بوابة الوفد:
2025-04-08@22:05:10 GMT

الشائعات والحرب النفسية

تاريخ النشر: 23rd, January 2025 GMT

برزت فى عالم اليوم جوانب عديدة للحروب، منها: الحرب النفسية، والحرب الإعلامية، والحرب الإلكترونية، وحرب العصابات والميليشيات، وحرب الشائعات، التى يشوه فيها الوطنيّون الشرفاء، ويُدعم فيها الخونة والعملاء لأعداء أوطاننا وأمتنا العربية والإسلامية.

ولم يعد تشكل الجيوش فى الحاضر كتشكيلها فى الماضى، حيث كانت الجيوش فى السابق تقسم على خمسة أقسام هى: المقدمة، والمؤخرة، والميمنة، والميسرة، والقلب، غير أن تشكيل الجيوش صار فى عالم اليوم مختلفًا، وصارت الحرب الفكرية والنفسية والمعلوماتية هى المقدمة الحقيقية التى تعمل الدول على هزيمة أعدائها نفسيًا من خلالها، لتصبح فريسة سانحة وصيدًا سهلاً عند دوران عجلة الحرب العسكرية إنْ اضطرت إليها، ذلك أن أكثر الدول المعتدية الآثمة ترى أن إسقاط الدول من داخلها بأيدى بعض الخونة من أبنائها والمرتزقة المأجورين معهم أقل كلفة بكثير من الحروب التقليدية.

ولا شك أن بناء الوعى الرشيد يعد أحد أهم الأسلحة إن لم يكن أهمها فى مواجهة تلك التحديات، ولا سيما مخاطر الإرهاب والفكر المتطرف والجماعات المتطرفة، والشائعات الكاذبة الهدامة، فكل جملة وعى مستنير يمكن أن توفر نقطة دم فى المواجهة، فلم تسقط دولة عبر التاريخ إلا كان التآمر وخيانة بعض أبنائها أو تخاذلهم عن نجدتها والدفاع عنها أحد أهم عوامل سقوطها، فالعدو المتربص إنما يتمكن من الدول التى يصيبها التفسخ والتناحر والشقاق، ولا شك أن نشر الشائعات أحد أهم أسلحته فى ذلك.

وهو ما يستدعى فهم الآتى بدقة:

١ - أن الحرب النفسية تعد من أهم الوسائل الرئيسية لحروب الجيل الرابع التى يستخدمها أعداؤنا فى توظيف وتجنيد الإرهابيين لتحطيم الجبهة الداخلية فى دولنا، والتشكيك فى قدرات الدولة الوطنية ومنجزاتها ومؤسساتها، مستخدمين فى ذلك مواقع التواصل الاجتماعى، والفضائيات لترويج الأكاذيب، من خلال استخدام سلاح المال، والعملاء.

2- أن تلك الحملات الهدامة التى تروج للشائعات والفكر المتطرف ممولة ومدعومة بإمكانات ضخمة، عبر بعض الفضائيات وكثير من مواقع التواصل، وهو ما يدخل فى إطار الإرهاب المعلوماتى، ويرتبط هذا الأسلوب إلى حد كبير بالمستوى المتقدم الذى أصبحت تكنولوجيا المعلومات تؤديه فى كل مجالات الحياة.

وأؤكد أن حيل الأعداء لإسقاط منطقتنا وإفشال دولها الواحدة تلو الأخرى لم ولن تنتهى أو تتوقف، مستخدمين كل ما يمكن أن يطلق عليه حروب الجيل الرابع والجيل الخامس، إلى ما يمكن أن نعتبره حالة خاصة صنعت لإنهاك منطقتنا واستنزاف مواردها، من خلال استخدام كل الوسائل غير المشروعة من توظيف الإرهاب وتبنى الإرهابيين ودعمهم، وتعظيم أمر الخيانات، وشراء الولاءات، ومنهجة استخدام سلاح الشائعات، وتُوظيف الكتائب الإلكترونية، والمحاولات المستميتة فى إثارة الشعوب وتأليبها على حكامها، وتشويه الرموز والمكتسبات الوطنية، والتشكيك فى كل الإنجازات والتهوين من أمرها، ومحاولة كسر إرادة الشعوب، والتشكيك فى العلماء والمفكرين والمثقفين الوطنيين، ودعم مناوئيهم، وتوجيه رسائل التهديد المبطنة تارة والصريحة أخرى للمتمسكين بمبادئهم المخلصين لأوطانهم الحريصين على أمنها واستقرارها.

٣- أن الخطر كل الخطر هو أن نقف موقف المتفرج أو المتردد، بل يجب أن نكون فى سباق مع الزمن، ونقدر مخاطر الظرف الراهن لأمّتنا، وأن يعمل كل المعنيين ببناء الوعى الغيورين على أوطانهم المدركين لحجم التحديات على تحصين أوطاننا من مخاطر السقوط أو الوقوع فى فخ الهزيمة النفسية، مع الحرص على دعم جيوشنا الوطنية لتظل قوة ردع وحائط صد عن أوطاننا وأمتنا وعزتنا وكرامتنا بل وحياتنا وأعراضنا ومقدراتنا الوطنية.

٤- التصدى بقوة وحزم لتلك الشائعات الكاذبة ومروجيها، وبيان خطورتها على أمن الوطن واستقراره، فقد وصف القرآن الكريم كل من يعمد إلى نشر الأخبار الكاذبة بالفسق فقال سبحانه: «يا يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ»، ويقول نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم: «كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع»، ويقول صلى الله عليه وسلم: «وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقى لها بالا يهوى بها فى جهنم».

