ولا ندرك الأشياء إلا في لحظة فنائها !
تاريخ النشر: 23rd, January 2025 GMT
«نحن مصنوعون من الفناء، ولا ندرك الأشياء إلا في لحظة فنائها، نشعر بثروتنا حينما تفر من يدنا، ونشعر بصحتنا حينما نخسرها، ونشعر بحبنا عندما نفقده. فإذا دام شيء في يدنا فإننا نفقد الإحساس به» د.مصطفى محمود- رحمه الله.
نحن متفقون على أمر لا جدال فيه وهو أن الموت هو قضاء الله وقدره، وهو حقّ على كل إنسان في هذه الحياة، وبالموت يأخذ الله إليه من يحب، ولأن الله يحب عباده يختار من يريده دون أن ينظر لعمره وأبنائه وزوجته وعائلته.
هناك مقولة خالدة قالها السياسي حسن البنا: «إن الأمة التي تحسن صناعة الموت وتعرف كيف تموت الموتة الشريفة، يهب الله لها الحياة العزيزة في الدنيا والنعيم الخالد في الآخرة، وما الوهن الذي أذلنا إلا حب الدنيا وكراهية الموت، فأعدوا أنفسكم لعمل عظيم.. واحرصوا على الموت توهب لكم الحياة واعلموا أن الموت لابد منه، وأنه لا يكون إلا مرة واحدة، فإن جعلتموها في سبيل الله كان ذلك ربح الدنيا وثواب الآخرة».
لسنا هنا نقلب الأوجاع أو ننصب خيام العزاء، أو نفتح المجالس للحديث عن الموت، بل نحن نتحدث عن أمر أصبح أكثر شيوعا وأكثر حضورا بين الناس، أعمار صغيرة وشباب يافع يدفن في أوج عطائه، وعليهم تنفطر القلوب حزنا وألما لفراقهم، لقد أصبح الموت يداهم الصغار، والأمراض تهاجمهم بشراسة لدرجة أصبحنا نتعجب من انتشارها بين الجيل الجديد، ولكن كل ذلك هو بأمر من الله ولا غالب لحكمه سبحانه، ولكن هناك أسبابا تؤدي إلى هلاك الأنفس الصغيرة التي لم ترَ الحياة على حقيقتها بعد وهي طريقة الحياة وأبرزها السلوكيات الغذائية التي أصبحت سببا في ظهور أمراض مستعصية بين فئة الشباب.
إن قائمة الذين فقدناهم أو من سنفقدهم طويلة، وهذا يكفي لفتح أبواب حزن بحجم الكون، أصدقاء وأحبة وحتى أعداء انتهى بهم المطاف بقدر الموت بشكل مفاجئ، نعلم أن حياة البشر تشبه تماما أوراق الشجر الخضراء اليانعة، تأخذ دورتها في الحياة وعندما يحين أجلها يتغير لونها إلى الاصفرار ثم تذوي شيئا فشيئا إلى أن تجف الورقة وتتغير ملامحها تماما، وتسقط من غصنها نحو الأرض، ثم تذروها الرياح نحو البعيد، هكذا هو الإنسان، وإذا كان الموت هو الذي يفرق بين الناس، فإن الذكرى القديمة هي التي تعيد تجميع المشاهد التي جمعتنا بهم، لذا نحن نشعر بالحنين والاشتياق إليهم وهم بعيدون عنا تحت الأرض.
بعضنا لا يزال يحتفظ في ذاكرة هاتفه بصور لبعض من عرفهم ذات يوم أو عاش طويلا معهم، لكن الموت قد أخذهم إلى مكان آخر، وطويت صفحات أعمارهم من الدنيا، لكنهم ظلوا عالقين في صفحات القلوب وحاضرين في أذهاننا حتى وإن أصبحوا يضمهم «الحضور والغياب»، لكنهم حتما يرحلون جسدا ويبقون في الذاكرة، ونحن نسير خلفهم في انتظار ذلك القدر الذي لا نعرف مداه من أجل مرافقته مرة أخرى في حياة أخرى لا نعرف عنها الكثير.
