85 مليون وظيفة نتيجة التكنولوجيات المُبتكرة بنهاية عام 2025
تاريخ النشر: 23rd, January 2025 GMT
مع اجتماع زعماء العالم في دافوس، كان واضحا أن قضية الذكاء الاصطناعي ومستقبل العمل باتت بندا رئيسيا داهما على أجندة القادة.
وجاءت الأرقام والتوقعات لتجعل المشهد جليا أكثر من أي يوم مضى، إذ من المتوقع الاستغناء عن نحو 85 مليون وظيفة نتيجة التكنولوجيات المُبتكرة بنهاية عام 2025، لكن بالمقابل ستظهر حوالي 97 مليون وظيفة جديدة خلال السنوات الخمس المقبلة.
هذه الأرقام تروي قصة التحوّل الحاصلة، لكنها لا تحكي لنا القصة الكاملة لملايين الموظفين الذين يبحثون عن إجابات لأسئلة مثل: ما هو موقعي ودوري في عالم يقوده الذكاء الاصطناعي؟
لا قيمة للذكاء الاصطناعي من دون البشر
الذكاء الاصطناعي قادر على رفع الكفاءة، وفتح الأبواب أمام فرص جديدة وتقديم حلول للتحديات المعقدة. لكن التكنولوجيا تستمد الأهمية في جوهرها من الناس الذين يشكلونها، ويديرونها ويستفيدون منها. وحاليا ثمة مؤشرات واضحة تدلّ على أن فجوة المهارات تتسع، إذ أن نحو 60 في المئة من العمال والموظفين بحاجة إلى رفع مهاراتهم بشكل كبير خلال السنوات الثلاث المقبلة. الخطر الحقيقي ليس مرده "خطف" الذكاء الاصطناعي للوظائف، بل هو ناتج عن عدم تحرّكنا بالسرعة المطلوبة لتزويد الناس بالمهارات التي يحتاجون إليها للنجاح.
قال نضال أبو لطيف الرئيس التنفيذي لشؤون الإيرادات والتحول في تكنوليدج، إنه من الواضح أن الشركات التي تستثمر في تبنّي الذكاء الاصطناعي تحقق إنتاجية أعلى ونموا أقوى، لكن العديد منها لم ينتبه ربما إلى أهمية وضع رأس المال البشري في موقع الصدارة والأولوية، وهو ما يعدّ عاملا رئيسيا في نجاح التجربة المتعلقة بالذكاء الاصطناعي. وتدرك المؤسسات المنغمسة بالتخطيط للمستقبل، أن الذكاء الاصطناعي لا يتعلق فقط بالأتمتة، بل يتعلق أيضا بتعزيز الإمكانات البشرية، ووقف استنزاف وقت الموظفين بالمهام المتكررة، وإيجاد مساحة كافية للابتكار والإبداع وحلّالمشكلات.
إعادة العامل الإنساني إلى صلب النقاش
تأثيرات الذكاء الاصطناعي ليست مسألة "نظريات"، بل حقيقة دامغة في حياة الأفراد حول العالم. وبالنسبة للعديد من الناس، الذكاء الاصطناعي يولّد حالة من عدم اليقين. والأسئلة التي تُثار في هذا السياق عميقة وداهمة، وهي مثل: هل سيتم استبدالي؟ هل يمكنني التكيّف والتأقلم؟ هل لديّ فرصة في مستقبل العمل الجديد؟ وهذه بالطبع مخاوف حقيقية تتطلّب نهجا أو مسارا أكثر تعاطفا، يضع الناس في صدارة الأولويات.
لن يكون كافيا أن نطلب من الموظفين والعمال إعادة تأهيل أنفسهم،بل يتعيّن على الشركات والحكومات أن تستثمر بفعّالية لرفع الوعي ودعم التعلّم واكتساب المعرفة في مجال الذكاء الاصطناعي، وأن يوجدوا مسارات مناسبة لتحقيق الارتقاء بالمهارات الرقمية، وضمان أن يكون التغيير الذي يقوده الذكاء الاصطناعي، شاملا للجميع وليس حصريا لفئات محدودة. وهنا تجدر الإشارة إلى أنه في الوقت الحالي، أقل من نصف الشركات تمتلك خطة ملموسة وواضحة لإعادة تأهيل قواها العاملة (المصدر: ماكينزي)، ولا شك ان هذا الأمر يحتاج إلى تغيير.
نداء من دافوس: آن أوان العمل
إذا أردنا أن يقود الذكاء الاصطناعي تقدمنا نحو المستقبل، فلا بد من التركيز على ثلاثة مجالات حاسمة:
1. رصد استثمارات ضخمة لدعم المهارات الرقمية وعملية التعلّم المتواصلة، لضمان انضمام العمال والموظفين إلى المسيرة وعدم تخلّفهم عن الركب.
