محافظ القاهرة: اهتمام كبير بالتراث الثقافي غير المادي
تاريخ النشر: 20th, August 2023 GMT
شهد اللواء خالد عبد العال، محافظ القاهرة، افتتاح وزيرة الثقافة الدكتورة نيفين الكيلاني، بيت التراث المصري بمركز الحرف اليدوية بالفسطاط، وذلك بالتعاون مع المكتب الإقليمي لمنظمة اليونسكو بالقاهرة، بمناسبة الاحتفال بمرور 20 عامًا على اتفاقية صون التراث الثقافي غير المادي.
شارك في الحفل السفيرة سها جندي وزيرة الهجرة، والمهندسة جيهان عبد المنعم نائب محافظ القاهرة للمنطقة الجنوبية، ونوريا سانز المدير الإقليمي لمكتب اليونسكو، ومحمد أبو سعدة رئيس مجلس إدارة الجهاز القومي للتنسيق الحضاري، وعدد من سفراء الدول العربية والأجنبية وممثلي المنظمات المعنية بالحفاظ على التراث.
وأكد اللواء خالد عبد العال محافظ القاهرة، أن الاهتمام بالتراث الثقافي غير المادي يحظى باهتمام كبير في محافظة القاهرة من أجل الحفاظ عليه مع التركيز على المشاركة المجتمعية في كافة عناصره تحقيقًا للاستدامة.
عرض للحرف التراثية والخط العربي بالمعرضتضمنت الاحتفالية معرضًا للحرف التراثية والخط العربي والنسيج اليدوي والفخار والخزف وغيرها من الحرف التراثية، بالإضافة إلى عرض للتراث الحي كصناعة الحرف التراثية، كما تم تقديم مأكولات شعبية مصنعة على عربات المأكولات التراثية.
وكذلك جرى تقديم عدد من المشروبات التراثية لنقل المعارف المرتبطة بالتراث المصري.
بيت التراث الذي تم افتتاحه في مركز الحِرف اليدوية بمنطقة الفسطاط، يضمّ محتويات الأرشيف القومي المصري للتراث الثقافي غير المادي حيث كانت مصر من أوائل الدول التي وقعت على اتفاقية التراث غير المادي باليونسكو منذ 20 عاما، كما قامت بتسجيل عدة عناصر من التراث غير المادي منها الخط العربي، والسيرة الهلالية، والتحطيب، وفن الأراجوز، والنسيج اليدوي، وكان آخر ما سجلته مصر لصون التراث غير المادي في نهاية العام الماضي هو الاحتفالات المرتبطة برحلة العائلة المقدسة في مصر.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: التراث المصرى الحرف التراثية الحرف اليدوية الحفاظ على التراث الخط العربى الدول العربية العائلة المقدسة الثقافی غیر المادی محافظ القاهرة
إقرأ أيضاً:
ماريز يونس: قصف الاحتلال المواقع التراثية اللبنانية ليست مجرد أعمال عسكرية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
شهد الاسبوع الماضي العديد من الانشطة العالمية، والحملات المتعلقة بسبل حماية البيئة والتراث من الحروب والتدمير الذي طال المنطقة العربية.
حيث قالت الدكتورة ماريز يونس، أستاذة علم الإجتماع في الجامعة اللبنانية، انه قد وافقت اليونسكو في اجتماعها الاستثنائي الذي عقدته في باريس يوم الإثنين 18 نوفمبر، على حماية 34 موقعًا أثريًا لبنانيًا، استجابة لجهود مكثفة بذلتها وزارة الثقافة اللبنانية لإقناع المجتمع الدولي بأهمية حماية التراث الثقافي اللبناني بعد تعرضه للقصف الإسرائيلي المتعمد.
واوضحت في كلمتها انه قد تعرضت مدينة بعلبك، التي تعد من أبرز مواقع التراث العالمي، لأضرار كبيرة نتيجة الغارات الجوية الإسرائيلية، فتضرر السور الخارجي للقلعة الأثرية، وسقطت أجزاء من بنيته.
بينما تعرضت "قبة دورس"، المعلم الأيوبي الشهير، لأضرار جسيمة أدت إلى تساقط بعض أحجارها التاريخية كما لحقت أضرار كبيرة بـ"المنشية" العثمانية، التي كانت تمثل مركزًا سياحيًا وثقافيًا هامًا، حيث دُمرت بشكل شبه كامل، مما يعكس خسائر مادية وثقافية فادحة.
أما مدينة صور، المعروفة بتاريخها الفينيقي العريق، فقد كانت هدفًا لسلسلة غارات جوية إسرائيلية دمرت أحياء كاملة تقع قرب مواقع أثرية بارزة مدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو. كما طال الدمار شارع صور البحري وبعض البيوت الأثرية بالقرب من مينائها العريق، مما أدى إلى تشويه جزء كبير من هويتها الثقافية والتاريخية. ناهيك عن خطر الانهيار الكامل لمواقعها الأثرية على المدى الطويل بحسب تقرير المجلس الدولي للآثار والمواقع (ICOMOS)، نتيجة الاهتزازات المتكررة العنيفة التي تتعرض لها المدينة جراء القصف الإسرائيلي العنيف.
واشارت يونس ان الاعتداءات الإسرائيلية لم تقتصر على بعلبك وصور، بل امتدت لتشمل مواقع أثرية وتاريخية أخرى، مثل سوق النبطية، الذي دُمر بشكل شبه كامل، وهو سوق تاريخي يمتد عمره لأكثر من أربعة قرون، ويُعتبر رمزًا للحركة الاقتصادية والاجتماعية في الجنوب اللبناني. كما استُهدفت منازل تراثية وقُرى تاريخية، منها قرية "رسم الحدث" في سهل البقاع، التي شهدت تدمير بيوتها الحجرية القديمة وأشجارها المعمرة بفعل القصف.
