بغداد- يشهد سوق العقارات العراقي جدلا واسعا بعد صدور قرار البنك المركزي بحظر بيع العقارات التي تتجاوز قيمتها 100 مليون دينار (76 ألف دولار) إلا عبر المصارف.

ويتوقع خبراء أن يؤدي هذا القرار إلى انخفاض الطلب على العقارات وزيادة تكلفة المعاملات، مما قد يؤثر سلبا على القطاع العقاري.

وانقسمت الآراء بشأن القرار، ففي حين يرى البعض أن هذا القرار خطوة إيجابية لمكافحة الفساد يرى آخرون أنه سيؤدي إلى تجميد السوق العقاري وزيادة الأعباء على المواطنين.

وأصدر البنك المركزي في كتاب رسمي في وقت سابق توجيهات إلى دائرة التسجيل العقاري تقضي بحظر بيع العقارات التي تتجاوز قيمتها 100 مليون دينار.

ووفقا للآلية والتعليمات الجديدة، لا يمكن بيع العقارات إلا عبر المصارف بهدف الحد من عمليات غسيل الأموال.

المركزي العراقي قرر حظر بيع العقارات التي تتجاوز قيمتها 100 مليون دينار إلا عبر المصارف (الجزيرة) توضيح "المركزي"

بدوره، أوضح حسين علي معاون مدير مكتب مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب التابع للبنك المركزي الأسباب التي دعت إلى اتخاذ هذا القرار، مؤكدا أن القرار لم يأتِ بشكل مفاجئ أو عشوائي، بل هو نتاج دراسات وتجارب امتدت لعامين كاملين.

إعلان

وفي حديثه للجزيرة نت، صرح علي بأن مجلس مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب وضع إستراتيجية واضحة منذ عام 2022، وكان أول قرار اتخذ هو تحديد سقف للبيوع العقارية تتم من خلال المصارف بقيمة 500 مليون دينار (380 ألف دولار) فأكثر.

وأوضح أن الهدف من تحديد هذا السقف كان تقييم نقاط القوة والضعف في هذا القرار، وبالتالي تم تخصيص فترة زمنية تقارب العامين لدراسة كافة الجوانب والتحديات المتعلقة بتنفيذه.

وأكد علي أن القرار أثبت نجاحه الكبير في خدمة الأهداف المرجوة، وتم اتخاذ قرار بتخفيض هذا السقف تدريجيا ليشمل فئات أكبر من البيوع العقارية.

وأشار إلى أن هذا القرار يساهم بشكل كبير في مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، إذ يوفر قواعد بيانات مهمة تستخدم في التحقيقات التي تقوم بها الجهات القانونية والتحريات المالية التي يجريها مكتب مكافحة غسيل الأموال، كما أنه يحفظ حقوق كل من البائع والمشتري، إذ يتم توثيق جميع الحركات المالية المرتبطة بالبيع في المصارف.

وأضاف علي أن البنك المركزي عمل خلال العامين الماضيين على تجهيز المصارف وتأهيلها لتنفيذ هذا القرار، وذلك من خلال إنشاء بنية تحتية قوية وتزويدها بالخبرات اللازمة.

ولفت إلى أن هذه الطريقة معمول بها في معظم دول العالم، وذلك لأن التعاملات العقارية تعتبر من أكثر القطاعات عرضة لغسيل الأموال، لذلك فإن إجبار المشترين على إيداع الأموال في المصارف يسهل على الجهات المعنية تتبع هذه الأموال.

وأشار علي إلى أن هناك خططا مستقبلية لربط دائرة التسجيل العقاري بالمصارف إلكترونيا، وذلك لتسهيل الإجراءات وتقليل المعاملات الورقية.

كما أكد على أن البنك المركزي يتخذ كافة الإجراءات اللازمة لحماية حقوق المواطنين من أي عمليات فساد أو ابتزاز قد تحدث.

مجمعات سكنية في بغداد (الجزيرة) تأثير محدود

من جهته، أعرب الخبير الاقتصادي في سوق العقارات همام الشماع عن اعتقاده بأن قرار البنك المركزي العراقي الأخير المتعلق ببيع العقارات لن يؤثر بشكل كبير على العقارات الصغيرة، موضحا أن ذلك يعود إلى أن أموال هذه العقارات تكون في الأغلب ذات مصدر معروف.

إعلان

وشدد الشماع في حديثه للجزيرة نت على ضرورة تطبيق هذا القرار بشكل مثالي لتحقيق الهدف منه، وهو مكافحة غسيل الأموال، محذرا من استغلاله بطرق سلبية من قبل بعض الأشخاص.

وأوضح أن القرار السابق كان يحدد قيمة 500 مليون دينار لبيع وشراء العقارات التي تحتاج إلى متابعة من البنك المركزي، لكن البنك خفّض هذا السقف حاليا إلى 100 مليون دينار، مع ضرورة إتمام المعاملة مصرفيا.