2. تعاون أقوى بين القطاعين العام والخاص، لتحقيق انتقال منهجي وفق رؤية واضحة إلى مرحلة الوظائف التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي.
3. تبنّي مقاربة تتمتع بالمسؤولية لتبنّي الذكاء الاصطناعي، حيث تكون التكنولوجيا مصمّمة لدعم الخبرات البشرية لا استبدالها.
إن مستقبل الذكاء الاصطناعي هو في المساحة التي تجمع البشرية والتكنولوجيا للعمل معا، وفي توفير فرصة للناس كي يكونوا في جوهر مركز الإبداع. وفي الوقت الذي تضع فيه اجتماعات دافوس أجندة التقدم حول العالم، ثمة أمر أكيد وواضح، وهو أن الانسان يشكل أعظم أصولنا في عالم مدعوم بالذكاء الاصطناعي. والانسان هو من سيصنع التاريخ، من خلال إنجاح عصر الذكاء الاصطناعي.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
الاستثمار في عصر الذكاء الاصطناعي «استراتيجيات، فرص، وحوكمة»
في عالمنا متسارع التغير، يُحدث الذكاء الاصطناعي تحولاً جذريًا في كيفية اتخاذ قرارات الاستثمار، وإدارة المحافظ، وتحسين العوائد. ورغم أن الإمكانيات الكاملة لهذه التقنية لن تتحقق على المدى القريب، إلا أن الذكاء الاصطناعي يُظهر بالفعل قدرات واعدة في تعزيز اتخاذ قرارات أذكى ورفع كفاءة خلق القيمة. المستثمرون اليوم يستفيدون من الذكاء الاصطناعي للبحث عن «ألفا»، أي العوائد الاستثمارية الإضافية، وبناء قدرات مؤسسية تُمهّد لمرحلة أداء متطور في المستقبل.
لطالما اعتمد اتخاذ القرار الاستثماري على البيانات والحُكم البشري. وتقدم تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي طرقًا جديدة كليًا للعمل، من خلال تبسيط الإجراءات وكشف فرص كان من الممكن أن تغيب عن التحليل التقليدي.
إن قدرة الذكاء الاصطناعي على معالجة وتوليف البيانات على نطاق واسع يمكن أن تُحدث نقلة نوعية في مجال اكتشاف الصفقات، من خلال التعرف على الاتجاهات الخفية في السوق والفرص الواعدة. ويمكن للتحليلات المتقدمة أن ترصد الصناعات الناشئة أو الأصول التي لم تُقيَّم بعد بشكل مناسب، قبل أن ينتبه إليها المنافسون، مما يمنح المستثمرين ميزة تنافسية مهمة. وعند استخدام الذكاء الاصطناعي في مرحلة التحقق من الجدارة، يمكن أن يوفر رؤى أعمق عبر تحليل قواعد البيانات والمخاطر السوقية والجيوسياسية، بالإضافة إلى قياس المزاج العام في السوق، مما يتيح رؤية شاملة للاستثمارات المحتملة.
وبعد إتمام صفقة الاستحواذ، يمكن لإدارة المحافظ في الوقت الفعلي، والمدعومة بالذكاء الاصطناعي، أن تُسهم في تحقيق قيمة أكبر. وتُتيح هذه المرونة للمستثمرين تعديل استراتيجياتهم بشكل ديناميكي، والمحافظة على القيمة في الشركات ضمن محافظهم الاستثمارية. إن استخدام الذكاء الاصطناعي عبر دورة الاستثمار بأكملها لا يعزز الكفاءة فقط، بل يضمن أيضًا فعالية القرارات، من خلال الاعتماد على رؤى قوية واستشرافية للمستقبل.
من المكاسب التشغيلية
إلى إيجاد القيمة الاستراتيجية
من أجل صياغة استراتيجيتها في مجال الذكاء الاصطناعي وإدارة محفظتها الاستثمارية، تواصل «مبادلة» دراسة التوجهات الكبرى والاضطرابات والمتغيرات الناشئة التي تشكل ملامح الاقتصاد العالمي. وقد تناولت ورقة بحثية حديثة، أُعدّت بالتعاون مع صندوق (إم. جي. إكس) المتخصص في الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة، وشركة «باين آند كومباني»، تحت عنوان «الذكاء الاستثماري: صندوق الاستثمار المستقبلي»، كيف تتعامل كبرى شركات الاستثمار حول العالم مع الذكاء الاصطناعي. وقد كشفت الورقة أن الاستخدام الحالي للذكاء الاصطناعي لا يزال في مراحله الأولية، إذ يُستخدم أساسًا لتعزيز كفاءة الأداء البشري، إلا أن الإمكانيات المتاحة لاستخدام هذه التقنية تبقى هائلة.