كما طالت الاعتداءات دور العبادة التاريخية، مثل كنائس بعلبك القديمة، ومساجد عدة، منها مسجد "كفر تبنيت" ومسجد النبي شعيب في بليدا، التي تعود للعصر العثماني، وتعرضت مآذنها ومبانيها للتدمير الجزئي أو الكلي.
وأكدت بان الهجمات الإسرائيلية على المواقع التراثية اللبنانية ليست مجرد أعمال عسكرية، بل هي انتهاك واضح لاتفاقية لاهاي لعام 1954 التي تنص على أن "أي ضرر يلحق بالممتلكات الثقافية هو ضرر للتراث الإنساني ككل". وهي استراتيجية إسرائيلية ممنهجة تهدف إلى طمس الهوية الثقافية والتاريخية للشعب اللبناني،تحت حجج مفتعلة مثل "الاستخدام العسكري" أو "الدروع البشرية" لتبرير استهداف هذه المواقع.
بعلبك، مدينة الشمس، أقدم مدن العالم، ليست مجرد مدينة لبنانية؛ إنها شهادة حية على تعاقب الحضارات التي أسهمت في بناء الهوية الثقافية للبنان. تحولت بعلبك في العصور الرومانية، إلى مركز ديني ضخم، حيث شُيدت معابد مثل معبد جوبيتر وباخوس وفينوس، وهي رموز للهندسة المعمارية المتقدمة في ذلك العصر. لكنها قبل ذلك كانت مدينة فينيقية تجسد التفاعل الحضاري بين الشرق والغرب. احتضنت بعلبك التراث الإسلامي أيضًا، حيث أُضيفت اللمسات الإسلامية إلى معالمها الأثرية، مما جعلها رمزًا للتنوع والتعايش الثقافي. هذا المزج بين الحضارات يجعلها إرثًا إنسانيًا يتجاوز حدود لبنان ليصبح جزءًا من التراث العالمي.
قصف التراث: هجوم على الهوية الجماعية
فقد أشار إدوارد سعيد في كتاباته إلى أن تدمير التراث ليس مجرد تخريب مادي، بل جزء من استراتيجية استعمارية تهدف إلى فرض هيمنة ثقافية مفصولة تمامًا عن جذور الشعب الأصيلة. بيير بورديو من جانبه، يرى أن تدمير التراث ليس مجرد هدم للأبنية، بل هو عملية مدروسة تهدف إلى فصل الشعوب عن ماضيها، وإعادة تشكيل وعيها بما يخدم مصالح المستعمر. في الجزائر، استخدمت فرنسا تدمير التراث كوسيلة لكسر الروح الوطنية للشعب الجزائري. إلا أن هذه الممارسات لم تحقق غاياتها، بل شكلت أداة لتوحيد الجزائريين حول هويتهم الثقافية، مما ساهم في إشعال روح المقاومة.
في العصر الحديث، لجأت داعش إلى تدمير مواقع أثرية كجزء من مشروعها لتفكيك الهويات الثقافية، ومع ذلك، أعاد هذا التدمير تسليط الضوء على أهمية حماية التراث كجزء من الهوية الإنسانية، وفي فلسطين، يمثل تدمير المواقع التراثية جزءًا من سياسة أوسع تهدف إلى محو الذاكرة الفلسطينية.
فاجتماعات اليونسكو والجهود المبذولة لتصنيف المواقع الأثرية وحمايتها تُعتبر إنجازات كبيرة في مجال الحفاظ على التراث. لكن في زمن الحروب، يستخدم العدو الإسرائيلي هذه القوائم كأدلة للقصف والتدمير. وأصبحت المواقع الأثرية التي تحمل تصنيفات الحماية أهدافًا مباشرة لإسرائيل. هذه الديناميكية لا تعكس فقط استضعاف الدول التي تُنتهك آثارها، بل تكشف عن أزمة حقيقيقة لدى الفكر الحضاري العالمي. تلك الحضارة الغربية التي عولت على مفاهيم مثل التراث والحداثة، تُظهر تناقضًا حين تُستخدم أدواتها لتدمير ما أنشأته من قيم ومعانٍ. فهذه الجهود التي استثمرت في حماية التراث تُنسف في لحظة، مما يطرح سؤالًا وجوديًا: كيف يمكن لنظام عالمي يروج للحداثة أن يكون عاجزًا عن حماية ما يدّعي الحفاظ عليه؟.
وعن المفكر ميشيل فوكو يرى أن سلطة الحداثة تُعيد تشكيل القوانين لتبريرانتهاكاتها، وهو ما يتجسد في حروب "الإبادة الانسانية والثقافية" الإسرائيلية على غزة ولبنان، ما يحرج فكرالتنوير الذي اعتُبر تقدمًا للبشرية، فيما هو يتحول إلى ذراع أخرى تُستخدم لتقويض القيم التي أُنشئ من أجل حمايتها.
واوضح بان الحفاظ على التراث الثقافي لا يمكن فصله عن حماية الأرواح التي تُنتجه. البشر هم صانعو الحضارة، وغياب الحماية لهم يجعل أي جهود للحفاظ على التراث مجرد قشرة خاوية. استهداف مواقع مثل بعلبك وصور لا يهدف فقط إلى تدمير الحجر، بل إلى ضرب الروح الإنسانية التي تشكلت عبر قرون من التاريخ. المناشدات الدولية، رغم أهميتها، يجب أن تتحول إلى أدوات فعالة تحمي البشر قبل الحجر. هذه اللحظة الحرجة تتطلب رؤية جديدة تُعيد التفكير في أولويات الفكر الحضاري وتؤكد أن التراث الحقيقي يبدأ بحماية الإنسان.