وأكد أن دائرة التسجيل العقاري لن تسجل أي عقار إلا بعد التأكد من إيداع قيمته في أحد المصارف العراقية، سواء كانت أهلية أو حكومية.

وبيّن الشماع أن الإجراء يتضمن توجيه المصرف سؤالا إلى الشخص الذي يرغب في إيداع الأموال عن مصدرها، ويلزم بإحضار وثيقة تثبت مصدر هذه الأموال، سواء كانت من بيع عقار سابق أو حلي ذهبية أو من التجارة، أو غيرها.

وأكد أن هذه خطوة مهمة لمكافحة غسيل الأموال شريطة تطبيقها بشكل صحيح دون أي فساد أو رشوة، محذرا من استغلال موظفي دائرة التسجيل العقاري هذه الإجراءات لتمرير معاملات البيع دون الحاجة إلى إثبات إيداع المبلغ في المصرف.

لجنة الاستثمار في البرلمان العراقي أعربت عن استيائها من قرار البنك المركزي المتعلق ببيع العقارات (مواقع التواصل) البرلمان يتحرك

بدوره، أعرب النائب حسين السعبري نائب رئيس لجنة الاستثمار في البرلمان العراقي عن استيائه الشديد من قرار البنك المركزي العراقي الأخير المتعلق ببيع العقارات، وأكد أن هذا القرار يعد جزءا من سياسة التخبط التي تتبعها المؤسسة المصرفية.

وبيّن السعبري في تصريح خاص للجزيرة نت أن قرار البنك المركزي سيؤدي إلى عواقب وخيمة على الاقتصاد العراقي والمواطن وتراجع إيرادات الدولة نتيجة تراجع تقييمات أسعار العقارات من قبل المواطنين وتجنبهم التعامل بها، مما سيؤثر سلبا على خزينة الدولة.

كما أكد أن القرار سيواجه المواطنين بصعوبات كبيرة في بيع وشراء العقارات نتيجة الإجراءات المعقدة التي فرضها.

إعلان

وأشار السعبري إلى أن القرار سيزيد عدم الثقة لدى المواطنين بالمؤسسة المصرفية، خاصة أن أغلبية العراقيين لا يثقون بالمصارف ولا يودعون أموالهم فيها، مبينا أن القرار سيؤدي إلى ركود كبير في القطاع العقاري، مما سيؤثر سلبا على البيئة الاستثمارية بالبلاد.

وأشار إلى أنه في حال كان هناك لغط عن موضوع غسيل أموال فإن هذه العقارات بعيدة عن هذا التوصيف كونها تمثل أموالا معلومة للمواطنين داخل العراق، متسائلا: أين غسيل الأموال في هكذا تعاملات بسيطة وهي لا تهرّب خارج البلد؟

وشدد السعبري على أن قرار البنك المركزي لا يتماشى مع الواقع الاقتصادي العراقي ولا يراعي المصالح العليا للمواطنين، مؤكدا أن أغلبية النواب واللجان البرلمانية يرفضون هذا القرار.

وأوضح أن لجنة الاستثمار في البرلمان ستوجه كتابا رسميا إلى محافظ البنك المركزي تطالبه فيه بدراسة هذا القرار والتراجع عنه.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دائرة التسجیل العقاری مکافحة غسیل الأموال قرار البنک المرکزی العقارات التی بیع العقارات ملیون دینار هذا القرار أن القرار إلى أن

إقرأ أيضاً:

“التعليم أولاً… أم أخيرًا؟ دعوة لتشكيل لجنة ملكية لإنقاذ مستقبل الوطن”

#سواليف

” #التعليم أولاً… أم أخيرًا؟ دعوة لتشكيل #لجنة_ملكية لإنقاذ #مستقبل_الوطن”

بقلم: أ.د. محمد تركي بني سلامة

لا يختلف اثنان في أن الأردن يعيش اليوم مرحلة مفصلية من تاريخه، مرحلة تستدعي قرارات جريئة ومبادرات شاملة، لا تقتصر على السياسة والاقتصاد والإدارة فقط، بل تمتد إلى عمق المجتمع، إلى حيث تُصاغ هوية الدولة وقيمها، إلى التعليم، ذاك الملف الذي بات يؤرق المخلصين للوطن ويشكل هاجساً لكل من يراقب المستقبل بعين القلق لا بعين الترف.

مقالات ذات صلة حين يتحدث الضمير: تضامن ثابت مع الدكتور محمد تركي بني سلامة 2025/03/24

وبعد أن أنجزت الدولة خطوات كبيرة في منظومات التحديث السياسي والاقتصادي والإداري، فإن الحاجة اليوم باتت ملحة – بل صارخة – لإطلاق مشروع وطني حقيقي لإصلاح وتحديث التعليم في الأردن. مشروع لا يحتمل التأجيل ولا التباطؤ، يتجسد في تشكيل لجنة ملكية تُعنى حصراً بتشخيص أزمة التعليم ووضع رؤية استراتيجية وطنية، تضع التعليم في مكانه الطبيعي كأولوية تتصدر كل أولويات الدولة، لا كشعار نردده في المحافل.