فمن بين 30 شركة استثمار مباشر استطلعت آراؤها، يبلغ إجمالي أصولها تحت الإدارة 3.2 تريليون دولار، لا يتوقع سوى 2% من الشركاء العموميين تحقيق قيمة كبيرة قائمة على الذكاء الاصطناعي خلال هذا العام، بينما توقّع 93% منهم تحقيق فوائد تتراوح بين متوسطة وكبيرة خلال السنوات الثلاث إلى الخمس القادمة. الشركات الرائدة في هذا المجال بدأت بالفعل في التقدم على منافسيها من خلال تكوين فرق متخصصة من علماء البيانات. وقد بدأت بعض هذه الفرق منذ أكثر من عقد من الزمن، مما أتاح لها إنشاء بيئة رقمية متكاملة وتفعيل مجموعة من العناصر الأساسية لبناء ميزة تنافسية في إدارة الاستثمار. وعندما طُرِح السؤال حول: أين تكمن أعظم فرص خلق القيمة عبر الذكاء الاصطناعي في الوقت الحالي؟ أشار المستثمرون إلى تحسين أداء الشركات الموجودة ضمن محافظهم الاستثمارية. ووفقًا للدراسة، فإن 18% من الصناديق بدأت فعليًا في تحقيق قيمة تشغيلية من خلال تطبيقات عملية للذكاء الاصطناعي داخل هذه الشركات. وتتخذ العديد من الصناديق نهجًا فاعلًا من خلال تقديم أدوات ومنصات تتيح لتلك الشركات متابعة تحركات المنافسين والتعرف على فرص الاستحواذ السريعة، وثمة أيضًا صناديق تعمل على إقناع شركات محفظتها بتبني تقنيات الذكاء الاصطناعي لاستخدامات محددة، وتوفّر لها الفرق المختصة والأدوات اللازمة والتدريب المطلوب لتنفيذ ذلك.
بناء شركات استثمارية
مدعومة بالذكاء الاصطناعي
السؤال الأهم الذي يشغل كبار مسؤولي الاستثمار حول العالم هو: كيف يمكن الاستعداد للاستفادة القصوى من الذكاء الاصطناعي؟ والإجابة تبدأ بوضع استراتيجية بيانات مناسبة وبنية أساسية قوية، إلى جانب أنظمة حوكمة صارمة وآليات للتحقق من مصادر البيانات وضمان الالتزام بالمعايير. إن الشركات الاستثمارية تمتلك كميات ضخمة من البيانات، والقدرة على إدارتها بفعالية يمنحها ميزة تنافسية كبيرة.
من المتوقع أن تؤدي تقنيات الذكاء الاصطناعي إلى تغييرات هيكلية في طبيعة عمل المؤسسات. حيث ستصبح الفرق أصغر حجمًا وأكثر تركيزًا على المناصب القيادية، كما ستتطور المهارات المطلوبة من الموظفين، إذ سيعمل خبراء في التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي جنبًا إلى جنب مع محترفي الاستثمار. ويُتوقّع أن يشهد دور خبراء الاستثمار أنفسهم تطورًا كبيرًا، وقد بدأت العديد من الصناديق بالفعل في تدريب فرقها لاكتساب الكفاءة في مجال الذكاء الاصطناعي.
ومع ذلك، فإن الإمكانيات التحويلية للذكاء الاصطناعي يجب أن تقترن بتبنٍّ مسؤول وأخلاقي للتقنية، فالحوكمة المتينة والأطر الأخلاقية هي عناصر أساسية لتعظيم فرص الاستفادة من الذكاء الاصطناعي، وتقليل المخاطر المترتبة على الآثار الجانبية غير المتوقعة.
الذكاء الاصطناعي
باعتباره محركًا استراتيجيًا
ومع إعادة تشكيل الذكاء الاصطناعي التوليدي لمشهد الاستثمار، سيتّسع الفارق بين الرواد والمتأخرين. أولئك الذين يحتضنون الإمكانيات الكاملة لهذه التقنية، إلى جانب التزامهم بالحوكمة المسؤولة، سيحققون فرصًا غير مسبوقة في إيجاد القيمة. وفي «مبادلة»، لا نرى الذكاء الاصطناعي باعتباره تطورًا تقنيًّا فحسب، بل فرصة لتعزيز التكامل بين الغاية والربحية، وتسريع بناء مستقبل أفضل وأكثر مرونة للأجيال القادمة.
إن الطريق إلى الأمام يتطلب قيادة جريئة، وتعاونًا فعّالًا، وتركيزًا لا يتزعزع على التأثير بعيد المدى. وسيساعد ذلك القطاع المالي في الاستفادة من الذكاء الاصطناعي وتحويله إلى ميزة تنافسية حقيقية وفارقة. ومع اعتبار الذكاء الاصطناعي محركًا استراتيجيًا، تصبح آفاق الابتكار والمرونة بلا حدود.
هذه المقالة جزء من الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي.