باريس- ضمن فعاليات واجتماعات المنتدى الاقتصادي العالمي الذي تستضيفه مدينة دافوس بسويسرا، صرح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بأن "علامة الاستفهام الحقيقية تكمن في سوريا"، في إشارة منه إلى السؤال الذي تطرحه الدول الغربية بشأن المستقبل الديمقراطي بعد سقوط نظام بشار الأسد.

وبعد تعليق غوتيريش بساعات قليلة، حاول وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال السورية أسعد حسن الشيباني تقديم بعض الإجابات في حديث جمعه مع رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، الأربعاء، مشددا على ضرورة رفع العقوبات الاقتصادية عن دمشق باعتباره "مفتاح الاستقرار" في بلاده التي مزقتها الحرب لعدة سنوات.

رفع العقوبات

وقال وزير الخارجية السوري -الذي تولى منصبه منذ أسابيع- إن "سبب هذه العقوبات يوجد الآن في موسكو"، في إشارة إلى الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد الذي لجأ إلى روسيا بعد سقوط حكمه.

وأوضح الشيباني أن "الشعب السوري لا ينبغي أن يعاقب بهذه العقوبات"، مضيفا "ورثنا دولة مدمرة ولا يوجد نظام اقتصادي"، معربا عن أمله في أن "يكون الاقتصاد مفتوحا في المستقبل".

ويعتبر رئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني أنه من الطبيعي أن تقطع الدول علاقتها السياسية مع نظام الأسد، وتفرض عليه عقوبات اقتصادية وسياسية وعسكرية، "لكن مع توقف القصف الكيميائي والتعذيب وتدمير المدن والتشريد القسري، أصبح من الضروري رفع العقوبات" حسب قوله.

إعلان

كما يعتقد عبد الغني، في حديثه للجزيرة نت، أن الغرب يجب أن يتجاوب بشكل أفضل بكثير مع مطلب رفع العقوبات، لأنها فُرضت على النظام السوري بسبب الانتهاكات وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي مارسها في ظل حكم بشار الأسد.

وكانت الدول الغربية، بما فيها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، قد فرضت عقوبات على حكومة الأسد بعد القمع الدموي للاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية منذ عام 2011، وما تبعه من مقتل أكثر من نصف مليون سوري ونزوح الملايين.

وتعليقا على تصريحات الشيباني، يرى أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأميركية بباريس زياد ماجد أن أداء وزير الخارجية "كان جيدا وأتقن فن الخطابة أمام الحضور في مؤتمر دافوس، الذي يشكل المكان الأنسب للحصول على الاستثمارات وبناء علاقات مع رجال الأعمال، وعدد من الدول التي يمكن أن تهتم بالاستثمار في سوريا".

وأضاف ماجد للجزيرة نت أن "مضمون الحوار كان مقبولا واللغة واضحة"، معتبرا أن المقارنة مع سنغافورة والسعودية قد لا تكون دقيقة، وقال "أظن أنه يعني مفهوم الاستقرار والاستثمارات وعمل الدولة، إلا أن ظروف سوريا مختلفة تماما عن سنغافورة وأسواقها المالية، أو عن الاقتصاد السعودي القائم على النفط، لكنه ذكر قطاعات أخرى يمكن العمل على تطويرها، مثل الصناعة والسياحة وبعض الخدمات".

رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير (يسار) حاور وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني في منتدى دافوس (الأناضول) وصاية وابتزاز

وقد وصف رئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان مراقبة الدول الغربية للوضع السوري، المعتمد على التزام البلاد من عدمه لرفع العقوبات، بـ"الوصاية والابتزاز"، موضحا أن "الأصل أن تُرفع العقوبات لأن الانتهاكات التي قام بها نظام الأسد توقفت، وفي حال انتهك النظام السوري الجديد جرائم فظيعة، فحينئذ يجب التحقق منها أولا والتصرف على ذلك الأساس".