 

الأستاذ بجامعة الأزهر

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: عالم اليوم الحرب الإلكترونية الحرب النفسية

إقرأ أيضاً:

هجينية الصراع

أبريل 8, 2025آخر تحديث: أبريل 8, 2025

د. محمد وليد صالح

كاتب عراقي

صالحة سواء أكانت في أوقات الحرب أم السلم ولكنها ترد دائماً في سياق النزاع وهي إن فكرة حرب المعلومات، لأن جميع وسائل الإعلام بما فيها الصحف والملصقات والمنشورات والتلفزيون والسينما والتصوير وأيضا الرقمية على شبكة الإنترنت من اتصالات وشبكات اجتماعية ومدونات وصحف إلكترونية ومنتديات، الجمهور المستهدف أولاً هم المقاتلين حلفاء أم أعداء، في الأمام أو الخلف في سياق الحرب الشاملة والرأي العام.

تحديات جديدة طرحتها العولمة الإعلامية حاملة معها أنواعاً جديدة من الأسلحة الناعمة التي أصبحت معروفة باسم “الأسلحة الإعلامية”، وأصبحت تستخدم في الحروب والصراعات، لتأخذ حيزاً هاماً من تفكير بعض الدول في العالمين المتقدم والأقل نمواً على حد سواء، وأنشأت له المؤسسات المتخصصة، ودفعت المشكلة ببعض الدول للعمل الجاد من أجل تأمين وسائلها الإعلامية لصون الحقوق والمحافظة عليها من التطاول والاعتداء والتخريب.

وهو ما يدعو للقيام بدراسة وتسليط الضوء على إشكالية تعريف مصطلح العولمة وعلاقتها بالدولة والسيادة الوطنية وموقف منظمة الأمم المتحدة من تلك القضايا، وتحديات التفوق في تكنولوجيا الاتصال، خاصة وأن البنى الإعلامية الدولية أصبحت اليوم فوق سيادة الدولة بمفهومها التقليدي، مما خلق تهديدات لـ(العولمة الإعلامية)، باتت بعض الدول شبه مسيطرة على الموارد الإعلامية للغير عن طريق قنوات الاتصال، إذ أتاحت الشبكات الاجتماعية والمنصات الرقمية الأخرى للأفراد الحصول على المعلومات المتنوعة والمتجددة بسهولة كما يمكن للناس متابعة الأحداث السياسية الجارية والتفاعل معها، والمشاركة في محتوى النقاشات العامة وتبادل الآراء والأفكار والمعلومات مما يسهم في إثراء الحوار وتوسيع آفاقه.

ولتوضيح الصورة بقدر أكبر لابد من تسليط الضوء على انتقال رسائل الإعلام ودورها في خدمة الدول الصناعية المتقدمة وإدارة الصراع بين القوى العالمية، وهو ما يتطلب التعرض لمشكلة تأمينها الوطني والدولي، والحرب الإعلامية ومجالات تأثير الصراع الدولي، من خلال تهديداته للأمن الإعلامي، والتعرض للخصائص الأساسية للأسلحة الإعلامية وأهدافها في: مجالات استخدامها ومجالات الرقابة أو الإشراف عليها؛ وسيناريوهات هذه الحرب، واصبحت سمة العصر الحالي هي بروز الحرب الرقمية واستعمال الشائعات فيها، لتهديد الأمن والسلم المجتمعي وظهور الحرب النفسية التي تستهدف الجانبين المعنوي والمادي لدى هذه المجتمعات وإثارة الانقسامات الداخلية، بهدف تفكيك الدول والقضاء على مؤسساتها وتمزيق وحدة نسيج المجتمع والأرض التي يعيش عليها.

ولهذا كان لا بد من تناول المشكلة سواء من وجهة نظر المعارضين للمشكلة أساساً وينفون وجودها، أم من وجهة نظر أولئك الذين تنبهوا لها وباتوا يطالبون بإيجاد الحلول لها ضمن الشرعية الدولية واحترام سيادة الدول، فالمشكلة من وجهة نظر البحث العلمي تعتمد على واقعية ظروف العولمة والتفاهم الدولي.

مقالات مشابهة

  • هجينية الصراع
  • الجماعات المتطرفة في الدول الأفريقية تلجأ للنهب والسرقات لتمويل أنشطتها.. والتحالف الدولي يؤكد التزامه بتجفيف المنابع
  • لقاء ترامب ونتنياهو.. خيبة أمل من تجاهل الأسرى والحرب
  • أبناء المنوفية يحتشدون في العريش دعما للدولة المصرية ورفضا للتهجير
  • كيف يمكن لمصر أن تردع العدو الصهيوني دون حرب في 7 أيام؟
  • الإعلام والحرب: “الرسالة دي للقائد الأمير حميدتي حفظه الله وصولها ليهو” (2-2)
  • المعارضة الإسرائيلية: نتنياهو غير صالح لقيادة تل أبيب فى الحرب ولا يمكن الوثوق به
  • الإعلام والحرب: “الرسالة دي للقائد الأمير حميدتي حفظه الله وصولها ليهو” (2/2)
  • الإعلام والحرب: ملحقون إعلاميون أم رسالة إعلامية؟ (1-2)
  • الإعلام والحرب: ملاحق إعلامية أم رسالة إعلامية؟ (1/2)