ولأن التعليم هو “بترول الأردن” الذي لا ينضب، طالما هناك إنسان حي على هذه الأرض، فإن الاستثمار في الإنسان الأردني، عبر نظام تعليمي قوي، مرن، ومواكب للعصر، يجب أن يكون المهمة الأولى والأسمى لكافة مؤسسات الدولة، حكومة وبرلماناً ونقابات ومجتمعاً مدنياً. التعليم ليس مجرد قطاع من قطاعات الدولة، بل هو القطاع الذي تصنع فيه كل القطاعات الأخرى.

لكن للأسف، حين ننظر إلى الواقع، بلغة الأرقام لا بلغة الأمنيات، نصطدم بحقيقة لا يمكن إنكارها: التعليم لم يعد أولوية حقيقية في السياسات العامة، رغم أن الخطاب الرسمي للدولة يضعه جنباً إلى جنب مع الصحة والغذاء والدواء. فعليًا، ما يُنفق على التعليم، والبحث العلمي، والابتكار، لا يتناسب إطلاقًا مع أهمية هذا القطاع، ولا مع الطموحات الوطنية التي نرفع شعاراتها في كل مناسبة. نحن ننفق أقل من الحد الأدنى المطلوب، ونعاني من فجوة هائلة بين ما نريده وما نفعله.

المدارس الحكومية في كثير من المناطق تعاني من اكتظاظ، نقص في الكوادر، وتردٍّ في البنية التحتية. الجامعات تئن تحت وطأة الأعباء المالية، وانخفاض جودة التعليم، وغياب الحوافز للبحث والإبداع. المناهج، رغم بعض محاولات التحديث، ما زالت تقليدية وغير محفزة للتفكير النقدي أو الابتكار. فهل هذا هو التعليم الذي نريد أن نراهن عليه في المستقبل؟ هل هذا ما نريده لأبنائنا؟ وهل يمكن لدولة تُهمل التعليم أن تبني اقتصاداً منتجاً أو مجتمعاً متماسكاً؟

إن التعليم هو الجبهة الأولى في معركة البقاء والتقدم، وإذا خسرناها فلن تربحنا أي جبهة أخرى. ولهذا، فإن تشكيل لجنة ملكية تضم نخبة من الأكاديميين الوطنيين، المعروفين بالكفاءة والنزاهة، بات ضرورة وطنية لا تقبل التأجيل. لجنة تضع خارطة طريق واضحة، تشتمل على إصلاح بنيوي شامل، يمس التشريعات، والحوكمة، والمناهج، والتدريب، وتمويل التعليم، وتكافؤ الفرص.

السؤال الآن: هل ستُدرج الحكومة الحالية، وبدعم من كل مؤسسات الدولة، ملف التعليم على رأس إنجازاتها؟ أم أننا سنظل ندور في دوامة الشعارات والوعود، بينما يتراجع التعليم عامًا بعد عام، وتنهار فرص الأجيال القادمة أمام أعيننا؟

المطلوب اليوم ليس التوصيف فقط، بل الفعل. والمطلوب من القيادة أن تمنح التعليم أولوية استثنائية، عبر رعاية ملكية سامية، كما حدث في ملفات الإصلاح الأخرى، لأن لا نهضة بلا تعليم، ولا مستقبل لدولة تتخلى عن أعظم ما تملك: الإنسان.

التعليم هو استثمار في الأمن الوطني، في الاقتصاد، في الهوية، وفي الكرامة. فهل نرى قريبًا تشكيل اللجنة الملكية للتعليم، كبداية حقيقية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وبناء ما يجب أن يُبنى؟ أم سنكتفي بمشاهدة هذا القطاع الحيوي يزداد تراجعًا وانحدارًا؟ الوقت لا ينتظر، والفرصة ما تزال قائمة… لكنها لن تبقى طويلاً.

مقالات مشابهة

  • استثمار فلوس «الكيف» في العقارات.. ضبط 9 أشخاص بتهمة غسل 150 مليون جنيه بالفيوم
  • «أراضي دبي» تكشف عن جدول أعمال مؤتمر IPS 2025
  • البنك المركزي المصري يسحب فائض سيولة بقيمة 546.8 مليار جنيه
  • ترامب يهدد الدول التي تشتري النفط الفنزويلي
  • سعر الدولار في البنك المركزي يسجل 50.68 جنيه بختام تعاملات اليوم
  • “التعليم أولاً… أم أخيرًا؟ دعوة لتشكيل لجنة ملكية لإنقاذ مستقبل الوطن”
  • البنك المركزي: عائد أذون الخزانة يواصل الانخفاض والمالية تجمع 107.6 مليار جنيه
  • عودة الإسلاميين عبر الحرب- خطر داهم يهدد السودان
  • الداخلية تكشف قضيتى غسيل أموال بقيمة 195 مليون جنيه
  • بيان البنك المركزي التركي بعد الاجتماع مع ممثلي البنوك