حذّر محللون سياسيون فرنسيون من تصاعد محاولات مؤثرين في شبكات التواصل الاجتماعي، إشعال النار في العلاقات الفرنسية-الجزائرية، التي تشهد توتراً حالياً، وإذكاء مشاعر العداء تجاه فرنسا.

ويرى المحرر السياسي لصحيفة "اللو موند" أنّ الرياح التي تعصف بالعلاقات بين باريس والجزائر قويّة جداً، وقد تكون مُضرّة بعد أن أخذ التصعيد بين الطرفين منحى مُقلقاً في الأيّام الأخيرة، مُشيراً إلى أنّ ما يُثير القلق اليوم هو أنّ عوامل التهدئة قد انهارت وتكاد تكون مُنعدمة.

واعتبر في افتتاحية اليومية الفرنسية أنّ الخروج من هذه الأزمة يكمن في مسار دقيق يجب التقدّم فيه بحذر، ومن الضروري أن تتجنّب فرنسا الإقدام على مواقف عدائية غير مسؤولة.

Comment ces influenceurs pro-Alger mettent le feu aux réseaux sociaux https://t.co/kTmgnKInZZ

— Le Point (@LePoint) January 21, 2025 بالمُقابل قالت النائبة البرلمانية الفرنسية صبرينة صبايحي "نحن نتحمّل الأجندة السياسية لليمين واليمين المُتطرّف، الذين جعلوا من الجزائر شمّاعة لأسباب انتخابية، وفي تاريخ هذه العائلة السياسية نوع من الحنين إلى الجزائر الفرنسية، الذي طغى على الفكر الأيديولوجي". تبادل الاتهامات ويبدو القلق واضحاً في وسائل الإعلام الفرنسية فيما يتعلّق بتداعيات الخلافات المُتصاعدة بين باريس والجزائر، وسط مخاوف من حدوث تدهور أكبر في العلاقات بينهما قد يصل لقطيعة كاملة. وتعكس الأجواء المشحونة بين البلدين فشل محاولة المُصالحة التي قادها الرئيس إيمانويل ماكرون العام الماضي مع الجزائر.
وتعود هذه التوترات بشكل رئيس إلى تبادل الاتهامات بين الدولتين إثر اعتقال السلطات الفرنسية عدّة مؤثرين جزائريين وفرنسيين من أصول جزائرية بسبب منشوراتهم التي وُصفت بالتحريضية على منصّات التواصل الاجتماعي. كما أنّ التصريحات التي أدلى بها ماكرون مؤخراً حول قضية الكاتب بوعلام صنصال زادت من حدّة التوتر.
ويسعى وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو إلى دفع الإليزيه لاتخاذ تدابير انتقامية ضدّ الجزائر، بتركيزه على الاتفاق الفرنسي-الجزائري لعام 1968، الذي كان يهدف في البداية إلى تنظيم حرية تنقل الجزائريين في فرنسا. ومن بين التدابير الأخرى التي اقترحها وزير الداخلية: تقليص عدد التأشيرات، زيادة الرسوم الجمركية، وخفض المُساعدات التنموية.
كما وهدّد وزير العدل الفرنسي جيرالد دارمانان بإلغاء الاتفاق الذي يسمح لحاملي جوازات سفر دبلوماسية جزائرية، بالقدوم إلى فرنسا بدون تأشيرة.

Tensions avec l’Algérie : Gérald Darmanin propose de « supprimer » l’absence de visa pour la France dont bénéficie la nomenklatura https://t.co/JpFHUpVS5U

