المادة 149: جدلية التحريض وتقييد الحريات في سياق سياسي مضطرب – حالة أيمن صندوقة نموذجًا
تاريخ النشر: 23rd, January 2025 GMT
#سواليف
المادة 149: جدلية #التحريض و #تقييد_الحريات في سياق سياسي مضطرب – حالة #أيمن_صندوقة نموذجًا
كتبت .. #علياء_الكايد
في قلب كل نظام سياسي يكمن التوتر بين الحرية والنظام، بين الكلمة والمسؤولية، وبين النقد والاستقرار. المادة 149 من قانون العقوبات الأردني تُجسّد هذا التوتر بأوضح صوره، حيث تُجرّم “التحريض ضد النظام السياسي”.
وددت ان اتناول هذه المادة من زاوية فلسفية وسياسية، وأضعها تحت المجهر من خلال قضية الناشط أيمن صندوقة، الذي تحول من مواطن يُعبّر عن رأيه إلى متهم بالتحريض.
أولاً: التحريض بين النصوص القانونية والمعايير الدولية
ما هو التحريض؟ بين وضوح النصوص وغموض التطبيق.
في الدول الديمقراطية، يُعرف التحريض بأنه دعوة صريحة ومباشرة إلى العنف أو استخدام القوة لتقويض النظام العام. لكن المادة 149 من قانون العقوبات الأردني لا تقدم تعريفًا واضحًا أو معيارًا دقيقًا لما يُعتبر تحريضًا، مما يترك الباب مفتوحًا لتفسيرات واسعة تُطوّق النقد المشروع.
على سبيل المثال، في الولايات المتحدة، تُعتبر حرية التعبير حقًا أساسيًا، لكن “التحريض” يُعرّف بدقة في إطار ضيق: لا يُعتبر الكلام تحريضًا إلا إذا كان “موجهًا لإحداث عمل غير قانوني ووشيك”، كما جاء في قضية براندنبورغ ضد أوهايو (1969). أما في ألمانيا، حيث تُعتبر حماية النظام الديمقراطي أولوية قصوى، فإن التحريض يتطلب أدلة واضحة على نية إثارة الفتنة أو التهديد المباشر للنظام.
التطبيق في الأردن: إشكالية الغموض في الأردن، غياب التحديد الدقيق لمفهوم التحريض يجعل من المادة 149 سلاحًا ذا حدّين. فهي، من جهة، تهدف إلى حماية النظام السياسي، لكنها، من جهة أخرى، تُستخدم أحيانًا لتقييد النقد السلمي، وهو ما يجعل المواطن يعيش تحت رقابة دائمة، حيث تتحول كل كلمة إلى احتمال خطر اعتقال .
ثانيًا: قضية أيمن صندوقة – ملخص القضية
في منتصف عام 2024، نشر الناشط أيمن صندوقة، المعروف بآرائه الجريئة، منشورًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي انتقد فيه السياسات الحكومية . لم يتضمن المنشور أي دعوة إلى العنف أو استخدام القوة، لكنه فُسّر على أنه تحريض ضد النظام السياسي.
التساؤلات المحورية التي تتبادر لذهني
1. هل يشكل النقد السلمي تهديدًا للنظام السياسي؟
النظام الذي يتعامل مع النقد باعتباره تهديدًا قد يُظهر ضعفًا في تقبّل الآراء المعارضة، وهو أمر يناقض طبيعة الدول القوية التي تعتبر المعارضة جزءًا من الشرعية السياسية.
2. هل هناك أدلة قاطعة على التحريض؟
في قضية صندوقة، لم تكن هناك أي أدلة على نية إثارة الفتنة أو التحريض على العنف، مما يثير تساؤلات حول استخدام المادة 149 لتفسير النقد كتهديد.
وهنا ستطفو التداعيات الاجتماعيه ب حرية التعبير: إذا كان التعبير السلمي يُجرّم، فإن ذلك يُضعف ثقة المواطن في العدالة، ويُنتج ثقافة الصمت والخوف.
النظام السياسي: دولة تخشى النقد السلمي تفقد فرصة الإصلاح الداخلي، مما يُضعف شرعيتها على المدى الطويل.
ثالثًا: مقارنة دولية – حرية التعبير وحدود التحريض :
التجربة البريطانية
في بريطانيا، يُسمح بالنقد السياسي الحاد طالما أنه لا يدعو إلى العنف أو الكراهية. تُعتبر حرية التعبير جزءًا أساسيًا من النظام الديمقراطي، لكن قانون التحريض على الكراهية لعام 2006 يضع حدودًا واضحة تتعلق بالتحريض على العنف أو إثارة النعرات العنصرية.
التجربة التونسية – بعد الربيع العربي
بعد الثورة التونسية، سعت تونس إلى تحقيق توازن بين حماية النظام السياسي وحرية التعبير. ورغم وجود قوانين تُجرّم التحريض، فإن المحاكم غالبًا ما تميّز بين النقد السياسي والدعوات الحقيقية للعنف، مما أسهم في تقليل الانتهاكات ضد حرية التعبير.
مااطالب به اليوم لا ينحصر فقط بالمطالبه بالحرية للمعلم أيمن صندوقه بل تحديث قانوني للماده 149
بحيث يكون ما يلي :
تعريف واضح للتحريض: الدول التي تمتلك قوانين دقيقة تقلل من احتمالية إساءة استخدامها ضد المعارضة.
ضمانات قضائية مستقلة: وجود قضاء مستقل يُسهم في حماية الأفراد من التفسيرات المتعسفة للنصوص القانونية.
