف دمشقي" يمتشقه الحريري "فتى السنّة الأغرّ" في عكار وإلى حدّ ما عاصمة الشمال وما بينهما.