مع اجتماع زعماء العالم في دافوس، كان واضحا أن قضية الذكاء الاصطناعي ومستقبل العمل باتت بندا رئيسيا داهما على أجندة القادة. 

وجاءت الأرقام والتوقعات لتجعل المشهد جليا أكثر من أي يوم مضى، إذ من المتوقع الاستغناء عن نحو 85 مليون وظيفة نتيجة التكنولوجيات المُبتكرة بنهاية عام 2025، لكن بالمقابل ستظهر حوالي 97 مليون وظيفة جديدة خلال السنوات الخمس المقبلة.

 هذه الأرقام تروي قصة التحوّل الحاصلة، لكنها لا تحكي لنا القصة الكاملة لملايين الموظفين الذين يبحثون عن إجابات لأسئلة مثل: ما هو موقعي ودوري في عالم يقوده الذكاء الاصطناعي؟  

لا قيمة للذكاء الاصطناعي من دون البشر
الذكاء الاصطناعي قادر على رفع الكفاءة، وفتح الأبواب أمام فرص جديدة وتقديم حلول للتحديات المعقدة. لكن التكنولوجيا تستمد الأهمية في جوهرها من الناس الذين يشكلونها، ويديرونها ويستفيدون منها. وحاليا ثمة مؤشرات واضحة تدلّ على أن فجوة المهارات تتسع، إذ أن نحو 60 في المئة من العمال والموظفين بحاجة إلى رفع مهاراتهم بشكل كبير خلال السنوات الثلاث المقبلة. الخطر الحقيقي ليس مرده "خطف" الذكاء الاصطناعي للوظائف، بل هو ناتج عن عدم تحرّكنا بالسرعة المطلوبة لتزويد الناس بالمهارات التي يحتاجون إليها للنجاح. 
قال نضال أبو لطيف الرئيس التنفيذي لشؤون الإيرادات والتحول في تكنوليدج، إنه من الواضح أن الشركات التي تستثمر في تبنّي الذكاء الاصطناعي تحقق إنتاجية أعلى ونموا أقوى، لكن العديد منها لم ينتبه ربما إلى أهمية وضع رأس المال البشري في موقع الصدارة والأولوية، وهو ما يعدّ عاملا رئيسيا في نجاح التجربة المتعلقة بالذكاء الاصطناعي. وتدرك المؤسسات المنغمسة بالتخطيط للمستقبل، أن الذكاء الاصطناعي لا يتعلق فقط بالأتمتة، بل يتعلق أيضا بتعزيز الإمكانات البشرية، ووقف استنزاف وقت الموظفين بالمهام المتكررة، وإيجاد مساحة كافية للابتكار والإبداع وحلّالمشكلات. 

إعادة العامل الإنساني إلى صلب النقاش 
تأثيرات الذكاء الاصطناعي ليست مسألة "نظريات"، بل حقيقة دامغة في حياة الأفراد حول العالم. وبالنسبة للعديد من الناس، الذكاء الاصطناعي يولّد حالة من عدم اليقين. والأسئلة التي تُثار في هذا السياق عميقة وداهمة، وهي مثل: هل سيتم استبدالي؟ هل يمكنني التكيّف والتأقلم؟ هل لديّ فرصة في مستقبل العمل الجديد؟ وهذه بالطبع مخاوف حقيقية تتطلّب نهجا أو مسارا أكثر تعاطفا، يضع الناس في صدارة الأولويات. 
لن يكون كافيا أن نطلب من الموظفين والعمال إعادة تأهيل أنفسهم،بل يتعيّن على الشركات والحكومات أن تستثمر بفعّالية لرفع الوعي ودعم التعلّم واكتساب المعرفة في مجال الذكاء الاصطناعي، وأن يوجدوا مسارات مناسبة لتحقيق الارتقاء بالمهارات الرقمية، وضمان أن يكون التغيير الذي يقوده الذكاء الاصطناعي، شاملا للجميع وليس حصريا لفئات محدودة. وهنا تجدر الإشارة إلى أنه في الوقت الحالي، أقل من نصف الشركات تمتلك خطة ملموسة وواضحة لإعادة تأهيل قواها العاملة (المصدر: ماكينزي)، ولا شك ان هذا الأمر يحتاج إلى تغيير.