إعلان

وتابع "يمكن للدول الغربية اتخاذ خطوات أولية وتدريجية في الوقت الحالي، لأن سوريا بحاجة إلى استقرار وضخ الأموال لإنعاش اقتصادها ودفع الرواتب وتحسين معيشة الشعب".

وبحسب أستاذ العلوم السياسية، فإن الشيباني نجح في الردّ على أسئلة رئيس الوزراء البريطاني الاسبق بشكل دبلوماسي، معتبرا أنه "من حيث الشكل، نحن أمام عودة سورية إلى محفل دولي مهم، مما يعني اعترافا دوليا أيضا بمشروعية المرحلة الانتقالية السورية ولرموزها".

ويعتقد المحلل السياسي أن التركيز على مسألة العقوبات في محله، لأنه "من دون رفع للعقوبات سيبقى موضوع الاستثمارات وإعادة الاعمار عملية صعبة ومعقدة وبعيدة المنال".

وفي زاوية تحليلية أخرى، أكد ماجد أنه "لا يجب لوم الوزير السوري لجلوسه مع بلير، رغم كونه واحدا من الذين شاركوا بحرب خارج القانون الدولي، وهو متهم كما الرئيس الأميركي السابق جورج بوش بارتكاب فظائع في تلك الحرب، لكن المشاركة عادة لا تستطيع أن تملي من يكون المضيف أو المحاور".

مفتاح الاستقرار

وفي معرض حديثه عن المخاوف التي تطرق إليها عدد من المسؤولين الغربيين بشأن تمثيل الأقليات وحقوقها، قال وزير الخارجية السوري "إنهم يسألوننا طوال الوقت عن كيفية ضمان حقوق هذه المجموعة أو تلك، وكيفية ضمان حقوق المرأة؟ سنكون جميعا تحت سيادة القانون والدستور في سوريا".

وفي هذا الإطار، سلّط فضل عبد الغني الضوء على ارتباط الانفتاح السياسي بالاقتصاد، بالقول إنه "عندما يتعلق الأمر بالتعاون الاقتصادي، يمكن للغرب فرض شروطه، بما فيها الالتزام والاستقرار السياسي، على عكس العقوبات، لا يمكن للدول أن تشترط أي شيء، لأنها بحد ذاتها أداة عقاب ومحاسبة على الانتهاكات".

ويعتبر الحقوقي السوري أن الاستقرار السياسي يتمثل في ابتعاد النظام الجديد عن الاستبداد، وتركيزه على احترام التعددية السياسية وحقوق الإنسان والانفتاح على كل أطياف الشعب السوري، "مع ضرورة ثقته بأطراف أخرى مثل الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني وخبراء، وهذه الثقة لا نراها بعد في الحكومة الحالية"، على حد قوله.

إعلان

وبالتالي، يطالب عبد الغني الحكومة السورية بتشكيل مجلس أو هيئة حكم لمشاركتها في قراراتها السياسية، معتبرا أن هذه الخطوة ستساعد الدول في الانفتاح على سوريا اقتصاديا.

وفي انتظار الانتخابات والدستور، أكد الدكتور زياد ماجد أهمية تعامل رموز المرحلة الانتقالية مع المجتمع الدولي "بلغة تجذب فهما جديدا لسوريا، وتكرّس طي صفحة الماضي، وتنفتح على الأفق المستقبلي"، مشيرا إلى أن متابعة السوريين لتصريحات ممثلي هذه المرحلة، بالدعم أو النقد أو المعارضة، "دليل على حيوية وعودة إلى الحياة السياسية".