— Le Monde (@lemondefr) January 12, 2025 أزمة مُختلفة! وحذّرت "اللوموند" من أنّ تصاعد التوترات بين فرنسا والجزائر يُبعد أفق واحتمالات المُصالحة بينهما. وذكرت أنّ من أبرز عوامل توتر العلاقات الثنائية عدم تحقيق توازن دبلوماسي فرنسي بين الجزائر والمغرب، خاصة في أعقاب الاعتراف الفرنسي المُفاجئ بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية، وهو ما عجّل بالقطيعة مع الجزائر.
واعتبرت الصحيفة بالمُقابل أنّ العلاقة بين باريس والجزائر دورية، وتخضع للتناوب المُنتظم بين المُشاحنات والتقارب نتيجة لإرث التاريخ الاستعماري حيث اختلطت الانقسامات السياسية مع التشابك الإنساني، وعادة ما يُسيطر التفاؤل على الروابط بين الدولتين والشعبين. ولكن يبدو أنّ الأزمة الأخيرة، التي ولدت الصيف الماضي من النزاع حول الصحراء الغربية، وتضخّمت خلال الأسابيع الماضية، مختلفة وتفلت من أيّ قوة تاريخية تضبطها، على الأقل على المدى القصير.

« Doualemn », l’influenceur algérien qui avait été expulsé vers l’Algérie, a été renvoyé en France https://t.co/OSyr4xlERV

— Le Monde (@lemondefr) January 9, 2025 خلاف موجود وسيبقى! صحيفة "لوبينيون" رأت من جهتها أنّ الخلاف بين العاصمتين موجود ليبقى، وسيكون له عواقب وخيمة على سهولة الحركة والتجارة والأمن، مُشيرة إلى أنّ فرنسا والجزائر وجدتا موضوعاً جديداً للخلاف، وهو المؤثرون عبر وسائل التواصل الاجتماعي ما بين اتهامات باريس للجزائر بدعم مؤثرين يُهاجمون مُعارضين جزائريين في فرنسا ويُحرّضون على التطرّف والعُنف، فيما تتهم الجزائر باريس بالمُقابل بإيواء نشطاء مُناهضين للحكومة تطلب تسليمهم.

France-Algérie : la multiplication des tensions éloigne la perspective d’une réconciliation https://t.co/iJ78jZ6Y1E

— Le Monde (@lemondefr) January 8, 2025 وحسب "لوبينيون" فإنّ أكثر المجالات التي قد تتأثر نتيجة لتوتر العلاقات الثنائية هي حركة الأفراد بين فرنسا والجزائر والتبادلات التجارية والتعاون الأمني. ونبّهت إلى أنّه من مصلحة فرنسا الحفاظ على الاستقرار في الجزائر بينما تشهد العديد من الدول في أفريقيا تدهوراً كبيراً في الوضع الأمني. كما أنّ العلاقات الجيدة بين أجهزة الأمن الفرنسية والجزائرية تلعب دوراً مُهمّاً في مكافحة الإرهاب.
وعلى الصعيد الاقتصادي، فإنّ باريس تعتمد على احتياطيات الجزائر من العملات الأجنبية للحصول على عقود ومشاريع تجارية. تخدم وكالة التنمية الفرنسية بشكل أساسي مصالح باريس في مجالات النفوذ الاقتصادي والثقافي، في الوقت الذي يؤكد فيه محللون أنّ كافة الأطراف ستكون خاسرة. دعوة للدبلوماسية من جهتها، دعت صحيفة "لاكروا" إلى أهمية التزام الهدوء تقديراً للروابط العميقة والوثيقة التي تجمع بين الدولتين، مُشيرة إلى أنّه يقع على عاتق الدبلوماسية مسؤولية إيجاد سُبل للحفاظ على الروابط وعدم قطعها ومنع ردود الفعل السلبية، خاصة مع وجود مصالح كثيرة مُشتركة لكلّ من فرنسا والجزائر في الحفاظ على علاقات مميزة.

Rupture entre Paris et Alger : qui a le plus à perdre ? https://t.co/1koViXZOXl

— l'Opinion (@lopinion_fr) January 13, 2025 وقال الكاتب والمحلل السياسي الفرنسي جان كريستوف بلوكين، إنّ الجزائر هي إحدى الدول التي تُشاركها فرنسا أكبر عدد من القصص والروابط المُشتركة. فعلى مدى أجيال، لم تتوقف أبداً رحلات الذهاب والإياب بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط، وهي تحمل المشاعر الأكثر تنوّعاً وتناقضاً، وتظهر بانتظام مصالح مُتباينة، وهو ما يلعب فيها بعض القادة السياسيين. وحذّر بلوكين بشكل خاص من أنّ باريس والجزائر تمرّان بحلقة جديدة صعبة من الأزمة، ولا بدّ للجهود الدبلوماسية من التدخل.









المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: اتفاق غزة سقوط الأسد عودة ترامب إيران وإسرائيل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية فرنسا باریس والجزائر فرنسا والجزائر إلى أن

إقرأ أيضاً:

اقتحام القصر الرئاسي في إسطنبول.. هذه حقيقة الفيديو المتداول

(CNN)-- تداولت حسابات في مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو منسوب إلى "اقتحام محتجين غاضبين لقصر الرئاسة التركية" في مدينة إسطنبول. 

ارتبط تناقل الفيديو بموجة الاحتجاجات الأخيرة في تركيا، بعد اعتقال وسجن رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، تمهيدًا لمحاكمته على خلفية اتهامات بالفساد و"علاقات بالإرهاب". 

وحصد الفيديو عشرات الآلاف من المشاهدات والتفاعلات على الأقل. ورافقته رواية تزعم "اقتحام قصر أردوغان في إسطنبول من قبل المتظاهرين".

لقطة شاشة لمنشور يحتوي الفيديو المتداول بسياق مٌضلل

عندما تحقق موقع CNN بالعربية من الفيديو، وجد أن الرواية المصاحبة له مُضللة، وأنه لا يظهر لحظة اقتحام القصر الرئاسي في إسطنبول.

في حين ارتبط المقطع نفسه باحتجاجات طلابية حدثت في جامعة بيلكنت بالعاصمة أنقرة، في 21 مارس/أذار الحالي، ضمن حراك يدعو إلى مقاطعة مدرجات الدراسة في الجامعة التركية، بحسب نسخ عديدة من الفيديو كانت منشورة في ذلك التوقيت، بالإضافة إلى مقاطع أخرى من الجامعة. 

وجاءت مظاهرات طلاب بيلكنت ضمن احتجاجات على اعتقال رئيس بلدية إسطنبول. وكانت هناك دعوات دعوات لمقاطعة الدراسة في جامعات أخرى، مثل جامعة الشرق الأوسط التقنية، وجامعة حجي تبة، وجامعة أنقرة، وجامعة بيلكنت، وجامعة باشكنت، وجامعة يلدريم بيازيد.

وكان مركز مكافحة التضليل الإعلامي التابع لمديرية الاتصالات الرئاسية رد على الادعاء المرتبط بالفيديو المتداول.

 وقال المركز في بيان له، الإثنين: "تبين أن الصور المذكورة قد سُجلت خلال مظاهرات في حرم جامعي بأنقرة. لا مجال لدخول المتظاهرين إلى المجمع الرئاسي. لا تلتفتوا إلى المحتوى التضليلي الذي يستهدف السلام والاستقرار في بلدنا".

مقالات مشابهة

  • للتهدئة في تيغراي بإثيوبيا..آبي أحمد يطالب بقيادة جديدة
  • خورشيد باشا بعد جلاء الحملة الفرنسية.. ماذا فعل مع المصريين؟
  • المالكي: العراق يمتلك علاقات تاريخية مع باريس
  • أدعية ليلة القدر.. 3 دعوات تمسكوا بها مساء 27 رمضان
  • المغرب والجزائر يُحلقان في صدارة مجموعتيهما بتصفيات مونديال 2026
  • الوكالة الفرنسية للتنمية ذراع باريس الإقتصادية تعلن توسيع نطاق تدخلاتها في الأقاليم الجنوبية
  • تعزيز العلاقات مع فرنسا بالمجالات «السياسية والاقتصادية»
  • اقتحام القصر الرئاسي في إسطنبول.. هذه حقيقة الفيديو المتداول
  • استئناف الحوار الفرنسي الجزائري: خطوة نحو بناء الثقة
  • تبون يقول إن الخلافات مع فرنسا مفتعلة.. وعلي بلحاج ينتقد تصريحاته