نداء من دافوس: آن أوان العمل  
إذا أردنا أن يقود الذكاء الاصطناعي تقدمنا نحو المستقبل، فلا بد من التركيز على ثلاثة مجالات حاسمة:
1. رصد استثمارات ضخمة لدعم المهارات الرقمية وعملية التعلّم المتواصلة، لضمان انضمام العمال والموظفين إلى المسيرة وعدم تخلّفهم عن الركب.
2. تعاون أقوى بين القطاعين العام والخاص، لتحقيق انتقال منهجي وفق رؤية واضحة إلى مرحلة الوظائف التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي. 
3. تبنّي مقاربة تتمتع بالمسؤولية لتبنّي الذكاء الاصطناعي، حيث تكون التكنولوجيا مصمّمة لدعم الخبرات البشرية لا استبدالها.
إن مستقبل الذكاء الاصطناعي هو في المساحة التي تجمع البشرية والتكنولوجيا للعمل معا، وفي توفير فرصة للناس كي يكونوا في جوهر مركز الإبداع. وفي الوقت الذي تضع فيه اجتماعات دافوس أجندة التقدم حول العالم، ثمة أمر أكيد وواضح، وهو أن الانسان يشكل أعظم أصولنا في عالم مدعوم بالذكاء الاصطناعي. والانسان هو من سيصنع التاريخ، من خلال إنجاح عصر الذكاء الاصطناعي.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی

إقرأ أيضاً:

رئيس مايكروسوفت لـ«الاتحاد»: الإمارات رائدة عالمياً في الذكاء الاصطناعي

حامد رعاب (دافوس)

أخبار ذات صلة فعاليات «صينية -إماراتية» تستعرض التراث وتدعم الاستدامة خبراء ورجال أعمال لـ«الاتحاد»: استراتيجية أبوظبي الرقمية تعزز تنافسية الأعمال في العاصمة

أكد براد سميث، رئيس شركة «مايكروسوفت»، أن الإمارات برزت كرائد عالمي في مجال الذكاء الاصطناعي، موضحاً أن أبوظبي تتصدر المدن في توظيف التطبيقات والبيانات لخدمة المجتمع والأفراد.
وقال سميث في تصريحات خاصة لـ«مركز الاتحاد للأخبار»: «الشراكة بين مايكروسوفت والشركات في الإمارات بالغة الأهمية، لأننا نعمل على جلب الذكاء الاصطناعي إلى العالم».
وخلال أبريل الماضي، تم الإعلان عن استثمار استراتيجي قدره 5.5 مليار درهم «1.5 مليار دولار» من «مايكروسوفت» في «G42»؛ بهدف تعزيز التعاون بين الشركتين لإدخال أحدث تقنيات «مايكروسوفت» الخاصة بالذكاء الاصطناعي ومبادرات تطوير المهارات إلى دولة الإمارات وبقية دول العالم.
وسيمكن هذا التعاون الموسع المؤسسات من جميع الأحجام في الأسواق الجديدة من استغلال فوائد الذكاء الاصطناعي والتقنيات السحابية، مع تأكيد التزامها بالمعايير العالمية الرائدة للسلامة والأمن.
وبناء على هذه الشراكة، تعمل «G42» و«مايكروسوفت» معاً لجلب البنية التحتية الرقمية والذكاء الاصطناعي المتقدم إلى دول الشرق الأوسط، وآسيا الوسطى، وأفريقيا، مما يوفر لهذه الدول فرص الوصول العادل للخدمات لمعالجة القضايا الحكومية والتجارية الرئيسية، مع الحفاظ على أعلى معايير الأمان والخصوصية. وستسهم الشراكة في تطوير قوى عاملة ماهرة ومتنوعة في مجال الذكاء الاصطناعي، وتكوين حوض مواهب يعزز من الابتكار والقدرة التنافسية لدولة الإمارات والمنطقة بأسرها، وذلك من خلال استثمار مليار دولار في صندوق خاص بتطوير المطورين.

فرص وتحديات 
أوضح سميث أن أحد أهم الفرص والتحديات، هو التأكد من أن الذكاء الاصطناعي مفيد بالفعل ومتاح للجميع، مشيراً إلى أن تقنية مثل الكهرباء، على سبيل المثال، مر على اكتشافها للمرة الأولى أكثر من 150 عاماً، ومع ذلك يوجد 700 مليون شخص حول العالم لا يملكونها، ما يشكل 43% من سكان أفريقيا.
وأضاف: هدفنا كمجتمع عالمي، هو جلب الذكاء الاصطناعي للجميع في مختلف أنحاء العالم، ليس في 150 عاماً، لكن في غضون العقد المقبل، وهذا هو المكان الذي جمع مايكروسوفت و«G42».

صدارة عالمية  
حلت الإمارات في المركز الأول شرق أوسطياً والخامس عالمياً على مؤشر «جلوبال فايبرنسي 2024» للدول الأكثر تفوقاً وحيوية في الذكاء الاصطناعي، الصادر عن جامعة ستانفورد الأميركية، فيما زادت أعداد المتخصصين والخبراء في الذكاء الاصطناعي بالدولة 4 أضعاف إلى 120.000 متخصص بين عامي 2021 و2023.
وتسعى حكومة الإمارات إلى جعل الدولة رائدة عالمياً في مجال الذكاء الاصطناعي، عبر تطوير بنية تحتية مستقبلية ومنظومة متكاملة توظف الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات الحيوية.

مواكبة التقنية
وفقاً للتقرير العالمي لتكنولوجيا المعلومات الصادر عن «المنتدى الاقتصادي العالمي»، تأتي الإمارات في صدارة دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وفي المرتبة الثانية عالمياً في مؤشر مواكبة الحكومات للتقنية. 
وأشارت تقديرات «برايس ووترهاوس كوبرز» (PwC) إلى أن الذكاء الاصطناعي سيسهم بنحو 353 مليار درهم من الناتج المحلي الإجمالي لدولة الإمارات بحلول عام 2030 «يعادل نحو 13.6% من الناتج المحلي الإجمالي».
وفي وقت يتوقع فيه الخبراء وصول سوق الروبوتات في الإمارات إلى 360.10 مليون دولار بحلول عام 2029، تهدف استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي إلى تحقيق أهداف «مئوية الإمارات 2071».

مقالات مشابهة

  • وفقًا لتقرير جديد صدر في دافوس: الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل أسواق العمل العالمية
  • السبب مجهول.. تعطل تطبيق الذكاء الاصطناعي "شات جي بي تي" على مستوى العالم
  • دافوس 2025.. قادة العالم يدعون لتعزيز العمل بشأن الذكاء الاصطناعي والمناخ
  • السواحه يبرز دور المملكة في تعزيز الذكاء الاصطناعي خلال مشاركته بمنتدى دافوس
  • السواحه يبرز دور المملكة في تعزيز الذكاء الاصطناعي لخير البشرية
  • رئيس مايكروسوفت لـ«الاتحاد»: الإمارات رائدة عالمياً في الذكاء الاصطناعي
  • جناح الإمارات في “دافوس 2025” يستضيف جلسة تفاعلية حول مستقبل الذكاء الاصطناعي
  • ترامب يكشف عن استثمارات أمريكية ضخمة في الذكاء الاصطناعي
  • وزير الاتصالات وتقنية المعلومات يناقش مع وزراء وقادة كبرى الشركات التقنية في دافوس 2025 تجربة المملكة الريادية في الذكاء الاصطناعي والابتكار