وحسب ماجد، فإن "مسألة مشاركة المرأة تحتاج إلى تركيز إضافي، ليس فقط من خلال ذكر السيدة المؤتمنة على المصرف المركزي السوري اليوم، لكن أيضا من خلال الاهتمام بكل مفهوم المشاركة، بشكل لا يقتصر فقط على وصفه كفرصة أو انفتاح، بل بكونه شرطا أساسيا لإقامة المجتمع السوري ودولته من جديد".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات وزیر الخارجیة رفع العقوبات عبد الغنی

إقرأ أيضاً:

وزير الخارجية السوري يطالب من دافوس برفع كامل العقوبات عن بلاده

شدد وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني على أن رفع العقوبات التي فُرضت على دمشق خلال عهد الرئيس المخلوع بشار الأسد هو "مفتاح استقرار" البلاد، وذلك في مداخلة خلال المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بسويسرا الأربعاء.

وقال الشيباني، في حوار مع رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، إن "رفع العقوبات الاقتصادية هو مفتاح استقرار سوريا"، مضيفا "يجب أن يتم رفعها قريبا لأنها فُرضت في الماضي لصالح الشعب السوري، لكنها الآن ضد الشعب السوري".

وقال الوزير، إن لجنة خبراء من مختلف مكونات الشعب السوري ستعمل على صياغة دستور بعد إجراء حوار وطني.

وأشار الشيباني إلى أن سوريا ستفتح اقتصادها أمام الاستثمار الأجنبي، كما قال إنها تعمل على إقامة شراكات مع دول خليجية في قطاع الطاقة والكهرباء في سوريا.

رسائل واضحة

وفي مقابلة مع صحيفة "فايننشال تايمز"، قال الشيباني إن رؤية رئيس النظام المخلوع، بشار الأسد، "كانت تتلخص في دولة أمنية، أما رؤيتنا فهي التنمية الاقتصادية"، مضيفا أنه "لا بد من وجود قانون ورسائل واضحة لفتح الطريق أمام المستثمرين الأجانب، وتشجيع المستثمرين السوريين على العودة إلى سوريا"، بحسب ما أورده تلفزيون سوريا اليوم الأربعاء.

إعلان

ووفق الشيباني، فإن هذه التحديات والأضرار تشمل اكتشاف ديون بقيمة 30 مليار دولار لإيران وروسيا، واحتياطيات أجنبية غير موجودة في البنك المركزي، وتضخم رواتب القطاع العام، وانحدار قطاعات الإنتاج مثل الزراعة والتصنيع، التي أهملتها وقوّضتها سياسات عهد الأسد الفاسدة.

وأشار الشيباني إلى أن "التحديات المقبلة هائلة، وسوف تستغرق سنوات لمعالجتها"، موضحا أن الحكومة الجديدة "تعمل على تشكيل لجنة لدراسة الوضع الاقتصادي والبنية الأساسية في سوريا، وستركز على جهود الخصخصة، بما في ذلك مصانع الزيوت والقطن والأثاث".

وسياسيا، قال وزير الخارجية السوري إن الحكومة الجديدة لا تخطط لتصدير الثورة أو التدخل في شؤون الدول الأخرى.

كما جدد الشيباني التعهد بضمان حقوق الأكراد في الدستور الجديد وتمثيلهم في الحكومة، معتبرا أن وجود قوات سوريا الديمقراطية لم يعد له مبرر في البلاد.

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية السوري: إدارة ترامب على تواصل مع القيادة السورية الجديدة
  • وزير الخارجية السوري: نخطط لتفكيك النظام الاشتراكي في بلادنا
  • الشيباني: رفع العقوبات الاقتصادية "مفتاح استقرار" سوريا  
  • الشيباني من «دافوس»: رفع العقوبات مفتاح استقرار سوريا
  • وزير الخارجية السوري يطالب من دافوس برفع كامل العقوبات عن بلاده
  • الشيباني: رفع العقوبات الدولية هو “مفتاح استقرار” سوريا
  • خارجية السعودية تدعو لرفع العقوبات عن سوريا.. ماذا عن احتمالات الحرب بين إيران والاحتلال؟
  • الشيباني: الأكراد في سوريا يضيفون جمالاً وتألقاً لتنوع الشعب السوري
  • الشيباني يطمئن أكراد سوريا