يعتبر موضوع الموت هو الشاغل الأساسي للعديد من الفلاسفة والأدباء والشعراء الذين خصّصوا بعضا من كتاباتهم للحديث عن هذا الشيء المؤلم الذي يُخيف معظم البشر، مثلا: «الموت لا يوجع الموتى، الموت يوجع الأحياء»! هكذا وصف الشاعر الكبير محمود درويش هذا الفراق الأبدي، ونحن نعلم بأن للموت أثرا كبيرا في تحول شكل الحياة وتغير مفاهيمها وألوانها بالنسبة إلى الأحياء، فالموت ليس فقط انفصالنا عن أحبتنا، لكنه إشارة إنذار بأننا سوف نكون اللاحقين لمن سبقونا.
يقول الكاتب محمود أبو العدس وهو أحد الذين تعرضوا للحديث عن فاجعة الموت: «إن الحرقة التي تسلخ أرواحنا هي تشبه ذلك الدخان الأسود الذي يجعلنا لا نرى وعندما نستنشقه نكون اختنقنا ودموعنا هطلت من ألمه فهو يجمع بين الألم والقهر إننا لا نستطيع الهروب منه حتى وإن كان كاتما لأنفاسنا.. هكذا هو خبر الموت عندما ينزل علينا كالصاعقة هذا هو الأثر الذي يخنق العبرات بداخلنا».
إذن فقدان الأحبة عندما يموتون له أثر عظيم في النفس الإنسانية، لكن الزمن قد يكون كفيلا في تراخي حدة الألم والاشتياق للقاء لن يأتي إلا في مكان آخر سنذهب إليه تباعا.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الموت هو
إقرأ أيضاً:
دار الإفتاء تكشف السبب الرئيسي للهم والحزن الذي يصيب الإنسان فجأة
كشفت دار الإفتاء المصرية، عبر صفحتها الرسمية على موقع "فيسبوك"، عن السبب الأساسي وراء شعور البعض بالضيق والحزن في حياتهم اليومية.
وأوضحت الدار أن الإعراض عن ذكر الله وعدم قراءة القرآن الكريم يؤدي إلى هذه الحالة النفسية، مستشهدة بالآية الكريمة من سورة طه: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾.
وأشارت الإفتاء إلى أن ذكر الله ليس مجرد عبادة دينية بل هو أساس الراحة النفسية والطريق إلى السكينة القلبية. وذكرت أن من يواظب على الذكر وقراءة القرآن الكريم يجد في قلبه طمأنينة وسلامًا يغنيه عن ضغوط الحياة ومتاعبها.
وأكدت الدار أن النبي محمد ﷺ تناول في العديد من أحاديثه أهمية الذكر، مشددة على أن الإكثار من الاستغفار والصلاة على النبي ﷺ من أهم أسباب انشراح الصدر وهدوء النفس.
من يستحق الشبكة حال فسخ الخطبة أو كتب الكتاب أو الطلاق؟.. الإفتاء تحددحكم سداد الدين المؤجل عند وفاة الدائن وقبل حلول الأجل.. الإفتاء توضحالموقف الشرعي لشخص يصلي الفجر مع الظهر بسبب الاستيقاظ متأخرا.. الإفتاء تردحكم الصلاة في البيوت حال المطر .. دار الإفتاء تجيبكما أوضحت أن السكون إلى الله والأنس بذكره يبعث الطمأنينة في القلوب، وهو ما يفتقده من يغفل عن الذكر.
في السياق نفسه، أشارت دار الإفتاء إلى مجموعة من الأحاديث النبوية التي تبرز فضل الذكر وأثره العظيم في حياة المسلم.
منها حديث النبي ﷺ: "مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت"، مما يؤكد أن ذكر الله هو حياة للروح والقلب.
واختتمت دار الإفتاء منشورها بالدعوة إلى المواظبة على الذكر في جميع الأوقات، مؤكدة أن حياة المسلم المليئة بذكر الله هي حياة يغمرها السلام النفسي والسكينة الروحية، مما يجعلها بعيدة عن الهموم والشقاء.