إعادة صياغة المادة 149 ستقدم قانونا اكثر توازنا ولضمان التوازن بين حماية النظام وحرية التعبير، نقترح:
1. تعريف دقيق للتحريض: يقتصر على الدعوة المباشرة إلى العنف أو استخدام القوة.
2. حماية النقد السلمي: التأكيد قانونيًا أن النقد السياسي السلمي لا يُعتبر تحريضًا.
3. رقابة قضائية صارمة: ضمان ألا تُستخدم المادة كأداة لقمع المعارضين، بل لحماية الدولة من التهديدات الحقيقية فقط.
وأذكر بأن حرية التعبير ليست تهديدًا، بل هي عنصر أساسي في بناء مجتمعات مستقرة. ويجب أن تكون الدولة الأردنية قادرة على احتواء الأصوات المعارضة كجزء من عملية التنمية، وليس كتهديد يجب إسكاتُه.
أن الحرية والاستقرار وجهان لعملة واحدة ،إن قضية أيمن صندوقة ليست مجرد ملف قضائي عابر، بل هي اختبار لمدى قدرة الدولة على التوفيق بين حماية النظام وضمان الحقوق الفردية.
الدول القوية هي التي تتعامل مع النقد كفرصة للإصلاح، وليست تلك التي تعتبر كل كلمة تهديدًا لوجودها. إعادة النظر في المادة 149 ليست مجرد مطلب حقوقي، بل ضرورة استراتيجية لضمان استقرار طويل الأمد قائم على الثقة بين الدولة والمجتمع.
وكما قال المفكر محمد حسنين هيكل: “الحقيقة هي السلاح الأقوى لأي نظام… وإخفاؤها ليس حلاً، بل تأجيلٌ لأزمة ستكبر مع الزمن”.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف التحريض تقييد الحريات أيمن صندوقة النظام السیاسی حریة التعبیر حمایة النظام إلى العنف أو أیمن صندوقة تهدید ا
إقرأ أيضاً:
جلسة جدلية في البرلمان.. واتهامات لتمرير قوانين دون تصويت
21 يناير، 2025
بغداد/المسلة: شهد البرلمان العراقي تصعيداً سياسياً جديداً، بعد التصويت على ثلاثة قوانين إشكالية في جلسة واحدة، وسط أجواء من الفوضى والتشكيك بشرعية الإجراءات. القوانين التي شملت الأحوال الشخصية، العفو العام، وإعادة العقارات المصادرة، أفرزت ردود فعل متباينة من الكتل السياسية والمجتمع المدني، لتتحول إلى محور جدل مستمر يعكس أزمات عميقة في بنية النظام السياسي العراقي.
قانون الأحوال الشخصية: بين الحرية والتقييد
القانون المعدّل للأحوال الشخصية أثار انقساماً حاداً في الرأي العام العراقي. فبينما رأت بعض الأحزاب الشيعية أن القانون يعزز “حرية المعتقد” المنصوص عليها في الدستور، اعتبره ناشطون وحقوقيون تهديداً لحقوق النساء والأطفال، مع تخوفات من السماح بزواج القاصرات، وتضييق حقوق الزوجة في النفقة والحضانة.
المخاوف تعززها طبيعة القانون الذي يعتمد نصوصاً دينية لكل طائفة، ما قد يؤدي إلى مزيد من الانقسام الطائفي في المجتمع العراقي.
وعلى منصات التواصل، كتب ناشط حقوقي أن “إقرار هذا القانون، البعض يراه سير عكس حركة التاريخ، والبعض الاخر يراه انتصار للقيم الدينية”.
العفو العام: إعادة تدوير الفساد؟
من جهة أخرى، جاء قانون العفو العام ليضيف تعقيداً جديداً للمشهد. فالأحزاب السنية، التي دفعت لإقراره كشرط لتشكيل الحكومة الحالية، وصفته بأنه “إنصاف للأبرياء”، لكن النقاش سرعان ما اتجه نحو اتهامات بمحاولة تسوية قضايا الفساد.
النائب ياسر الحسيني أكد أن القانون قد يسمح للفاسدين بالإفلات من العقاب عبر تسوية مالية، واصفاً ذلك بأنه “تحايل مقنّن”.
في المقابل، وصف رئيس حزب “تقدم”، محمد الحلبوسي، القانون بأنه “انتصار لحقوق المغيبين”، ما يعكس حالة استقطاب سياسي حاد بين الأطراف.
إعادة العقارات: السلم الأهلي في خطر
القانون الثالث المتعلق بإعادة العقارات المصادرة أثار تساؤلات حول تداعياته على السلم الأهلي. ففي بلد يعاني من آثار النزاعات الطائفية والسياسية، يمكن أن يكون لإعادة هذه العقارات تأثير سلبي إذا لم يتم تطبيق القانون بشفافية وعدالة.
نائب رئيس البرلمان، شاخوان عبد الله، وصف القانون بأنه خطوة نحو “إعادة الحقوق وتعزيز السلم”، لكن أصواتاً أخرى حذرت من استغلال القانون لإثارة النزاعات حول ملكية الأراضي.
فوضى البرلمان: غياب الشفافية
جلسة التصويت التي شهدت تمرير هذه القوانين لم تخلُ من الفوضى والاتهامات.
نواي قالوا أن القوانين مرّت دون تصويت حقيقي من النواب، بينما ظهر اخرون في في مقاطع فيديو اتهموا فيه رئاسة البرلمان بتجاوز الإجراءات الرسمية.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author AdminSee author's posts